هل تعرفون مَن المبتكرون في مؤسستكم؟ ليسوا هؤلاء فقط مصممي المنتجات الإبداعية Creative product designers أو واضعي الاستراتيجيات Strategists الذين يبتكرون نماذج أعمال Business models جديدة. بل هم أيضاً الأشخاصُ الذين يلتفون على الإجراءات القائمة، والذين يضغطون لتأدية الأمور بنمط مختلف، والذين يقيمون روابط استباقية عبر الجيوب المنعزلة Silos ويبنون شبكات غير رسمية لإنجاز الأمور.
وليس معظمهم مسؤولين تنفيذيين C-suite. في الواقع خلالَ البحث عن تأثير الشبكات التنظيمية في التغيير الثقافي، وجد بيتر غراي وروب كروس ومايكل أرينا أن أفضل 50 مؤثراً غير رسمي في إحدى المؤسسات لديهم علاقات شبكية مع ما يقرب من ضعف عدد الموظفين مقارنة بـ50 من كبار القادة. ويخبرنا المؤلفون أن تحديد عوامل تغيير اللعبة Game changers هؤلاء وجعلَهم حلفاء قد يساعد القادة الذين يجدون صعوبة في دفع الابتكار في العمليات Operations.
وفي الواقع إذا كنتم تهدفون إلى رعاية ثقافة مبدعة وحل المشكلات، فمن المهم العثور على العقبات التي تحول دون الأفكار الجديدة المحفوفة بالمخاطر وإزالتها بقدر ما هو من المهم التعرف على المبتكرين غير المرئيين. ومن المفارقات أن بعض أكبر العقبات أمام الابتكار يمكن أن تكون المسؤولين التنفيذيين المكلَّفين بدعمه، وفْقَ ثورستن غروسجين، ولينوس داهلاندر، وأمون سالتر، وباولا كريسكولو. ووجدت أبحاثهم التي درست الإجراءات التقليدية لتقييم مقترحات Pitches المبتكرين الداخليين المُقدَّمة للحصول على تمويل أن لجان الخبراء تتخذ في الأغلب قرارات متحيزة تحبذ الأفكار ”الأكثر أماناً“. ويقترحون تغيير تلك اللعبة– وزيادة احتمال عدم ضياع الأفكار العظيمة– وذلك من خلال جلب مزيد من الأصوات ووجهات النظر إلى العملية.
وهناك أيضاً مجال لكسر القواعد في فعل الابتكار نفسه: ومثل أي ممارسة مؤسسية Organizational practice، يتجلى الابتكار وفق الطرق المكرسة للاضطلاع بالأشياء. تكتب هيلا ليفشيتز-أساف وسارة ليبوفيتز عن بعض عوامل تغيير اللعبة غير المتوقعين الذين ظهروا خلال دراسة بحثية تركزت على تحدي الابتكار المُحدَّد زمنياً Time-limited innovation challenge. وتجاهلت بعض الفرق ذات التنظيم الذاتي التسلسل المعتاد لتوليد الأفكار Ideating، ثم تضييق التركيز Narrowing focus، ثم إعداد النماذج الأولية Prototyping، واستخدمت بدلاً من ذلك الأدوات المتوافرة بطرق جديدة. وكانت عمليتها أكثرَ فوضى، لكنها نجحت أمام التحدي في حين فشلت فرق أخرى.
من المحتمل أن يكون بعض مَن سيكونون وكلاء التغيير- في موجة الاستقالات التي تعصف بسوق العمل في الولايات المتحدة- قرروا بالفعل تغيير قواعد اللعبة وفقاً لشروطهم الخاصة وتركوا وظائفهم. وإذا كنتم تعتقدون أن الابتكار متجذر في عدم الرغبة في قبول ما هو جيد بما فيه الكفاية، تسلط “الاستقالة الكبرى” Great Resignation الضوء على فرصة هائلة للقادة لإيجاد طرق جديدة للعمل تلبي احتياجات الموظفين لامتلاك الهدف Purpose والتوازن Balance والأجور الجيدة Good wages. وفي هذا العدد نستكشف هذه الأفكار وغيرها لإبقاء مؤسستكم في طليعة الابتكار– وليس فقط مواجَهة التحديات بل كذلك إعادة تصوُّرها.
