أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
بحثعلم النفس

هل يشعر أعضاء فريقكم بالوِحْدَة؟

على الرغم من انتشار التعاون المستند إلى الفرق في مكان العمل، يشعر الكثير من الموظفين بالعزلة في العمل.

على الرغم من أن الوحدة كثيراً ما يُنظَر إليها باعتبارها مسألة شخصية، إلا أنها أيضاً مسألة مؤسسية. وقد يؤدي عدم وجود رابط اجتماعي، سواء مع الأصدقاء أم أفراد العائلة أم زملاء العمل، إلى عواقب وخيمة. فهي لا ترتبط بالمشكلات الصحية فحسب،1E. Carson, “How Loneliness Could Be Changing Your Brain and Body,” CNET, June 15, 2020, www.cnet.com; J. Holt-Lunstad, T.B. Smith, and J.B. Layton, “Social Relationships and Mortality Risk: A Meta-analytic Review,” PLoS Medicine 7, no. 7; V. Murthy, “Work and the Loneliness Epidemic,” Harvard Business Review, The Big Idea (September 2017): 3-7; and S. Cacioppo, A.J. Grippo,  S. London, et al., “Loneliness: Clinical Import and Interventions,” Perspectives on Psychological Science 10, no. 2 (March 2015): 238-249. بل ترتبط أيضاً بمشكلات مثل أمراض القلب، والخرف، والسرطان، بل أيضاً بأداء ضعيف في العمل، وتقلص الإبداع، واتخاذ قرار غير صائبة.2H. Ozcelik and S.G. Barsade, “No Employee an Island: Workplace Loneliness and Job Performance,” Academy of Management Journal 61, no. 6 (December 2018): 2343-2366. وببساطة شديدة، الموظفون الذين يشعرون بالوحدة لا يمكنهم العمل كأفضل ما يكون، وهذا يعني أن الفرق المؤلفة كم أعضاء يشعرون بالوحدة لا تعمل عند مستويات الذروة أيضاً.

قد تعتقدون أن العمل في فريق ما سيجنب الفرد الشعور بالوحدة وذلك بسبب بالانتماء إلى المجتمع ومشاعر الزمالة. ولكن في بحثنا وجدنا أن تكوين الفرق ومدتها وموظفيها كلها عوامل من الممكن أن تؤدي إلى تفاقم مشاعر انقطاع الرابط الاجتماعي في مكان العمل. لذلك، نحذر المديرين من النظر إلى الوحدة باعتبارها مشكلة نظامية Systemic وبنيوية Structural قد تتطلب نهجاً جديداً في العمل الجماعي.

يشعر أعضاء الفريق بالعزلة

لاستكشاف العلاقة بين الطريقة التي تُصمَّم بها الفرق والوحدة، أجرينا دراستين بحثيتين ضمتا ما يقرب من 500 مسؤول تنفيذي عالمي ومقابلات غير رسمية Informal interviews مع العديد من المديرين الآخرين من خلال عملنا التعليمي والاستشاري التنفيذي. ففي أول دراسة مسح أجريت على 223 مديراً تنفيذياً في ديسمبر 2019 ويناير 2020، وجدنا أنه حتى قبل التحول الكبير إلى العمل من المنزل والتباعد الاجتماعي الذي جلبته جائحة كوفيد-19، كان الموظفون يكافحون مشاعر العزلة الاجتماعية في العمل. مثلاً، أفاد 76% منهم بأنهم يواجهون صعوبة في بناء روابط مع زملائهم في العمل بالفريق، ووافق 58% منهم على عبارة “علاقاتي الاجتماعية في العمل سطحية”. إلا أن هؤلاء المسؤولين التنفيذيين كانوا يُديرون في المتوسط ثلاثة فرق في ذلك الوقت. وعند دراسة سمات هذه الفرق، رأينا أن جوانب مثل: انخفاض استقرار العضوية وعدم وضوح الدور كانت مرتبطة ارتباطا كبيرا بزيادة التعبير عن الشعور بالوحدة بين المستجيبين.

وازدادت مشكلة الشعور بالوحدة إذ غذتها الجائحة. وعندما جمعنا عينات من مجموعة مختلفة من 275 مسؤولاً تنفيذياً عالمياً تقريباً في أبريل 2020، وجدنا مرة أخرى الانتشار القوي للعمل الجماعي: وكان 72% منهم يعملون في فريقين أو أكثر في ذلك الوقت، وكان ما يقرب من 20% منهم يعملون في خمسة فرق أو أكثر.3M. Mortensen and C.N. Hadley,  “Life Under  COVID-19 Survey Results Report,” May 12, 2020, www.covidcoping.org. كذلك عبّر المستجيبون عن شعور بالوحدة والعزلة. وكان معظمهم يواصلون العمل مع زملائهم في الفريق عن بُعد. ولاحظ أحد المشاركين أن التحدي الأكبر كان يتلخص في محاولة ”بناء روابط عند المستوى الشخصي مع زملاء العمل“. ولا شك في أن العمل عن بُعد بدلاً من العمل الفعلي من الممكن في حد ذاته أن يقوض الروابط الاجتماعية.4K. Vasel, “The Dark Side of Working From Home: Loneliness,” CNN Business, April 30, 2020, www.cnn.com. See also J. Mulki, F. Bardhi, F. Lassk, et al., “Set Up Remote Workers to Thrive,” MIT Sloan Management Review 51, no. 1 (fall 2009): 63-69. ولكن هذا ليس القصة بالكامل، لذلك لن يُصلح استئناف العمل في المكاتب مشكلة الشعور بالوحدة. ويشكل تصميم الفريق الحديث عاملاً أساسياً لابد من التعامل معه. فلننظر إلى الكيفية التي تغير بها هذا الوضع في الأعوام الأخيرة وما هي الجوانب السلبية في هذا الأمر.

تكاليف تصميم الفرق الحديثة

تحقق الفرق العالية الأداء ثلاثة أنواع متميزة من النجاح: منتجات عمل ممتازة، ونمو الأعضاء وتطورهم، وديناميكيات إيجابية داخل الفرق. ولا يزال هذا النموذج من فاعلية الفرق، الذي وضعه عالم النفس في جامعة هارفارد Harvard University ريتشارد هاكمان Richard Hackman وآخرون قبل أكثر من 30 سنة، يُعتبَر المعيار الذهبي.5J.R. Hackman, “Leading Teams: Setting the Stage for Great Performances” (Boston: Harvard Business Press, 2002).  ومع ذلك، فقد بُنِي على دراسات للفرق عند تعريفها عادة من خلال عضوية ثابتة (بدوام كامل عادة)، وأدوار واضحة، ورسالة مشتركة، وعمل يعتمد على بعضه البعض، ونشاط مستمر، وحجم يمكن التحكم فيه.

الوحدة

ومنذ ذلك الحين، تغيرت بيئة الفرق.6R. Wageman, H. Gardner, and M. Mortensen, “The Changing Ecology of Teams: New Directions for Teams Research,” Journal of Organizational Behavior 33, no. 3 (April 2012): 301-315. فمع ازدياد عالمية الشركات، وتوزعها، وعملها على مدار الساعة، يُطلَب إلى الفرق أن تزداد نطاقاً، وأن تكون أكثر ديناميكية ومرونة، وأن تعمل بفاعلية أكبر من حيث التكلفة.

ونتيجة لذلك، ظهرت أربع سمات للفرق المعاصرة:

التركيب السلس Fluid composition. مع سعي الفرق إلى الحد من العبء وزيادة المرونة Flexibility، صُمِّم العديد منها لكي تضم مجموعة سلسة من الأعضاء الذين يدخلون إلى الفريق ويخرجون منه عندما يحتاج المشروع إلى ذلك. والإشارة الدالة على الفريق المرن هي عندما يجيب كل عضو إجابة مختلفة حول من هم الأشخاص الموجودون في الفريق7M. Mortensen, “Constructing the Team: The Antecedents and Effects of Membership Model Divergence,” Organization Science 25, no. 3 (May-June 2014): 909-931. أو عندما تتغير الإجابات على مدار حياة الفريق، وهذا شيء شاهدناه في بحثنا عندما حاولنا أن نضبط من سيشارك في الدراسة.

الأدوار المُنمَّطة Modularized roles. مع سعي الفرق إلى اكتساب قدر أعظم من الكفاءة وقابلية التطوير، تُنمَّط الأدوار في بعض الأحيان إلى مكونات أو مهارات منفصلة مطلوبة (”شخص يتمتع بالبراعة في التعامل مع نظام الفواتير الجديد“، مثلاً، أو ”ممثل عن إدارة المبيعات“). وهذا يسمح بمشاركة الوظائف، فضلاً عن إمكانية العمل المستمر على مدار الساعة إذا كان في مقدور أفراد في مناطق زمنية مختلفة أداء الدور نفسه على أساس دوري.

الالتزام بدوام جزئي Part-time commitment. في محاولة للاستفادة أكثر من كل موظف، تقوم العديد من المؤسسات بملء فرقها بأعضاء بدوام جزئي يعملون في الوقت نفسه في أكثر من فريق واحد. وهذا يعني أن الأعضاء، في أي فريق معين، ملتزمون بشكل جزئي فقط من حيث وقتهم وجهدهم. كذلك يعني أن الأعضاء يوفِّقون باستمرار بين المطالب والجداول الزمنية المتنافسة للفرق الأخرى.

المدة القصيرة Short duration. من المتوقع أن تتشكل فرق كثيرة وتُحَل في غضون فترات قصيرة، مثل بضعة أسابيع، لكي تستجيب بسرعة للتغيرات التي تطرأ على السوق. وينطبق هذا بصورة خاصة على الفرق الرشيقة Agile teams، لكن الفرق الأخرى قد تستمر أيضاً لفترة وجيزة فقط، مثل تلك المرتبطة بتطوير الأعمال أو مشروعات تتعلق باستراتيجية السوق.8N. Scheiber, “The Pop-Up Employer: Build a Team, Do the Job, Say Goodbye,” The New York Times, July 12, 2017.

وتؤدي ميزات الفريق هذه في الأغلب، كما هو مقصود، إلى جعل المؤسسات أسرع وأكثر مرونة وكفاءة. لذلك، تجد المؤسسات أن زيادة الناتج Output وتحسينه أسهل، وهو المعيار الأول لفاعلية الفريق. وفضلاً عن ذلك قد يتمتع الموظفون بقدر أكبر من الاستقلال، ومزيد من المرونة، ومزيد من الاطلاع على مجموعة متنوعة من المشروعات والزملاء بسبب ترتيبات فريقهم. وقد يستفيد هؤلاء الذين يفعلون ذلك بالنمو والتطوّر، وهو المعيار الثاني لفاعلية الفريق.

لكن ماذا عن المعيار الثالث، أي الديناميكيات الإيجابية داخل الفرق؟ من الممكن أن تساعد ديناميكيات كهذه على تماسك الفريق، على الرغم من المطالب التي قد تجلبها مهام العمل التعاونية والبيئات التي تتسم بالضغط العالي.9M. Haas and M. Mortensen, “The Secrets of Great Teamwork,” Harvard Business Review 94, no. 6 (June 2016): 70-76.  والأشخاص الذين يشعرون بروابط إيجابية ببعضهم البعض هم أكثر عرضة للالتصاق ببعضهم البعض خلال الشدائد وتوفير نوع الدعم الذي يقلل من الإرهاق والدوران الوظيفي Turnover.10C.N. Hadley, “Emotional Roulette? Symmetrical and Asymmetrical Emotion Regulation Outcomes From Coworker Interactions About Positive and Negative Work Events,” Human Relations 67, no. 9 (September 2014): 1073-1094. وإضافة إلى ذلك، يمكن أن يتحسن الإبداع ونقل المعرفة عندما يكون لدى الفرق فرصة للترابط مع بعضهم وبناء الثقة فيما بينهم.11A.C. Edmondson, “The Fearless Organization: Creating Psychological Safety in the Workplace for Learning, Innovation, and Growth” (Hoboken, New Jersey: John Wiley & Sons, 2018).

لكن من المؤسف أن السمات الأربع للعمل الجماعي الحديث من غير المرجح أن تعمل لتوليد هذه الديناميكيات الإيجابية. فهي تميل إلى رعاية العلاقات الضحلة الضيقة العابرة بدلاً من الروابط الإنسانية الحقيقية. إن خلق ديناميكيات إيجابية داخل الفريق يتطلب الوقت والجهد — وهذان موردان قليلان عندما تُشكَّل الفرق وتُحَل بسرعة، ويدخل إليها الأعضاء ويخرجون منها. (انظر: أربع طرق تعزز بها الفرق الشعور بالوحدة).

ومن بين المسائل التي قد تؤدي إلى تفاقم الوحدة التناقض بين ما يعتقد الموظفون أن عليهم أن يشعروا به (الصداقات والروابط)، ولاسيما إذا كانوا يشاركون في العديد من الفرق، وبين ما يشعرون به حقاً. وفي كثير من الأحيان يتصور الأفراد الذين يشعرون بالوحدة أن الأمر يقتصر ”عليهم وحدهم“ – وأن تجربتهم ترجع إلى سمات شخصيتهم وليس إلى وضعهم.12Vasel, “The Dark Side.” This tendency is also seen in social media, where depression and self-blame can occur when connections to others are high but fulfilling relationships are not. A. Walton, “6 Ways Social Media Affects Our Mental Health,” Forbes, June 30, 2017, www.forbes.com. لكن ذلك لا يقتصر عليهم؛ إنها تجربة شائعة. وعلى هذا، فإن الإجابة عن الشعور بالوحدة في مكان العمل ليست بوضع الموظفين في مزيد من الفرق، وهو ما من شأنه أن يزيد من صعوبة الانتقال إلى ما هو أبعد من الروابط الضحلة، بل تغيير كيفية تشكيل الفرق.

ما الذي يمكن للمديرين فعله في شأن الشعور بالوحدة

لا يُنظَّم كل فريق أو مؤسسة بطريقة تقوض الروابط الاجتماعية. وإضافة إلى ذلك، لن يشعر كل موظف يعمل في فريق ما من الفرق، حتى تلك التي تتمتع بكل من سمات التصميم الأربع السائدة اليوم، ما يطلق عليه علماء النفس ”النقص العلائقي“ Relational deficiency.13S. Wright and A. Silard, “Unravelling the Antecedents of Loneliness in the Workplace,” Human Relations
OnlineFirst, Feb. 21, 2020, https://journals.sagepub.com.
 وتختلف الاحتياجات الخاصة للأفراد من حيث الروابط الشخصية في العمل استناداً إلى عوامل مثل: الشخصية، والخلفية الثقافية، والمرحلة العمرية. ولكن نظراً لانتشار مشكلة شعور الموظفين بالوحدة على نطاق واسع، فمن المحتم على المديرين أن يدركوا الدوافع البنيوية للعزلة حيثما وُجِدت وأن يعالجوها.

وهنا نقدم بعض الاقتراحات لمعالجة هذه المسائل.

ابدأ بقياس المشكلة Start measuring the problem. نظراً لبروز مؤشرات أداء الفريق القابلة للقياس الكمي مثل السرعة والإنتاجية والكفاءة في التكاليف، فمن السهل أن نتغاضى عن المؤشرات الأكثر صعوبة في التقييم مثل ما إذا كان أعضاء الفريق متكاملين في شكل جيد وداعمين لبعضهم البعض. ونحن جميعاً نعرف القول المأثور ”إن لم يكن في وسعك أن تقيسه فلا يمكنك أن تديره“ If you can’t measure it, you can’t manage it. وعلى هذا، فإن إحدى الطرق التي قد يتمكن بها المديرون من مكافحة الشعور بالوحدة في مؤسساتهم هي البدء بمقارنتها معيارياً ومتابعة وجودها متابعة أكثر منهجية.

وتقدم الدراسات البحثية بعض أدوات المسح البسيطة التي قد تساعد في هذا المجال،14See, for example, G.W. Marshall, C.E. Michaels, and J.P. Mulki, “Workplace Isolation: Exploring the Construct and Its Measurement,” Psychology & Marketing 24, no. 3 (March 2007): 195-223; and D.W. Russell, “UCLA Loneliness Scale (Version 3): Reliability, Validity, and Factor Structure,” Journal of Personality Assessment 66, no. 1 (1996): 20-40. لكن يتعين على المديرين أيضاً أن يتحدثوا إلى موظفيهم من أجل تطوير ”أجهزة استشعار“ خاصة بهم فيما يتصل بنوعية الروابط ودرجة الوحدة بين فرقهم. وهذا النوع من الجهود الاستباقية يشكل أهمية خاصة في سياقات العمل الجماعي عن بعد، وذلك لأن “مستوى التعاطف والرعاية يكون له سقف معين حين يكون كل ما لديكم عبارة عن وجوه على الشاشة”، كما علق أحد المديرين الذين تحدثنا إليهم. وبمجرد أن يبدأ المديرون بتقييم المعدلات الأساسية للوحدة في مؤسساتهم، يمكنهم معالجة أي نتائج مثيرة للقلق يعثرون عليها أثناء التقييم.

حدِّد الفرق الأساسية وراعها Identify and nurture core teams. من بين التدخلات المحتملة إنشاء فِرَق أساسية (أو ”فِرق المقر“ Home base teams)، ولاسيما بالنسبة إلى الموظفين الذين يتوقون إلى روابط أعمق بزملائهم. ومن الممكن تعريف الفريق الأساسي بعوامل بنيوية، مثل الأماكن التي يقضي فيها الموظفون أغلب أوقاتهم، أو بعوامل اجتماعية، مثل الانتماءات والمصالح المشتركة. وفي أبحاث سابقة، وجدنا أن المشاركين ارتبطوا بفرق أساسية ذات فوائد نفسية واجتماعية مهمة. ووصف أحد المشاركين فريقه الأساسي بأنه فريق يتشابه فيه الأعضاء من حيث الخلفية وأخلاقيات العمل. ووصف آخرون فريقهم بأنه ”مجتمعهم الصغير الأصيل“ ومجموعة من ”زملائي المفضلين“.15J. Wimmer, J. Backmann, M. Hoegl, et al., “Spread Thin? The Cognitive Demands of Multiple Team Membership in Daily Work Life,” LMU-ILO working paper, Munich, Germany, 2017.

ولكي يتمكن فريق أساسي من إثارة مثل هذه الدلالات الإيجابية، لا بد من أن يتضمن عناصر التصميم المؤيدة لعلاقة مثل الهوية المشتركة، والمدة الأطول، والمهمة المشتركة. وفي هذا النوع من البيئة، من المرجح أن تنمو علاقات أكثر إثراء. ومن أجل حماية الفرق الأساسية وتعزيزها، يتعين على المؤسسة أن تعمل لمواءمة أنظمة الموارد البشرية ومهام سير العمل وفق ذلك. مثلاً، يمكن كتابة التوصيف الوظيفي لتمكين الموظفين من تخصيص 50% أو نسبة مئوية أخرى كبيرة من وقتهم لفريق أساسي واحد. ويمكن أيضاً، عند الاقتضاء، تصميم مشروعات لدعم وضع قائمة مستقرة بفرق ذات أدوار محددة جيداً وأفق زمني يدوم أشهراً أو سنوات بدلاً من أسابيع.

الوحدة

أشرك قادة الفريق في مكافحة الشعور بالوحدة Engage team leaders in combating loneliness. فنظراً لطبيعة الوحدة وتعقيد الحياة المؤسسية، لا يمكننا أن نتوقع من الموظفين الأفراد أن ”يعالجوا“ شعورهم بالوحدة بأنفسهم – حتى ولو كانت عملية المراقبة موجودة بالفعل وكانت الفرق الأساسية متاحة. ولحل مسألة نظامية مثل الوحدة في مكان العمل، يتطلب الأمر استجابة شاملة. وهذا يعني ضرورة مطالبة القادة والمديرين الذين يتحكمون في تصاميم الفرق ومواقعها بتحمل مزيد من المسؤولية عن رفاه الموظفين والترابط الاجتماعي. ويجب ألا يكون هذا مرهقاً أو ثقيلاً – فقد يكون الأمر بسيطاً مثل التحقق الدوري مع الفريق حول شعور الأعضاء. ولكنه يتعين على قادة الفرق أن يتحلوا بالصدق والصبر في جهودهم الرامية
إلى حمل الموظفين على الانفتاح، وذلك لأن الشعور بالوحدة ليس بالأمر الذي يرغب الموظفون عادة في مناقشته. ومن بين الطرق الجيدة لإزالة أي وصمة عار متصورة أن نجعل عمليات التحقق هذه جزءاً طبيعياً من عمليات الفريق.

ومن الأهمية بمكان أيضاً أن ندرك أن سلطة قادة الفرق والقدرة على الوصول إلى المعلومات تمكنهم من معالجة بعض المسائل التي تنشأ بين الفرق المختلفة. ولنأخذ، مثلاً، الموقف المشترك حيث يؤدي التصدي لحل المشكلات في فريق واحد باستمرار إلى سحب أعضاء مشتركين من المشروعات الخاصة بفرق أخرى، الأمر الذي يعوق قدرتهم على تشكيل الروابط الضرورية. ولا ينبغي لمديري الفرق أن يتحملوا المسؤولية عن فرق أخرى غير فريقهم، لكن يتعين عليهم أن يتحملوا المسؤولية المشتركة عن الرفاه الاجتماعي للموظفين. ويشمل هذا الانفتاح على المناقشات حول الآثار غير المباشرة والاستعداد لاتخاذ الإجراءات، ربما من خلال تغيير عضوية الفريق أو العمل مع قادة الفرق الأساسية للأعضاء من أجل تحسين مواءمة جداول المشروعات. وبوسع المؤسسات أن تعزز هذه المسؤولية المشتركة من خلال تقييم قادة الفرق ومكافأتهم ليس فقط على ناتج الفريق بل أيضاً على الدرجة التي يرعون بها الديناميكيات الإيجابية في التعامل بين الأشخاص سواء على المستوى الداخلي أم في المؤسسة.

الهياكل التنظيمية التي تبدو مفيدة قد تتكبد تكاليف خفية، كما تبين لنا من أبحاثنا، الأمر الذي يؤدي إلى تدهور الحالة النفسية للموظفين والنسيج الاجتماعي لمكان العمل. ويتعين على القادة أن يفكروا بعناية إذا كان من الضروري، أو حتى المرغوب فيه، دمج عناصر مثل التشكيل السلس، وتعديل الأدوار، والالتزام بدوام جزئي، والمدة الزمنية القصيرة في تصاميمهم لفرق العمل. ومن أجل كل هؤلاء العمال الذين يشعرون بالوحدة – والفرق غير الفاعلة – الموجودة هناك في عالم العمل، نشجع القادة على مراقبة الروابط الباعثة على الرضا بين الموظفين ورعايتها في شكل استباقي. وما زال وعد الفرق ذات الأداء العالي قائماً، لكن الأمر يتطلب نهجاً حساساً ومتعمداً في تصميم الفرق لتحقيق هذه الإمكانية.

كونستانس إن. هادلي Constance N. Hadley

كونستانس إن. هادلي Constance N. Hadley

طبيبة نفسية مؤسسية ومحاضرة في كلية كويستروم لإدارة الأعمال Questrom School of Business بجامعة بوسطن Boston University.

مارك مورتنسن Mark Mortensen

مارك مورتنسن Mark Mortensen

(@profmortensen)
أستاذ مشارك في السلوك المؤسسي في إنسياد INSEAD، ويبحث ويتشاور مع مؤسسات حول التعاون. فقد ساهم المؤلفان على قدم المساواة في هذا الموضوع. للتعليق على هذا الموضوع: https://sloanreview.mit.edu/x/62216.

المراجع

المراجع
1 E. Carson, “How Loneliness Could Be Changing Your Brain and Body,” CNET, June 15, 2020, www.cnet.com; J. Holt-Lunstad, T.B. Smith, and J.B. Layton, “Social Relationships and Mortality Risk: A Meta-analytic Review,” PLoS Medicine 7, no. 7; V. Murthy, “Work and the Loneliness Epidemic,” Harvard Business Review, The Big Idea (September 2017): 3-7; and S. Cacioppo, A.J. Grippo,  S. London, et al., “Loneliness: Clinical Import and Interventions,” Perspectives on Psychological Science 10, no. 2 (March 2015): 238-249.
2 H. Ozcelik and S.G. Barsade, “No Employee an Island: Workplace Loneliness and Job Performance,” Academy of Management Journal 61, no. 6 (December 2018): 2343-2366.
3 M. Mortensen and C.N. Hadley,  “Life Under  COVID-19 Survey Results Report,” May 12, 2020, www.covidcoping.org.
4 K. Vasel, “The Dark Side of Working From Home: Loneliness,” CNN Business, April 30, 2020, www.cnn.com. See also J. Mulki, F. Bardhi, F. Lassk, et al., “Set Up Remote Workers to Thrive,” MIT Sloan Management Review 51, no. 1 (fall 2009): 63-69.
5 J.R. Hackman, “Leading Teams: Setting the Stage for Great Performances” (Boston: Harvard Business Press, 2002). 
6 R. Wageman, H. Gardner, and M. Mortensen, “The Changing Ecology of Teams: New Directions for Teams Research,” Journal of Organizational Behavior 33, no. 3 (April 2012): 301-315.
7 M. Mortensen, “Constructing the Team: The Antecedents and Effects of Membership Model Divergence,” Organization Science 25, no. 3 (May-June 2014): 909-931.
8 N. Scheiber, “The Pop-Up Employer: Build a Team, Do the Job, Say Goodbye,” The New York Times, July 12, 2017.
9 M. Haas and M. Mortensen, “The Secrets of Great Teamwork,” Harvard Business Review 94, no. 6 (June 2016): 70-76. 
10 C.N. Hadley, “Emotional Roulette? Symmetrical and Asymmetrical Emotion Regulation Outcomes From Coworker Interactions About Positive and Negative Work Events,” Human Relations 67, no. 9 (September 2014): 1073-1094.
11 A.C. Edmondson, “The Fearless Organization: Creating Psychological Safety in the Workplace for Learning, Innovation, and Growth” (Hoboken, New Jersey: John Wiley & Sons, 2018).
12 Vasel, “The Dark Side.” This tendency is also seen in social media, where depression and self-blame can occur when connections to others are high but fulfilling relationships are not. A. Walton, “6 Ways Social Media Affects Our Mental Health,” Forbes, June 30, 2017, www.forbes.com.
13 S. Wright and A. Silard, “Unravelling the Antecedents of Loneliness in the Workplace,” Human Relations
OnlineFirst, Feb. 21, 2020, https://journals.sagepub.com.
14 See, for example, G.W. Marshall, C.E. Michaels, and J.P. Mulki, “Workplace Isolation: Exploring the Construct and Its Measurement,” Psychology & Marketing 24, no. 3 (March 2007): 195-223; and D.W. Russell, “UCLA Loneliness Scale (Version 3): Reliability, Validity, and Factor Structure,” Journal of Personality Assessment 66, no. 1 (1996): 20-40.
15 J. Wimmer, J. Backmann, M. Hoegl, et al., “Spread Thin? The Cognitive Demands of Multiple Team Membership in Daily Work Life,” LMU-ILO working paper, Munich, Germany, 2017.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى