أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
ابتكاراخترنا لكبحثتسويق

التغلب على مفارقة المبتكر

على الرغم من أن العديد يقولون إنهم يحبون الأفكار الراديكالية، كلما كان الخطر وعدم اليقين أكبر، صار المؤيدون المحتملون أكثر تذبذباً. ولحسن الحظ، هناك استراتيجيات لاختراق حواجز مثل هذه الأوضاع.

جيف داير – ناثان فور – مايك هندرون

إن وجود فكرة عظيمة أمر ضروري للابتكار، لكن هذا فقط نصف المطلوب. فتأمين الموارد اللازمة لتنفيذ الفكرة لا يقل أهمية، ومن المحتمل أن يكون أكثر صعوبة. فالمخترع نيكولا تسلا Nikola Tesla، مثلاً، جاء بالعديد من الأفكار التحويلية – لمحركات الحث الكهربائي Electric induction motors، والتلغراف اللاسلكي Wireless telegraphy، وأجهزة الراديو، وجهاز التحكم عن بعد Remote control– لكنه توفي مفلساً لأنه لم يتمكن من حشد الموارد لتسويقها. وعلى النقيض من ذلك، فقد توفي توماس أديسون Thomas Edison، والذي يمكن القول إنه أقل تألقاً، ثرياً ومشهوراً لأنه أجاد طرح الأفكار والفوز بالدعم اللازم لتحويلها إلى واقع.

يواجه كل مبتكر ما نسميه مفارقة المبتكر innovator’s paradox.1The term “innovator’s paradox” is inspired by Nobel Prize-winning economist Kenneth Arrow’s description of the information paradox, in which the seller of information can convince the buyer of its value only after it has been fully disclosed, at which point the information has already been transferred to the buyer, who hasn’t paid for it. In an analogous manner, we argue that innovators struggle to convince the buyer (investors, customers, supporters) to support a new idea before the uncertainty associated with the idea has been resolved, at which point it is no longer a risk and thus support would be easy to come by. فبكل بساطة، كلما كانت الفكرة أكثر حداثة أو راديكالية أو محفوفة بالمخاطر، كان التحدي الأكبر في الحصول على الموارد اللازمة أكبر. على الرغم من أن العديد يقولون إنهم يحبون الأفكار الراديكالية، إلا أنه كلما كان الخطر وعدم اليقين أكبر؛ صار المؤيدون المحتملون (المستثمرون والرؤساء والشركاء وما إلى هنالك) أكثر تذبذباً. وتموت العديد من الأفكار العظيمة على أرضية غرفة التخطيط؛ لأن رواد الأعمال يفشلون في إقناع الآخرين بإمكانياتهم. فقبل المشاركة، يريد الداعمون المحتملون الأفكار التي يمكن إثباتها أو خفض عدم اليقين بطريقة ذات مغزى. وتُعَد القدرة على التغلب على مفارقة المبتكر العامل الرئيسي ليكون المبتكر ناجحاً، سواء كنتم تعملون داخل الشركة أم تحاولون إطلاق مشروع جديد.

كيف يمكنكم إثبات أن الفكرة قد تنجح إذا كنتم تفتقرون إلى الموارد اللازمة للبدء بتطويرها؟ فحتى أصغر الشركات الناشئة الرشيقة Lean startups تحتاج إلى مستوى أساسي من الموارد لاختبار أفكارها، والأفكار الكبيرة حقاً تحتاج إلى مزيد. وفي عالم تتنافس فيه الأفكار أكثر من أي وقت مضى على الموارد – سواء كان ذلك الدعم المالي، أم أعضاء الفريق الجيدين، أم الإذن بمتابعة فكرة ما، أم العملاء – فإن المبتكرين الذين يتعلمون كيفية كسب الدعم هم الذين يكسبون قوة الدفع.

ولفهم كيف ينجح المبتكرون ورواد الأعمال في كسب الدعم الحاسم، أجرينا أكثر من 100 مقابلة. تحدثنا إلى قادة مبتكرين معروفين مثل جيف بيزوس Jeff Bezos (أمازون Amazon)، وإيلون ماسك Elon Musk (تسلا Tesla وسبيس إكس SpaceX)، ومارك بينيوف Marc Benioff (سايلزفورس دوت كوم Salesforce.com)، وشانتانو ناراين Shantanu Narayen (أدوبي Adobe)، وإندرا نويي Indra Nooyi (بيبسيكو PepsiCo)، ومارك باركر Mark Parker (نايكي Nike)، وجيف وينر Jeff Weiner (لينكد إن LinkedIn)، إضافة إلى مبتكرين أقل شهرة. والخبر السار هو أن القدرة على كسب الدعم لأفكارك ليست موهبة تولد بها. بل في الواقع، من خلال الاستفادة من الأدوات والممارسات التي وصفناها في هذا الموضوع، يمكنك تطوير هذه المهارة. وكما قال لنا بينيوف، المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك لسايلزفورس: ”أساسا، تراكمت قدرتي على توليد الابتكارات ’لسايلزفورس‘ مع مرور الوقت“. فعلى مدى عشرين سنة تراكم لديه ما يسميه رأس المال الابتكاري Innovation capital؛ ما سمح له بـ”تجربة أشياء جديدة – لتغيير المؤسسة، وتغيير المنتجات، وتغيير ما يجب تغييره“. ويقول بينيوف إن مع نمو قدرته على «تجربة أشياء جديدة تمكن شركاؤه من بناء رأس مالهم الابتكاري خاص بهم الذي يساعدهم على بيع أفكارهم الخاصة.

فالسياسيون الذين لهم رأس مال سياسي يمكنهم أن يشركوا آخرين في السعي إلى تحقيق أهدافهم؛ ويمكن لقادة الأعمال مع رأس مال ابتكاري جذب الموارد اللازمة ليزدهر الابتكار. ويتألف رأس المال الابتكاري من أربعة عوامل هي: من أنت (رأس المال البشري الخاص بالابتكار– قدرتك على التفكير بالمستقبل، وحل المشكلات حلّاً إبداعيا، والقدرة على الإقناع)؛ والذين تعرفهم (رأس المال الاجتماعي الخاص بالابتكار – وعلاقاتكم الاجتماعية بأشخاص لديهم موارد قيّمة للابتكار)؛ وما قمت به (رأس مال السمعة الخاص بالابتكار – سجلكم وسمعتكم في مجال الابتكار)؛ والأشياء التي تؤديها لتوليد الاهتمام والمصداقية لنفسك وأفكارك (ما نسميه مضخمات الانطباعات impression amplifiers).2For additional information on innovation capital, see J. Dyer, N. Furr, and C. Lefrandt, “Innovation Capital: How to Compete — and Win — Like the World’s Most Innovative Leaders” (Boston: Harvard Business Review Press, 2019).

وفي حين تساهم العناصر الأربعة كلها في رأس المال الابتكاري، تُبنَى العناصر الثلاثة الأولى بمرور الوقت من خلال الجهود المتواصلة. والعناصر هذه كلها مهمة، لكن في هذا الموضوع سنركز على العنصر الرابع: الإجراءات التي يمكنك اتخاذها الآن لكسب الدعم لأفكارك.

كيفية عمل المضخمات

على السطح، ليست مضخمات الانطباعات التي سمعنا المبتكرين يتحدثون عنها مفاجئة على الخصوص. على العكس من ذلك، فهي تشمل أنواع الأشياء التي قد تتوقعها:

الأبحاث

لدراسة التقنيات التي تستخدمها الشركات لكسب الدعم للأفكار الجديدة، طور المؤلفون أكثر من 50 دراسة حالة وأجروا أكثر من 100 مقابلة مع مبتكرين.

واستعرضوا الأبحاث الأكاديمية في مجموعة متنوعة من المجالات المتعلقة بالابتكار، بما في ذلك رأس المال البشري، والشبكات الاجتماعية، والسمعة، واتخاذ القرار، والإدراك، والتواصل، والإقناع.

وإضافة إلى ذلك، فقد أجروا دراسة عن العلاقة بين سمعة الابتكار والقيمة السوقية بين الشركات المدرجة على مؤشر ستاندرد أند بورز 500 S&P 500.

المقارنة Comparing: العثور على التشبيه الصحيح لإقناع المؤيدين بأن فكرتك ستنجح.

التجسيد Materializing: جعل مفهوم مجرد ملموساً ومرئياً وحقيقياً.

رواية القصص Storytelling: صياغة سرد يعطي المستمعين سبباً للتصديق.

الإشارة Signaling: التواصل مع مجموعات أخرى ذات مصداقية تضفي الشرعية على فكرتك.

ممارسة الضغط الاجتماعي Applying social pressure: توليد شعور بالندرة (الشعور بأن الناس بحاجة إلى هذا العمل الآن أو أنهم سيفشلون).

الالتزام Committing: إقناع الآخرين من خلال عمل مرئي أو شخصي ثابت.

وعلى الرغم من أن مضخمات الانطباعات هذه قد تبدو بسيطة، فإن استخدامها استخداما جيدا هو فن من الفنون. ويستفيد كل منها من مبدأ سيكولوجي معين وقوي تدعمه الأبحاث. ولم يدرك معظم المبتكرين الذين درسناهم بوعي أنهم استخدموا هذه التقنيات. ويبدو أنهم يدركون حدسيا أنهم عندما يحاولون كسب الدعم للمشروعات الجديدة المهمة، كان عليهم أن يذهبوا إلى ما هو أبعد من التكتيكات التقليدية مثل تحليل البيانات، والتوقع المالي، والتخطيط الاستراتيجي. وللتغلب على مفارقة المبتكر، غالباً ما كانوا يعتمدون على مضخمات الانطباعات الموصوفة هنا.

المقارنة: ”نحن مثل إير بي إن بي Airbnb في الصناعة الفلانية“. ففي عام 2000، عندما شاركت روبن تشيس Robin Chase في تأسيس زيبكار Zipcar، وهي خدمة عبر الإنترنت سمحت للسائقين باستئجار السيارات لفترات قصيرة، كانت العقبات التي تحول دون النجاح هائلة. ففي ذلك الوقت، كان 50% فقط من سكان منطقة بوسطن لديهم وصول إلى الإنترنت، وكان 25% فقط لديهم هواتف محمولة. وبالكاد تحدث أي شخص عن المنصات أو ”اقتصاد التشارك“ Sharing economy، وكان هناك القليل من الابتكار في قطاع النقل. والمستثمرون المحتملون عانوا فهمَ سببِ اهتمامِ الناس بمنصة لمشاركة السيارات عبر الإنترنت. واستمع العديد منهم وأومؤُوا بأدب.

وجاء الاختراق عندما اكتشفت ”تشيس“ كيفية استخدام مضخم المقارنة، فرسمت تشبيهاً بين فكرتها وشيء يعرفه الناس ويرونه في ضوء إيجابي. في البداية، اعتقدت تشيس بأنها كانت تستخدم هذه التقنية على نحو فاعل: ووصفت العمل بأنه تشارك للسيارات. ولكن هذه المقارنة في الواقع نفَّرت الكثيرين. (تخيلوا إذا وصفتم أعمال الفندق بأنها تشارك للأسرّة). وأدركت ”تشيس“ أنها بحاجة إلى مقارنة أفضل. وللعثور عليه، سجلت ملاحظاتها على بطاقات واختبرت الأسماء والتشبيهات مع الأشخاص الذين قابلتهم. أخيراً، تمسكت بمقارنة يفهمها الناس ويحبونها: أجهزة الصرف الآلي. فأجهزة الصرف الآلي تسمح للأفراد بالحصول على النقود متى احتاجوا إليها. وأوضحت تشيس أن زيبكار ”كانت مثل جهاز الصرف الآلي، لكنها عبارة عن مركبة عندما تريدونها“.

وإذ تسلحت بالتشبيه الصحيح، بدأت بكسب دعم المستثمرين لفكرتها. وقالت لنا: عندما استخدمت المقارنة ”مركبة عندما تريدونها“، فَهِم المستثمرون الموضوع أخيراً. فالكلمات مهمة حقاً، والحصول على المقارنات الصحيحة أمر ليس غير مهم. وفي النهاية، بيعت زيبكار إلى أيفيس Avis عام 2013 في مقابل 500 مليون دولار. ولكنها ربما لم تكن لتنطلق قطُّ من دون المقارنة الصحيحة.

فالمقارنة تحول فكرتكم إلى شيء يمكن للناس أن يفهموه ويُفضَّل أن يبدوا حماسة تجاهه. فهي تعتمد على العامل السيكولوجي الخاص بالاختصارات العقلية (الاستدلال) وكيف نستخدم التشبيهات لفهم المفاهيم الجديدة وتشكيل الأحكام واتخاذ القرارات. وفي الممارسة العملية تُظهر الأبحاث أن الشركات الناشئة التي تستخدم التشبيهات والاستعارات في نشراتها الأولية تحقق تقييمات أعلى خلال العروض العامة الأولية.3M.L. Martens, J.E. Jennings, and P.D. Jennings, “Do the Stories They Tell Get Them the Money They Need? The Role of Entrepreneurial Narratives in Resource Acquisition,” Academy of Management Journal 50, no. 5 (October 2007): 1107-1132; and J.P. Cornelissen, J.S. Clarke, and A. Cienki, “Sensegiving in Entrepreneurial Contexts: The Use of Metaphors in Speech and Gesture to Gain and Sustain Support for Novel Business Ventures,” International Small Business Journal 30, no. 3 (April 2012): 213-241.

كيفية استخدام المقارنة. تشير أبحاثنا إلى أن المقارنات الفاعلة تتبع العديد من المبادئ الرئيسية:

● ترصد أفضل المقارنات كلاً من الفرصة والحل. كانت المشكلة في تشبيه تشيس الأولي لتشارك السيارات في أنه وصف الحل فقط ولم يُـثـِر حماسة الناس حول هذه الفرصة. وأمكن للعملاء والمستثمرين فهم تشبيه جهاز الصرف الآلي وعرفوا كيف أحدثت أجهزة الصرف الآلي ثورة في الصناعة المصرفية.

● بالنسبة إلى أي فكرة معينة، غالباً ما تكون هناك منافع محتملة متعددة. لذلك، عند البحث عن المقارنة الصحيحة، انظر فيما يتردد صداه مع جمهورك. مثلاً، عرضت زيبكار ميزات مثل الجدولة الملائمة، والحجز بالساعة، والتنقل ”الأخضر“ – لكن الملاءمة ضربت أقوى وتر.

● المقارنات ذات قيمة خاصة للأفكار المعقدة. إذا قلنا إن إثناميد Ethnamed هو مكون إضافي Plugin لكروم Chrome يسمح للمستخدمين بربط عناوين البريد الإلكتروني بعناوين مُرمَّزة، سيقع معظم الأشخاص في حيرة. لكن إذا قلنا إنه مثل فينمو Venmo للعملات المـُرمَّزة Cryptocurrencies، سيفهمه المستخدمون المحتملون بسهولة أكبر ويروا القيمة المحتملة.

التجسيد: اعرض – لا تخبر فقط. عندما أسس رائد الأعمال التكنولوجي إيلون ماسك سبيس إكس عام 2002، لم تكن أي شركة صواريخ خاصة فازت بعقد من وكالة ناسا NASA. وكانت شركة صواريخ أخرى أسسها البليونير أندرو بيال Andrew Beal أشهرت أخيراً إفلاسها بعد فشلها في إقناع ناسا بشراء صواريخها المنخفضة التكلفة القابلة للاستخدام مرة واحدة. لذلك واجه ماسك الذي كانت فكرته تتعلق بتطوير صواريخ قابلة لإعادة الاستخدام، معركة شاقة. واعتبر القادة في ناسا، وفي الكونغرس، وفي شركات الطيران الكبرى سبيس إكس مزحة – أو جهداً غريباً من قبل شخصية بارزة في وادي السليكون كان مقدراً له أن يخفق. وكافحت الشركة لعرض أفكارها على متخذي القرار الرئيسيين. ويتذكر لورانس ويليامز Lawrence Williams، وهو مسؤول تنفيذي سابق في سبيس إكس، قائلاً: ”في البداية، كان علينا أن نتوسل ناسا حتى تولينا اهتماماً“.

كيف اخترق ماسك المقاومة؟ من خلال الإظهار للناس ما تعتزم سبيس إكس فعله – وهو تكتيك نسميه التجسيد. فعشية الاحتفال بالذكرى المئوية لأول رحلة جوية بمحرك للأخوين رايت Wright عام 1903، حمّل ماسك صاروخ فالكون 1 Falcon 1 الذي جرى الانتهاء منه أخيراً على مقطورة عملاقة وقاده إلى جادة الاستقلال وعلى طول ”المول الوطني“ في واشنطن العاصمة، قبل أن يوقفه أمام المتحف الوطني للطيران والفضاء. ودعا الحاضرين في الحدث إلى فحص الصاروخ. وجذب المشهد انتباه ناسا – وأظهر ما كانت سبيس إكس قادرة على بنائه. وفي الشهر التالي أرسل مدير ناسا شون أوكيف Sean O’Keefe فريقاً لزيارة سبيس إكس في جنوب كاليفورنيا،4C. Davenport, “The Space Barons: Elon Musk, Jeff Bezos, and the Quest to Colonize the Cosmos” (New York: PublicAffairs, 2018). وأعجبوا بما رأوه – إلى درجة أن الوكالة استثمرت 140 مليون دولار في 70 رحلة سبيس إكس على مدى العقد المقبل.

جوهريا، قدم ماسك فكرة السفر إلى الفضاء بتحويلها إلى شيء ملموس – كان في هذه الحالة نموذجاً أولياً Prototype فعليا. ولأن أدمغتنا تفضل الملموسة والمرئية على المجردة،5M.A. McDaniel and G.O. Einstein, “Bizarre Imagery as an Effective Memory Aid: The Importance of Distinctiveness,” Journal of Experimental Psychology: Learning, Memory, and Cognition 12, no. 1 (January 1986): 54-65. يستجيب الناس للأشياء البصرية ويتذكرونها بشكل أفضل.6 J. Bigelow and A. Poremba, “Achilles’ Ear? Inferior Human Short-Term and Recognition Memory in the
Auditory Modality,” PloS One 9, no. 2 (Feb. 26, 2014).
 وجعل الأفكار المجردة ملموسة أيضاً يجعلها تبدو أكثر واقعية وقابلة للتصديق. وتظهر الأبحاث أن فرق ريادة الأعمال التي تجسد أفكارها أقل عرضة للفشل،7V.P. Seidel and S. O’Mahony, “Managing the Repertoire: Stories, Metaphors, Prototypes, and Concept Coherence in Product Innovation,” Organization Science 25, no. 3 (May-June 2014): 691-712. لأنها على ما يبدو أفضل في كسب الدعم اللازم لتحويل الفكرة إلى حقيقة.

كيفية استخدام التجسيد. تُعَد مهارة التجسيد فناً، ومن الضروري فهم ما سيبحثه مؤيدوكم عندما تتجسد فكرتكم. وفي بعض الحالات سيكون السؤال الحاسم هو ”هل يمكن أن ينجح الأمر؟“ وفي حالات أخرى سيكون ”هل سيريد العملاء ذلك؟“ ويمكن للتجسيد وفق البعد الخاطئ أو بطريقة خاطئة أن يؤدي إلى مشكلات – وهو أمر اكتشفه مؤسسو أريفو Arrivo، وهي شركة ناشئة للنقل مقرها لوس أنجلوس، بالطريقة الصعبة. فقد وضعت الشركةُ خطةً طموحة لبناء نظام عالي السرعة من شأنه أن يقلل من حركة المرور من خلال نقل المركبات والناس عبر أنابيب وأنفاق مفرغة. ولكن المؤسسين فشلوا في محاولتهم بلورة فكرتهم. وكان نموذجهم الأولي مبنياً بشكل سيئ؛ مما أدى إلى اختبارات نقل بطيئة ووعرة. وسرعان ما فقد مسؤولو النقل الثقةَ في هذا المفهوم وسحبوا التزاماتهم.8K. Weill, “Elon Musk Hyperloop Dreams Slam Into Cold Hard Reality,” The Daily Beast, March 29, 2019, www.dailybeast.com. فماذا يمكن للشركات أن تفعل لتجنب أخطاء مماثلة؟

● إذا كان المجهول الكبير في أذهان مؤيديكم يتعلق بما إذا كان العملاء يريدون عرضكم، ركزوا أولاً على تجسيد الطلب بدلاً مما إذا كان سينجح أم لا. مثلاً، عندما جاءت مؤسسة رنت ذا رنواي Rent the Runway جين هيمان Jenn Hyman بفكرة استئجار فساتين لمصممين عبر الإنترنت، لم يكن من الواضح ما إذا كانت النساء ستستأجر فساتين للحفلات والمناسبات. لذلك قبل وضع تفاصيل نظام الخدمات اللوجستية والتوزيع، أجرت هيمان تجارب منخفضة التكلفة، أولاً مع المواقع الفعلية عبر الإنترنت، لترى كيف ستكون ردة فعل النساء على استئجار الفساتين. وأقنعت البيانات بين كابيتال Bain Capital بالاستثمار في المشروع.

● إذا كان السؤال الرئيسي لمؤيديكم أكثر تقنية – ”هل سينجح الأمر؟“ — ركزوا جهودكم على تلبية هذا الشرط. مثلاً، عندما قاوم الفريق التنفيذي في كاتربيلر Caterpillar طريقة جديدة جذرية لصنع حفارة ثقيلة هجينة تستخدم طاقة أقل من حفارة الديزل التقليدية، كرس كين سميث Ken Smith، رئيس قسم الحفارات الثقيلة في كاتربيلر، الفريق للعمل على الفكرة، فبرهن على أنه يمكن العمل بذلك. وعلى الرغم من أن النموذج الأولي الناتج كان قبيحاً لدرجة أنهم أطلقوا عليه اسم ميدوساMedusa، إلا أنه نجح، وأقنع القيادة التنفيذية أنهم يستطيعون تطوير حفارة جديدة تستخدم طاقة أقل بنسبة 33%.

● قد يكون التجسيد مهماً بصورة خاصة في الأفكار الراديكالية. فكلما كانت الفكرة أكثر حداثة، كان من المرجح أن مجرد طلب الملاحظات من العملاء قد يكون مضلّلا. مثلاً، يكره العديد من العملاء الأوصاف المجردة لمنتجات مبتكرة مثل كرسي آيرون Aeron، وأحذية ريبوك بامب Reebok Pump، وحتى الآيفون iPhone. ولكنهم عندما جربوا هذه المنتجات في الواقع، تغيرت نبرتهم.

رواية القصص: إطلاق ردود فعل عاطفية. في خريف 2013، بعد وقت قصير من انتهاء فانيسا كويغلي Vanessa Quigley من وصف فكرتها حول خدمة جديدة لتبادل الصور تستهدف الآباء والأمهات، قال غافن كريستنسن Gavin Christensen، الشريك الإداري لصندوق كيكستارت سيد Kickstart Seed Fund ومقره سولت لايك سيتي، لشركائه إنه يكره المنتج لكنه يعتقد أن عليهم أن يستثمروا فيه على أي حال. فكيف أقنعت كويغلي صاحب رأس مال استثماري مجرب بمساندة فكرة يكرهها؟ كل ما في الأمر هو أنها روت قصة جيدة.

وعلى الرغم من أن العديد من الناس سمعوا عن قوة القصص في مجال الأعمال، إلا أن القليل منهم قادرون على استخدامها استخداما جيد. وفي معظم المؤسسات تكون القصص هي التسلسل الزمني، أو بيانات المهمة، أو الكشف عن التعديلات المتتالية. وما جعل كويغلي مختلفة هو استخدامها للسرد، واختيار شخصيات قصة القوية، وتسليط الضوء على النزاع، ومن ثم الحل، والأهم من ذلك كله، العاطفة. فقد تذكرت اليوم الذي وجدت فيه ابنها البالغ من العمر سبع سنوات وعيناه مغرورقتان بالدموع فرحا بسجل لقصاصات الصور صنعته له مدرسته في روضة الأطفال. ووصفت الشعور بالذنب الذي شعرت به – ففي نهاية الأمر، كانت لديها مئات الصور على هاتفها لم تشاركها مع ابنها أو مع أفراد آخرين من أفراد عائلتها. وبناءً على هذه التجربة، أنشأت تطبيقاً يسمى جاست فاميلي JustFamily لتسهيل مشاركة الصور العائلية.

ويتذكر كريستنسن أنه أُعجِب بقصة كويغلي لكنه شعر بالإحباط من المنتج نفسه. ففي كل مرة حاول استخدام التطبيق، تعطل. ومع ذلك، عندما تحدثت كويغلي عن المشاعر الكامنة والحاجة إلى الحفاظ على الذكريات وتبادلها، غيَّر رأيه. وقال: ”إن الحاجة كانت أساسية جداً، وجعلت فانيسا الأمر شخصياً جداً. وكنت أعرف أنهم سيكتشفون طريقة حل المشكلة في نهاية المطاف“. وتسمح الشركة التي تعمل الآن بـ تشات بوكس Chatbooks، للمستخدمين بتوليد سهل لسجلات مطبوعة للقصاصات من صور إنستغرام Instagram. وفي غضون سنتين، بلغت إيرادات الشركة أكثر من 30 مليون دولار.

ويؤدي نجاح رواية القصص إلى إطلاق روابط عاطفية يمكن أن تدفع المستمعين إلى تعليق عدم تصديقهم بل حتى اتخاذ خطوات لدعم المنتج. وأظهرت الدراسات في علم الأعصاب أن القصص يمكن أن تولد ”تزامناً“ Synchronization بين عقول رواة القصص والمستمعين (أي تطور الأنماط الدماغية نفسها)، كما تولد ”مزاوجة“ Couple (التواصل والتوقع إزاء تجارب الآخر)9G.J. Stephens, L.J. Silbert, and U. Hasson, “Speaker- Listener Neural Coupling Underlies Successful Communication,” Proceedings of the National Academy of Sciences 107, no. 32 (Aug. 10, 2010): 14425-14430; U. Hasson, Y. Nir, I. Levy, et al., “Intersubject Synchronization of Cortical Activity During Natural Vision,” Science 303, no. 5664 (March 12, 2004): 1634-1640; and T. Sharot, “The Influential Mind: What the Brain Reveals About Our Power to Change Others” (New York: Henry Holt, 2017). وهو أثر يزيد من قدرتكم على إقناع المستمعين إليكم: فأدمغتهم تبدأ بمطابقة دماغكم حرفياً. وإضافة إلى ذلك، تؤكد أبحاث علم النفس كيف يمكن للقصص الجيدة أن تستحوذ على اهتمامنا، وتنقلنا إلى عالَم القاص، وتطلق مواد كيميائية في الدماغ تزيد من احتمال الإقناع والعمل.10P.J. Zak, “How Stories Change the Brain,” Greater Good, Dec. 17, 2018, https://greatergood.berkeley.edu.

أظهرت الدراسات في علم الأعصاب أن القصص قد تولد ”تزامناً“ بين عقول رواة القصص والمستمعين.

كيفية استخدام رواية القصص. على الرغم من أن معظم القادة يعتقدون أنهم يعرفون كيفية استخدام القصص، فهناك قواعد أساسية ينساها الكثيرون. فالقصص الفاعلة شخصية، وتنشئ قوساً سردياً Narrative arc، وترسم بوضوح الفرصة أو التهديد، وتنشئ رابطاً عاطفياً. ويستخدم رواة القصص المحترفون العديد من التكتيكات:

● هم يطورون قوس السرد، مع الشخصيات، والنزاع، والحل (رحلة البطل الكلاسيكيةHero’s journey ). مثلاً، عندما انتقل ديفيد هيات David Hieatt، وهو مسؤول تنفيذي ورائد أعمال ناجح في مجال الإعلان، إلى كارديغان في ويلز (السكان: أربعة آلاف)، فاجأته حقيقة أن المدينة كانت ذات يوم مركز تصنيع الجينز في بريطانيا. وعند الحديث عن شركته الجديدة للملابس هيوت دنيم Hiut Denim، وجد هيات أن من المهم وصف فشل صناعة الجينز، والأشخاص الذين خلفتهم وراءها، وسعيه إلى أن يكون قوة للخير من خلال إعادة الوظائف إلى المنطقة.

● هم يربطون المستمعين بالقصة. انظر إلى جاك ما Jack Ma مالك علي بابا Alibaba. فعلى الرغم من أنه ترك المدرسة عدة مرات وفشل في أول شركتين ناشئتين له، كان لا يزال قادراً على إقناع المستثمرين بدعم فكرته لـ علي بابا دوت كوم Alibaba.com.11D. Clark, “Alibaba: The House That Jack Ma Built” (New York: HarperCollins, 2016). وكان فعَّالا، بشكل خاص، في إشراك كل من الموظفين والمستثمرين في قصته من خلال إخبارهم عن سعي الشركة التاريخي إلى تحقيق مستقبل أفضل لأصحاب الأعمال الصغيرة في الصين من خلال فتح حدود الإنترنت أمامهم.

● لكي لا يضع رواة القصص توقعات غير واقعية حول أهداف بعيدة أو بعيدة المدى، هم يتجنبون تقديم مزاعم محددة ويركزون على وعود أكثر تجريداً.12R. Garud, H.A. Schildt, and T.K. Lant, “Entrepreneurial Storytelling, Future Expectations, and the Paradox of Legitimacy,” Organization Science 25, no. 5 (September-October 2014): 1479–1492.

الإشارة: بناء الشرعية من خلال الآخرين. قبل أكثر من عقد، كان لدى براد جونز Brad Jones، وهو مسؤول تنفيذي في بنك إيه إن زد ANZ Bank ومقره أستراليا، فكرة لمعالجة مشكلة خطيرة تؤثر في ذوي الدخل المنخفض في الاقتصادات الناشئة مثل كمبوديا. فلم يكن لدى العديد من هؤلاء حسابات مصرفية، ومن ثم كان من المرجح أن يفقدوا نقودهم، أو تُسرَق، أو يدفعوا عمولات كبيرة لإرسال الأموال لأي مسافة. وتصور جونز منصة مالية محمولة من شأنها أن تسمح لـ”القابعين أسفل الهرم“ بالوصول إلى المنافع نفسها مثل ذوي الحسابات المصرفية. وعلى الرغم من أن جونز حصل على بعض التمويل الأولي لمشروعه وينغ كمبوديا Wing Cambodia من مصرفه قبل الأزمة المالية، إلا أنه واجه عقبة ضخمة إذ كان المصرف يبحث عن طرق لتوفير المال خلال فترة الانكماش الوشيكة.

وفي جهوده للعثور على التمويل بدأ جونز بالتواصل من خلال شبكته الاجتماعية وتمكن من إقناع رئيس المسؤولية الاجتماعية للشركات Corporate social responsibility في بنك إيه إن زد ANZ Bank بعرض مشروع بوينغ كمبوديا في التقرير السنوي للمصرف. كذلك تمكن من الحصول على منحة من الحكومة الأسترالية لدعم المبادرة، ما جذب مزيداً من الاهتمام والشرعية للمشروع وساعد على حمايته في وقت كانت فيه مشروعات أخرى تتعرض لخفض في التمويل.

لقد استخدم جونز الإشارة التي تنطوي على عمل روابط، مثل التحالفات والعلاقات والجوائز، لبناء الشرعية والدعم لوينغ كمبوديا. وتنجح الإشارة بسبب الميل البشري إلى متابعة الآخرين الذين يثيرون إعجابنا أو نعتبرهم خبراء. ووجدت أبحاث فحصت أكثر من ألف شركة ناشئة أن الشركة الناشئة إذا حصلت على تأييد مؤسسة تطوير (مثل حاضنة Incubator)، ازدادت فرصها في الحصول على التمويل من 5% إلى 44%، حتى بعد معادلة الإحصاءات Controlling وفقا لقدرة المؤسسين.13L.A. Plummer, T.H. Allison, and B.L. Connelly, “Better Together? Signaling Interactions in New Venture Pursuit of Initial External Capital,” Academy of Management Journal 59, no. 5 (October 2016): 1585-1604.

كيفية استخدام الإشارات. الهدف من الإشارة هو أن تُثبت للمؤيدين أن ما تفعله قابل للنجاح، وأن الآخرين يؤمنون بكم. وأثناء محاولة توليد هذه الإشارات، ضع في اعتبارك جمهورك وما هي الإشارات التي سيجدونها ذات قيمة كبيرة:

● على الرغم من أن الإشارة مفيدة في كثير من الأحيان، تشير الأبحاث إلى أنها ذات قيمة خاصة في المراحل المبكرة من المشروع، عندما يكون من الصعب تقييم المشروع باستخدام إجراءات أكثر موضوعية.14B.L. Hallen, “The Causes and Consequences of the Initial Network Positions of New Organizations: From Whom Do Entrepreneurs Receive Investments?” Administrative Science Quarterly 53, no. 4 (December 2008): 685-718. وحاول الحصول على الموافقات أو الجوائز أو الاعترافات البارزة لزيادة فرصك في كسب الدعم.

● حدد الأنواع الصحيحة من المؤيدين لمشروعك. عندما يرتبط عدم اليقين بالتكنولوجيا (”هل يمكننا بناؤها؟“)، من المهم الحصول على تأييد من الأفراد الذين يُعتبَرون ”خبراء“ أو المؤسسات التي تُعتبَر ”خبيرة“ (مثل العلماء البارزين). ومن ناحية أخرى، عندما يكون هناك عدم يقين حول الطلب (”هل سيشتريه الناس؟“)، ستحتاج إلى موافقات يمكن أن تؤثر في العملاء المحتملين وتولِّد الطلب.

● قد تكون المصادقات المؤسسية أكثر قيمة واستدامة من تأييد الأفراد؛ لأن المؤيدين يفترضون أن المؤسسات عملت على إجراءات أكثر للتحقق من شرعية فكرتكم وأنها تخاطر بقدر أكبر من خلال تأييدكم. ففي حالة وينغ كامبوديا، مثلاً، كانت المصادقات المؤسسية بشكل العرض في التقرير السنوي للمصرف ومنحة الحكومة الأسترالية أكثر مصداقية من كلام أي شخص واحد.

ممارسة الضغط الاجتماعي: ”لا تتعرض للاستثناء“. كان مدير مبتدئ في مؤسسة كبيرة يكافح من أجل قبول شركته استخدام الروبوتات لمتابعة المخزون. وأجرى كثيراً من الأبحاث على الروبوتات وشعر بوجود فرص جيدة الآن لتطبيق الاستعانة بها. لكن المسؤولين التنفيذيين للشركة لم يقتنعوا، ورأى معظمهم أن التكنولوجيا غير ناضجة تماماً ومحفوفة بالمخاطر. لذلك حاول المدير المبتدئ اتباع نهج مختلف: أقنع الرئيس التنفيذي لشركة استحوذت عليها الشركة أخيراً، وهي شركة أصغر بكثير، باختبار الروبوتات في متاجره. وعندما سمع المسؤولون التنفيذيون الآخرون الأكثر تشككاً بالتجربة والنتائج الإيجابية التي كانت تولدها؛ وافقوا على الفور على اختبارها بأنفسهم.

يمكن لتوليد خوف من الفشل أن يساعد على تحفيز الالتزام لدى أولئك الذين يشعرون بقلق من أنهم إذا لم يتصرفوا بسرعة فقد يفوتون الفرصة. ويعمل هذا الخوف وفق المبادئ النفسية المرتبطة بالندرة: فالناس يريدون أشياء يريدها الآخرون، وتجذبهم العناصر التي هي إما نادرة أو يصعب الحصول عليها. وفي دراسة شهيرة وجد الباحثون أن العملاء يرغبون أكثر في منتج حين يُقَال لهم إنه نفد.15R.B. Cialdini, “Scarcity: The Rule of the Few,” ch. 7 in “Influence: The Psychology of Persuasion” (New York: HarperCollins, 2006). وفي المثال أعلاه خشي المسؤولون التنفيذيون أن تمضي شركات أخرى قدماً في تكنولوجيا الروبوتات، ولم يرغبوا في أن يُنظر إليهم على أنهم متخلفون.

كيفية الاستفادة من الضغط الاجتماعي. يمكن لإيصال الشعور بأن الوقت أمر حاسم أن يجعل المؤيدين المترددين يتحركون في الاتجاه الصحيح، لكن عليكم أن تفعل ذلك بعناية. فالناس المهرة في استخدام مضخم الانطباعات هذا يطبقون التكتيكات التالية:

ينجح الخوف من تفويت الفرصة أكثر في الحالات التنافسية.

● ينجح الخوف من الفشل أكثر في الحالات التنافسية. يمكن لإجراء مناقشات مع العديد من الرعاة المحتملين، والموظفين، أو الشركاء بالتوازي (بدلاً من بالتسلسل) والسماح لهم بمعرفة أن الآخرين يفكرون في الفرصة أن يكون فاعلاً جداً.

● أنشأوا حلقة صحيحة للمنافسة بين الداعمين. إن الغرض من استخدام الضغط الاجتماعي هو التغلب على ميل المؤيدين المحتملين إلى تأجيل تقديم التزام حتى حل حالات عدم اليقين في المشروع كلها. وتظهر الأبحاث أن وجود مستثمرين من نمط وتوجهات متشابهة جداً قد يمثل مشكلة.16B.L. Hallen and K.M. Eisenhardt, “Catalyzing Strategies and Efficient Tie Formation: How Entrepreneurial Firms Obtain Investment Ties,” Academy of Management Journal 55, no. 1 (February 2012): 35-70. ويمكنكم التغلب على هذا الضعف من خلال ملاحقة الرعاة الذين يختلفون بشكل كافٍ عن بعضهم البعض ولا يعرفون كيفية توقع سلوك بعضهم البعض.

● هيئ المرشحين مقدماً. قلة من الناس على استعداد للالتزام على الفور. ومن المفيد تعريف الشركاء والمستثمرين المحتملين بفكرة عدة مرات قبل محاولة حملهم على التوقيع. وقد تبين أن هذا النهج ينجح نجاحا جيدا.17Ibid.

● لا تبالغ في التحرك. لا ينبغي لاستخدام الخوف من الفشل أن يكون حول توليد توقعات زائفة أو تمثيل زائف، فهذا من شأنه أن يأتي بنتائج عكسية. بل يتعلق الأمر باستخدام ديناميكية تنافسية لحمل الناس على دعم مشروعك.

الالتزام: المشاركة الشخصية. واجه دنفر لوف Denver Lough، وهو مقيم في السنة الثالثة في مدرسة الطب School of Medicine بجامعة جونز هوبكنز Johns Hopkins University، معضلة. فقبل أن يبدأ تدريبه على جراحة تجميل الوجه والجراحة الترميمية، طور فكرة لتوليد بشرة جديدة باستخدام خلايا المريض نفسه. وكان أجرى بعض الاختبارات المخبرية الأولية التي بينت أن التكنولوجيا تنجح مع الفئران وشعر بالثقة في أن النهج نفسه سينجح مع البشر. أخذ لوف الفكرة إلى مركز طبي كبير، ظن أنه يستطيع الحصول على مساحة وموارد مخبرية لاختبار الفكرة. غير أن المركز الطبي طالب بنسبة كبيرة من الأسهم، ولم يتمكن من توفير كافة الموارد اللازمة لإطلاق شركة لتسويق التكنولوجيا. وأخذ لوف فكرته إلى عدد من أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين الملائكة Angel investors. ولكن المستثمرين الذين اتصل بهم أرادوا كثيراً من التحكم أو لم يكونوا على استعداد للاستثمار في التكنولوجيا من دون تجارب إكلينيكية بشرية وبراءات اختراع تحميها من المقلدين. واحتاج لوف إلى المال لتطوير طلبات براءات الاختراع ومتابعتها قضائياً، وإثبات التكنولوجيا.

وغادر لوف جونز هوبكنز في وقت مبكر، متخلياً عن فرص مستقبلية لكسب ما يزيد على 750 ألف دولار سنوياً. وبدلاً من ذلك، أسس هو وزميله المقيم، نيد سوانسون Ned Swanson، بولاريتي تي إي PolarityTE، وهي شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا الحيوية لتطوير تكنولوجيا لوف لإعادة توليد أنسجة جديدة. وحقيقة أن الباحثين الشابين كانا على استعداد لتحمل المخاطرة كانت لها أهميتها الحاسمة في جذب المستثمرين والمواهب الرئيسية. وكما أشار أحد المستثمرين: ”كانا على استعداد للمغادرة ووضع كل ما يمتلكان في المشروع، حتى اقتربا جداً من الانتهاء إلى درجة أنهما كانا يريان الضوء في نهاية النفق. وعنى ذلك كثيراً“.

يفترض أن أولئك الذين يرغبون في ركوب مخاطر كبيرة واثقون بأنهم سيكونون ناجحين، ربما لأنهم يعرفون شيئاً لا نعرفه.

ينطوي الالتزام على التمسك بفكرة أو مشروع تؤمن به وإظهار ذلك للمؤيدين المحتملين الآخرين أنك على استعداد لتسخير كل ما لديك. وقد يشمل ذلك استخدام أموالك الخاصة أو التخلي عن خيار توظيف جذاب. فالالتزام الكبير، وربما حتى الذي لا رجعة فيه، بالمشروع يحظى باهتمام الناس ويعزز احتمال أن يكون الآخرون داعمين أيضاً. ويكون الالتزام فاعلاً، بشكل خاص، عندما يكون الابتكار معقداً أو عندما لا يمكن الكشف عن التفاصيل كشفا كاملا؛ لأن المبتكر يريد حماية الأسرار التجارية. ويشير المبدأ النفسي للنفور من الخسارة (عندما يكون للرغبة في تجنب الخسائر جذب أقوى من فرصة تحقيق المكاسب المكافئة) إلى أننا لا نتوقع من الناس العمل بأشياء تؤدي إلى خسائر كبيرة.18D. Kahneman and A. Tversky, “Choices, Values, and Frames,” American Psychologist 39, no. 4 (April 1984): 341-350. وفي الواقع، يفترض أن أولئك الذين يرغبون في ركوب مخاطر كبيرة واثقون بأنهم سيكونون ناجحين، ربما لأنهم يعرفون شيئاً لا نعرفه.

كيفية استخدام الالتزام. يتطلب استخدام الالتزام استخداما جيدا بعض من العناية. ونحن لا ننصح عادة بالمخاطرة بكل شيء (فبعد كل شيء، ماذا يحدث إذا لم تنجح الأمور؟). لذلك إليكم هنا بعض التكتيكات لتظهروا للآخرين أنكم واثقون من دون المخاطرة بكل شيء:

● ولّد التزامات ذات مصداقية، يُفضَّل باستخدام ما هو متوفر لك وليس نادرا. مثلاً، في الأيام الأولى من تسلا، كان المستثمرون متذبذبين بشأن الاستثمار في خطة ماسك الجريئة والمكلفة. ومع ذلك، عندما عرض ماسك تمويل الشركة برأس ماله الخاص، انضم آخرون إليه، معتقدين أن استعداده للمراهنة على أمواله الخاصة يعني أنه واثق من أن الأعمال ستنجح. (وينبغي أن نلاحظ أن ماسك كان لديه كثير من رأس المال يخصصه للعمل؛ وعلى عكس العديد من المبتكرين الآخرين، فمن المشكوك فيه أنه كان سيعرض عائلته أو مستقبله إلى الخطر).

● امتلك خطة بديلة. على الرغم من أن الالتزام ينطوي على إرسال إشارة قوية، يجب أن لا تحشر نفسك في زاوية، في حال سير الأمور في شكل سيئ. وبالتنقيب قليلاً تحت سطح التزامات ”لا رجعة فيها“ على ما يبدو، وجدنا أن المبتكرين في كثير من الأحيان لديهم خطة بديلة. لوف، مثلاً، ما كان ليتمكن من العودة إلى وظيفة طبيب مقيم في جونز هوبكنز. ولكنه كان يعلم أن مهاراته ستكون لها قيمة في المؤسسات الطبية الأخرى أو شركات المستحضرات الصيدلانية الحيوية إذا لم ينجح المشروع.

المبتكرون الناجحون الذين درسناهم، بمن فيهم أولئك الذين بنوا مؤسسات ناجحة جداً، بدؤوا بفكرة إبداعية. لكنهم سرعان ما تعلموا أن الإبداع لم يكن كافياً. فقد قال لنا مارك باركر الرئيس التنفيذي لنايكي: ”إن الأفكار سهلة من نواحٍ كثيرة، فلا نقص في الأفكار العظيمة. أما القدرة على بلورة الأفكار وبلورتها على نطاق واسع؛ فهي الأمر المهم“. فقد أدرك باركر أن الابتكار الناجح يتطلب موارد، وإقناع الآخرين بالالتزام بهذه الموارد ليس بالمهمة الصغيرة.

وللترويج لابتكاراتهم، يعتمد القادة الفاعلون على مجموعة من التكتيكات لاكتساب الاهتمام والمصداقية لأنفسهم وللأفكار. ويواجه رواد الأعمال والمبتكرون الناجحون في كل مكان مفارقة المبتكر: فهم بحاجة إلى إقناع الآخرين بدعم الأفكار المحفوفة بالمخاطر التي قد تزدهر في نهاية المطاف. وعلى الرغم من أننا جميعاً يمكننا بناء رأس المال البشري والاجتماعي والسمعة مع مرور الوقت لكسب الدعم لأفكارنا، يجب علينا في المدى القصير أن نتعلم تطبيق تقنيات أخرى لدعم رأس المال الابتكاري لدينا حتى نتمكن من حشد الموارد التي يمكن أن تحول الأفكار الإبداعية إلى واقع ملموس.

جيف داير Jeff Dyer (@jeffrey_dyer)

جيف داير Jeff Dyer (@jeffrey_dyer)

أستاذ كرسي هوراس بيسلي Horace Beesley للاستراتيجية من جامعة بريغهام يونغ Brigham Young University.

ناثان فور Nathan Furr (@nathan_furr)

ناثان فور Nathan Furr (@nathan_furr)

أستاذ للاستراتيجيات والابتكار في إنسياد INSEAD.

مايك هندرون Mike Hendron

مايك هندرون Mike Hendron

أستاذ مدرس مشارك في ريادة الأعمال من جامعة بريغهام يونغ. للتعليق على هذا الموضوع: https://sloanreview.mit.edu/x/62117.

المراجع

المراجع
1 The term “innovator’s paradox” is inspired by Nobel Prize-winning economist Kenneth Arrow’s description of the information paradox, in which the seller of information can convince the buyer of its value only after it has been fully disclosed, at which point the information has already been transferred to the buyer, who hasn’t paid for it. In an analogous manner, we argue that innovators struggle to convince the buyer (investors, customers, supporters) to support a new idea before the uncertainty associated with the idea has been resolved, at which point it is no longer a risk and thus support would be easy to come by.
2 For additional information on innovation capital, see J. Dyer, N. Furr, and C. Lefrandt, “Innovation Capital: How to Compete — and Win — Like the World’s Most Innovative Leaders” (Boston: Harvard Business Review Press, 2019).
3 M.L. Martens, J.E. Jennings, and P.D. Jennings, “Do the Stories They Tell Get Them the Money They Need? The Role of Entrepreneurial Narratives in Resource Acquisition,” Academy of Management Journal 50, no. 5 (October 2007): 1107-1132; and J.P. Cornelissen, J.S. Clarke, and A. Cienki, “Sensegiving in Entrepreneurial Contexts: The Use of Metaphors in Speech and Gesture to Gain and Sustain Support for Novel Business Ventures,” International Small Business Journal 30, no. 3 (April 2012): 213-241.
4 C. Davenport, “The Space Barons: Elon Musk, Jeff Bezos, and the Quest to Colonize the Cosmos” (New York: PublicAffairs, 2018).
5 M.A. McDaniel and G.O. Einstein, “Bizarre Imagery as an Effective Memory Aid: The Importance of Distinctiveness,” Journal of Experimental Psychology: Learning, Memory, and Cognition 12, no. 1 (January 1986): 54-65.
6  J. Bigelow and A. Poremba, “Achilles’ Ear? Inferior Human Short-Term and Recognition Memory in the
Auditory Modality,” PloS One 9, no. 2 (Feb. 26, 2014).
7 V.P. Seidel and S. O’Mahony, “Managing the Repertoire: Stories, Metaphors, Prototypes, and Concept Coherence in Product Innovation,” Organization Science 25, no. 3 (May-June 2014): 691-712.
8 K. Weill, “Elon Musk Hyperloop Dreams Slam Into Cold Hard Reality,” The Daily Beast, March 29, 2019, www.dailybeast.com.
9 G.J. Stephens, L.J. Silbert, and U. Hasson, “Speaker- Listener Neural Coupling Underlies Successful Communication,” Proceedings of the National Academy of Sciences 107, no. 32 (Aug. 10, 2010): 14425-14430; U. Hasson, Y. Nir, I. Levy, et al., “Intersubject Synchronization of Cortical Activity During Natural Vision,” Science 303, no. 5664 (March 12, 2004): 1634-1640; and T. Sharot, “The Influential Mind: What the Brain Reveals About Our Power to Change Others” (New York: Henry Holt, 2017).
10 P.J. Zak, “How Stories Change the Brain,” Greater Good, Dec. 17, 2018, https://greatergood.berkeley.edu.
11 D. Clark, “Alibaba: The House That Jack Ma Built” (New York: HarperCollins, 2016).
12 R. Garud, H.A. Schildt, and T.K. Lant, “Entrepreneurial Storytelling, Future Expectations, and the Paradox of Legitimacy,” Organization Science 25, no. 5 (September-October 2014): 1479–1492.
13 L.A. Plummer, T.H. Allison, and B.L. Connelly, “Better Together? Signaling Interactions in New Venture Pursuit of Initial External Capital,” Academy of Management Journal 59, no. 5 (October 2016): 1585-1604.
14 B.L. Hallen, “The Causes and Consequences of the Initial Network Positions of New Organizations: From Whom Do Entrepreneurs Receive Investments?” Administrative Science Quarterly 53, no. 4 (December 2008): 685-718.
15 R.B. Cialdini, “Scarcity: The Rule of the Few,” ch. 7 in “Influence: The Psychology of Persuasion” (New York: HarperCollins, 2006).
16 B.L. Hallen and K.M. Eisenhardt, “Catalyzing Strategies and Efficient Tie Formation: How Entrepreneurial Firms Obtain Investment Ties,” Academy of Management Journal 55, no. 1 (February 2012): 35-70.
17 Ibid.
18 D. Kahneman and A. Tversky, “Choices, Values, and Frames,” American Psychologist 39, no. 4 (April 1984): 341-350.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى