أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
روبوتات

العمل مع الروبوتات في عالم ما بعد الجائحة

أنظمة الأتمتة الجاهزة للتوصيل والتشغيل يُمكن تحسينها بسرعة لتلبية زيادات مفاجئة في الطلب – وأن تُعَاد تهيئتها بسرعة حين تتغير الاحتياجات.

سواء توجهتم إلى وسائل الإعلام، أم مجلات التكنولوجيا، أم المصادر الأكاديمية للحصول على تبصّرات جديدة، فعلى الأرجح ستسمعون أن جائحة كوفيد-19 ستدفع نحو نمو ضخم في الأتمتة، ولاسيما من خلال الروبوتات.1M. Corkery and D. Gelles, “Robots Welcome to Take Over, as Pandemic Accelerates Automation,” The New York Times, April 10, 2020, www.nytimes.com; M. Molteni, “COVID-19 Makes the Case for More Meatpacking Robots,” Wired, May 25, 2020, www.wired.com; and B. Moritz, “Supply Chain Disruptions and COVID-19,” Modern Materials Handling, May 19, 2020, www.mmh.com. وتبدو النقاط التي تجادل لصالح هذا الرأي معقولة: قد تبدو شركات البيع بالتجزئة ميتة، لكن الشركات التي توفر بضائع قابلة للشحن تشهد ارتفاعاً في الطلب السابق على بضائعها بواقع ضعفين وثلاثة أضعاف وحتى عشرة أضعاف. وتقول الفكرة إن الروبوتات يجب أن تتمكن من أن تعمل -في شكل يُعتمَد عليه- بالعمل الفعلي المتكرر عندما لا يكون الكثير من العاملين قادرين -أو مستعدين – على الحضور إلى المبنى في شكل آمن. والأكثر من ذلك، أن تكلفة مثل هذه التكنولوجيا آخذة بالانخفاض، مع سماح نماذج “الروبوتات كخدمة” Robots as a service للشركات بالدفع في مقابل كل خدمة بدلاً من الغرف من الاحتياطات الرأسمالية الثمينة، وتكون الروبوتات أكثر قدرة.

ففي السنوات القليلة الماضية فقط، مثلاً، رأينا عدداً قليلاً من الشركات يبني روبوتات ممكّنة بالذكاء الاصطناعي ويبيعها لتعمل في إخراج أشياء من الحاويات، والتعامل مع القطع، والعناية بالآلات، واختبار أحدث الإلكترونيات. وهذا أمرٌ مثير للإعجاب لأن توجه المزيج الرفيع High-mix ينجح – أي أن المنتجات، وظروف العمل، والعمليات والناتج الأخير تتغير بانتظام لكن على نحو مفاجئ. وحتى وقت قريب، جعل ذلك الأتمتة بالاعتماد على الروبوتات عملاً فاشلاً، لأن النُهُج السابقة مثل اكتشاف الأشياء Object detection المطلوبة، واكتشاف آلية الإمساك بها Grasp detection، والتحقق من وضعها في الصندوق Placement verification اعتمدت على منتجات وظروف وعمليات ونتائج مستقرة. أما الآن؟ فضعوا بعض الأشياء الجديدة في حاوية، وغيّروا الإضاءة، وغيّروا موقع الحاويات واتجاهها، وستتمكن هذه الأنظمة الرائدة من التعامل معها في أغلب الأحيان. فشركات الروبوتات تحرز تقدماً مماثلاً في أتمتة الوظائف الفعلية الأخرى، مثل نقل المواد، وفرزها، ووضعها على منصات تحميل Palletizing.2B. Taylor, “How Robots Are Revolutionizing Recycling,” Recycling Today, Jan. 30, 2019, www.recyclingtoday.com; and “Using AI in Smart Robotic Palletizing Operations,” Fabricating & Metalworking, April 2016, www.fabricatingandmetalworking.com. فلماذا، إذًا، لا تنتشر الروبوتات؟

لأن وضع الروبوتات في خطوط الإنتاج بنجاح هو مهمة معقدة، وليست أغلبية الشركات مجهزة لتطبيق هذه الأنظمة المتقدمة والاستفادة منها. وعندما درسنا كيف تتكيف المؤسسات والعاملين -الذين هم على تماس مع العملاء- مع الجيل التالي من الروبوتات المُمكَّنة بالذكاء الاصطناعي لأداء الأعمال اليدوية في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، وجدنا أن التكيف الناجح نادر الحدوث. ولهذا سبب وجيه. يخبرنا التاريخ وعقود من الزمن من الأبحاث بأنه عندما يأتي شكل جديد نوعياً من الأتمتة، أي شيء من الأنوال المـُشغَّلة بالبطاقات المثقوبة إلى التحويل المؤتمت للمكالمات، فإن الشركات تنفق من الوقت والمال أكثر بكثير مما هو متوقع، وذلك في محاولة العثور على استخدامات مفيدة لهذه التكنولوجيا. ويسمي إيريك وزملاؤه هذه الظاهرة منحنى [شكل الحرف الإنجليزي] جيه للإنتاجية Productivity J-Curve: وتتطلب التكنولوجيات الجديدة الجذرية استثمارات باهضة الثمن في إعادة تصميم عمليات الأعمال، وإعادة تدريب العاملين على مهارات جديدة، والتحول المؤسسي.3E. Brynjolfsson, D. Rock, and C. Syverson, “The Productivity J-Curve: How Intangibles Complement General Purpose Technologies,” working paper 25148, National Bureau of Economic Research, Cambridge, Massachusetts, January 2020. وتؤتي هذه الاستثمارات عادة ثمارها في نهاية المطاف، لكن في البداية، قد تنخفض الإنتاجية والأداء -على الأقل كما يُقاسَان تقليدياً- انخفاضا مثبطا للهمم.

ولكننا نعرف أيضاً من أبحاث مات أن أقلية صغيرة من المستخدمين في أوقات كهذه – عندما تفشل وسائل التكيف المفهومة جيدا – ستجد طرقاً تلوي القواعد والتوقعات للحصول على النتائج بسرعة أكبر.4M. Beane, “Shadow Learning: Building Robotic Surgical Skill When Approved Means Fail,” Administrative Science Quarterly 64, no. 1 (March 2019): 87-123. لذلك، في المراحل التالية من الأبحاث، سنستمر بالبحث عن هؤلاء الشاذين عن القاعدة والنادرين للتعلم منهم: كيف ينجحون؟ سنجمع البيانات من عشرات الآلاف من الشركات الأمريكية التي لديها مئات الآلاف من الموظفين. لكي نختبر إمكانية التطبيق الأوسع نطاقاً، سندرج مجموعة مختارة من المؤسسات لتجربة الممارسات والشروط والتكنولوجيات التي سمحت بالنجاح المبكر في بضع الحالات الفردية.

إنتاج الروبوتات بنجاح هو مهمة معقدة، وليست أغلبية الشركات مجهزة لتطبيق هذه الأنظمة المتقدمة والاستفادة منها.

ومن ناحية أخرى، نعمل على جمع وتحليل للبيانات من مجموعة متنوعة من بائعي الروبوتات وعملائهم من الشركات، ومراقبة التطبيقات من البداية، وإجراء مقابلات مع المئات من المديرين والعاملين ممن هم على تماس مع العملاء وغيرهم من المتخصصين المشاركين في تنفيذ التكنولوجيات. كذلك نغطي مجموعة متباينة من الصناعات – مثل التخزين، وتلبية الطلبات، ومعالجة الطرود، والتجهيز، وإعداد الطعام. وتتركز هذه الصناعات حول المرافق والقوى العاملة التي تتلقى كميات يومية من المنتجات الموضوعة على منصات تحميل Palletized products (العطور، والملابس، ولحم النعام، وصمغ السيارات، والألعاب الخشبية) ثم توزعها وتصنفها وتخزنها ثم تفرزها وتغلفها للشحن إلى عميل نهائي.

التوفيق بين الإمكانات والواقع

لا تزال عمليات التنفيذ هذه، على الرغم من كل التقدم في الأتمتة، يدوية في جوهرها. ويتعين الاستعانة بأشخاص لنقل منصات تحميل صغيرة؛ وفتحها؛ وإخراج المنتجات ووضعها ومسحها ضوئياً؛ وقيادة الرافعات الشوكية لتخزين المنتجات واستردادها من الأرفف؛ ووضعها في حاويات أو أجهزة فرز؛ ونقلها؛ ووضعها في صناديق نهائية؛ وفحص إغلاق الصناديق، ووضع الملصقات، ونقلها إلى الشاحنات الصادرة.

ولهذا السبب، وجدنا أن العمال المهرة والتقنيات الجيدة يظلون يشكلون ضرورة أساسية لتحقيق النتائج المرغوب فيها. فبوسع العنصر البشري أن يخترع بسرعة عمليات جديدة للمشكلات الجديدة التي تنشأ، والتعامل مع الاستثناءات، وإدخال تحسينات. وتعرض التقنيات، مجموعة من عمليات العمل وأتمتة التكنولوجيا، موثوقية وقدرة أثبتت جدارتها، ما يسمح للمديرين بإعادة تخصيص الأشخاص للأعمال الأكثر تعقيداً. ومن الأمثلة البسيطة التي توضح القيمة الجمعية للتقنيات والأشخاص خط التجميع المتحرك، حيث تسمح الناقلات المؤتمتة وتقسيم العمالة بالتجميع متتابع التحسين Incremental assembly.

وكلما حصل المديرون رؤية على عائد جيد على الاستثمار ROI في إطار زمني معقول، سيستثمرون في التقنيات الجيدة؛ ويكونون أقل ميلاً إلى أداء بذلك عندما لا يكون الجانب الإيجابي واضحاً فورا. ولكن منتجاتهم وعملائهم ومتطلباتهم تتغير باستمرار، لذلك يميلون إلى إدراك أنهم يحتاجون دوماً إلى أشخاص مهرة. ووجدنا أن المديرين الذين يركزون على كل من الموظفين والتقنيات هم الأكثر ميلاً إلى الحفاظ على استمرارية عملياتهم بكفاءة وجني الفوائد المترتبة على الأتمتة.

وفي حين درسنا عمليات استخدام الروبوتات المـُمكَّنة بالذكاء الاصطناعي، توصلنا إلى فهم تقنيات الأتمتة التي يتعين على هؤلاء المديرين أن يستندوا إليها، بدءاً من الأنظمة البسيطة جدا (مثل الأجهزة التي تلف بلاستيك التغليف حول منصات تحميل الصناديق) وانتهاء بالأنظمة الشاملة للمنشأة، والتي تعمل لأتمتة التخزين والاسترداد في المستودعات. ولكن الجائحة أدت إلى تعقيد الأمور من خلال تصعيد أحجام الطلبات وإلحاحها. فبدءاً من مارس 2020، تميز نهج واحد، وهو ما نشير إليه بالأتمتة الجاهزة للتركيب والتشغيل Plug-and-play automation، باعتباره أكثر جدوى وفائدة من غيره.

الأتمتة الجاهزة للتركيب والانطلاق بالعمل

يرغب المديرون في أنظمة ذات بصمة فعلية صغيرة نسبياً وقدرات مؤكدة يسهل توصيلها بالطاقة والهواء المضغوط (للأجهزة الروبوتية القابضة التي تعتمد على الشفط) والبنية التحتية الحالية لتكنولوجيا المعلومات. ومن الممكن إعداد أنظمة ”جاهزة للتركيب والانطلاق بالعمل“ كهذه بسرعة لتقديم النتائج وإعادة تهيئتها بسرعة عندما تتغير الأمور. ومن الأمثلة الملاحظة في الشركات التي ندرسها: الناقلات المعيارية التي يتحكم فيها الحاسوب؛ والمركبات الموجهة آلياً؛ وآلات الفرز. ويمكن شحنها على منصة Pallet أو اثنتين، كما يمكن إعدادها خلال عطلة نهاية الأسبوع، وذلك بواسطة فريق العمل الفني العامل من بُعد Remote لدى البائع. وكان كل هذا بالغ الأهمية لأن الطلبات المدفوعة بكوفيد-19 على السلع المشحونة أو المجمعة أو المعلبة كان سبباً في توليد طلبات كتلك الخاصة بهدايا الأعياد للعديد من المؤسسات بين عشية وضحاها تقريباً. ومع تطور احتياجات العملاء، ستجهد الشركات لتلبية هذه الاحتياجات.

في الوقت الحالي، أي مشروع للأتمتة أكثر تعقيداً – المشروع الذي يستغرق مزيداً من الوقت، ويحتاج إلى مزيد من المساحة، ويتطلب مزيداً من الخبرات، ومزيداً من الأجزاء – يلاقي رفضاً قاطعاً لأنه سيُبطئ الجهود الرامية إلى تلبية الطلب المتزايد. وبالنسبة إلى كل فئة من الأنشطة — نقل السلع، فرزها، توجيهها، تخزين تلك السلع، استردادها — تعرض الأنظمة الجاهزة للتوصيل والتشغيل عائداً أكبر بكثير على الاستثمار ROI مقارنة بالبُنى المتخصصة الواسعة النطاق Large-scale, custom installations.

لا يزال المديرون حريصين على توظيف أفراد على تماس مع العملاء؛ ولا تزال فرص العمل موجودة في الصناعات التي تشحن المنتجات إلى العملاء.

مثلاً، من المؤكد أن أنظمة التخزين والاسترداد المؤتمتة من الممكن أن تستقبل المنتجات المختلطة وتصنفها وتخزنها وتستردها في مقابل جزء من تكاليف التقنيات الحديثة التي كانت مستخدمة في السابق وتتضمن المشي لشخص بين الممرات أو قيادة الرافعات الشوكية أمام حزم من الأرفف التي يبلغ طولها 40 قدماً (12 متراً تقريباً)، وتفحّص وجهتها، والتقاط بند أو اثنين، ثم السير أو القيادة إلى النقطة التالية حتى تمتلئ سلة التجميع. ولكن هذه المركبات العملاقة المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات، والتي تتسم بالدقة حسب الطلب، أكثر تعقيداً من الساعة السويسرية ويتعين عليها أن تعمل على نحو أكثر جدارة بالثقة. ونحن نتحدث عن عشرة ملايين دولار وعشرة أشهر من الجهود المنسقة بين إدارات متعددة قبل أن تتمكنوا من مجرد تشغيلها. وهذا ليس بالخيار القابل للتطبيق في الوقت الحالي، ما لم تعملوا على بناء منشأة جديدة – وحتى حينئذ ربما تنظرون أولاً في التمهيد والاستعداد للعمل الفوري من خلال تكنولوجيات جاهزة للتركيب والانطلاق بالعمل.

وهناك أيضاً أنظمة مثيرة للاهتمام مطروحة في السوق حتى وإن كانت غير مثبتة، وستتطلب كثيراً من التعلم، والوقت، والتحسين حتى تكون مفيدة حقًّا. وهي من حيث التعريف ليست أنظمة للتركيب والانطلاق بالعمل. ولا يزال فقط العملاء الكبار جداً ممن يستطيعون الاستثمار باستثمارات كبيرة في المشاركة في تطويرها هم الذين يراهنون على أنظمة كهذه، لكن حتى هم يحاولون تجنب استخدامها خلال فترات ذروة الطلبات.

من يمتلك الوصول؟

بما أن الأتمتة الجاهزة للتركيب والتشغيل لا تزال جديدة إلى حد ما، فهي تتطلب دعماً مكثفاً من العملاء. وهذا من شأنه أن ييسر نشوء سوق محدودة في مستهل الأمر، وذلك لأن من الأسهل للبائعين العمل مع عملاء يعرفونهم بالفعل وليس مع عملاء جدد. ويتطلب تجميع الأنظمة المعيارية والحفاظ على استمرارية تشغيلها قدرا من البراعة، ويوفر البائعون دعماً أكثر شخصية لتلبية تلك الاحتياجات. مثلا موظف إضافي يشرف على نظام يغلف تلقائياً الملابس المرجعة، ويستكشف الأخطاء في نظام الاستثناءات وكيفية ارتباط ذلك مع عمليات العمل الأخرى، و بمرور الوقت يقدم الحل إلى العاملين الآخرين. وقبل أن يتمكن البائع من توفير هذا المستوى من المعرفة، يتعين عليه أن يتعرف على احتياجات العميل وأساليب العمل الداخلية. وهذا العمق المعرفي لا وجود له في العلاقات الجديدة.

وإضافة إلى ذلك، فعندما يسلم العملاء منتجاً قابلاً للشحن استجابة للطلب المرتفع، قد يحتاجون إلى الإسراع بتوصيل كل وحدة جاهزة للتركيب والتشغيل بمنصات الشحن الخاصة بهم على الفور. ونتيجة لهذا، فالبائعون الذين يحققون مبيعات هائلة يستخدمون قدرا كبيرا من المخزون وهم يحاولون تلبية احتياجات العملاء الحالية، في حين أن قسماً كبيراً من السوق المفتوحة لا ينال حصته من تلك المنتجات. ويشير هذا كله إلى أنكم إذا لم تربطوا ‹الأتمتة الجاهزة للتركيب والتشغيل› بعلاقة راسخة مع ”بائع يخدم مصالح الشركة“ ربطا جيدا، فمن المحتمل أن يصعب عليكم البدء الآن بذلك مقارنة بالشركات الأخرى التي تبني على ما لديها.

ما لن تحصلوا عليه

هناك كثير من النقاض الدائر حول كيفية تعزيز محافظة الروبوتات على أمن العاملين وصحتهم من خلال ضمان مساحة أكبر بين الأفراد، أو كمية أقل من التبادلات، أو حتى عمليات تطوير عمليات ”من دون لمس“ Touchless. ومن السهل أن تصور ذلك: حيث كان لديكم خط إنتاج يتألف من عاملين يجمّعون صناديق الاشتراكات وهي تمر على حزام ناقل، يمكنكم الآن وضع ذراع روبوت سداسي المحاور في كل محطة أخرى والطلب إلى العاملين الوقوف على بعد 15 قدماً. أو بدلاً من أن ينفث الموظفون أنفاساً قد تسبب كوفيد-19 وهم يمشون 30 ألف خطوة كل اليوم في مبنى الشركة حاملين المنتجات، يمكن تشغيل مركبات موجهة آلياً AGV لجلب المنتجات إلى المكان المطلوب.

لكن في كل من مواقع بحثنا هذا، لا تعدو هذه الرؤية -العمل الموجه بالروبوتات والخالي من اللمس- أن تكون إلا سراباً. فكثيراً ما تكون التكنولوجيات الجاهزة للتركيب والتشغيل موجودة لتوليد منافع مثل الكفاءة والجودة والتحليلات – وفي هذه الحالات، لا يمكنكم تحقيق الكثير تباعد اجتماعي. والأنظمة غير الجاهزة للتركيب والتشغيل – أي أنظمة أذرع روبوتية تتعامل مع التحكم في منتج والتقاطه وتوضيبه في حزمة – هي أنظمة جديدة جدا وغير مؤكدة. ما هي ”التكنولوجيا الجديدة المثيرة“ التي تضمن التباعد الاجتماعي في عمليات العمل المختلفة في كل موقع من مواقعنا؟ فواصل من الزجاج الشبكي القابلة للنقل، ابتُكِرت وأُعِدت خلال أيام بواسطة أطقم الصيانة غير المتجانسة.

كذلك توصلنا إلى أن الأنظمة الجاهزة للتركيب والتشغيل لا تؤدي بالضرورة إلى انخفاض هائل في أعداد القوة العاملة البشرية. فقبل كوفيد-19، كان المديرون المسؤولون عن كفاءة العمل اليدوي الشديد التنوع والمتكرر يكافحون من أجل العثور على عاملين للعمل عن قرب مع العملاء والاحتفاظ بمثل هؤلاء العاملين وتطوير قدراتهم. وقد يجد هؤلاء العاملون فرص عمل بديلة بسرعة – في الأغلب في مخزن آخر عبر الشارع مباشرة – ويبدو أن زيادة الأجور لم تخلف أثراً كبيراً في جاذبية هذه الوظائف أو الإحتفاظ بالعمال. وهذا يعني أن المديرين في هذه المنشآت يمرون بوقت عصيب من حيث الحفاظ على قوة عاملة ماهرة في المبنى والحفاظ على المنتج يتدفق بثبات من منصات الشحن. والآن زادت صعوبة ذلك كله.

وهكذا لا يزال المديرون حريصين على توظيف عمال ماهرين في العمل مع العملاء عن قرب؛ ولا تزال فرص العمل هذه متوفرة في الصناعات التي تشحن المنتجات إلى العملاء. صحيح أن التقلبات المتزايدة في الظروف والطلب هي تَذكِرة شديدة لهؤلاء المديرين بأن وظيفتهم القصوى هي تحقيق نتائج متوقعة لعملائهم، وفي فئة الجهوزية للتركيب والتشغيل، تستطيع الروبوتات تحقيق هذه الغاية أفضل من البشر. هذا، وقد التقينا بمديرين مستعدين لقبول حتى روبوت لا تتجاوز سرعته وكفاءته في العمل 85% مقارنة بالبشر إذا عنى ذلك أنهم يستطيعون الاعتماد على هذه الإنتاجية. لكن عموما، لا يزال هذا يزيد من احتياجهم إلى عاملين يعملون عن قرب مع العملاء ويتميزون بالمهارة، لأن شخصاً ما لا بد من أن يعمل لإيجاد الطريقة الجديدة للتفاعل مع هذه الروبوتات لإنجاز المهمة المطلوبة، وهناك أجزاء يدوية أخرى كثيرة في عمليات المستودعات تحتاج إلى السرعة حتى تتمكن من مواكبة الطلب.

التحرك إلى الأمام

الحكمة السائدة في هذه الأيام هي أن ضغوط الأتمتة المرتبطة بكوفيد-19 لا تتوفر إلا للمؤسسات الكبيرة التي لديها أموال متوفرة.5D. Acemoglu, C. LeLarge, and P. Restrepo, “Competing With Robots: Firm-Level Evidence From France,” working paper 26738, National Bureau of Economic Research, Cambridge, Massachusetts, February 2020. وتشكك نتائج دراستنا في هذا الافتراض. ففي الوقت الحالي، يتدافع الجميع من أجل التكيف، ولا أحد على يقين من أنه يعرف كيف قد يبدو ”الوضع الطبيعي“ أو متى قد يحل. وهذا يعني أن اللعبة في الأمد القريب معكوسة بعض الشيء. تاريخياً، جاء أفضل عائد على الاستثمار ROI للأتمتة من التقنيات المتاحة لشركات عملاقة جيدة التمويل. لكن الآن، تستطيع حتى الشركات الأصغر حجماً أو الأكثر تخصصاً تصحيح استثماراتها المباشرة في عملياتها والاستمرار بالحصول على عائد معقول على الاستثمار ROI من أنظمة كهذه عندما تتغير الظروف لا محالة. ولن تقطع الشركات الكبيرة جدا مسافة بعيدة إذا جربت هذه الممارسات القديمة – لكن كثيراً ما تكون اعتادت عليها، وفي الأغلب يصعب على الشركات الكبرى كسر العادات.

فالشركات والعاملون الذين هم على اتصال قريب بالعملاء يناضلون من أجل العثور على طريقهم في خضم بحر من فرص الأتمتة. وأقلية صغيرة تبدع إبداعا حقيقيا تستعرضه للعموم عندما نتجاوز عاصفة كوفيد-19 بالذات. ولكن الاقتصاد الصحي لا يعمل على النجاح غير النمطي الذي تحققه قِلة من الناس في حين تفشل أغلبيتهم. لذا يتعين علينا أن نجد تلك النجاحات النادرة ونتعلم منها بأسرع ما يمكن حتى يتسنى للجميع أن يتكيفوا تكيفا بنّاء.

مات بيني Matt Beane

مات بيني Matt Beane

رقميفي مختبر الاقتصاد الرقمي Digital Economy Lab بجامعة ستانفورد Stanford University.

إيريك برينجولفسون Erik Brynjolfsson

إيريك برينجولفسون Erik Brynjolfsson

(@erikbryn)
مدير مختبر الاقتصاد الرقمي في ستانفورد، وكاتب مشارك لكتاب عصر الآلات الثاني The Second Machine Age (منشورات: W.W. Norton, 2014). للتعليق على هذا الموضوع https://sloanreview.mit.edu/x/62201.

شكر وتقدير

دانييل شولر Daniel Sholler، وكارولين ستراتون Caroline Stratton، دانييل بوفنبرغ Danielle Bovenberg، يساعدون الزملاء في برنامج إدارة التكنولوجيا Technology Management Program بجامعة كاليفورنيا، سانتا باربرا، على إجراء البحث الوارد وصفه في هذا الموضوع.

المراجع

المراجع
1 M. Corkery and D. Gelles, “Robots Welcome to Take Over, as Pandemic Accelerates Automation,” The New York Times, April 10, 2020, www.nytimes.com; M. Molteni, “COVID-19 Makes the Case for More Meatpacking Robots,” Wired, May 25, 2020, www.wired.com; and B. Moritz, “Supply Chain Disruptions and COVID-19,” Modern Materials Handling, May 19, 2020, www.mmh.com.
2 B. Taylor, “How Robots Are Revolutionizing Recycling,” Recycling Today, Jan. 30, 2019, www.recyclingtoday.com; and “Using AI in Smart Robotic Palletizing Operations,” Fabricating & Metalworking, April 2016, www.fabricatingandmetalworking.com.
3 E. Brynjolfsson, D. Rock, and C. Syverson, “The Productivity J-Curve: How Intangibles Complement General Purpose Technologies,” working paper 25148, National Bureau of Economic Research, Cambridge, Massachusetts, January 2020.
4 M. Beane, “Shadow Learning: Building Robotic Surgical Skill When Approved Means Fail,” Administrative Science Quarterly 64, no. 1 (March 2019): 87-123.
5 D. Acemoglu, C. LeLarge, and P. Restrepo, “Competing With Robots: Firm-Level Evidence From France,” working paper 26738, National Bureau of Economic Research, Cambridge, Massachusetts, February 2020.
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى