فرصة التوائم الرقمية
توفر التطوراتُ في التكنولوجيا المُمكِّنة مزيداً من الاستخدامات للنمذجات الافتراضية لأشياء العالم الحقيقي.
قبل نصف قرن أوصلت المركبة القمرية التابعة للإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا) National Aeronautics and Space Administration (NASA) نيل أرمسترونغ Neil Armstrong وباز ألدرين Buzz Aldrin إلى القمر وألهبت مخيلاتنا. وانتشر الابتكار التكنولوجي من البرنامج إلى تغذية صناعات بكاملها، بما في ذلك الإلكترونيات الدقيقة والبرمجيات والاتصالات، التي تشكل الآن العمود الفقري لقرننا الرقمي. وثمة ابتكار آخر هو أن ناسا بنت توأماً مادياً للمركبة الفضائية على الأرض وحافظت عليه حتى تتمكن من استكشاف المشكلات وإصلاحها من دون المخاطرة بالبعثة. وثبت أن هذا أمر بالغ الأهمية خلال مهمة أبولو 13 13 Apollo المضطربة، وساعد التوأم ناسا على إعادة رواد الفضاء إلى ديارهم بأمان. وتطور هذا المفهوم الأساسي الآن إلى استخدام التوائم الرقمية Digital twins، أو اختصارا DTs، هي توائم لكنها مبنية ومُحافَظ عليها في المجال الرقمي بدلاً من المادي. في الأساس التوأمُ الرقمي هو نموذج ديناميكي لنظام مادي يمكِّن من التجريب السريع والإبداعي، بتكلفة ومخاطر منخفضة جداً.
واستُخدِمت بالفعل التوائم الرقمية في تطبيقات متخصصة ومعقدة مثل: مراقبة أو نمذجة تشغيل محرك طائرة أو معدات تصنيع أخرى. وكانت التطبيقات الأولية للتوائم الرقمية هذه تكتيكية، وذلك أساساً من أجل إنتاج رسوم بيانية أو ما يُعرَف بتصوير البيانات Data visualization، وإدارة دورة حياة المنتجات Product life cycle management. لكن الآن، وبفضل تضافر الاختراعات التكنولوجي، وصلت التكنولوجيات الرقمية إلى نقطة انقلاب مثيرة للاهتمام– إذ انتقلت من ذلك المجال التكتيكي المتخصص إلى أن تصبح أدوات استراتيجية ذات تطبيقات متنوعة.
الآن، أمام القادة فرصة ملهِمة لتسخير التوائم الرقمية لمصلحة تطور يماثل حالياً مشروع القمر: تحقيق نجاح الأعمال وفي الوقت نفسه مساعدة كوكبنا والإنسانية. إذ يمكنهم استخدام التوائم الرقمية لوضع استراتيجيات لفرص جديدة متعددة التخصصات، ودفع التحول الرقمي الذكي Smart digital transformation. ويمكنهم استخدام التوائم الرقمية لتحقيق أهداف حازمة في مجال الاستدامة وتعزيز الصحة والسلامة لموظفيهم ومجتمعاتهم المحلية.
كيف تتقدم التوائم الرقمية
ما يجعل التوأم الرقمي أمراً مُميَّزاً هو أنه ديناميكي– يجب أن يعكس دائماً الحالة الدقيقة للنظام المادي. وهذا يتطلب عمل جزأين رئيسين جنباً إلى جنب: نموذج يصف سلوك توأمه المادي، وأجهزة استشعار توفر ”اقتراناً“ Coupling في الوقت الفعلي مع النموذج. مثلاً التوأمُ الرقمي الذي أُنشِئ لرصد تجربة شخص داخل مبنى يجب أن يعكس درجة الحرارة والرطوبة وجودة الهواء وعديداً من الخيارات الأخرى لكل غرفة. فالمباني، مثل الأنظمة المادية كلها، من المعروف أن من الصعب نمذجتها لأنها تتغير مع مرور الوقت: الأنابيب تصدأ، وأجهزة التدفئة تتحلل، والعوارض الخشبية تضعف. والأنظمة البيولوجية مثل الغابات والحقول والبشر تتغير بنحو لا يمكن التنبؤ به. أما في صناعة الطيران أو التصنيع، فيسهل رصد هذه التغييرات باستخدام أجهزة استشعار منتشرة في كل مكان، والتكلفة لها ما يبررها بسبب الاستثمارات الرأسمالية الكبيرة التي تتعرض بالفعل لخطر. أما بالنسبة إلى معظم الأنظمة الأخرى، فتصعب النمذجة والقياس، ولم يكن من الممكن تبرير تكاليفهما حتى وقت قريب.
ما تغير هو نضج تكنولوجيات متعددة الآن، ويمكن الجمع بينها بطرق فريدة من نوعها. لقد نضجت إنترنت الأشياء Internet of things (اختصارا: IoT)، لذلك لدينا أجهزة استشعار أرخص من أي وقت مضى لقياس عديد من المؤشرات المادية Physical parameters الجديدة بدقة. وتسمح شبكات الاتصالات من الجيل الخامس 5G بنقل البيانات بعرض النطاق الترددي العريض بسرعات في الوقت الفعلي تقريباً. ويسمح لنا التقدم في الواقع المعزز Augmented reality (AR) (اختصاراً: AR) والواقع الافتراضي virtual reality (اختصاراً: VR) برؤية تصور ثلاثي الأبعاد واقعي، سواء كان جسراً أو مبنى أو عضواً بشرياً. وتساعدنا تقنيات الذكاء الاصطناعي Artificial intelligence وتعلم الآلة Machine learning على نمذجة كيفية عمل نظام ما، بل أحياناً توقع كيفية عمله في السيناريوهات المستقبلية. واقتران بيانات إنترنت الأشياء IoT في الوقت الفعلي يرسخ هذه النمذجات في الواقع، ويحول التوأم الرقمي إلى أداة قوية. والآن يمكننا أن نفعل أكثر بكثير من مجرد المراقبة– يمكننا التشخيص، والتحكم، وأحياناً حتى التكهن بمخرجات أنظمة مادية متنوعة. فكيف نستخدم هذه القدرة الجديدة؟
حيث يمكن للتوائم الرقمية المساعدة على استهداف الأولويات الاستراتيجية
في مركز أبحاث تكنولوجيا المعلومات لمصلحة المجتمع Center for Information Technology Research in the Interest of Society (CITRIS) ومعهد باناتو Banatao، وهو أحد مراكز البحث والابتكار في جامعة كاليفورنيا University of California، نعمل مع شركاء في الصناعة والحكومة والأوساط الأكاديمية لتطوير توائم رقمية دقيقة لمصلحة تطبيقات متنوعة مثل: المباني والمناجم والمركبات وأصول الطاقة المتجددة والسدود والغابات وحتى الأنسجة والأعضاء البشرية.
واستناداً إلى تجربتنا مع سيمنز Siemens، وكوماتسو Komatsu، وكاجيما Kajima، ومؤسسة إينل Enel Foundation، ولام للأبحاث Lam Research، ولمعدات أشباه الموصلات وموادها Semiconductor Equipment and Materials International (SEMI)، والمؤسسة الوطنية للأبحاث National Research Foundation في سنغافورة، حدَّدنا ثلاث أولويات رفيعة المستوى مشتركة بين قادة الأعمال، حيث توجد إمكانات قوية لتسخير التوائم الرقمية: الاستدامة Sustainability، والابتكار الذكي Smart innovation، والصحة والسلامة Health and safety.
الاستدامة. الاستدامة استراتيجية ذات أولوية عالية- على نحو متزايد- لعديد من الشركات والمؤسسات العالمية، ووضع عديدٌ منها أهدافاً حازمة لتحقيق الحياد الكربوني Carbon neutrality في السنوات الـ10 إلى الـ20 المقبلة. ويمكن أن يكون التوأم الرقمي لا يُقدَّر بثمن في تحقيق أهداف الاستدامة هذه من خلال المساعدة على تقليل استهلاك الطاقة إلى حد كبير، ودعم تطوير أكثر كفاءة للبدائل الخضراء.
المباني مسؤولة عما يقرب من 40% من استهلاك الطاقة في العالم، وما يعادل ذلك من انبعاثات غازات الدفيئة Greenhouse gas emissions. وفي عملنا، نجد أن التوائم الرقمية يمكن أن تساعد على خفض استهلاك الطاقة في المباني التجارية إلى النصف تقريباً.
من الصعب إجراء التجارب على مبنى فعلي من دون تعطيل العمليات، وتحمل كثير من النفقات، وتعريض السكان للمخاطر. لذلك كمشروع تجريبي من خلال برنامج شركائنا مع تحالف بيركلي التعليمي للأبحاث Berkeley Educational Alliance for Research في سنغافورة، أنشأنا توأماً رقمياً وطبقناه على مدرسة ابتدائية في سنغافورة، بهدف تقليل استهلاك الطاقة مع ضمان بيئة صحية ومريحة للأطفال. ولإنشاء هذا التوأم الرقمي طورنا مجموعة أجهزة استشعار محمولة وسهلة التركيب لقياس ”الحالة“ الفعلية للمبنى، واقترن ذلك بنمذجات تستند إلى الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة لتصوير الإشغال Occupancy وجودة الهواء Air quality والإضاءة والتهوية Ventilation. وأمكننا بعد ذلك تجربة التوأم الرقمي بأمان وبسرعة لإيجاد الحل الأمثل. ويمكن توسيع نطاق هذا النهج الأساسي ليشمل أي مبنى، ونحن نعمل الآن مع سيمنز على تطبيقات متقدمة.
كذلك نجد أن التوائم الرقمية يمكن أن تفيد صناعات مثل البناء Construction والمحاجر Quarrying Mining التي تولد عملياتها الأساسية غازات الدفيئة. وأظهرنا أن التوائم الرقمية يمكن أن تحسن كفاءة المعدات وخفض الانبعاثات بنحو كبير. وتساعد هذه الابتكارات أيضاً على تحقيق الأهداف الكبرى لاستدامة عالمية أكبر، لأن من المفارقات أن البدائل ”الخضراء“ تتطلب مزيداً من التعدين– فبطاريات المركبات الكهربائية تحتاج إلى الليثيوم، والمحركات الكهربائية العالية الكفاءة تحتاج إلى العناصر الأرضية النادرة Rare earth elements، والألواح الشمسية تحتاج إلى الألومنيوم، وما إلى ذلك.
الابتكار الذكي. يركز كثير من الابتكار الحالي على إضافة ”الذكاء“ إلى الأشياء: السيارات والمنازل والطاقة والزراعة والبنية التحتية والمدن، مثلاً، أصبحت كلها “ذكية”. ويمكن للتوائم الرقمية دعم الابتكار اللازم لهذا التحول الرقمي إلى أنظمة ذكية.
مثلاً أنشأنا توأمين رقميين لجعل توربينات الرياح ذكيةً، وذلك بالجمع بين تقنيات الاستشعار بالألياف البصرية Fiber-optic sensing techniques ونمذجات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة. ومن خلال قياس تفاصيل التوربينات كلها ونمذجتها، أنشأنا توأماً رقمياً يعكس حالة التوربينات في الأوقات كلها. بل إنه يتوقع عندما يتراخى ترباس (برغي) Bolt محدد، من بين الآلاف التي تثبِّت التوربينات في مكانها. وهذا يقلل من تكاليف الصيانة، ويمنع الفشل الكارثي، ويعزز موثوقية الطاقة المتجددة. وباستخدام ابتكارات مماثلة في الاستشعار والنمذجة، نضيف الذكاء إلى السدود حتىتتمكن من التحذير من حدوث خرق وشيك، وإلى الطرق حتى تتمكن من المساعدة على تدفق حركة المرور بنحو أكثر سلاسة. وتَستخدم توائمنا الرقمية للزراعة الذكية طائراتٍ من دون طيار (درونات) Drones وروبوتات زراعية أرضية لتحديد المتطلبات الدقيقة لكل نبتة أو شجرة. وهذا يضمن التوصيل الدقيق للمياه والأسمدة والمبيدات الحشرية، وتقليل النفايات إلى الحد الأدنى. وتعزز هذه الابتكارات التي توجهها التوائم الرقمية الأمن الغذائي، وتخفف أيضاً من أزمة المياه في المناطق المعرضة للجفاف مثل كاليفورنيا.
الصحة والسلامة. سلطت الجائحة الضوء على الرعاية الصحية عن بُعد مع تزايد زيارات الصحة عن بعد زيادةً كبيرة. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه لأسباب تتعلق بالسلامة والراحة– وفي المواقع النائية، حيث قد تكون الخبرة الطبية المحلية محدودة. ومع ذلك يجب أن تتحسن جودة زيارة الصحة عن بعد إلى ما هو أبعد من الصوت أو الفيديو الأساسي. في برنامجين تجريبيين كبيرين للمجتمعات المحلية الريفية المحرومة، نستكشف أجهزة استشعار في الوقت الفعلي لمراقبة المرضى، والذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات المرضى، والواقع المعزز/الواقع الافتراضي للحصول على تصور أفضل. وتوفر عناصر التوائم الرقمية هذه للأطباء بيانات في الوقت المناسب وأدوات تحليلية سريعة حتى يتمكنوا من تشخيص الأمراض وعلاجها بسرعة.
والتوائم الرقمية يمكنها أيضاً تحسين السلامة في مكان العمل. وأظهرنا أنها يمكنها أن تنمذج انتشار مسببات الأمراض الفيروسية- وتتوقعها بدقة- بالنظر إلى كيفية انتشار القطيرات في بيئات إنتاج الشرائح Chips. وهذه الغرف النظيفة حيوية للنظام الإيكولوجي للإلكترونيات البالغة قيمته 3 تريليونات دولار، ويمكن لأي حظر Shutdowns أن يؤدي إلى خسارة بلايين الدولارات. وتوجه التوائم الرقمية مديري المنشآت إلى وضع ممارسات أكثر أماناً للعاملين، لكي يعملوا بنحو منتج مع تقليل خطر العدوى إلى أدنى حد ممكن.
أفضل الممارسات لتنفيذ التوائم الرقمية
التوائم الرقمية لديها إمكانات مثيرة لكن من الصعب تنفيذها، لأنها تدمج منصات تكنولوجية متعددة وتتطلب كثيراً من التمويل، والمواهب، والخبرة. وإذا لم يُخطَّط لهذه التكنولوجيا والعناصر التنظيمية وتُنفَّذ بفاعلية، يمكن لمشروعات التوائم الرقمية أن تنتهي بالإحباط وخيبة الأمل. لمساعدة القادة والفِرق على النجاح، نقدم أربع توصيات موجزة لزيادة احتمال النجاح في مشروعات التوائم الرقمية.
1. ألهموا الفريق بهدف واضح ودراسة جدوى متينة Inspire with a clear goal and solid business case. نجد أن من الأهمية بمكان أن نبدأ بهدف واضح يلهم الموظفين، ويُترجَم إلى دراسة جدوى قابلة للتنفيذ، وذلك لأي مشروع من مشروعات التوائم الرقمية. مثلاً في مشروعنا للمباني الذكية، حفزْنا فريقاً عالمياً متعدد التخصصات مؤلَّفاً من 200 باحث بهدف بسيط لكنه مقنع: تقليل استهلاك الطاقة في المبنى إلى النصف من دون المساس بأدائه. كانت ترجمة ذلك إلى دراسة جدوى أمراً مباشراً، لأن هذه الوُفور في الطاقة ترتبط ارتباطاً مباشراً بتحقيق وُفور في التكاليف وانخفاض في الانبعاثات.
2. امزجوا الفيزياء والذكاء الاصطناعي على النحو الأمثل عند تصميم نموذج لتوائم رقمية Blend physics and AI optimally when designing a DT model. لكل من النمذجات المستندة إلى الذكاء الاصطناعي والنمذجات المادية قيود. وتعتمد نمذجات الذكاء الاصطناعي على كميات كبيرة من البيانات، وليس من الممكن دائماً جمع أو توليد ما يكفي منها لمستوى الدقة المطلوب. وإضافةً إلى ذلك تفتقر هذه النمذجات إلى التبصُّر المادي Physical insight. فالسيارة الذاتية القيادة لا ”تفهم“ أنها في سان فرانسيسكو الممتلئة بالتلال وليست في دالاس المنبسطة– ونموذج الذكاء الاصطناعي قد لا يعرف ما لا يعرفه، مما قد يؤدي إلى وقوع حادث كارثي. وفي الوقت نفسه تقدم النمذجات المستندة إلى الفيزياء فقط رؤية بديهية كبيرة لكن محدودة بما يمكننا قياسه.
لقد بيَّنَّا أن النهج الهجين الذي يمزج بين الفيزياء والذكاء الاصطناعي يعمل بنحو أفضل، لأنه يستفيد من أفضل ما في العالمَين، ويتغلب على قيود كل منهما. وفي توأمينا الرقميين الخاصين بالمحجر، نستخدم الذكاء الاصطناعي لنمذجة التشغيل الآلي لحفار التربة، غير أنه ممزوج مع نمذجة فعلية للتربة والصخور التي يحفرها. كذلك في توأمينا الرقميين الصحيين، نستخدم التكنولوجيا لنمذجة اليد الروبوتية البارعة، لكن بعد مزجها مع النمذجات المادية للجلد والأنسجة التي تعمل عليها.
3. ابنوا خبرة متعددة التخصصات Build cross-disciplinary expertise. تتطلب الفرص المتعددة التخصصات التضافر بين منصات التكنولوجيا ومجالات التطبيقات Application domains. ويجب على الخبراء في مجالات الصحة والزراعة والتعدين والبناء العمل مع خبراء في الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والبرمجيات والمعدات. وأن تقول هذا أسهل من أن تفعله، نظراً إلى أن أي مؤسسة بمفردها قد لا تكون لديها هذه الخبرة كلها. ويجب على القادة أن يكونوا استباقيين في إقامة شراكات مدروسة، لضمان أن يكون لفرقهم مزيج المواهب الصحيح من التكنولوجيا والمعرفة بالمجال.
4. وجِّهوا استراتيجية البيانات من أعلى إلى أسفل Drive a data strategy from the top down. تحيا التوائم الرقمية أو تندثر وفقاً لأهمية ودقة البيانات التي تُقَاس وتُنمذَج. وفي الأغلب يكون الحصول على البيانات تحدياً من التحديات التي تواجه قطاع الأعمال، على الأقل بقدر ما هو تحدٍّ تقني ولا يمكن أن يكون فكرة لاحقة. ويجب على القادة ضمان وجود استراتيجية من أعلى إلى أسفل لتوفير الوصول إلى البيانات الصحيحة، وضمان جودتها Quality ومصدرها Provenance وأمنها Security.
من تطبيقاتها السابقة في الرصد التكتيكي Tactical monitoring للآلات المتخصصة، أصبحت التوائم الرقمية الآن أدوات استراتيجية لتطبيقات متنوعة، إذ يطرد تزايد قدرتها على تشخيص الأنظمة المادية المعقدة، والتحكم فيها، بل حتى تتوقعها. ولقد حان الوقت كي ينظر قادة الأعمال في كيفية تسخير التوائم الرقمية للسعي إلى تحقيق فرص نمو جديدة. والتوائم الرقمية مفيدة- بصورة خاصة- في استكشاف الفرص الاستراتيجية ما بين التخصصات المتعددة Strategic cross-disciplinary opportunities، حيث تحف المخاطر بالتجربة على الشيء الحقيقي، سواء كان ذلك مبنى، أو تربة، أو شخصاً. ومن المثير بنحو خاص إمكانية استخدام التوائم الرقمية لتوليد قيمة أعمال Create business value مع تحقيق أهداف الاستدامة وتحسين حياة الناس.
ماذا لو استطعنا إيقاف الجائحة التالية في مساراتها؟ ماذا لو تمكنا من خفض استهلاك الطاقة العالمي وانبعاثات غازات الدفيئة بمقدار الثلث؟ ماذا لو تمكن أطباء الأطفال من توفير علاج أفضل للأطفال المرضى أو المصابين في العيادات الريفية النائية؟ قد تكون التوائم الرقمية قادرة على مساعدتنا في مواجهة تحديات كبرى كهذه بنجاح.