أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
عملاء

لتخفيض التكاليف، اعرفوا عميلكم

المبادرات الخافضة للتكاليف في الخدمات المقدمة من الشركات إلى الشركات B2B يجب أن تُوجَّه من خلال فهم ما يقدّره العملاء حقاً.

الاضطرابات الاقتصادية الناجمة عن الجائحة المستمرة تفرض عدداً لا يحصى من القرارات على المسؤولين التنفيذيين للشركات التي تقدم خدمات Services أو تبيع منتجات Products لشركات أخري (اختصارا: الشركات B2B). وفي كثير من الأحيان تكون القرارات الأكثر إلحاحاً هي ما إذا كان ينبغي تخفيض التكاليف وكيفية تحقيق ذلك.

وكما كانت الحال في فترات الركود في مجال الأعمال في الماضي، ينفذ بعض المسؤولين التنفيذيين تخفيضات شاملة للمرتبات والإجازات المدفوعة، في حين يتخذ آخرون نهجاً أكثر تجزئة – مثل إعادة التفاوض على عقود البائعين؛ وإلغاء المنتجات، والمناطق، والأقسام المنخفضة الأداء؛ والتحول إلى قنوات البيع الأقل تكلفة. وتُظهِر أبحاثنا أن كلا هذين النهجين مضلِّلان.

ينبغي أن تبدأ استراتيجية تخفيض التكاليف الأكثر فاعلية، وتنتهي، بالتركيز على العملاء.

ويُهمل التركيز على العملاء أثناء تخفيض التكاليف لأنه يُعَد عادة كاستراتيجية لتعزيز الإيرادات. وهذا خطأ: فالشركات B2B وتتجاهل قيمة العملاء Customer value عندما تخفض التكاليف تخسر كثيراً من المال.

في دراستنا المعيارية Benchmark study لـ626 شركة مساهمة عامة تتعامل مع شركات وأربعة آلاف و105 من عملائها، وجدنا أن الشركات التي لديها مستويات عالية من تخفيض التكاليف ومستويات متدنية من قيمة العملاء، كما قِيسَت من خلال رضا العملاء، كان لديها أسوأ هوامش إجمالية Gross margins، في حين كانت الشركات التي عكست المستويات العالية من تخفيض التكاليف ومستويات عالية من قيمة العملاء تتمتع بأعلى هوامش الربح.1V. Mittal and S. Sridhar, “Focus: How to
Lead Strategy and Improve Execution to Achieve Growth” (London: Palgrave Macmillan, forthcoming).
وبعبارة أخرى، أدى تخفيض التكاليف دون أخذ قيمة العملاء بعين الاعتبار إلى انخفاض هوامش الربح.

ويمكن للشركات B2B أن تسعى إلى تخفيض التكلفة مع التركيز على العملاء بثلاث طرق: من خلال تقليل هدر القيمة المضافة Reducing value-added waste لتوفير قيمة أكثر إقناعاً للعملاء، ومن خلال تحسين فاعلية اكتساب العملاء والاحتفاظ بهم، ومن خلال تضييق نطاق التركيز على هذه المبادرات الاستراتيجية المتوائمة على أفضل وجه مع قيمة العملاء.

تقليل هدر القيمة المضافة

تُهدر القيمة المضافة عندما تسعى الشركات إلى تحقيق دوافع للقيمة Value drivers لا تتوافق مع أولويات العملاء. وسباقات الإبداع التي تضيف المزيد من الميزات (والتكاليف) لكنها تتجاوز احتياجات العملاء ورغباتهم هي الدوافع الرئيسية لهدر القيمة المضافة. فاستثمارات كهذه تقتطع الكثير من الموارد لكنها لا تزيد من قوة التسعير Pricing power؛ ومن ثم تقلل من هوامش الربح.

ويمكن اقتلاع جذور هدر القيمة المضافة من خلال تحديد مجموعة صغيرة من الدوافع الأكثر فاعلية في زيادة القيمة الإجمالية للعملاء والسعي وراء تحقيق هذه المجموعة، والتخلص من الميزات التي لا تتوافق مع هذه الدوافع. وعندما درسنا خمس شركات B2B (شركة لتوزيع معدات التصنيع، وشركة لتأجير مكاتب معيارية، وشركة للاستشارات الهندسة والمشتريات والإنشاءات، وشركة لتصنيع معدات الطيران، وشركة موفرة لخدمات الضيافة)، وجدنا أن اثنين أو ثلاثة من الدوافع ولدت 80% على الأقل من قيمة العملاء في كل شركة. وهذا نمط ثابت قمنا بالتحقق منه في مئات الشركات B2B.2V. Mittal, K. Han, J.Y. Lee, et al., “Improving Business-to-Business Customer Satisfaction Programs: Assessment of Asymmetry, Heterogeneity, and Financial Impact,” working paper, Mays Business School, Texas A&M University, College Station, Texas, 2020.

بالتركيز على ميزات المنتجات والخدمات التي تلبي على نحو أفضل دوافعَ القيمة المختارة هذه التي يحصل عليها العملاء، وبالتخلص من تلك التي لا تحقق ذلك، تستطيع الشركات أن تقلل التكاليف الثابتة Fixed costs والمتغيرة Variable costs من دون التعرض لانخفاض في المبيعات. فشركة مزودة لخدمة الضيافة التي درسناها ضمن هذا البحث مثلا نظرت في دوافع قيمة العملاء في مقابل أولويات عروضاتها الخاصة، واكتشف أن جهود الموظفين كانت تركز على المبيعات وعروض الأسعار والتواصل والاستدامة، في حين كان عملاؤها أكثر اهتماماً بالمنتجات العالية الجودة والخدمة والدعم المستمرين، والسلامة. وبتحقيق هذه الغاية، فقد أعادت الشركة تخصيص الموارد لدوافع قيمة العملاء، الأمر الذي يحسِّن من مؤشر القيمة الإجمالية للعملاء فضلاً عن عوائد الشركة وهوامشها.

الدرس الذي يجب أن نعيه فيما يخص تخفيض التكاليف الذي يركز على العملاء هو: ضمن أي عرض لمنتجات أو خدمات، ركّزوا النفقات على الدوافع العليا Top drivers للقيمة الإجمالية للعميل فقط واخفضوا الباقي.

أدر شؤون العملاء بفاعلية أكبر

التركيز على أهم دوافع قيمة العملاء سيعزز التصور السائد بين عملائكم الحاليين بأنكم تفهمون احتياجاتهم، الأمر الذي سيكسب ولاءهم ويساعد شركتكم على الفوز بعملاء جدد مناسبين بتكلفة أقل. وقد يكون هذا مصدراً مهماً للتوفير في التكاليف: فقد خلصت الأبحاث الأخيرة التي أُجرِيت باستخدام عينة من 128 شركة كبيرة من الشركات المدرجة بالبورصة Publicly traded companies إلى أن زيادة بنسبة واحد بالمئة في رضا العملاء تؤدي إلى تخفيض التكاليف المستقبلية للمبيعات بنسبة 0.53%، أو نحو 130 مليون دولار للشركة المتوسطة المشمولة بهذه الدراسة.3L.G. Lim, K.R. Tuli, and R. Grewal, “Customer Satisfaction and Its Impact on the Future Costs of Selling,” Journal of Marketing 84, no. 4 (July 2020): 23-24. وتأتي هذه الوفور من تخفيضات في العمولات، وتكاليف التسويق والإعلان، وتكاليف الشحن، والديون المعدومة Bad debt.

وولاء العملاء والتوصيات الشفهية هي ذات قيمة خاصة للشركات B2B. والواقع أن دراستنا المعيارية وجدت أن أكثر من 82% من العملاء يتعاملون مع شركة بسبب التجربة السابقة أو التوصية الشفهية. أما العملاء الراضون؛ فسيكونون أوفياء، الأمر الذي يؤدي إلى تخفيض تكاليف المبيعات. فضلاً عن ذلك، سيحولون عملاء محتملين يشبهونهم في التفكير إلى بابكم – وهذا مصدر منخفض التكاليف لأعمال جديدة.

ومرة أخرى، تستطيع الشركات أن تستفيد من التركيز على الدوافع العليا لقيمة العملاء لتعزيز هذه الآثار. وبعدما ركزت شركة تأجير المكاتب المعيارية التي درسناها، اهتمامها على جودة المنتجات والخدمات، والتواصل، والخدمات والدعم المستمر (دوافعها الثلاثة القيمة للعملاء)، تحسنت في شكل كبير أعمالها المتكررة مع العملاء الحاليين. كذلك أبرزت الشركة تركيزها على تلك الدوافع في جهودها الخاصة بالتسويق والبيع. مثلاً، جمعت القصص المتفرقة عن دوافع العملاء وأبرزتها على موقعها على شبكة الإنترنت، واستثمرت في بوابة للعملاء عبر الإنترنت يسهل الوصول إليها بواسطة الأجهزة المحمولة. وبمرور الوقت، ساعد هذا التركيز الشركة على اقتطاع حصة من السوق بين العملاء الذين قيّموا هذه الدوافع، وانخفضت تكلفتها للحصول على المزيد من العملاء. وعلى القدر نفسه من الأهمية، انخفضت حصتها في السوق من العملاء الحساسين للأسعار – وهذه علامة أخرى تشير إلى أن الشركة كانت تجتذب العملاء المناسبين إلى القيمة التي وعدت بها.

أما شركة الاستشارات الهندسة والمشتريات والإنشاءات التي درسناها؛ فقد ركزت على دافعين اكتشفتهما مؤخرا مثّلا 60% من قيمة عملائها – وهما إدارة المشروعات، والخدمة والدعم المستمرين – وذلك لزيادة معدل فوزها بالعروض المقدمة للعملاء الحاليين بأكثر من 42%. كذلك عززت معدل الفوز بعروض العملاء الجدد من 46% إلى أكثر من 65%. النتائج: حققت الشركة أهداف إيراداتها كل ربع عام منذ عام 2018، باستخدام عدد أقل بنسبة 30% من موظفي المبيعات وتطوير الأعمال، وتقديم عروض أسعار أقل بنسبة 18% محتسبة على أساس سنوي.

حدِّد (وتخلص من) أولويات المبادرات الاستراتيجية 

في أي وقت من الأوقات تطرح الشركات B2B عددا كبيرا من المبادرات الاستراتيجية، مثل استخدام برمجيات Software إدارة علاقات العملاء، والاستثمار في البحث والتطوير للمنتجات الجديدة، وتطوير القنوات الرقمية، وكل منها مصمم ظاهرياً لدفع قيمة العملاء وزيادة المبيعات. لكن في كثير من الأحيان، لم تُربَط هذه المبادرات بقيمة العملاء التي جرى التحقق منها.

عندما صنفت شركة توزيع معدات التصنيع التي درسناها مبادراتها الـ65 الشاملة للشركة وفق زيادتها المحتملة في قيمة العملاء، تبين لنا أن 10 مبادرات وفرت 71% من الزيادة — ومن بين هذه المبادرات، وفرت خمس مبادرات 61% من الزيادة. ونتيجة لهذا، فقد قرر الفريق التنفيذي تركيز التمويل والاهتمام والجهود على هذه المبادرات الخمس، الأمر الذي أدى إلى تعليق 14 مبادرة وإسقاط 46 مبادرة بالكامل. ولم يسفر هذا عن تخفيض التكاليف والإنفاق المسرف فحسب، بل أدى التركيز على دوافع القيمة أيضاً إلى تحسين المبيعات. وأدى التخلص من المبادرات غير الضرورية إلى توفير الشركة أكثر من 15 مليون دولار من التكاليف، كما وفر للموظفين قدراً أكبر من الوضوح الاستراتيجي والتركيز مع توسيع الهامش وزيادة قيمة العملاء.

في هذا المناخ غير المسبوق للأعمال، يسعى العديد من المسؤولين التنفيذيين إلى طرح مبادرات لتخفيض التكاليف. ولكن في حين يفعلون ذلك، يتعين عليهم أن يفكروا في أن تخفيض التكاليف، مثل استراتيجيات النمو Growth strategies، لا بد أن يكون مدفوعاً بقيمة العملاء. فخفض التكاليف بحكمة مع التركيز القوي على دوافع قيمة العملاء لن يساعد الشركات على تجاوز الفترة الحالية من الطلب المخفف فحسب، بل سيكون بمثابة الأساس لاستراتيجية طويلة الأجل تتمحور حول العملاء تسمح للجميع – من المسؤولين التنفيذيين إلى العاملين الذين هم على تماس مع العملاء – بالحفاظ على تركيز شبيه بتركيز الليزر على تحقيق المزيد من خلال خفض الإنفاق.

فـيكاس ميتال Vikas Mittal

فـيكاس ميتال Vikas Mittal

أستاذ التسويق في مدرسة جونز للدراسات العليا في الأعمال Jones Graduate School of Business بجامعة رايس Rice University.

شريهاري سريدهار Shrihari Sridhar

شريهاري سريدهار Shrihari Sridhar

أستاذ كرسي جو فوستر 1956 Joe Foster ‘56 في قيادة الأعمال وأستاذ التسويق في مدرسة مايس للأعمال Mays Business School في جامعة تكساس إيه أند إم Texas A&M University.

روجر بست Roger Best

روجر بست Roger Best

أستاذ فخري في التسويق في كلية لاندكويست للأعمال Lundquist College of Business ومؤسس مشارك لبرنامج إدارة المنتجات الرياضية Sports Product Management Program في جامعة أوريغون University of Oregon. وهما مؤلفان مشاركان في الطبعة السابعة من كتاب الإدارة المستندة إلى السوق Market-Based Management (يصدر في وقت قريب). للتعليق على هذا الموضوع https://sloanreview.mit.edu/x/62212.

المراجع

المراجع
1 V. Mittal and S. Sridhar, “Focus: How to
Lead Strategy and Improve Execution to Achieve Growth” (London: Palgrave Macmillan, forthcoming).
2 V. Mittal, K. Han, J.Y. Lee, et al., “Improving Business-to-Business Customer Satisfaction Programs: Assessment of Asymmetry, Heterogeneity, and Financial Impact,” working paper, Mays Business School, Texas A&M University, College Station, Texas, 2020.
3 L.G. Lim, K.R. Tuli, and R. Grewal, “Customer Satisfaction and Its Impact on the Future Costs of Selling,” Journal of Marketing 84, no. 4 (July 2020): 23-24.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى