أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
ابتكاربحثمصالح

أربع خرافات عن التعاقد غير المجاز من الباطن

المؤسسات التي ترغب في تحسين مرئية سلاسل التوريد– وتقليل الطلبات المحولة– ينبغي عليها استخدام التحليلات وأن تفكِّر فيما يتجاوز السعر.

لم يكن من المهم أكثر منه الآن بالنسبة إلى علامة تجارية Brand أن تعرف من، بالضبط، يصنع منتجاتها.

مثال: كشف تحقيق أجرته الصنداي تايمز Sunday Times في صيف العام 2020 أنه في أثناء جائحة كوفيد-19 كان العمال الذين يصنعون الملابس للعلامة التجارية بوهو Boohoo– وهي واحدة من العلامات التجارية في حركة الأزياء ”الفائقة السرعة“ Ultrafast fashion- يعملون مقابل ما هو أقل من الحد الأدنى للأجور، وفي ظروف عمل مكتظة، وتدابير سلامة متراخية.1C. Wheeler, A. Bassey, and V. Matety, “Boohoo: Fashion Giant Faces ‘Slavery’ Investigation,” The Sunday Times, July 5, 2020, www.thetimes.co.uk. وعلى الرغم من أن بوهو ادعت أن المصنع لم يكن مورِّداً مباشراً، خسرت أكثر من 1.5 بليون يورو (2 بليون دولار أمريكي) من القيمة السوقية Market value في أعقاب تقرير التايمز مباشرة.2E. Paton, “Why You Should Care That Boohoo Is Making Headlines This Week,” The New York Times, July 8, 2020, www.nytimes.com.

وكما اكتشفت بوهو، يمكن للموردين أن يشكِّلوا مخاطر جسيمة على سمعة الشركة وشؤونها المالية، كما أن طبيعة سلسلة التوريد Supply chain الحديثة- العالمية والمعقدة والمبهمة في كثير من الأحيان– لا تزيد إلا من المخاطر. وكثيراً ما تكتشف الشركات التي تمارس التعهيد (الإسناد) الخارجي Outsourcing في مجال التصنيع أن مورديها يعتمدون بدورهم على طبقات من المتعاقدين من الباطن Subcontractors، وفي الأغلب من دون علم المشتري أو موافقته. ومما يزيد الطين بلة أن هؤلاء المتعاقدين من الباطن غير المُجاز Unauthorized subcontractors هم أكثر ميلاً إلى إدارة الأعمال من أماكن عمل غير آمنة، والانخراط في ممارسات غير عادلة على صعيد العمالة، وانتهاك القوانين الصحية والبيئية.

التعاقد من الباطن غير المجاز هو لعنة الشركات التي تعمل على تحسين رؤية Visibility في سلاسل التوريد الخاصة بها. فقد أسفر انهيار رانا بلازا Rana Plaza في العام 2013، وهو مبنى تجاري من ثمانية طوابق في بنغلاديش، عن مقتل أكثر من ألف عامل في مجال الملابس، ولفت انتباه معظم أنحاء العالم إلى هذه المشكلة. فقد أنتجت ورش العمل في المبنى ملابسَ لعديد من العلامات التجارية البارزة، بما في ذلك شركة الأزياء الإيطالية بينيتون Benetton ومتاجر التجزئة الأيرلندية بريمارك Primark، لكن عديداً من الشركات ادعت أنها غير مدركة أن طلباتها أُسنِدت إلى جهات أخرى ثالثة. لا تقتصر هذه المشكلات على بنغلاديش وتتجاوز امتثال المباني: ففي أنحاء أخرى كثيرة من العالم، انتُقِدت شركات لاستخدامها متعاقدين من الباطن وظفوا أطفالاً، واستفادوا من فرض ظروف العمل القسري.3“Child Refugees in Turkey Making Clothes for U.K. Shops,” BBC News, Oct. 24, 2016, www.bbc.com; N. McKenzie and R. Baker, “Surf Clothing Label Rip Curl Using ‘Slave Labour’ to Manufacture Clothes in North Korea,” The Sydney Morning Herald, Feb. 21, 2016, www.smh.com.au; and “Vietnam: Torture, Forced Labor in Drug Detention,” Human Rights Watch, Sept. 7, 2011, www.hrw.org.

