أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
ابتكاراستراتيجيات

حول المُثل والابتكار

سيخبركم أي كاتب رياضي بأن المنافسات الكبرى تشكل موضوعاً جيداً. لكنكم تحتاجون أيضاً إلى موضوع جيد لإثارة منافسة كبرى. وفقط عندما نُسقِط مُثلنا ومخاوفنا على الخصوم، فنصورهم كأبطال أو أشرار، نهتم حقاً بمن يفوز باللعبة.

المنافسة بين الولايات المتحدة والصين من أجل الهيمنة الاقتصادية تحظى بالاهتمام بسبب أهميتها الهائلة بالنسبة إلى اقتصادنا، لكنها تحمل أيضاً سرداً مقنعاً: فكل دولة هي حامل لواء عالمي لمجموعة متميزة من المثل العليا. في هذا العدد، ينظر المؤرخ الاقتصادي كارل بينيديكت فري إلى المنافسة من خلال عدسة الثقافة ويناقش كيف أثرت في المزايا التفاضلية Comparative advantage للبلدين. وبينما لا يتعرض للإيديولوجيات المتناحرة، إلا أنني أعتقد بأن “فكرة عن أمريكا” تحدّد توجهات المقالة– فكرة كانت تحت الحصار منذ وقت طويل قبل 6 يناير، عندما هجم الغوغاء على مبنى البرلمان الأمريكي سعياً لتحقيق ما فشلوا عن تحقيقه في صندوق الاقتراع بالقوّة الغاشمة.

ويؤكد فري أن الثقافة الجمعية Collectivist culture في الصين تمنحها ميزة في الإنتاج الضخم Mass production، لكنه يُثني على النزعة الفردية Individualistic للولايات المتحدة – وخصائصها المرتبطة بها، مثل الانفتاح على الغرباء، والاستعداد لتحدي المعتقدات التقليدية، ومجموعة عمال يسهل تنقلهم Mobility – من خلال توجيه الابتكار والنمو. لكنني أود أن أزعم أن هذه السمات لا تستند إلى الفردية فحسب، بل وأيضاً إلى الصيغة المتفائلة التي أُسس عليها الحلم الأمريكي الذي بات الآن محطماً – وغير متساوي التوزيع – ومفاده بأن وفرتنا تكافئ كل من ينزل على شواطئنا راغباً في العمل، وأن الأفكار الجديدة تدفعنا إلى التقدم بدلاً من أن تهددنا، وأن فرصة أخرى متاحة دوماً إذا بحثنا عنها.

رأينا القليل من هذه المثالية في يناير. فقد شهدنا بدلاً من ذلك حشداً غاضباً تجمع ليخدم كذبة مُضحكة، يمثل أمة خائفة يكتنز البعض الوفرة والفرصة. كما يتزايد يُصد التفكير العقلاني بالمنطق الدائري لنظريات المؤامرة. وعلى الرغم من أن العداء المصاحب الموجه إلى العلم قد تضرب جذوره في ردود الأفعال العنيفة ضد النخبة، إلا أنه يرفض أيضاً المثل العليا للتنوير التي أسس عليها هذا البلد. فنحن كيان سياسي في أزمة إبستمية (معرفية) لدرجة لا نستطيع معها حتى أن نتفق على ما نعرف أنه صحيح بدعم من الأدلة الفعلية.

وإذا نظرنا إلى الديناميكيات المتغيرة للقوى العالمية العظمى من منظور بعيد المدى، نرى الصين منافساً لنا في الوقت الحالي. لكن إذا قوضنا الظروف التي غذّت الابتكار والنمو، فسنرى خصمنا الأعظم عندما ننظر في المرآة. وإذا تخلينا عن المثل العليا التي رحبت بأجيال من ألمع المفكرين واجذبتهم، نجازف بخسارة اللعبة بتسجيل هدف في مرمانا.

إليزابيث هيشلر//eheichler@

إليزابيث هيشلر//eheichler@

المحرر التنفيذي إم آي تي سلون مانجمنت ريفيو
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى