اكسِروا الرابط بين الأجر والتحفيز
عززتْ تجربة تخلصتْ من نموذج ”الأجر مقابل الأداء“ نتائجَ فريق المبيعات، والاحتفاظ بالموظفين، وتحفيز مشاركتهم، وذلك في مجموعة شركات هيلتي Hilti Group.
ابتُكِرت أنظمة التعويضات المستندة إلى ”الأجر مقابل الأداء“ pay-for-performance (اختصاراً: النموذج PFP) في العصر الصناعي لتوجيه الأداء الفردي– وعلى الرغم من الأبحاث التي تُبين أن هذا النهج غير مناسب إلى حد كبير للعمل المعرفي Knowledge work الجاري في المؤسسات حالياً، يستمر استخدام النموذج PFP.1A.D. Stajkovic and F. Luthans, “Behavioral Management and Task Performance in Organizations: Conceptual Background, Meta-Analysis, and Test of Alternative Models,” Personnel Psychology 56, no. 1 (March 2003): 155-194; and J. Hope and R. Fraser, “New Ways of Setting Rewards: The Beyond Budgeting Model,” California Management Review 45, no. 4 (summer 2003): 108.
ولا تزال أنظمة التعويضات عالقةً في الماضي لعدة أسباب. الأول هو القصور الذاتي Inertia: تستخدم الشركات الأجر مقابل الأداء منذ عقود، وعادة ما يستخلص منها مستشارو التعويضات أفضل الممارسات Best practices. إضافةً إلى ذلك فإن معظم القادة إما أنهم لا يعلمون بالأبحاث المتعلقة بالأجر مقابل الأداء، أو يستبعدونها باعتبارها غير موثوق بها. وأخيراً قد يثير التخلي عن الأجر مقابل الأداء- واتخاذ القفزة المطلوبة لتصميم نظام جديد للتعويضات وتطبيقه- توقعات مستقبلية مخيفة، نظراً إلى التأثير المحتمل في الأداء Performance والنتائج Results إذا ما طُبِّق بنحو خاطئ.
ولكن قد يكون لدى المؤسسات مزيد مما تخسره بسبب فشلها في تجاوز الأجر مقابل الأداء. أجرينا تجربة واسعة النطاق على نظام للتعويضات مستقل عن المستهدفات Target-independent compensation system. وتُقدِّم النتائج حجة قوية لمصلحة التخلي عن الأجر مقابلَ الأداء.
العناصر المختلة في الأجر مقابل الأداء
على مدى السنوات الـ50 الماضية، كان أكاديميون مثل إدوارد إل. ديسي Edward L. Deci وجيفري فايفر Jeffrey Pfeffer، وخبراء مثل ألفي كون Alfie Kohn ودانيال إتش. بينك Daniel H. Pink، يجادلون بأن الأجر مقابل الأداء هو نموذج مختل بطبيعته.2E.L. Deci, “Paying People Doesn’t Always Work the Way You Expect It To,” Human Resource Management 12, no. 2 (summer 1973): 28-32; J. Pfeffer, “Six Dangerous Myths About Pay,” Harvard Business Review 76, no. 3 (May-June 1998): 109-119; A. Kohn, “Why Incentive Plans Cannot Work,” Harvard Business Review 71, no. 5 (September-October 1993): 54-63; and D.H. Pink, “A Radical Prescription for Sales,” Harvard Business Review 90, no. 7-8 (July-August 2012): 76-77. وينبع هذا الخلل من مصدرين رئيسين.
أولاً، يركز الأجر مقابل الأداء على نتائج محددة بدقة، مثل عدد صفقات المبيعات المبرَمة، لكنه يتجاهل الطرق التي تنتُج منها هذه النتائج. ولذلك قد تكافأ الفرصة Chance– أو، أسوأ، السلوك غير الأخلاقي Unethical behavior- كما أن السعي إلى الحصول على المكافأة الموعودة سيقوِّض السلوكيات الأخرى المرغوب فيها، مثل العمل الجماعي والتعاون.
ثانياً، الأجر مقابل الأداء هو عبارة عن تحفيز خارجي Extrinsic motivation يتمثل في المكافأة المالية، لكنه يتجاهل التحفيزات الجوهرية القوية والمفيدة، مثل بهجة إتمام المهمة Joy of the task ذاتها، والشعور بالمساهمة والانتماء إلى فريق، والتطوير الشخصي. (انظر: تغيير التفكير حول التحفيز والتعويض). فالمكافآت المالية تدفع الموظفين نحو السعي إلى تحقيق أهداف محددة وتجنب الأنشطة التي لا تؤدي مباشرة إلى تحقيق هذه الأهداف. ويقمع الأجر مقابل الأداء التحفيز الجوهري، الذي يؤدي في أفضل الأحوال إلى الامتثال Compliance– ويفشل في تعزيز التزام الموظف الدائم بالشركة أو الانتماء إليها. وفي الأمد البعيد يؤدي ذلك إلى انخفاض الأداء الكلي.
وعلى الرغم من معظم أشكال الخلل الوظيفي التي يمكن أن يولِّدها، فإن للأجر مقابل الأداء فوائدَه. فهو يُعزِّز الأداء الفائق عندما تعرض الوظائف فرصة ضئيلة أو معدومة للتحفيز الذاتي Intrinsic Motivation. فعندما تكون الوظائف رتيبة وبسيطة أو مدفوعة بالحجم Volume-driven، فإن التحفيز الخارجي يوفِّر نقطة ارتباط Focal point تستقطب جهود الموظفين وسلوكهم.3A. Weibel, M. Wiemann, and M. Osterloh, “A Behavioral Economics Perspective on the Overjustification Effect: Crowding-In and Crowding-Out of Intrinsic Motivation,” in “The Oxford Handbook of Work Engagement, Motivation, and Self-Determination Theory,” ed. M. Gagné (Oxford, England: Oxford University Press, 2014), 72-84; and G.D. Jenkins Jr., A. Mitra, N. Gupta, et al., “Are Financial Incentives Related to Performance? A Meta-Analytic Review of Empirical Research,” Journal of Applied Psychology 83, no. 5 (May 1998): 777-787. لكن الأجر مقابل الأداء يقوض أداء العمل الذي يتطلب من الأشخاص استكشاف مشكلات معقدة، وتطوير حلول مبتكرة، وتحقيق نتائج نوعية لا يمكن تحديدها بنحو كامل مقدماً.4F. Ederer and M. Gustavo, “Is Pay for Performance Detrimental to Innovation?” Management Science 59, no. 7 (February 2013): 1496-1513; and T.M. Amabile, R. Conti, H. Coon, et al., “Assessing the Work Environment for Creativity,” Academy of Management Journal 39, no. 5 (November 1996): 1154-1184. وإضافة إلى ذلك، عندما تصبح مستهدفات الأداء باليةً، كما حدث عندما توقفت خطوط الإنتاج وانهارت المبيعات في أثناء الفترة الأولى من الإغلاقات بسبب كوفيد-19، يفقد الأجر مقابل الأداء قوته التحفيزية لأنه لا يستطيع تقديم المكافآت التي وعد بها.
البحث عن بدائل للأجر مقابل الأداء في هيلتي
كانت لدى قادة مجموعة هيلتي Hilti Group التي تتخذ من ليختنشتاين مقراً، وتعرض منتجات وخدمات لصناعة البناء، شكوكهم الخاصة بشأن فاعلية نموذج الأجر مقابل الأداء، وما إذا كان تركيزه على الأداء الفردي لا يواكب الثقافة التعاونية للشركة.
وتوظف الشركة العائلية أكثر من 30,000 شخص، يبيع 70% منهم منتجاتها وخدماتها مباشرة لمقاولين في مواقع البناء في 120 دولة. وتتمتع هيلتي ببنية لامركزية، ولكل من المؤسسات المحلية فرق مبيعاتها. ومع نمو نطاق محفظة Portfolio منتجات وخدمات الشركة وتعقيدها، ازداد أيضاً التحدي الذي يواجهه مندوبو المبيعات. في مستهل الأمر عرضوا ببساطة منتجات الشركة على أكبر عدد ممكن من المتعاقدين داخل المناطق المعينة لهم. لكن مع استحواذ هيلتي على جميع مناطق مبيعاتها، تطلب النمو المستمر أن تفوز الشركة بحصة أكبر من محافظ المقاولين. ولتحقيق هذه الغاية زادت الشركة التخصيص Customization وأضافت حلولاً رقمية Digital solutions جديدة، لكن هذه التحركات أدت أيضاً إلى مبيعات أكثر تعقيداً، ودورات مبيعات أطول، ونهج بيع مستند إلى الحلول. وحالياً أصبح مندوبو المبيعات لدى هيلتي أقربَ إلى المستشارين. في الأغلب يتخصصون في احتياجات صناعات محددة، ويتعاونون مع الزملاء والمهندسين الميدانيين وموظفي خدمة العملاء وقادة الفرق لتلبية احتياجات العملاء.
وتستند تعويضات المبيعات Sales compensation في هيلتي إلى نظام مصمَّم خصيصاً Tailored للأجر مقابل الأداء، يخضع لإطار مبادئ توجيهية Guidelines مؤسسة مركزياً Centrally established، وفق الاحتياجات المحلية. لكن تركيز الأجر مقابل الأداء على أداء المبيعات الفردية وحجمها لا يواكب- على نحو متزايد- استراتيجية الشركة وثقافتها. وعلى هذا طلبت إلينا إدارة هيلتي في العام 2018 أن نقترح نظام تعويضات جديداً للمبيعات، يتواءم بنحو أفضل مع احتياجاتها، وأن نختبر مثل هذا النظام.
وراجعنا مؤسسات السوق Market organizations الخاصة بالشركة على مستوى العالم، وحددنا مؤسسة محلية Country organization في دولة في أوروبا الشرقية، كانت مناسبة تماماً لدراسة صارمة لتدخل يشتمل على نظام تعويضات جديد. وفي ذلك الوقت حصل الباعة الذين بلغ عددهم 190 مندوب مبيعات على 65% من راتبهم كتعويضات ثابتة، ونحو 35% في هيئة تعويضات متغيرة في المتوسط. لكن كانت هناك مشكلات في هذا النظام.
كانت الإدارة تستثمر قدراً كبيراً من الوقت والطاقة في تحديد مستهدفات للتعويضات تكون عادلة وتحفيزية على السواء. وبسبب دورات المبيعات الأطول، وجهود الفرق المطلوبة لإبرام الصفقات، كان من الصعب الربط بين المبيعات ومندوبي المبيعات الفرديين. إضافةً إلى ذلك كان هناك كثير من الجدل والتساؤلات والمنازعات حول توقيت تعديل المستهدفات وكيفيته. وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها الإدارة لمعالجة هذه المشكلات بتجربة صيغ مختلفة، فرَض تحديد مستهدفات المكافآت تحدياً مزمناً، أدى في كثير من الأحيان إلى عدم الرضا داخل فريق المبيعات.
كذلك أصبح نظام التعويضات أكثر تعقيداً مما ينبغي بسبب الجهود التي تبذلها الإدارة لاستخدامه لتوجيه عدد متزايد من الأولويات المؤسسية. لم يفهم عديد من مندوبي المبيعات قيمة تعويضاتهم، أو الإجراءات التي كان المقصود منها تحفيز المبيعات، مما جعل النظام بكامله غيرَ فاعل كأداة تحفيزية.
ومن بين المسائل الأخرى أن مندوبي المبيعات كانوا يلجؤون إلى سلوكيات تكتيكية لإبرام المبيعات المطلوبة لكسب مكافآتهم الشهرية. وأدت هذه السلوكيات إلى إضعاف استراتيجية المبيعات التي تتبناها المؤسسة، والتي كانت تهدف إلى استثمار الوقت اللازم لتأسيس علاقات عملاء مستندة إلى القيمة Value-based customer relationships- بعيدة المدى- وتعزيزها.
وأخيراً كان مندوبو المبيعات غيرَ راضين عن التباين في تعويضاتهم. لقد سببت دورات المبيعات الطويلة حدوث درجة عالية من التقلب في تعويضات المبيعات الشهرية، مما جعل مندوبي المبيعات في بعض الأحيان غير قادرين على تغطية نفقات معيشتهم.
التحفيز الخارجي متجذر في نظرية الوكالة Agency theory، التي تفترض أن كلاً منا يعمل بطرق عقلانية ويمكن توقعها لتحقيق أقصى قدر من الرضا أو المنفعة الشخصيين. وفي هذا الرأي يكون الجهد المبذول في العمل تكلفةً يحدث تجنُّبها متى أمكن ذلك. ومن ثم يحاول الموظفون (الوكلاء) الحد من جهود العمل إلى أدنى حد ممكن، في حين يحاول أصحاب العمل (المديرون) رفع جهود العمل إلى أقصى حد ممكن.
عقود التعويضات وضوابطها هي الطرق الوحيدة لمواءمة هذه الأهداف المتعارضة.5M.C. Jensen and W.H. Meckling, “Theory of the Firm: Managerial Behavior, Agency Costs, and Ownership Structure,” Journal of Financial Economics 3, no. 4
(October 1976): 305-360. ووصف ألفي كون Alfie Kohn هذا بأنه رشوة الموظفين للاضطلاع بوظائفهم.6Kohn, “Why Incentive Plans Cannot Work,” 54-63.
وتؤكد النظريات المعاصرة للسلوك البشري، مثل نظرية تقرير المصير Self-determination theory، على عامل إضافي يحفز أداء الموظف: التحفيز الداخلي Intrinsic motivation.7C.P. Cerasoli, J.M. Nicklin, and M.T. Ford, “Intrinsic Motivation and Extrinsic Incentives Jointly Predict Performance: A 40-Year Meta-Analysis,” Psychological Bulletin 140, no. 4 (July 2014): 980-1008. هذه النظرية، التي طرحها إدوارد ديسي Edward Deci وريتشارد ريان Richard Ryan في أوائل ثمانينات القرن العشرين، تنظر إلى التحفيز كسلسلة متصلة تتراوح بين داخلي (أو مستقل) وخارجي (أو خاضع للمراقبة). ودرجة تلبية احتياجات الموظفين إلى الاستقلالية، والكفاءة، والصلابة تحدد درجة وقوع التحفيز على الطرف الداخلي من السلسلة المتصلة.8E.L. Deci and R.M. Ryan, “The Importance of Universal Psychological Needs for Understanding Motivation in the Workplace,” in “The Oxford Handbook of Work Motivation, Engagement, and Self-Determination Theory,” ed. M. Gagné (Oxford, England: Oxford University Press, 2014), 13-32.
يعمل الموظفون المحفزون داخلياً لأنهم يتمتعون بالعمل. ويمكنهم تقديم نتائج ممتازة لأنهم قادرون على إدارة أنفسهم ويعون كيفية ارتباط عملهم بالاستراتيجية والغرض الأعلى من فريقهم العامل والشركة.
نظام تعويضات جديد
في 1 يناير 2019 أطلقت المؤسسة المحلية التي اختيرت للتجربة نظاماً جديداً لتعويضات المبيعات، لم يربط المكافآت بمستهدفات معينة مسبقاً.9Hope and Fraser, “New Ways of Setting Rewards,” 113. وارتفع مجموع تعويضات المبيعات الثابتة إلى 97% من متوسط إجمالي تعويضات فريق المبيعات بكامله في العامين السابقين. يحصل مندوبو المبيعات على نسبة مماثلة من الراتب الثابت، مع اختلافات بسيطة تستند إلى مدة الخدمة والأداء. وكان المقصود من هذا التغيير الإشارة إلى قدر أعظم من الثقة بمندوبي المبيعات؛ ودعم المستهدفات والعمليات والممارسات الموسَّعة الضرورية لاستغلال الإمكانيات الكاملة لمنطقة المبيعات بنحو أفضل؛ وتشجيع تبادل المعرفة والسلوكيات الاستراتيجية البعيدة المدى.
كذلك وسع نظام التعويضات الجديد البنية القائمة لتقدم مندوبي المبيعات من ثلاثة مستويات إلى سبعة مستويات، استناداً إلى مدة الخدمة والأداء، لإعطائهم مساراً وظيفياً أبعد مدىً.
إضافةً إلى ذلك توسعت المؤسسة المحلية في استخدام المسابقات الشبيهة بالألعاب، وصارت تطبقها على فرق المبيعات وليس مندوبي المبيعات الفرديين فحسب. وشملت هذه المنافسات ربع السنوية، الممولة بالـ3% المتبقية من إجمالي تعويضات المبيعات، مكافآتٍ غير نقدية، مثل قسائم لعشاء عائلي ومتنزهات ترفيهية.
ولتقييم Evaluate النتائج التي توصل إليها نظام التعويضات الجديد المستقل عن المستهدفات، أجرينا أربعة استطلاعات عبر الإنترنت لفريق المبيعات على مدى 17 شهراً (بدءاً باستطلاع أساسي قبل إعلان النظام الجديد)، وقابلْنا مندوبي المبيعات ومديريهم. كذلك استخدمنا سجلات الشركة لمتابعة بيانات مبيعات كل موظف ونتائجه، وتأثيرها في الإيرادات وصافي الدخل Top- and bottom-line financial impact؛ والدوران الوظيفي Employee turnover؛ ونتائج رضا الموظفين Employee satisfaction scores. وسجلنا النتائج التالية.
نتائج مبيعات محسنة Enhanced sales results. في البداية، تطلبت منا نتائج المبيعات في ظل النظام الجديد وقفة. ففي العام 2018، وهو العام الأخير في ظل نظام الأجر مقابل الأداء القديم، كان نمو صافي المبيعات 14.4%؛ أما في العام 2019، وفي ظل النظام الجديد المستقل عن المستهدفات، فقد تباطأ نمو صافي المبيعات إلى 11.1%. لكن هذه الأرقام لم تأخذ في الاعتبار سوقَ البناء في البلاد، التي تتسم بدرجة عالية من التقلبات الدورية وبدأت التباطؤ في العام 2019. عندما قارنا نمو المبيعات بنمو السوق، اكتشفنا أن المؤسسة المحلية فاقت أداء السوق بعامل يساوي 1.4 في العام 2019– أي ضعف معدل العام 2018.
إضافةً إلى ذلك، عندما حللنا نتائج مبيعات مندوبي المبيعات الأكثر تحفيزاً خارجياً Extrinsically motivated، كما حُدِّدت في استطلاعاتنا الأربعة، فاقت هذه النتائج متوسط معدل نمو المبيعات الصافية Net sales growth للمؤسسة. وكان هذا كافياً لتبديد المخاوف من تراجع أداء مندوبي المبيعات- الذين كانوا أكثر تحفيزاً بمكافآت الأداء- في نظام التعويضات الجديد.
دوران وظيفي أقل Lower turnover. على الرغم من كون سوق العمل سوقاً ضيقة، انخفض حجم تسرب فريق المبيعات بما يزيد على 4% بموجب خطة الأجور الجديدة في العام 2019، وذلك مقارنةً بحجم التسرب في العام 2018 في إطار نظام الأجر مقابل الأداء.
مستوى أعلى من رضا الموظفين Higher employee satisfaction. أبلغت المؤسسة المحلية بأسرها عن تحسن كبير في نتائج رضا موظفيها السنوية في العام 2019، وكانت أعلى مما كانت عليه في الأعوام الخمسة السابقة. وفي حين أن هذه النتيجة يمكن أن تُعزَى إلى مجموعة من الجهود، حدث تحسن موحد وغير متناسب إلى حد كبير في الرضا عن التعويض والاعتراف Recognition داخل فريق المبيعات. لقد ارتفع مستوى الرضا عن التعويض في إطار فريق المبيعات بنسبة %19، مقارنةً بزيادة قدرها 9% لدى إجمالي القوة العاملة في النتائج السنوية.
إضافة إلى ذلك، وجدت استطلاعاتنا أن مفهوم الإنصاف في التعويضات Compensation fairness ضمن فريق المبيعات ارتفع ارتفاعاً كبيرا. ففي الفترة من العام 2018 إلى العام 2020، ارتفع مفهوم الإنصاف بين مندوبي المبيعات بنسبة 15%.
جهد أكبر في العمل Greater work effort. لم تتحقق المخاوف من أن يؤدي نظام التعويضات الجديد إلى تباطؤ جهود المبيعات. فقد سجلت استطلاعاتنا زيادة خطية في جهود العمل المبلغ عنها ذاتياً بنسبة 7% من العام 2018 إلى العام 2020. وارتفعت التصورات حول تسكع الزملاء في العمل بنسبة 2% فقط خلال الفترة نفسها. واستناداً إلى النتائج المذكورة أعلاه، اقتنع فريق قيادة المؤسسة المحلية بأن نظام التعويضات المستقل عن المستهدفات يتفوق على نظام الأجر مقابل الأداء. وفي العام 2021 أجرى الفريق تعديلاً على النظام باستبدال مكافآت نقدية بالجوائز غير النقدية المقدمة في السابق في المسابقة، معتقداً أن تعزيز المنافسة بهذه الطريقة لن يؤدي إلى نتائج سلبية أو يعرقل التعاون.
اندلاع جائحة كوفيد19- أوائل العام 2020، وزعزعات الأعمال Business disruptions التي سببتها، مكنتنا من إجراء تقييم أولي لنظام تعويضات مستقل عن المستهدفات في الظروف القاسية. ووجدنا أنه على الرغم من أن الزيادة الكبيرة في التعويضات الثابتة قد يكون من المتوقع أن تؤدي إلى انخفاض مرونة نظام التعويضات Compensation system’s flexibility في أثناء الأزمات (حين يؤدي انخفاض المبيعات تلقائياً إلى انحدار الرواتب في بيئة تعتمد الأجر مقابل الأداء)، لم يحدث ذلك في هيلتي. وعندما قارنَّا النتائج المالية في مؤسسة محلية باستخدام النظام المستقل عن المستهدفات مقارنة بالنتائج التي حققتها مؤسسات محلية أخرى تابعة لهيلتي، وجدنا أن فرص خفض التكاليف مقارنةً بمؤسسات محلية أخرى تستخدم أنظمة الأجر مقابلَ الأداء. كذلك لم يكن لارتفاع نسبة التكلفة الثابتة Fixed-cost ratio للنظام المستقل عن المستهدفات تأثير مادي في نتائج مؤسسة محلية.
ولعل أحد التفسيرات لهذا هو أن الإبقاء على مندوبي المبيعات منخرطين ومحفزين في البلدان حيث يُعتمَد الأجر مقابل الأداء يتطلب من المؤسسات المحلية تقديم الحد الأدنى من الضمانات والمكافآت، والمشاركة في مناقشات مكلفة حول كيفية تكييف تخطيطهم للفترة المتبقية من العام 2020، في حين لم يكن النظام المستقل عن المستهدفات في حاجة إلى تعديل. وقال لنا المدير العام للمؤسسة التي تعتمد النظام المستقل عن المستهدفات: ”تقلصت مهمتنا إلى إدارة التحفيز. وكان مقدار وقت الإدارة الموفر كبيراً، لأن رواتب الموظفين كانت أقل تأثراً“.
وإضافةً إلى ذلك ذكرت المؤسسة التي تعتمد النظام المستقل عن المستهدفات أن مندوبي المبيعات- في أعقاب حالة عدم اليقين الأولية التي ولدتها الجائحة- شعروا بالامتنان للرواتب الثابتة، وكانوا أكثر استعداداً لبذل مزيد من الجهد لمصلحة الشركة. وشرح أحد قادة المبيعات الإقليمية في مؤسسة محلية قائلاً: ”ناقشنا التراجع عن التغييرات التي أجريناها بسبب الأزمة، لكننا استنتجنا بسرعة بالغة أن تغيير النظام كان في واقع الأمر فرصة. فنحن الآن نشهد مشاركة إضافية هائلة من فريق المبيعات“.
ومن ناحية أخرى، قدمت عديد من مؤسسات محلية أخرى داخل هيلتي أنظمة تعويضات مستقلة عن المستهدفات. وعلى مستوى الشركة يراجع قادة هيلتي المبادئ التوجيهية العالمية بشأن التعويضات، كما أطلق مختبر هيلتي لإدارة الأداء المتكامل Hilti Lab for Integrated Performance Management -في جامعة سانت غالن University of St. Gallen- مشروع متابعة Follow-up project لتحديد ما إذا كانت النتائج قابلة للنقل بين الثقافات والسياقات ولقياس تأثير الأجور التي لا تستهدف تحقيق مستهدفات بعينها في إنتاجية فريق المبيعات.
هل أنتم مستعدون للتخلي عن نظام الأجر مقابلَ الأداء؟
تشير أبحاثنا إلى أن أنظمة التعويضات المستقلة عن المستهدفات يمكن أن تتفوق على أنظمة الأجر مقابل الأداء في المؤسسات التي تعتمد بنحو كبير على العمل والتعاون المعرفيين، في ظل ظروف معينة.
أولاً، على المؤسسة أن تحقق مستوى معينا من النضج الثقافي، كما يتضح من المستويات المرتفعة من ثقة الموظفين بالقيادة، وعملية تطوير المواهب. كذلك ينبغي أن تكون الثقافة موجهة بالأداء، مع غايات Goals ومقاييس Metrics تشكِّل تحدياً، وتستخدم في مساءلة الأداء Performance accountability وتحسينه Improvement.
أداثانياً، ينبغي أن يتضمن نظام التعويضات المستقل عن المستهدفات عدة خيارات أساسية في التصميم. (انظر: مبادئ التصميم لنظام تعويضات مستقل عن المستهدفات). ويعتبر تحديد المستوى الصحيح للرواتب الثابتة اختياراً حاسماً بصفة خاصة: يتعين أن يتمكن من المنافسة في السوق، وأن يشير بنحو مقنع إلى ثقة الإدارة في الموظفين.
ثالثاً، يتطلب التنفيذ الناجح لنظام تعويضات جديد الدعمَ الكامل من كبار القادة، الذين يجب عليهم أن يلتزموا ليس فقط بإجراء التغييرات الفاعلة، بل أيضاً بالقبول الكامل للافتراضات السلوكية الأساسية المتعلقة بالرغبة في التحفيز الداخلي. وإضافةً إلى ذلك يجب أن يكون النظام الجديد متوائماً مع البرامج Programs والعمليات Processes كلها. مثلاً، في هيلتي، كانت هناك خطة مكافآت خاصة في الصيف لا بد من إيقافها بطريقة ما من دون إحباط الحاجة الأساسية إلى تعزيز المبيعات في أثناء موسم العطلات.
وأخيراً يجب أن تتواصل الإدارة على نطاق واسع للإبلاغ عن ثقتها بالموظفين وتوقعاتها في مجال الأداء. وفي غياب نظام المكافأة الذي يجعل توقعات الأداء واضحة، يتعين على القادة أن يحسنوا استخدام الموارد.
إن المنافع المترتبة على هذه الجهود واضحة. في هيلتي عززت خطة الأجور المستقلة عن المستهدفات التحفيز الداخلي، والرضا عن الأجر، وفي النهاية أداء الموظف، ومن دون أن تكون سبباً في الاستغلال، والمنافسة القبيحة، وتحديات التكاليف، والاستغناء عن العاملين في أوقات الأزمات. ويبدو أن التحفيز الداخلي يوفر القدرة على الوصول إلى الإمكانيات الهائلة غير المستغَلة لدى الموظفين، وهو ما من شأنه أن يعزز الأداء والرفاه. كذلك تعمل الأجور المستقلة عن المستهدفات كدافع لتحويل تركيز القادة من القيادة والتحكم الحاسوبيين إلى إدارة الأداء الموجه بالسلوك. ونعتقد أن شركتكم إذا كانت تضطلع بأعمال معرفية معقدة، فهذا نظام تعويضات يمكن أن يؤتي ثمارَه لكم أيضاً.
المراجع
يشكر المؤلفون فيليكس هس Felix Hess وسابين كراوس Sabine Krauss من هيلتي وأنطوانيت ويبل Antoinette Weibel من جامعة سانت غالن University of St. Gallen على دعمهم الاستثنائي لهذا المشروع.
↑1 A.D. Stajkovic and F. Luthans, “Behavioral Management and Task Performance in Organizations: Conceptual Background, Meta-Analysis, and Test of Alternative Models,” Personnel Psychology 56, no. 1 (March 2003): 155-194; and J. Hope and R. Fraser, “New Ways of Setting Rewards: The Beyond Budgeting Model,” California Management Review 45, no. 4 (summer 2003): 108.
↑2 E.L. Deci, “Paying People Doesn’t Always Work the Way You Expect It To,” Human Resource Management 12, no. 2 (summer 1973): 28-32; J. Pfeffer, “Six Dangerous Myths About Pay,” Harvard Business Review 76, no. 3 (May-June 1998): 109-119; A. Kohn, “Why Incentive Plans Cannot Work,” Harvard Business Review 71, no. 5 (September-October 1993): 54-63; and D.H. Pink, “A Radical Prescription for Sales,” Harvard Business Review 90, no. 7-8 (July-August 2012): 76-77.
↑3 A. Weibel, M. Wiemann, and M. Osterloh, “A Behavioral Economics Perspective on the Overjustification Effect: Crowding-In and Crowding-Out of Intrinsic Motivation,” in “The Oxford Handbook of Work Engagement, Motivation, and Self-Determination Theory,” ed. M. Gagné (Oxford, England: Oxford University Press, 2014), 72-84; and G.D. Jenkins Jr., A. Mitra, N. Gupta, et al., “Are Financial Incentives Related to Performance? A Meta-Analytic Review of Empirical Research,” Journal of Applied Psychology 83, no. 5 (May 1998): 777-787.
↑4 F. Ederer and M. Gustavo, “Is Pay for Performance Detrimental to Innovation?” Management Science 59, no. 7 (February 2013): 1496-1513; and T.M. Amabile, R. Conti, H. Coon, et al., “Assessing the Work Environment for Creativity,” Academy of Management Journal 39, no. 5 (November 1996): 1154-1184.
↑5 M.C. Jensen and W.H. Meckling, “Theory of the Firm: Managerial Behavior, Agency Costs, and Ownership Structure,” Journal of Financial Economics 3, no. 4
(October 1976): 305-360.
↑6 Kohn, “Why Incentive Plans Cannot Work,” 54-63.
↑7 C.P. Cerasoli, J.M. Nicklin, and M.T. Ford, “Intrinsic Motivation and Extrinsic Incentives Jointly Predict Performance: A 40-Year Meta-Analysis,” Psychological Bulletin 140, no. 4 (July 2014): 980-1008.
↑8 E.L. Deci and R.M. Ryan, “The Importance of Universal Psychological Needs for Understanding Motivation in the Workplace,” in “The Oxford Handbook of Work Motivation, Engagement, and Self-Determination Theory,” ed. M. Gagné (Oxford, England: Oxford University Press, 2014), 13-32.
↑9 Hope and Fraser, “New Ways of Setting Rewards,” 113.