علامة تجارية
علامة تجارية

والحاجة إلى معالجة مسألة رؤية سلسلة التوريد صارت أكثر إلحاحاً مع كشف ظروف العمل الرهيبة في المصانع المنتجة للبضائع الأساسية. ومن الأمثلة السيئة السمعة صناعة تعليب اللحوم. ففي ألمانيا أسفرت فحوص فيروس كورونا عن نتائج إيجابية لـ180 عاملاً في مسلخ واحد؛ ولام مسؤول نقابي بارز ”النظام المعتل“ وصناعة اللحوم التي لطالما اعتمدت على ”متعاقدين من الباطن محل شك“.4“Coronavirus Flare-Ups in Germany, South Korea Show the Risks in Easing Restrictions,” Los Angeles Times, May 9, 2020, www.latimes.com.

واستجابة لمشكلات أماكن العمل في سلاسل التوريد تبنَّت الشركات قواعد سلوك Codes of conduct، وأجرت تدقيقات Audits منتظمة، وتطلبت أن يلتزم الموردون بقواعد الصحة والسلامة الدولية. لكنها إذا كانت راغبة في إثبات التزامها برفاه الناس الذين يصنعون منتجاتها والمجتمعات المحلية التي يعيش فيها هؤلاء، فيتعين عليها أن تتحكم في مشكلة التعاقد من الباطن غير المجاز.

ويتمثل أحد التحديات الرئيسة في صعوبة العثور على البيانات المتعلقة بالتعاقد من الباطن غير المجاز. وقد تعاونَّا مع وسيط كبير في سلاسل التوريد، في أعقاب كارثة رانا بلازا، احتفظ بسجلات للطلبات التي أُسندت إلى متعاقدين من الباطن لم يكونوا ضِمن قوائم المشترين المجازة. وفي تحليلنا كان أكثر من ثلث الطلبات الـ32,000– التي طلبتها 30 علامة تجارية تضم 226 مصنعاً للملابس- يشمل مورداً غير مجاز.5Further description of the data and a thorough empirical analysis is available in F. Caro, L. Lane, and A. Sáez de Tejada Cuenca, “Can Brands Claim Ignorance? Unauthorized Subcontracting in Apparel Supply Chains,” Management Science 67, no. 4 (April 2021): 2010-2028.

وبناء على استنتاجات أبحاثنا يمكننا فضح أربع حالات سوء فهم شائعة- أو خرافات حول ممارسة التعاقد من الباطن غير المجاز– وتقديم إرشادات محددة إلى الشركات التي تسعى إلى مرئية أكبر لهذه الروابط المبهمة في سلاسل توريدها.

الخرافة 1: معظم المصانع (في البلدان النامية) تفعل ذلك

لأنها مشكلة منتشرة على نطاق واسع، وهي ممارسة مستمرة منذ فترة طويلة، من السهل أن نتصور أن معظم المصانع في البلدان النامية لديها تعاملات مع ورش عمل غير مجازة ودون المستوى المطلوب. لكن البيانات تشير إلى أن هذا الانطباع غير صحيح.

في الواقع وجدنا أن المصنعين يختلفون بقدر كبير في استخدامهم للمصانع غير المجازة. إذ لا يرسل إلا جزءاً صغيراً (11%) من الطلبات دائماً إلى متعاقد من الباطن غير ممتثل للمعايير Noncompliant subcontractor، في حين أن الأغلبية (57%) لا تنخرط أبداً في هذه الممارسة. أما البقية فتسند الطلبات خارجياً في بعض الأحيان، بحسب الظروف. (انظر: الخرافة 2).

ولعل ما يكشف الستار عن الواقع هو حقيقة أن المصانع الميالة إلى استخدام المتعاقدين من الباطن غير المجازين تشترك في بعض الخصائص المشتركة. فمن جهة، هي تميل إلى أن تكون أقل تخصصاً Specialized وتصنع بنوداً Items في عدد أكبر من فئات المنتجات المختلفة– السراويل، والبلوزات، والمعاطف، مثلاً. (انظر: مزيد من فئات المنتجات، مزيد من المشكلات).

وهذا يشير إلى أن المصانع عندما تتعهد بتسليم المنتجات، في حين تفتقر إلى الدراية المتخصصة اللازمة لإنتاجها، من المرجح أن تلجأ إلى متعاقد من الباطن غير مجاز لتلبية تلك الطلبات.

ويختلف التعاقد من الباطن غير المجاز أيضاً باختلاف البلد. في المتوسط كان لفيتنام أعلى متوسط من الحوادث، وتلتها من قُرب كمبوديا والصين. لكن هذا لا يعني بالضرورة أن المتعاقدين من الباطن هؤلاء جميعاً لديهم عمليات دون المستوى المطلوب من المعايير. والواقع أن عديداً من المصانع غير المجازة في الصين تفي بمعايير سلامة أعلى من ورشة العمل المتوسطة في بنغلاديش. لكن من المفارقات أن هذه المصانع ليست على قوائم المتعاقدين من الباطن المجازين، لأنها تفتقر إلى الموارد اللازمة لاستكمال المعاملات كلها والحصول على الموافقات اللازمة، على الرغم من أنها يمكن أن تفعل ذلك بنجاح.

الخرافة 2: التعاقد من الباطن غير المجاز موجَّه في الأغلب من قِبل السعر

ليس من المستغرب أن ضغط السعر Price pressure– عندما يقدم المشتري سعراً أقل من السعر المدفوع في مقابل طلب مماثل في الماضي– يمكن أن يزيد من احتمال تحول المورد إلى متعاقد من الباطن غير مجاز. فمثلاً زادت الأسعار التي كانت فيما سبق أدنى بنسبة %25 من فرصة التعاقد من الباطن غير المجاز بنسبة 9%. وهذا يتناسب مع الحكمة التقليدية: التعاقد من الباطن هو وسيلة للشركة المصنعة للالتفاف على المعايير وتوفير المال. لكن على الرغم من أهمية السعر، فإنه ليس دائماً الدافع الرئيس.

والأهم من ذلك هو ما إذا كان المصنع يعمل بالقرب من قدرته عندما يأتي طلب جديد. ففي مرحلة ما لا يستطيع المصنع الوفاء بعقوده كلها، ويصبح تعهيدها (إسنادها) خارجياً طريقة لإدارة الزيادة في الطلب Overflow والحفاظ على رضا عملائه.

ووجدنا أنه في فترات الاستخدام العالي للمصنع، يحدث التعاقد من الباطن غير المجاز في كثير من الأحيان على دفعات. فبمجرد أن يتجاوز طابور طلبات المصنع قدرة المصنع فإنه يُرسَل إلى متعاقد من الباطن، من المحتمل أن يتجاوز الطلب التالي العتبة أيضاً ويُسنَد إلى طرف ثالث. وفي الواقع عندما يرسل المصنع طلباً واحداً إلى متعاقد من الباطن غير مجاز، تتضاعف تقريباً فرصة تحويل الطلب التالي. وكان للتقسيم إلى دفعات Batching تأثير أكبر من السعر أو أي دافع آخر درسناه.

وقد تكون لدى المصانع عدة أسباب للعمل قريباً جداً من حدود طاقتها القصوى. والمزيد من الطلبات يعني مزيداً من الأعمال وأرباحاً أعلى من المحتمل، ولاسيما إذا كان المورد قادراً على تحويل العمل إلى جهة أخرى بالتعاقد من الباطن بنحو مربح. وقد يخشى المورد، وهو ليس بالأمر غير المعقول، أن يعني رفض الطلب أن المشتري لن يعود مع مشتريات مستقبلية. ويفتقر بعض مديري المصانع إلى أدوات تخطيط أكثر تطوراً، وبدلاً من ذلك يحددون مواعيد الإنتاج على أساس اعتباطي.

وهناك اعتقاد خاطئ ذو صلة هو الاعتقاد بأن المورد هو أكثر عرضة إلى أن يحيل إلى التعاقد من الباطن الطلباتِ السريعةَ Out rush مقارنة بتلك التي لديها مهلة أطول. وجدنا أن العكس هو الصحيح: في حين أُرسِل 24% فقط من الطلبات السريعة إلى متعاقد غير مجاز، أُسنِد خارجياً 38% من تلك التي لديها مهلة تزيد على شهرين.

والسبب؟ المهَل الأطول أكثر شيوعاً في طلبات بنود الأزياء، لكن صنع هذه البنود يتطلب عمليات أكثر تطوراً– وهو أمر تفتقر إليه المصانع غير الرسمية التي تتلقى الجزء الأكبر من الطلبات المتعاقَد عليها من الباطن.

في المقابل، بنودُ الملابس الأساسية، مثل السترات العادية، قلما تتغير في العادة، ويمكن أن تُطلَب في وقت مبكر جداً. كذلك هي أسهل صنعاً ويمكن إسنادها خارجياً بسهولة أكبر إلى مصانع قريبة أخرى. ومع ذلك تكون هذه المصانع ورش عمل مؤقتة قد لا تفي بمعايير الامتثال Compliance standards لدى العميل.

الخرافة 3: مناصرة المستهلكين لا تنجح

عادةً ما يكون مستهلكو الأزياء بعيدين عن ظروف العمل في المصانع البعيدة وغير المرئية إلى حد كبير وغير الرسمية. لذلك من السهل تصوُّر أن الضغط من هؤلاء المتسوقين، عندما يمكن حشده، سيكون غير فاعل إلى حد كبير. والحقيقة هي أن المستهلكين العالميين لديهم قوة أكبر لإحداث التغيير مما هو مفترض.

علامة تجارية
علامة تجارية

بعد كارثة رانا بلازا دفعت احتجاجات المستهلكين الواسعة النطاق العلامات التجارية وتجار التجزئة إلى تعويض ضحايا انهيار المبنى واتخاذ إجراءات صارمة ضد ظروف العمل السيئة في سلاسل التوريد. واستجابةً لذلك اعتمد تجار التجزئة والعلامات التجارية للأزياء اتفاقية بنغلاديش بشأن السلامة من الحرائق وسلامة المباني Bangladesh Accord on Fire and Building Safety، ووقَّعوا مبادرة التحالف من أجل سلامة العاملين في بنغلاديش Alliance for Bangladesh Worker Safety، التي تتطلب تكثيف عمليات التفتيش على المصانع والتدريب على سلامة العاملين. وقدمت الشركات منحاً لدفع تكاليف ترقيات المصانع، وأنشأت لجاناً وخطوطاً ساخنة لسلامة العاملين لتلقي الشكاوى بشأن الانتهاكات.

ويطالب المستهلكون بنحو متزايد بمزيد من الشفافية في سلسلة إمداد الملابس من خلال مجموعات المناصرة مثل ثورة الموضة Fashion Revolution وحملة الملابس النظيفة Clean Clothes Campaign، وعبر حركات وسائل التواصل الاجتماعي مثل وسم (هاشتاغ) #مَن_صنَع_ملابسي #WhoMadeMyClothes، والتي تهدف إلى جعل العلامات التجارية مسؤولة عن ظروف العمل في مصانعها.

وفي الأغلب تكون أكبر العلامات التجارية وأكثرها شهرة هي محور تركيز هذه الحملات، وأثبتت أنها الأكثر حساسية للضغط العام. وكانت إتش أند إم H&M، وهي شركة سويدية لتجارة الأزياء، أكبرَ مصدر للملابس من بنغلاديش، وتحملت عبء الاهتمام بعد كارثة رانا بلازا.6M. Kerppola, R. Moody, L. Zheng, et al., “H&M’s Global Supply Chain Management Sustainability: Factories and Fast Fashion,” University of Michigan case no. 1-429-373 (Ann Arbor, Michigan: WDI Publishing, 2014). وكانت من بين أُوليات الشركات التي وقَّعت على اتفاقية بنغلاديش.

وهذا يتفق مع نتائج دراستنا. وجدنا أن فرصة التعاقد من الباطن غير المجاز أقل بنسبة 22% للطلبات التي ترسلها العلامات التجارية المعروفة. ويكون تجار التجزئة المتخصصون مثل إتش أند إم أكثر عرضة لرد فعل المستهلك من العلامات التجارية الأقل شهرة. ونتيجةً لذلك من الأرجح أن يمارسوا قدراً أكبر من الرقابة على مورديهم.

الخرافة 4: الشركات لا تستطيع فعلَ الكثير

القائمة الطويلة من قصص رعب التعاقد من الباطن قد تشير إلى أن الشركات لا تستطيع أن تفعل الكثير لتحديد الموردين غير المجازين ومنع انتهاكاتهم. ولكن استناداً إلى نتائج أبحاثنا يمكن للمشترين استخدام التحليلات Analytics والبيانات الكبيرة Big data كي يكتشفوا- وبمستويات عالية من الدقة- متى يلجأ المصنعون على الأرجح إلى متعاقدين من الباطن. بل إنهم يستطيعون توقُّع الطلبات التي من المحتمل أن تُسنَد خارجياً.

وباستخدام تحليلنا لطلبات وسيط سلسلة التوريد Supply chain intermediary، دربنا نموذجاً Model للاضطلاع بذلك. ومع توافر المعلومات بالفعل للوسيط، يمكن للنموذج أن يتوقع بدقة أكثر من 82% متى يُحوَّل طلب إلى متعاقد من الباطن. يمكن لنموذج مماثل تحديد الموردين الذين يستخدمون مصانع غير مجازة وأولئك الذين لا يفعلون بدقة تصل إلى 75%.

ويمكن ربط النموذج بأنظمة دعم القرار الحالية للعلامة التجارية لمراقبة الطلبات المعلقة Pending orders، وحجم العمل Workload في مصانع كل مورد، ومتوسط السعر لكل فئة، ثم الإبلاغ عن تلك الطلبات الأكثر احتمالاً لأن تُسنَد خارجياً. بل إنه يمكن أن يقترح مصانع بديلة. ويمكن للعلامات التجارية– التي تعمل مع الحكومات والمنظمات غير الحكومية مثل ائتلاف الملابس المستدامة Sustainable Apparel Coalition– استخدامُ هذه المعلومات للضغط على المصانع التي تطبـق سياسـات عمل تستغل العمال، وظروف معيشة وعمل دون المستوى المطلوب.

إن نموذجنا هو نموذج بسيط إلى حد ما، والغرض منـه هـو أساسـاً إظهـار أن توقعـاً كهـذا ممكـن. ومـع مزيـد مـن البيانات يمكن لتقنيات تعلم الآلة Machine learning techniques المتقدمة مثل الشبكات العصبية الاصطناعية Artificial neural networks أن تحقق نتائج أكثر دقة.

دروس لقادة سلاسل التوريد

يمكن أن تساعد الاستنتاجات التي توصلنا إليها الشركات على زيادة مرئيتها لما يحدث في سلاسل توريدها. لا يوجد حل سحري، لكن يمكن للشركات تقليص حجم المشكلة من خلال العمل مع الموردين من كثب وبنحو مستمر. ونقترح عليها اتخاذ الإجراءات التالية.

التخلص من الأطراف الفاعلة الأسوأ. الخطوة الأولى هي الأبسط: تخلصوا من تلك المصانع التي تستخدم باستمرار مقاولي الباطن غير المجازين. فقط جزء صغير من المصانع هي “مجرمة متسلسلة” Serial offenders، وفق استنتاجاتنا. ووصَف المطلعون على الصناعة الذين تحدثنا إليهم جهات التوريد هذه بأنها “مصانع وهمية”– مصانع اجتازت تدقيقات المشترين لكنها لا تنتج أي شيء في الواقع. بدلاً من ذلك تحوِّل ببساطةٍ طلباتها إلى مصانع لم يوافق عليها المشتري.

وإحدى علامات التحذير هي إذا كانت جهة التوريد تزعم أنها تستطيع أن تنتج أساساً أي شيء. وتشير الأدلة التي لدينا إلى أن المصانع التي تنتج عديداً من الفئات المختلفة من البضائع من المرجح أن تعتمد على موردين غير مجازين. عندما تتطلب العلامة التجارية موردين أكثر تنوعاً، فإنها على الأقل تحتاج إلى فهم راسخ للمهارات الفعلية للمورد.

ونحت شركة نيو بلانس New Balance في بعض الأحيان هذه الخطوة. فعندما قدمت الشركة تقريراً عن تدقيقها للعام 2017 لـ%96 من مورديها من الدرجة الأولى، قالت إنها أنهت علاقاتها مع ثلاثة موردين، اثنان منهم لأسباب تتعلق بتحديد المصادر.7“Responsible Leadership: Who We Are,” New Balance, accessed July 13, 2021, www.newbalance.com. وتشير شركة غاب إنك. Gap Inc صراحة إلى التعاقد من الباطن غير المجاز على موقعها الإلكتروني، وتحذر من أن هذه الممارسة هي أساس لإنهاء علاقتها بالموردين.8“Unauthorized Subcontracting: Prohibiting Unauthorized Subcontracting,” Gap Inc., accessed July 13, 2021, www.gapinc.com.

ساعد الموردين على إدارة أعباء العمل. قال لنا مسؤول تنفيذي سابق في نايكي Nike: ”إن المصانع تلجأ إلى التعاقد من الباطن غير المجاز في لحظات الضغط، لذلك يجب أن تعرفوا طاقة مصانعكم“. فصانعة الملابس الرياضية تعقد مؤتمرات منتظمة للموردين فقط لهذا الغرض. ويمكن لعلامات تجارية أخرى أن تحذو حذوها.

كذلك تتكون لدى نايكي نظرة عميقة في وجهات نظر الموردين بفضل معهد الشراء الأفضل Better Buying Institute، الذي يوفر أداة للموردين لتصنيف ممارسات الشراء- بنحو مجهول المصدر. إذ تركز على سبعة مجالات يمكن للمشترين فيها أن يعززوا– أو يضروا– قدرة المورد على الوفاء بالالتزامات التعاقدية بنحو مربح، مع توفير بيئة عمل آمنة في الوقت نفسه.

ومن خلال العمل المشترك مع شركاء سلسلة التوريد منذ بداية عملية التصميم Design process، ستتمكن الشركة من توقع الطلب Demand وتخطيط طاقة المصنع Factory capacity مقدماً، مما يؤدي إلى سلسلة توريد مستدامة من دون اللجوء إلى التعاقد من الباطن. وإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام النماذج المستندة إلى البيانات لتحسين جداول الإنتاج Production schedules، والحد من التغييرات التي تؤدي إلى زيادة التكلفة وإضاعة الوقت في تنفيذ الطلبات.

كن مستعداً لدفع الثمن. في حين أن خفض التكلفة ليس السبب الرئيس للموردين لتحويل الطلبات، فإنه يظل عاملاً من العوامل المساهمة في ذلك؛ ومبادرة التجارة الأخلاقية Ethical Trading Initiative تسرد ”التفاوض العدواني بشأن الأسعار“ من بين ممارسات الشراء السيئة التي تضغط على طاقة المورد وساعات العمل وتكاليف العمالة.9“Guide to Buying Responsibly,” Ethical Trading Initiative, Sept. 7, 2017, www.ethicaltrade.org. ويمكن للعلامة التجارية تقليل التعاقد من الباطن غير المجاز من خلال ضمان أن تكون مدفوعاتها متوافقة مع ما دفعته في الماضي. والواقع أن الشركات التي تقدر الشفافية Transparency والامتثال Compliance قد تكون على استعداد لدفع علاوة طفيفة لضمان معرفتها بمكان صنع بضائعها. وينطبق هذا بنحو خاص على العلامات التجارية المتخصصة الكبيرة التي يمكن أن تكون أهدافاً سهلة لمناصري المستهلك والعمالة.

ابذل العناية الواجبة. في كثير من الأحيان تركز العلامات التجارية فقط على مورديها من الدرجة الأولى، لكن زيادة الاهتمام بأولئك الذين هم في المستوى الثاني يمكن أن تؤتي ثمارها الجيدة. وينبغي أن يشمل ذلك زيارات إلى المنشآت غير الموجودة في قائمة الموردين المعتمدين للعلامة التجارية. وينبغي لها أيضاً أن تعمل على جلب مزيد من هؤلاء المتعاقدين من الباطن إلى مجموعة الشركات المجازة. وسمعنا عن مصنع غير رسمي في الصين كان متقدماً جداً، لكنه لم يكن على قائمة الممتثلين، لأن عملية الحصول على اعتماد كانت مرهقة جداً. ويمكن أن يساعد تبسيط عملية الاعتماد على توسيع قاعدة الموردين المعتمدين. ويمكن للمنظمات غير الحكومية أيضاً أن تساعد على دفع المشترين والموردين في الاتجاه الصحيح عن طريق جمع المعلومات وكشف المشكلات.

باتاغونيا Patagonia هي من بين تلك الشركات التي تتجاوز المستوى الأول First tier: لقد وسعت نطاق مراقبتها ليشمل المستوى الثاني Tier 2 من سلسلة توريدها، وتدقِّق على وجه التحديد في أكبر موردي المواد الخام. وهي تُجري عملية تدقيق Audit وإصلاح Remediation process مماثلة لما تطبقه مع مصانع المستوى الأول.10“Working With Factories,” Patagonia, accessed July 13, 2021, www.patagonia.com. وتشرك شركة إتش بي HP مورديها من المستوى الأول في التواصل مع المستوى التالي: هي تدرب الرتبة الأولى مباشرة على مدونة قواعد السلوك الخاصة بها، ثم تشركها في التدريب المشترك للمستوى الثاني.11“HP 2011 Global Citizenship Report,” PDF file (Palo Alto, California: HP Inc., 2011), 91-116, www.hp.com.

والمشترون الذين يفضلون وجود علاقة وثيقة مع مورديها يكون بإمكانهم- على الأقل- جمع البيانات واستخدام التحليلات التوقعية Predictive analytics للإشارة إلى الموردين أو الطلبات التي تنطوي على مخاطر. وأحد مصادر الأدوات والخدمات للمساعدة على ذلك هو إليفايت Elevate، الذي يوفر تحليلات حول التعاقد من الباطن غير المجاز.

منتقدو مبادرات المسؤولية الاجتماعية للشركات Corporate social responsibility يقولون إنها مجرد زينة تُستخدَم لتجميل التقارير السنوية. ولكن، في حالة التعاقد من الباطن غير المجاز، لدى الشركات الوسائل التي تمكِّن هذه الجهود من أن يكون لها تأثير حقيقي. والوقت مناسب لذلك: لقد أدت الزعزعة Disruption الناجمة عن جائحة فيروس كورونا، وما نتج عنها من إغلاقات اقتصادية، إلى تسريع التغيرات الرائجة بالفعل، مثل التحولات إلى التسوق عبر الإنترنت والعمل من بُعد. وينبغي أن يحدث الشيء نفسه مع معالجة التعاقد من الباطن غير المجاز لزيادة مرئية سلاسل التوريد.

فـيليبي كارو Felipe Caro

فـيليبي كارو Felipe Caro

أستاذ القرارات والعمليات وإدارة التكنولوجيا في مدرسة أندرسون للإدارة بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس UCLA Anderson School of Management.

ليونارد لاين Leonard Lane

ليونارد لاين Leonard Lane

محاضر أول للاستراتيجية في مدرسة بول ميراج للأعمال في إيرفين بجامعة كاليفورنيا University of California, Irvine’s Paul Merage School of Business.

آنا سايز دي تيخادا كوينكا Anna Sáez de Tejada Cuenca (@annasdtc)

آنا سايز دي تيخادا كوينكا Anna Sáez de Tejada Cuenca (@annasdtc)

أستاذة مساعدة في إدارة الإنتاج والتكنولوجيا والعمليات في مدرسة آي إي إس إي للأعمال IESE Business School.. التعليق على هذا الموضوع: https://sloanreview.mit.edu/x/63121.

المراجع

المراجع
1 C. Wheeler, A. Bassey, and V. Matety, “Boohoo: Fashion Giant Faces ‘Slavery’ Investigation,” The Sunday Times, July 5, 2020, www.thetimes.co.uk.
2 E. Paton, “Why You Should Care That Boohoo Is Making Headlines This Week,” The New York Times, July 8, 2020, www.nytimes.com.
3 “Child Refugees in Turkey Making Clothes for U.K. Shops,” BBC News, Oct. 24, 2016, www.bbc.com; N. McKenzie and R. Baker, “Surf Clothing Label Rip Curl Using ‘Slave Labour’ to Manufacture Clothes in North Korea,” The Sydney Morning Herald, Feb. 21, 2016, www.smh.com.au; and “Vietnam: Torture, Forced Labor in Drug Detention,” Human Rights Watch, Sept. 7, 2011, www.hrw.org.
4 “Coronavirus Flare-Ups in Germany, South Korea Show the Risks in Easing Restrictions,” Los Angeles Times, May 9, 2020, www.latimes.com.
5 Further description of the data and a thorough empirical analysis is available in F. Caro, L. Lane, and A. Sáez de Tejada Cuenca, “Can Brands Claim Ignorance? Unauthorized Subcontracting in Apparel Supply Chains,” Management Science 67, no. 4 (April 2021): 2010-2028.
6 M. Kerppola, R. Moody, L. Zheng, et al., “H&M’s Global Supply Chain Management Sustainability: Factories and Fast Fashion,” University of Michigan case no. 1-429-373 (Ann Arbor, Michigan: WDI Publishing, 2014).
7 “Responsible Leadership: Who We Are,” New Balance, accessed July 13, 2021, www.newbalance.com.
8 “Unauthorized Subcontracting: Prohibiting Unauthorized Subcontracting,” Gap Inc., accessed July 13, 2021, www.gapinc.com.
9 “Guide to Buying Responsibly,” Ethical Trading Initiative, Sept. 7, 2017, www.ethicaltrade.org.
10 “Working With Factories,” Patagonia, accessed July 13, 2021, www.patagonia.com.
11 “HP 2011 Global Citizenship Report,” PDF file (Palo Alto, California: HP Inc., 2011), 91-116, www.hp.com.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى