شجاعة الصراحة
يتطلب الأمر قدراً مذهلاً من الشجاعة كي يشير الموظفون إلى الطرق التي يمكن أن تتعلم وتتحسن بها المؤسسات. وفي وسع القادة أن يسهلوا على الموظفين التحدث بصراحة.
حين تفكر في شجاعة مكان العمل Workplace courage، قد يخطر في بالك فوراً كشف الفساد Whistleblowing– أي بالأغلب فضح السلوك غير الأخلاقي في الصفوف العليا للمؤسسة. وهذا هو المثال الذي نراه مراراً وتكراراً في القصص الإخبارية: أشخاص خاطروا بوظائفهم، أو حياتهم المهنية بكاملها، أو حتى روابطهم العائلية للإبلاغ مثلاً عن الأبحاث المزيَّفة، أو التأخير في استدعاء منتجات من المرجح أن تكون معيبة بنحو مميت.1J. Carreyrou, “Theranos Whistleblower Shook the Company — and His Family,” The Wall Street Journal, Nov. 18, 2016, www.wsj.com; and T. Higgins and
N. Summers, “GM Recalls: How General Motors Silenced a Whistleblower,” Bloomberg Businessweek, June 19, 2014, www.bloomberg.com.
لكن كشف الفساد ليس إلا المثال الأوضح. فسلوكيات أخرى يميل القادة المؤسسيون إلى اعتبارها ”مجرد اضطلاعك بعملك“ تتطلب شجاعة أيضاً. فتحدي الرؤساء فيما يخص تحركات استراتيجية أو سياسات تشغيلية، والتحدث بصراحة إلى الزملاء أو المرؤوسين الذين لا يضطلعون بواجباتهم، واتخاذ قرارات شجاعة وتحمل المسؤولية عنها– هذه أيضاً صور من أعمال الشجاعة في مكان العمل.
في دراسة أُجريت على الموظفين من معظم الأنواع ومن مئات المؤسسات على مدار العقد الماضي، حددنا 35 سلوكاً غالباً ما يعتبره الموظفون شجاعاً جداً.2E.A. Bruno and J.R. Detert, “The Workplace Courage Acts Index (WCAI): Observations and Impact,” Academy of Management Proceedings 2019, no. 1 (August 2019). See also J.R. Detert, “Choosing Courage: The Everyday Guide to Being Brave at Work” (Boston: Harvard Business Review Press, 2021). وكما تبيَّن، فإن عديداً منها أيضا عبارة عن سلوكيات تؤدي- بنحو مباشر أو غير مباشر- إلى التعلُّم الشخصي والجماعي والمؤسسي. أي إنها سلوكيات تعزز النمو؛ فالأفراد والمجموعات المشاركون فيها يكونون أكثر قوة وقدرة وإنتاجية.
وإليك الخبر الجيد: كلما ازداد عدد هذه السلوكيات التي يبلِّغ الموظفون عن مشاهدتها في العمل، كانت النتائج أفضل للموظفين الأفراد والفرق ومؤسساتهم. خذ مثلاً قول الحقيقة للسلطة. تتعزز الدورة التعلُّمية في الشركة وتتحسن حين يدلي الموظفون بملاحظات صادقة للمسؤولين. ويؤدي ذلك إلى تأمل أكبر على معظم المستويات، ويزيد من تدفق الأفكار الجديدة حول كيفية عمل المؤسسة وأدائها.3See, for example, E.W. Morrison, “Employee Voice Behavior: Integration and Directions for Future Research,” The Academy of Management Annals 5, no. 1 (June 2011): 373-412; A.C. Edmondson, “Psychological Safety and Learning Behavior in Work Teams,” AdministrativeScience Quarterly 44, no. 2 (June 1999): 350-383; and E.W. Morrison and F.J. Milliken, “Organizational Silence: A Barrier to Change and Development in a Pluralistic World,” Academy of Management Review 25, no. 4 (October 2000): 706-725. كذلك، فإن الفِرق التي يحاسب فيها الأقران بعضُهم بعضاً تميل إلى تحديد مجالات التحسين وزيادة الفاعلية الفردية والجماعية أكثر من غيرها من الفرق.4A.C. Edmondson, “Speaking Up in the Operating Room: How Team Leaders Promote Learning in Interdisciplinary Action Teams,” Journal of Management Studies 40, no. 6 (September 2003): 1419-1452. ويمكن لتولي المشروعات قصيرة المدى التي تمثل تحدياً Stretch assignments أو مناصرة Championing تغيير جريء في الإجراءات Process أن يكون دافعاً Driver مهماً للنمو والتعلم الشخصيَّين لدى الأفراد– وهذا بالطبع لمصلحة المؤسسة أيضاً.5L. Dragoni, P.E. Tesluk, J.E.A. Russell, et al., “Understanding Managerial Development: Integrating Developmental Assignments, Learning Orientation, and Access to Developmental Opportunities in Predicting Managerial Competencies,” Academy of Management Journal 52, no. 4 (August 2009): 731-743.
لكن إليك الخبر السيئ: السلوكيات الشجاعة التي تؤدي إلى تحسن، وتعلم، وأداء أعلى في المدى البعيد لا تحصل بما يكفي يوميا. وفي بحثنا، وجدنا علاقة سلبية Negative correlation باتساق بين تصور الشجعان حول سلوك معين ووتيرة حصول هذا السلوك. وهذا ليس مفاجئاً عموماً، لأنه عندما يعتقد المرء أن الأمر يتطلب قدرا من الشجاعة، فإن هذا يعني ضمنياً أنه يخشى المخاطرة– وهذا رادع واضح ضد اتخاذ أي إجراء. ولكن ما لم يكن متوقعاً- أكثر من ذلك- هو مدى اتساق هذه الأنماط عبر المواقف والأوضاع. إذ لا يبدو أنه من المهم ما إذا كان المستجيبون Respondents [للاستبانة] يعملون في نوع من الشركات قد يفترض المرء أنها تشجع الاستكشاف والتعلم– مثلاً شركة تكنولوجية فتية، أو شركة ناشئة Startup صغيرة، أو شركة ذات هيكل مؤسسي مسطح Flat organizational structure نسبياً– أو ما إذا كان المستجيبون أصغر سناً، أو أكثر تعلُّماً، أو يتولون أدواراً أعلى رتبة. وبنحو شامل مال المستجيبون إلى اعتبار كثير من سلوكيات التواصل والنمو محفوفة بالمخاطِر بما فيه الكفاية لاعتبار المجاهرة بالنقد شجاعة، ولم يعمدوا إلى ذلك إلا في حالات نادرة إلى درجة مثيرة للقلق.
ومما فاقم هذه المشكلات أن القادة، في عديد من المؤسسات التي درسناها، لم يَبدُ أنهم يقدِّرون حق التقدير الأنواعَ أو مستويات المخاطرة التي يربط الموظفون بينها وبين هذه السلوكيات، ولذلك لم يشعروا إلا بقليل من الضغط لتغيير الوضع القائم. ونتيجة لذلك، واصل عديد من القادة (من غير قصد) في تشجيع ومكافأة ونمذجة السلوكيات التي تُعيق النمو بدلاً من أن تعززه.
وفي هذا الموضوع، نأمل أن نساعد القادة على أن يروا بوضوح أكبر كلاً من الفوائد والمخاطر المرتبطة بالسلوكيات التي حددناها، ويستثمروا قدراً أكبر في تنميتها. ولتحقيق هذه الغاية، سنعكف على النظر في نتائجنا ونستعرض بعض القصص التي رواها مديرون وموظفون لتوضيح القيمة التي يمكن لهذه السلوكيات الجريئة أن تحققها لمكان العمل– إذا لاقت تشجيعاً وخُفِّفت المخاطر.
مؤشر السلوكيات الشجاعة
الشجاعة فضيلة أساسية Foundational لأن الناس يحتاجون إليها في الأغلب من أجل إظهار فضائل أخرى.6G. Scarre, “On Courage” (New York: Routledge, 2010). وهذا لا ينطبق على الأفراد فحسب بل كذلك على المؤسسات– ولاسيما، كما لاحظنا، حين يتعلق الأمر بالسلوكيات الابتكارية الموجهة نحو النمو التي تعزز التعلم.
وعندما شرعنا قبل نحو عشر سنوات في إنشاء تصنيف سلوكي للشجاعة في مكان العمل يمكن تقييمه تقيماً منهجياً عبر سياقات مختلفة، لم يكتب إلا القليل عن هذا الموضوع. لذلك بدأنا دراستنا بجمع أكثر من 700 قصة بالمقابلات واستطلاعات الأسئلة المفتوحة
Open-ended surveys. وتباين المشاركون تبايناً كبيراً في العمر، والخبرة العملية، والأصل القومي، ونوع العمل، ومستوى الوظيفة، والصناعة التي يعملون فيها. وفي تحليل قصصهم، وجدنا أن 35 سلوكاً متعلقاً بالعمل وُصِفت بنحو روتيني بأنها شجاعةٌ على نحو معتدل على الأقل. وتشكل هذه السلوكيات ما نسميه مجتمِعاً مؤشرَ أعمال الشجاعة في مكان العمل Workplace Courage Acts Index.7To see where you and your organization fall in our index, you can take a survey at www.workplacecai.com. When finished, you will get a free report showing how your results compare with others’ responses.
بعد ذلك استطلعنا عينة مستقلة من أكثر من 1,400 مستجيب متباينين جداً، لمعرفة كيف يكون ترتيبهم بناء على المؤشر. وبعد الإجابة عن بعض الأسئلة الأساسية حول مدى جودة سير الأمور في مؤسستهم، طُلِب إليهم أن يفكروا في البيئة المحيطة بهم مباشرة في العمل، ويقيِّموا على مقياس من سبع نقاط مدى شجاعة كل من السلوكيات الـ35. كذلك سُئِلوا عن عدد المرات التي ينخرط فيها الأشخاص في العمل بالفعل في كل سلوك عندما تتاح لهم الفرصة.
باستمرار، أفاد المستجيبون الذين أفادوا عن رؤية السلوكيات بنحو متكرر في العمل بأنهم رأوا أيضا نتائج أفضل في ثلاثة مجالات رئيسة حددها عالم النفس الاجتماعي ريتشارد هاكمان Richard Hackman على أنها ضرورية للفرق الفاعلة: تلبية توقعات الأداء التي يتوقعها أصحاب المصلحة (الأطراف المعنية) أو تجاوزها، وتعزيز تماسك الفريق ونموه، ودعم التعلم والرفاه الفرديَّين.8J.R. Hackman, “Group Influences on Individuals in Organizations,” in “APA Handbook of Industrial and Organizational Psychology,” Vol. 3, eds. M.D. Dunnette and L.M. Hough (Palo Alto, California: Consulting Psychologists Press, 1992): 199-267.
فهمُ المخاطر والفوائد
إن معرفة أي سلوكيات تتطلب شجاعة هي معرفة تنير لنا الطريق. (انظر: أعمال الشجاعة التي تؤدي إلى النمو، الصفحة 68). لكنها بداية فقط. فمن المهم أيضا للمديرين أن يدركوا لماذا تكون هذه السلوكيات شجاعةً، وما الذي يمكن اكتسابه إذا جرى تبنيها. وينطوي ذلك على النظر فيما نسميه أهداف الفعل Targets of action– أولئك الذين يتأثرون في المقام الأول بالسلوكيات– عندما يقول الناس الحقيقة للآخرين وعندما يتحدون شعورهم بذواتهم Sense of self.
قولُ الحقيقة للآخرين Speaking truth to others. لعديد من السلوكيات الشجاعة هدف فعل مهيمن– أي أن شخصاً أو أكثر من المرجَّح أن يغضب من السلوك أو يشعر بالتهديد منه، وقد يكون قادراً على إلحاق عواقب سلبية بالفاعل. مثلاً فإن القصص المتعلقة بالتحدث عن الظلم أو عدم الاحترام تجعل رئيس الشخص القائم بهذا الفعل هدفا للفعل في 89% من الحالات بدراستنا؛ وهي تستهدف الزملاء أو المرؤوسين أو غيرهم من أصحاب المصلحة في 11% فقط من الحالات. وقد يستجيب أهداف الفعل للسلوك الشجاع لشخص ما بطرق تعرض القائم بالفعل لضرر اقتصادي أو مهني أو اجتماعي أو نفسي أو حتى جسدي. لذلك يمكن أن تنطوي السلوكيات التي حددناها على قدر كبير من المخاطرة، على الرغم من أنها- عندما يتبناها الموظفون الأفراد- تفيد الأفراد والمؤسسات.
الأشخاص الذين كانت بلاغاتهم عن سلوكيات في الغالب موجهة ضد الأعلى- مثل تحدي رئيس العمل بشأن الاستراتيجية أو صد السياسات– كانوا أكثر ميلاً إلى الاعتقاد أن أداء مؤسساتهم يتجاوز توقعات أصحاب المصلحة.
مثلاً الأشخاصُ الذين كانت بلاغاتهم عن سلوكيات في الغالب موجهة ضد الأعلى- مثل تحدي رئيسهم بشأن الاستراتيجية، أو مقاومة سياسات الإجراءات- كانوا أكثر ميلاً إلى الاعتقاد أن مؤسساتهم ”تعمل وتنتج بطرق تتجاوز باستمرارٍ توقعات العملاء وأصحاب المصلحة الرئيسين الآخرين“. ويتوافق استنتاج الاستطلاع هذا مع أدلتنا النوعية Qualitative evidence. خذوا، مثلاً، إيلي، وهي مديرة في شركة للأجهزة الطبية، وقد حقق فريقها نتائج ضعيفة في تقييم داخلي للفاعلية Effectiveness والتأثير المؤسسي Organizational impact.9Examples in which last names are not used have been disguised in the interest of privacy. وكان من المقرر أن تُرفع النتائج إلى الإدارة العليا، مع تفسيرات لسبب تقييم عمل الفريق تقييماً سلبياً من قِبل وحدات الأعمال Business units الأخرى. وعندما أصر مديرها على تغيير النتائج لإلقاء الضوء عليها بنحو أفضل، رفضت إيلي. ولم تطعن في أخلاقيات التلاعب بالبيانات فحسب، بل أشارت أيضاً بكل احترام إلى أن الدرجة المنخفضة يمكن استخدامها كقوة محفزة لنمو الفريق وتحسينه إذا تُرِكت من دون تغيير. غضب المدير لكن لحسن الحظ، استُبدِل في نهاية المطاف، في حين بقيت إيلي في موقعها ورأت وحدتها تعمل على تحسين أدائها.
وفي بعض الأحيان يتطلب تحسينُ أداء المؤسسة الاستعدادَ لتحدي القادة بغض النظر عن الرتبة– أي القادة الأعلى بمستويين أو أكثر من الفاعل نفسه. وقد امتدح جون، المشرف على التحول في مصنع لتصنيع الأدوية، رئيسه، الذي ”خاطر من أجلنا“ لتأمين المساحة والموارد التي يحتاج إليها فريقه للاضطلاع بعمله بنحو فاعل. فعلى الرغم من خضوع مساحة الفريق للتوسيع قبل فترة وجيزة، كانت لا تزال ضيقة. وبدلاً من أن يقول رئيس جون لهم أن يكونوا ممتنين لما حصلوا عليه بالفعل، وضع اقتراحاً تفصيلياً آخر وقدمه إلى القادة على عدة مستويات للدفاع عن أولئك الذين شعروا بأنهم بلا صوت على الرغم من أنهم كانوا ”يضطلعون بالعمل الذي يولد المال في الواقع“. وربما ليس من المستغرب أن أحدنا (جيم) وُجِّه إلى دراسة هذا المصنع على وجه التحديد لأن المصنع كان يمتلك سجلاً ممتازاً في السلامة والكفاءة، وكان مناخه للتحدث بصراحة من بين الأفضل في الوحدات المئة في الشركة.
ترتبط السلوكيات الموجهة أفقياً Laterally directed behaviors (مثل مواجهة الزملاء في الفريق حول سلوك غير لائق أو أداء ضعيف) والسلوكيات الموجهة خارجياً Externally directed behaviors (مثل إجراء محادثة صعبة مع عميل) ارتباطاً كبيراً بمعايير هاكمان للفاعلية Hackman’s effectiveness criteria، وبصورة خاصة ما يتعلق بأداء الفريق وتماسكه. مثلاً كان راندي، وهو مدير وحدة أعمال في شركة كندية للنفط والغاز، قد خطط لعقد اجتماع مهم حول الميزانية، ووزع مستندات رئيسة تتعين مراجعتها مسبقاً. وعندما حضر زميل غير مستعد للمناقشة التفصيلية التي يجب أن تحدث، وقال إنه مضطر إلى مشاركة وجهات نظره في وقت ما من الأسبوع المقبل، كان كيل راندي قد طفح من هذا السلوك المتكرر. وقال بصراحة للزميل إنه لا يقدر حضوره الاجتماعات في وقت متأخر وغير مستعد، حتى إن هذا كان علامة على أن هذا الشخص لا يحترم وقت الجميع، وإن مهلة منتصف الأسبوع التالي ستؤخر المشروع أكثر من اللازم. وعلى الرغم من أنه لم يحب مدى انفعاله خلال المواجهة (كما كان متوقعاً، كانت ردة فعل الزميل دفاعياً)، كان راندي فخوراً بأنه دافع عن إجراءات الفريق وأولئك الذين اضطلعوا بمعظم العمل المعرض الآن لخطر.
ولما كانت السلوكيات التي وصفناها حتى الآن من المرجح أن تواجه بعض المقاومة– من الأعلى أو من الزملاء أو من الأطراف المعنية الخارجية– فمن المنطقي أن ينظر إليها الموظفون على أنها محفوفة بالمخاطر، ومن ثم لا يؤدونها بما فيه الكفاية تقريباً، على الرغم من قيمتها المحتملة. لكن حتى عندما يكون المستهدف بالعمل مرؤوساً، فإن محاسبة ذلك الشخص على الخيارات والإجراءات غير المرغوب فيها (التي تُعتبَر بحقٍّ ”مجرد اضطلاع المرء بعمله“ كمدير) أمر نادر الحدوث بسبب الشجاعة التي تتطلبها. فشلت آني، مثلاً، في مواجهة الموظف في مطعمها، الذي كان وقحاً باستمرار وذا أداء ضعيف، لأنه كان ذا تاريخ من العنف كما كان يُشَاع. وتردد جاكوب، وهو شريك جديد في شركة استثمار، في تحدي أعضاء فريقه الجدد– وبعضهم أكبر منه سناً بكثير– عندما قوَّضوا سلطته مع موظفين آخرين وعملاء خارجيين.
وعلى الرغم من صعوبة هذه المحادثات، يضحِّي المديرون الذين يؤخرونها أو يتجنبونها عن غير قصد بالتعلم والنمو المؤسسيَّين. كذلك اتفق المستجيبون الذين قالوا إن المرؤوسين يواجَهون ويحاسَبون على الأعمال غير المحترمة أو المؤذية أو غير المهنية في مؤسساتهم باستمرار على أن ”فريقي/مجموعتي/وحدتي تزداد قوة وقدرة كل يوم“. وهذا منطقي، لأن السلوك السيئ غير المراقب- أياً كان سببه– يقوض معتقدات الآخرين بأن الموظفين سيعامَلون بإنصاف، وأن الجدارة مهمة، وأن العمل بجد أكبر أو الالتزام بجهد جماعي يستحقان العناء.10C.L. Porath and C.M. Pearson, “The Cost of Bad Behavior,” Organizational Dynamics 39, no. 1 (January-March 2010): 64-71.
بينما تكون عديدٌ من السلوكيات الشجاعة محفوفةً بالمخاطر، لأنها يمكن أن تنفِّر الموظفين الذين لديهم قوة اقتصادية أو مؤسسية أو اجتماعية، تنطوي سلوكيات أخرى إلى حد كبير على التوسيع أو تحدي فهم الذات.
تحدي فهم المرء لذاته Challenging one’s sense of self. في حين أن عديداً من السلوكيات الشجاعة محفوفة بالمخاطر، لأنها يمكن أن تُنفر الموظفين الذين لديهم قوة اقتصادية أو مؤسسية أو اجتماعية، تنطوي سلوكيات أخرى إلى حد كبير على التوسيع أو تحدي فهم الذات. وهذه السلوكيات الأخيرة هي الأكثر ارتباطاً بالنمو والتحسين الفرديَّين. مثلاً إن الاضطلاع بمشروع صعب، والخروج من منطقة الراحة Comfort zone الفردية بغرض الابتكار، وإظهار الضعف، واتخاذ موقف مبدئي، كلها عوامل تسهم في التعلم والرفاه الفرديين. قد تسمح، مثلاً، لموظفيك برؤية كيف أثر فيكم شيء مزعج جداً. فمشاركة العواطف بنحو علني ربما لا تنسجم حالياً مع صورتك الذاتية كقائد. لكن ما دمت صادقا وقادرا أيضاً على المضي قدماً بنحو مثمر– كما فعل ديفيد، مدير الموقع، بعد حادث سلامة أدى إلى وفاة موظف في مؤسسته العاملة في التعدين– فإن إلقاء هذه اللمحة على إنسانيتك لن يجعل الموظفين يعتقدون أنك ضعيف. وسيرَون أنك قوي بما فيه الكفاية لتكون حقيقياً لا روبوتاً. وهذا سيزيد من صلتهم بك، ويرعى الثقة والالتزام وتماسك الفريق. ومن المرجح أن يساعدك على أن تكون قائداً أفضل.
ويمكن أن يحدث شيء مماثل إذا فتحت المجال لنقدك أو للإحراج أو الفشل المحتمل بالدفاع عن قضية مثيرة للجدل تؤمن بها. فهذا ما فعله فريد كيلر Fred Keller، مؤسس كاسكيد للهندسة Cascade Engineering في ميشيغان ورئيس مجلس إدارتها الآن، عندما قرر تجربة برامج الانتقال من الرعاية الاجتماعية إلى العمل Welfare-to-work وبرامج توظيف المجرمين Ex-felon employment programs. وواجه مقاومة كبيرة من أصحاب المصلحة، التي شككت في حكمه، لكنه أصر على البرامج. وكما قال كينياتا برام Kenyatta Brame، نائب الرئيس التنفيذي في Cascade، في مقابلة معنا: ”من المهم أن يتحدث شخص ما باسم المجموعات التي ليس لديها مناصرون. ومن المهم أن تعترفوا بعيوبكم السابقة عند إجراء مناقشات حول العنصرية. وبوصف المرء قائد أعمال، ليس عليه أن يفعل أياً من هذه الأشياء… لكن [كيلر] يفعل[ها]“.
هل أدى نمط عمل كيلر الشجاع إلى نتائج جيدة؟ من دون شك. صار برنامج الانتقال من الرعاية الاجتماعية إلى العمل في كاسكيد، مع وضع اختصاصيين اجتماعيين في الموقع، نموذجاً حاز جوائزَ من ولاية ميشيغان وخارجَها. و”العائد الثقافي“ Culture dividend في كاسكيد واضح. ولدى الشركة دوران وظيفي Turnover منخفض جداً، فالمديرون يرفضون فرصاً أعلى أجراً في أماكن أخرى بسبب التزامهم بالمؤسسة وقيادتها. وتُظهر الاستطلاعات الخاصة بمناخها أن مجموعات الموظفين المنفرة تقليدياً، بمن في ذلك السود وغيرُهم من الأقليات، راضية عن تجربتها في كاسكيد. وعندما تحتاج الشركة إلى التوظيف بالفعل، تستفيد من كونها ربَّ عملٍ متميزاً في المنطقة.
تشجيع السلوكيات
كما لاحظنا يتجنب كثير من الموظفين في عديد من الأماكن فرصاً كثيرةً للمشاركة فيما قد نأمل أن يكون سلوكيات نمو روتينية. وهذه السلوكيات صعبة على الجميع– مدير متوسط في صناعة التكنولوجيا، ومدير تنفيذي في شركة استشارية، وعامل إنتاج في شركة تصنيع– ونادراً ما تحدث تأثيرات سلبية قابلة للقياس في الرفاه الفردي والجماعي. ونجد أن درجة الصعوبة أكبر بالنسبة إلى بعض السلوكيات في سياقات معينة: وتُعتبَر سلوكيات ”الصدق مع السلطة“ Truth to power الموجهة نحو الأعلى أكثرَ شجاعة، في المتوسط، في المؤسسات ذات التسلسل الهرمي الأطول، وتُعتبَر السلوكيات الأفقية والموجهة إلى أسفل أكثرَ شجاعة، في المتوسط، في المؤسسات الأكثر تسطحاً. ولكن هذا منطقي، نظراً إلى أن هياكل السلطة الرأسية قد تمنع مثل هذه السلوكيات بالتهديدات ضد المسيرة المهنية أو الرفاه الاقتصادي (مثل عدم الترقية)، في حين أن البيئات الأكثر تسطحاً– حيث من المرجح أن يعرف الموظفون بعضهم بعضاً بنحو أفضل، ولديهم مزيد من ”الشعور العائلي“ Family feeling – قد تُولِّد خوفاً أكبر من التداعيات الاجتماعية Social fallout.
ماذا عن المهنيين والقادة الشباب الجريئين– أولئك الذين نتوقع أن يكون لديهم خوف أقل من السلطة، وأن يكونوا أكثر استعداداً لأن يتصرفوا كما يريدون؟ للأسف، في عيِّنتنا، لم يروا أن مثل هذه السلوكيات أقل خطورة أو أكثر عرضة للحدوث مقارنة بالمستجيبين الأكبر سناً. ويبدو أن الأشخاص الأصغر سناً الذين نعمل معهم بانتظام (طلاب ماجستير إدارة الأعمال) قد استوعبوا بالفعل الخوف من التغيير، ومن ثم بنوا سرداً حول كيفية اضطلاعهم بذلك في غضون عَقدين، بعدما يكتسبون مزيداً من السلطة. نحن لا نقول إنهم مقدر لهم أن يكونوا مثل ”الإمعات“ Yes men المؤسسية في العقود الماضية، أو أنهم ”يستطيعون اتباع مسار قائم لكن ليس لديهم الخيال– أو الشجاعة، أو الحرية الداخلية– لاختراع طريقهم“، كما أكد الأستاذ السابق في جامعة ييل Yale University ويليام ديرسيفيتش William Deresiewicz.11W. Deresiewicz, “Excellent Sheep: The Miseducation of the American Elite and the Way to a Meaningful Life” (New York: Simon & Schuster, 2015). ولكننا نعتقد أنهم يفشلون في فهم القوة المثبطة للتفاعلات الاجتماعية، والالتزامات المتزايدة تجاه الآخرين، والأصفاد الذهبية إذا كانت استراتيجيتهم لكونهم شجعاناً في العمل هي في الأغلب ”سأفعل ذلك في وقت لاحق“.
غير أن مجرد توقُّع أن يتحمَّل الموظفون المخاطرَ ليس وسيلةً فاعلة لحل المشكلة. فإذا كنتَ قائداً– شخصاً يريد إلهام الآخرين والتأثير فيهم بدلاً من مجرد توجيه الأوامر إليهم– فلا يمكن أن تطلب إليهم إظهار مزيد من الشجاعة فحسب. بل عليك أن تشجع هذه السلوكيات بفاعلية، وتجعل عرضها أكثر أماناً. وهنا نقدم إطاراً للتصدي لهذا التحدي في كل مكان.
اقبل المشكلة Accept the problem. أولاً، اعترف بالطرق التي لم تختبرها بما فيه الكفاية بعدُ للحد من مجموعة المخاطر، أو لزيادة قدرة الموظفين على التصرف على الرغم من هذه المخاطر.
يبدو معظم القادة واضحين بشأن بعض المخاطر التي تكبح الموظفين عن العمل، وليس كلها. فقد يفهمون، مثلاً، أن الموظفين قلقون بشأن العواقب المهنية، ومن ثم يركزون على إقناعهم بأنهم لن يُعاقَبوا إذا تحدوا السلطة. ومع ذلك لن يعالج ذلك المخاطر الاجتماعية Social risks التي تلوح في الأفق أيضاً. ففي معظم تاريخ البشرية، لم يكن النبذ من قِبل المحيطين بنا غير سار فحسب؛ بل كان من المهدد للحياة: نبذ المرء وحده للتعامل مع الحيوانات المفترسة العنيفة والظروف البيئية القاسية. وبينما نحن حالياً من غير المرجح أن نموت إذا تجنبَنا زملاؤُنا في العمل، فهذا لا يعني أننا ليست لدينا مخاوف هائلة من ”الموت الاجتماعي“ Social death.12K.D. Williams and L. Zadro, “Ostracism: On Being Ignored, Excluded, and Rejected,” in “Interpersonal Rejection,” ed. M.R. Leary (New York: Oxford University Press, 2001): 21-53. وكما أشار عالم أبحاث في شركة مدرجة في قائمة مجلة فورتشن لأفضل 100 شركة، في مقابلة معنا، من الإنصاف أن تقلقوا من أن التحدث الصريح في العمل قد ينفر زملاءَكم: ”قد تبدون مثل استعراضيين، لا لاعبين في فريق، وبعد ذلك سيعزلكم زملاؤكم“. وسيواجه القادة الذين لا يُقدرون هذا الواقع تقديراً دقيقاً صعوبةً في تعزيز الصدق الذي يريدونه بين الزملاء أو بين المديرين والمرؤوسين.
كذلك يتعين على القادة الذين يرغبون في تشجيع السلوكيات الموجهة نحو النمو أن يدركوا بنحو أكمل أن المُعارضة تُشكل مخاطر نفسية.13D. Putman, “Psychological Courage,” Philosophy, Psychiatry, & Psychology 4, no. 1 (March 1997): 1-11; and D. Putman, “Philosophical Roots of the Concept of Courage,” in “The Psychology of Courage: Modern Research on an Ancient Virtue,” eds. C.L.S. Pury and S.J. Lopez (Lanham, Maryland: American Psychological Association, 2010): 9-22. فلا أحد يريد أن يشعر بالغباء أو بانعدام الكفاءة أو العجز. فتولي مشروعات عالية المرئية High-visibility أو مشروعات صعبة وتتطلب ما هو أكثر من الكفاءة الحالية يفتح الباب أمام إمكانية الإحراج العلني Public embarrassment. وإظهار الضعف بهدف تيسير عمل الآخرين أو رفاههم يهدد بظهور المرء في مظهر الضعيف أو غير الكفؤ. ويمكن لتنفيذ منتَج مبتكر أو عملية طورتموها أن يظهركم كرواد لتجربة فاشلة. بالتأكيد تُعرِّض هذه السلوكيات الموظفين في بعض الأحيان لمخاطر مهنية واجتماعية أيضاً. لكنها تنطوي على مخاطر نفسية Psychological risks في كل مرة.
وهذا هو السبب في أن السلوكيات المتعلقة بالسعي إلى الابتكار تُعتبَر في الأغلب شجاعةً إلى هذه الدرجة. مثلاً في الوقت الذي ربما لن تُصدَم فيه لمعرفة أن المستجيبين يصنفون ”الاستقالة كموقف مبدئي“ و”والتعرض لخطر فعلي لإنقاذ الآخرين“ والسلوكيات الأكثر شجاعة (مع نتائج متوسطة من 5.72 و5.69 نقطة، على مقياس من 7 نقاط، على التوالي)، قد تُفاجَأ لمعرفة أن ”الانخراط في عمل من أعمال ريادة المشروعات“ يحل في ثلث قريب جداً (مع متوسط 5.66 نقطة). حتى تولي مشروعات صعبة واقتراح تغييرات جديدة يُعدَّان من الأعمال الشجاعة إلى حد كبير. فنحن أقسى منتقدينا، وعندما نتجاوز الحدود حقاً فإن هناك فرصة حقيقية لأن نتلقى ضربة مؤقتة على الأقل في شعورنا تجاه ذواتنا. والقادة الذين لا يتعمدون مواجهة التسميات التي يعلقها الموظفون بسهولة على أنفسهم (”أنا غبي“، ”أنا غير كفؤ“، ”أنا فاشل“) سيعانون ضعفاً في تشجيع سلوكيات النمو.
التزِم بالتغيير الحقيقي بنمذجة السلوكيات ودعمها Commit to real change by modeling and supporting the behaviors. بعد التسلح بفهم أفضل لما يعيق الموظفين، فإن خطوتك التالية هي إجراء تغييرات حقيقية. وهذا ينطوي عادة على تغيير سلوكك الخاص والظروف التي يعمل فيها موظفوك.
وفي بحثنا رأينا النمط التالي يجري في عديد من المؤسسات:
1. تشير بيانات استطلاعات الموظفين الواسعة النطاق إلى ندرة سلوكيات النمو الشجاعة.
2. يُشكَّل فريق عمل، عادة، من دون مشاركة جادة من قِبل الموظفين الذين هم في القمة.
3. يقدِّم فريق العمل مجموعة من التوصيات الآمنة والمتواضعة نسبياً التي لن تُنفَّذ في الغالب أو، إذا نُفِّذت، لن تكون كافية لتغيير السلوك حقاً.
عندما تحاول حل مشكلة تلقي بمثل هذه التحديات كهذه المشكلة– نحن نتحدث عن مساعدة الموظفين على تطوير الحافز والمهارات للتغلب على المخاوف العميقة والحسابات العقلانية للمصلحة الذاتية– فإن نهجاً روتينياً لن ينجز ذلك ببساطة.
يجب على القادة الملتزمين بتشجيع السلوكيات الشجاعة تغييرُ القصص التي يرويها الموظفون والمعتقدات التي يستوعبونها حول الأمور المُقدَّرة حقاً في المؤسسة، وليس فقط ما يجري تبنيه.
ويجب على القادة الملتزمين بمعالجة هذه العقبات في وحدتهم أو مؤسستهم تسخير استثمارات كبيرة وإجراء تغييرات ذات مغزى في النظام والسياسات. ولكن عملهم لا ينتهي هناك. يجب عليهم أيضاً تغييرُ القصص التي يرويها الموظفون والمعتقدات التي يستوعبونها حول ما هو مقدَّر حقاً في المؤسسة، وليس فقط ما يجري تبنيه. كيف يمكنكَ أن تفعل ذلك كقائد؟ تبدأ بنمذجة السلوك الذي تريد رؤيته ودعمه.
نقترح بناء ”سُلَّمين للشجاعة“ Courage ladders. واحد هو سُلمكم الشخصي الذي تضعون عليه سلسلة من الإجراءات التي تتراوح بين شاقةٍ إلى حد ما لكن قابلة للتنفيذ على الفور (على الدرجة السفلى) ومتحديةٍ جداً (على الدرجة العليا). وإذا كنتَ الرئيس التنفيذي، فقد يتراوح سُلمك، مثلاً، بين ”التوقفِ عن تأخير الإجراء في حق رئيس القسم الذي أعرف أنه لا يعمل“، و”اعتمادِ استراتيجية تخاطر بالمبيعات الحالية لتعزيز خط عمل موجه نحو المستقبل“. وقد يكون لدى رائد أعمال سُلمٌ ينتقل من ”إجراء محادثة صادقة مع شريكي المؤسِّس حول التوتر الشخصي الذي يتراكم بيننا“ إلى ”رفض التمويل الذي تشتد الحاجة إليه من مستثمر أعرف أنه لا يشاركني قيمي“.
والسُلم الآخر الذي يجب أن تبنيه هو سلم مشترك. اقضِ بعض الوقت في الحصول على ملاحظات صادقة حول السلوكيات المهمة التي يخشى موظفوك حالياً جداً الاضطلاع بها بنحو روتيني لكن التي يعرفون أنها حاسمة للنمو والرفاه الخاصين بالأفراد والمؤسسة. بعد ذلك بادر بقيادة عملية تتفقون فيها بنحو جماعي على السلوكيات التي ستضعونها على سلم مجموعتكم أو سلمكم المؤسسي، وبأي ترتيب. وإذا لم تكن متأكداً من أنك تتمتع بالفعل بمستوى الثقة اللازم لهذه العملية، كلِّف شخصاً آخر بقيادة العملية.
ومع تطوير سُلَّمَيك الشخصي والجماعي، حان الوقت لتقديم بعض الالتزامات الواضحة. حتى الآن كان كل شيء ممارسة نظرية– دراسة ما ينبغي الاضطلاع به أو سيكون من الجميل أن نراه يحدث. والآن الأمر متروك لك لتُظهر للموظفين أن الأمور ستكون مختلفة في الواقع. وإحدى الطرق لتحقيق ذلك هي إعلان أهدافك. أَخبر الناس من حولك بما ستلتزم به في الأسابيع والأشهر المقبلة. وأخبر كل فرد في وحدتكم أو مؤسستكم عن الإجراءات التي ستدعمها وتثمِّنها وتكافئها. فالبيانات العامة لا تُلهم الآخرين أو تحفزهم فحسب؛ بل هي أيضاً تجبرنا على التصرف، لأننا الآن أمام خطر الإحراج إذا لم نمضِ قُدُماً.
اخطُ خطواتٍ ملموسةً Take concrete steps. الآن ارتقِ سُلم الشجاعة الخاص بك خطوة بخطوة. نقترح البدء بالسلوك الأقل صعوبة لسببين. أولاً، عندما يفكر الناس في معالجة أصعب إجراء في قائمتهم، من المرجح ألا يفعلوا ذلك. وتذكَّرْ أنه في أعلى القائمة لسبب ما، سواء لم تتوافر لك حتى الآن المهارات اللازمة للاضطلاع به، أو أنك فقط غير مستعد نفسياً. ثانياً، يزيد البدء بالفعل الأكثر سهولة من احتمالات نجاحه بنحو جيد إلى حد معقول، ومن ثم يزيد من دافعك لمواصلة التعلم ومواصلة الارتقاء. فآخر شيء تريده هو السقوط من فوق السُلم بالانتقال إلى الأعلى بسرعة كبيرة جداً، ومن ثم ترسيخ خوفك من أن ”الفعل الشجاع“ Courageous action هو مجرد مرادف لـ”الخيار الغبي“ Stupid choice. وبوصفك مديراً اتخِذ النهج المدروس نفسه في السلم الجماعي لمجموعتك. واستخدم الاجتماعات الفردية واجتماعات المجموعات الصغيرة لسؤال الموظفين عن كيفية بدء العمل على الإجراءات ذات الدرجة الأدنى، واستخلص ما فعلوه وامتدحْهُ، ودربهم على اتخاذ خطوتهم الملموسة التالية.
سواء كان هدفك هو تعزيزَ عمل أكثر شجاعة من قِبل الآخرين أو تقليلَ مخاطر عديد من الفرص اليومية للتعلم والنمو في مؤسستكم، يجب أن تبدأ التغييرات بك أنت. ولن يكون الأمر سهلاً، لأننا جميعاً نخشى مزيجاً من العواقب المهنية والاجتماعية والنفسية عندما نتحدى المعايير أو نجرب سلوكيات جديدة. ولا أحد يريد أن يبدو أحمقَ، أو مكروهاً، أو وصفه بوصف سلبي بسبب التغيير. والمديرون، إذا كانوا صادقين، لا يحبون أن يكونوا هدف التغيير أو أن يُقَال لهم إن لديهم عيوباً. ولكن لا يريد أيٌّ منا أن ينظر فيما بعد في عمله ومسيرته المهنية متأسفاً على ما تركه غيرَ منجَزٍ، وهو ما قد يفوق كثيراً من الخير الذي فعلناه.
إن الوقوف والتحدث بصراحة مهم– لذواتنا، وفِرَقنا، ومؤسساتنا. فما نكون عليه، وما نحقِّقه، والإرث الذي نتركه يعتمد على ذلك.
المراجع
↑1 | J. Carreyrou, “Theranos Whistleblower Shook the Company — and His Family,” The Wall Street Journal, Nov. 18, 2016, www.wsj.com; and T. Higgins and N. Summers, “GM Recalls: How General Motors Silenced a Whistleblower,” Bloomberg Businessweek, June 19, 2014, www.bloomberg.com. |
---|---|
↑2 | E.A. Bruno and J.R. Detert, “The Workplace Courage Acts Index (WCAI): Observations and Impact,” Academy of Management Proceedings 2019, no. 1 (August 2019). See also J.R. Detert, “Choosing Courage: The Everyday Guide to Being Brave at Work” (Boston: Harvard Business Review Press, 2021). |
↑3 | See, for example, E.W. Morrison, “Employee Voice Behavior: Integration and Directions for Future Research,” The Academy of Management Annals 5, no. 1 (June 2011): 373-412; A.C. Edmondson, “Psychological Safety and Learning Behavior in Work Teams,” AdministrativeScience Quarterly 44, no. 2 (June 1999): 350-383; and E.W. Morrison and F.J. Milliken, “Organizational Silence: A Barrier to Change and Development in a Pluralistic World,” Academy of Management Review 25, no. 4 (October 2000): 706-725. |
↑4 | A.C. Edmondson, “Speaking Up in the Operating Room: How Team Leaders Promote Learning in Interdisciplinary Action Teams,” Journal of Management Studies 40, no. 6 (September 2003): 1419-1452. |
↑5 | L. Dragoni, P.E. Tesluk, J.E.A. Russell, et al., “Understanding Managerial Development: Integrating Developmental Assignments, Learning Orientation, and Access to Developmental Opportunities in Predicting Managerial Competencies,” Academy of Management Journal 52, no. 4 (August 2009): 731-743. |
↑6 | G. Scarre, “On Courage” (New York: Routledge, 2010). |
↑7 | To see where you and your organization fall in our index, you can take a survey at www.workplacecai.com. When finished, you will get a free report showing how your results compare with others’ responses. |
↑8 | J.R. Hackman, “Group Influences on Individuals in Organizations,” in “APA Handbook of Industrial and Organizational Psychology,” Vol. 3, eds. M.D. Dunnette and L.M. Hough (Palo Alto, California: Consulting Psychologists Press, 1992): 199-267. |
↑9 | Examples in which last names are not used have been disguised in the interest of privacy. |
↑10 | C.L. Porath and C.M. Pearson, “The Cost of Bad Behavior,” Organizational Dynamics 39, no. 1 (January-March 2010): 64-71. |
↑11 | W. Deresiewicz, “Excellent Sheep: The Miseducation of the American Elite and the Way to a Meaningful Life” (New York: Simon & Schuster, 2015). |
↑12 | K.D. Williams and L. Zadro, “Ostracism: On Being Ignored, Excluded, and Rejected,” in “Interpersonal Rejection,” ed. M.R. Leary (New York: Oxford University Press, 2001): 21-53. |
↑13 | D. Putman, “Psychological Courage,” Philosophy, Psychiatry, & Psychology 4, no. 1 (March 1997): 1-11; and D. Putman, “Philosophical Roots of the Concept of Courage,” in “The Psychology of Courage: Modern Research on an Ancient Virtue,” eds. C.L.S. Pury and S.J. Lopez (Lanham, Maryland: American Psychological Association, 2010): 9-22. |