أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
بحثعلم الاجتماععلم السياسةقضايا

مواجهة الواقع غير المريح للتمييز في مكان العمل

تتصدى الولايات المتحدة أخيراً للعنصرية في مجال إنفاذ القانون. وبينما يحصل ذلك، دعونا نعالج العنصرية في مكان العمل أيضاً.

ديريك آر. أفيري – إنريكا إن. راغز

في أواخر مايو أرسل مقتل جورج فلويد George Floyd على أيدي شرطة مينيابوليس المتظاهرين إلى الشوارع في كل ولاية أمريكية وحول العالم في شكل شبه يومي لأسابيع. وكما تذكرنا حركة ”حياة السود مهمة“ Black Lives Matter – وكما أوضحت في شكل مؤلم جرائم قتل فلويد، ورايشارد بروكس Rayshard Brooks، وبريونا تايلور Breonna Taylor، والكثيرون غيرهم – غالباً ما يتعرض السود لمستوى أقسى من المعاملة على أيدي الشرطة من البيض. والعدد الهائل والمتنوع من الناس الذين يتحدثون الآن على مواقع التواصل الاجتماعي ضد التمييز ووحشية الشرطة، وينظمون احتجاجات متنوعة في أنحاء العالم كله ويحضرونها، يشير إلى أن الدفع نحو مزيد من المساءلة والمساواة العرقية في إنفاذ القانون يكتسب زخماً. ولا يمكننا أن نكون أكثر سعادة في شأن هذا التطور، لكننا لا نستطيع أن نتوقف عند هذا الحد.

إذ تشير أبحاثنا إلى شكل مختلف من أشكال التمييز العنصري، وهو شكل يؤثر في شكل مباشر في كل جانب تقريباً من جوانب حياة الأمريكيين السود. وكانت للتمييز في مكان العمل- ميل أصحاب العمل إلى تفضيل الموظفين البيض أكثر من الموظفين السود – عواقب مدمرة على أجيال من الأمريكيين السود. ونحن نعرف بعض الحلول، لكننا بحاجة إلى الإرادة الاجتماعية لتنفيذها.

وقائمة الممارسات العنصرية في مكان العمل طويلة ومدعومة بأبحاث. فالمتقدمون إلى وظائف الذين لديهم أسماء تبدو بيضاء هم أكثر عرضة لتلقي مكالمات من أصحاب العمل المحتملين من أولئك الذين لديهم أسماء تبدو سوداء.1M. Bertrand and S. Mullainathan, “Are Emily and Greg More Employable Than Lakisha and Jamal? A Field Experiment on Labor Market Discrimination,” The American Economic  Review 94, no. 4 (September 2004): 991-1013. وأظهرت الدراسات أن المتقدمين ذوي البشرة الداكنة يتعرضون لتمييز ضدهم عند التقدم بطلب للحصول على وظائف مقارنة بمقدمي الطلبات ذوي البشرة الفاتحة.2M.S. Harrison and K.M. Thomas, “The Hidden Prejudice in Selection: A Research Investigation on Skin Color Bias,” Journal of Applied Social Psychology 39, no. 1 (January 2009): 134-168. ووجدت دراسة واحدة أن مقدم الطلب الأبيض الذي لديه سجل جنائي تلقى اهتماماً أكبر من أصحاب العمل من مقدم الطلب الأسود الذي ليس له سجل – وهو تفاوت ضاعَفَ من التمييز العنصري في إنفاذ القانون، ما زاد من احتمال أن يكون لدى الأمريكيين السود سجل إجرامي.3D. Pager, “The Mark of a Criminal Record,” American Journal of Sociology 108, no. 5 (March 2003): 937-975.

ولا يتوقف التمييز العنصري المنهجي بمجرد أن يتولى شخص ما وظيفة. ويؤثر التحيز العنصري في المفاوضات بشأن الأجر الابتدائي، والأجور المستقبلية، والترقية نحو الأعلى. وباختصار، يبدأ الموظفون السود بكسب أموال أقل من زملائهم البيض، وهو تفاوت يتضاعف مع مرور الوقت. كذلك يتلقى الموظفون السود ترقيات أقل في كثير من الأحيان.4D.R. Avery, S.D. Volpone, and O. Holmes IV, “Racial Discrimination in Organizations,” ch. 7 in “The Oxford Handbook of Workplace Discrimination,” eds. A.J. Colella and E.B. King (New York: Oxford University Press, 2018).

وتأتي ضربة ثالثة كبيرة عندما تكون الأوقات الاقتصادية صعبة، كما هي الآن. ويعتقد العديد من الأمريكيين السود وأنهم ”آخر من يجري توظيفهم وأول من يجري طردهم“، ويبدو أن هناك بعض الحقيقة في ذلك. ففي الصناعات ومستويات الوظائف، من المرجح أكثر تسريحُ الموظفين السود مقارنة بالموظفين البيض أو فصلهم، ولاسيما في أوقات التحول وعدم اليقين الاقتصادي.5K.A. Couch and R. Fairlie, “Last Hired, First Fired? Black-White Unemployment and the Business Cycle,” Demography 47, no. 1 (February 2010): 227-247; and K.A. Couch, R. Fairlie, and H. Xu, “Racial Differences in Labor Market Transitions and the Great Recession,” in “Transitions Through the Labor Market,” eds. S.W. Polachek and K. Tatsiramos (Somerville, Massachusetts: Emerald Publishing, 2018), 1-54. وهذا صحيح حتى بعد احتساب أي عوامل أخرى، مثل التجربة أو مستويات التعليم، التي قد توفر تفسيراً بديلاً.

وثبت أن التمييز في مجال العمل والعنصرية، إلى جانب جائحة كوفيد-19، كارثيان تماماً على الأمريكيين السود. وقد تركت بطالة أكبر، وتغطية أقل في الرعاية الصحية، وإفراطا في التمثيل بالوظائف ”الأساسية“ التي تواجه الرأي العام، ونقصا في التمثيل بالوظائف التي يمكن العمل بها عن بعد، فكان العديد من الأمريكيين السود في مرمى الفيروس، سواء من الناحية الاقتصادية أم البدنية. والواقع أن الأمريكيين السود هم تقريباً أكثر عرضة للوفاة من قبل نظرائهم البيض بنحو 2.5 مرة.

ولا ينبغي لأي من هذا أن ينتقص من العمل الأساسي لمعالجة الفوارق العرقية في إنفاذ القانون، لكن دعونا لا نقصر سلطة هذه الحركة على العدالة الجنائية. ولكي نصل إلى الإمكانات الكاملة للحركة الحالية، فإنه يجب علينا أن نكافح العنصرية المنهجية في جوانب الحياة كلها، بما في ذلك العمالة. ولمكافحة العنصرية في مكان العمل نشجع أصحاب العمل على تطبيق الاستراتيجيات التالية:

التفكير في الأمد البعيد. إن الكثير من العنصرية التي نشهدها هي عنصرية هيكلية، وقد جرى بناؤها في المؤسسات لعقود، لذلك من غير المرجح علاجها تماماً في غضون أشهر. وينبغي للمديرين التنفيذيين من الرتب العليا، من أجل إحداث تغييرات جوهرية بعيدة الأمد، ألا يعرّفوا عمداً التنوع فحسب، بل أيضاً الشمول من ضمن عناصر عمليات التخطيط الاستراتيجي والتخطيط للتعاقب الوظيفي Succession-plannin في مؤسساتهم. وقد يساعد العمل الواعي لتطوير أنظمة شاملة على تحفيز أثر إيجابي تنازلي.6D.A. Thomas, “Diversity as Strategy,” Harvard Business Review 82, no. 9 (September 2004): 98-108.

البدء بأداء دور المحقق. إن التمييز العنصري، مثله مثل وحشية الشرطة، مخالف للقانون. ومع ذلك، من غير المرجح أن تكون هناك أدلة فيديو لإثبات أنه حدث، ولاسيما عندما لا يكون صريحاً. ويتعين على المؤسسات إجراء عمليات تدقيق للتنوع، والنظر في بيانات الموارد البشرية بحثاً عن علامات العنصرية. مثلاً، يمكن أن تظهر دراسة بيانات الموظفين حسب العرق بسبب الاختلافات المنهجية ممارسات تمييزية، كما هي الحال في إدارة الأداء – فتجري مكافأة الموظفين السود بشكل أقل سخاء على الأداء الجيد، ربما، أو توبيخهم بقسوة أكبر لسلوك العمل غير المثمر مثل التأخر مقارنة بالزملاء البيض الذين يظهرون سلوكاً مماثلاً.7A. Luksyte, E. Waite, D.R. Avery, et al., “Held to a Different Standard: Racial Differences in the Impact of Lateness on Advancement Opportunity,” Journal of Occupational and Organizational Psychology 86, no. 2 (April 2013): 142-165. وإضافة إلى ذلك، ابحثوا عن علامات التمييز العنصري في مكان العمل حسب أنواع الوظائف والمستويات داخل الشركة، فهو قد يعرقل ترقية الموظفين السود إلى رتب عليا. ويمكن لموظفي الموارد البشرية أن يفحصوا هذه البيانات وأن يدرجوها في التقارير الداخلية الدورية. وإضافة إلى ذلك، يمكن لكبار المسؤولين التنفيذيين التعاون مع الموارد البشرية في مراجعة البيانات المتعلقة بالأداء والتعويض والمكافآت المالية الأخرى ومقارنتها لتمييز أوجه التفاوت العرقي الداخلية.

البحث عن التمييز المتعمد وغير المقصود. قد يكون التمييز مقصوداً (معاملة متباينة) أو غير مقصود (أثر متفاوت)، ومن المهم معالجة كلا الجانبين منه. وقد تكون النوايا الحسنة كافية للحد من التمييز المتعمد، لكنها لن توقف التحيز غير المقصود. مثلاً، غالباً ما تضع الشركات عقبات في عملية التوظيف، وتبحث عن الصفات أو المؤهلات التي لا تحتاج إليها حقاً لأداء الوظيفة، والتي قد تُشوّه خيار التوظيف لصالح بعض المجموعات. وقد يحدث التمييز العنصري غير المقصود أيضاً في التفاعلات الشخصية، مثل تقديم (أو إهمال توجيه) الدعوات إلى المشاركة في فرص أو مناسبات التواصل حيث تُتخَذ قرارات مهمة، وفي تجاهل مساهمات الموظفين السود أو التقليل من أهميتها.8A.N. Smith, M.B. Watkins, J.J. Ladge, et al., “Making the Invisible Visible: Paradoxical  Effects of Intersectional Invisibility on the Career Experiences of Executive Black Women,” Academy of Management Journal 62, no. 6 (December 2019): 1705-1734. وغالباً ما يكون التمييز غير المقصود دقيقاً، ومع ذلك فإن عواقبه قد تكون ضارة بالمستهدفين به، وفي بعض الحالات أكثر من التمييز المتعمد.9K.P. Jones, C.I. Peddie, V.L. Gilrane, et al., “Not So Subtle: A Meta-Analytic Investigation of the Correlates of Subtle and Overt Discrimination,” Journal of Management 42, no. 6 (September 2016): 1588-1613.

محاسبة الجميع. تتسم أنظمة المساءلة بأهمية حاسمة في الحد من أثر التحيزات الفردية. وعندما يعرف الناس أن شخصاً ما يراقب، غالباً ما تنخفض الممارسات العنصرية. وقد توفر الاستطلاعات ومجموعات التركيز ومجموعات التقارب معلوماتٍ قيمةً عن مناخ المؤسسة ودرجة شمولها لمعظم الموظفين. ويمكن استخدام المعلومات المستقاة من هذه الأدوات لتقييم التقدم الذي أحرزته المؤسسة. والواقع أن العديد من الشركات الكبرى تربط الآن التعويض التنفيذي بتحقيق أهداف التنوع التنظيمي.

وإضافة إلى ذلك، فإن تحديد العواقب المترتبة على الانتهاكات وإنفاذها يبعثان برسالة واضحة في شأن المساءلة ويشيران إلى أنْ لا تسامح مع التمييز العنصري.

وقد يُشكّل المديرون الذين هم على تماس مع العملاء خطَ دفاعٍ أول من خلال إجراء عمليات تحقق Check-ins منتظمة مع الموظفين لمراقبة ما إذا كانت بيئة العمل خالية من التمييز العنصري (المتعمد وغير المقصود على حد سواء) والمساعدة على التأكد من أن ذلك هو الواقع من خلال فرض سياسات عدم التسامح مع المخالفات أو سياسات الانضباط التدريجي. ويمكن للموظفين الأفراد أيضاً أن يحاسبوا بعضَهم البعض من خلال إدراك التمييز العنصري والتحدث ضده عندما يرونه. وتبين الأبحاث أن مواجهة الأفراد في شأن التمييز العنصري قد تقلل من هذا السلوك.10A.M. Czopp, M.J. Monteith, and A.Y. Mark, “Standing Up for a Change: Reducing Bias Through Interpersonal Confrontation,” Journal of Personality and Social Psychology 90, no. 5 (May 2006): 784-803. وقورنت آثار مشاهدة التمييز العنصري بالتعرض لأضرار التدخين السلبي، مع تداعيات على المارة وكذلك على المستهدفين؛ ما يجعل مواجهات كهذه مفيدة ليس فقط للمستهدفين بالتمييز لكن أيضا لزملائهم.11D. Chrobot-Mason, B.R. Ragins, and F. Linnehan, “Second Hand Smoke: Ambient Racial Harassment at Work,” Journal of Managerial Psychology 28, no. 5 (2013): 470-491.

ليست التمييز العنصري في مكان العمل، والتمييز العنصري في وحشية الشرطة، والتفاوت العرقي في نتائج جائحة كوفيد-19 ظواهر معزولة. والخفض المترابط لقيمة حياة السود (نسبة إلى حياة البيض) يمتد عبر البيئات؛ وتجعل العنصرية المنهجية الأمريكيين السود أكثر عرضة لوحشية الشرطة، كما تديم التفاوت العرقي المستمر عبر دورة الحياة الخاصة بالتوظيف. ومع نمو الحركة من أجل مزيد من المساواة العرقية واستمرارنا بمكافحة العنصرية المنهجية في أعمال الشرطة، يجب علينا أيضاً أن نعالج التمييز العنصري في سياقات مهمة أخرى، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية والإسكان والمالية، ولكن في مكان العمل. ولأوضح الأمر، فإن الإجراءات المبينة أعلاه وحدها لن تحل مشكلة التمييز في مكان العمل، لكنها قد تحركنا خطوة أقرب إلى المثل السامية لتكافؤ الفرص التي تبناها مؤسسو أمريكا ووعد بها قانون الحقوق المدنية لعام 1964.

ديريك آر إيفري Derek R. Avery

ديريك آر إيفري Derek R. Avery

هو رئيس كرسي سي تي باور C.T. Bauer للقيادة الشاملة من كلية باور للأعمال Bauer College of Business في جامعة هيوستن University of Houston. إنريكا إن راغز Enrica N. Ruggs (@enruggs) أستاذة مساعد في الإدارة ومديرة مركز التنوع والإدماج Center for Workplace Diversity and Inclusion في مكان العمل من كلية فوغلمان للأعمال والاقتصاد Fogelman College of Business and Economics في جامعة ممفيس University of Memphis. للتعليق على هذا الموضوع: https://sloanreview.mit.edu/x/62128.

المراجع

المراجع
1 M. Bertrand and S. Mullainathan, “Are Emily and Greg More Employable Than Lakisha and Jamal? A Field Experiment on Labor Market Discrimination,” The American Economic  Review 94, no. 4 (September 2004): 991-1013.
2 M.S. Harrison and K.M. Thomas, “The Hidden Prejudice in Selection: A Research Investigation on Skin Color Bias,” Journal of Applied Social Psychology 39, no. 1 (January 2009): 134-168.
3 D. Pager, “The Mark of a Criminal Record,” American Journal of Sociology 108, no. 5 (March 2003): 937-975.
4 D.R. Avery, S.D. Volpone, and O. Holmes IV, “Racial Discrimination in Organizations,” ch. 7 in “The Oxford Handbook of Workplace Discrimination,” eds. A.J. Colella and E.B. King (New York: Oxford University Press, 2018).
5 K.A. Couch and R. Fairlie, “Last Hired, First Fired? Black-White Unemployment and the Business Cycle,” Demography 47, no. 1 (February 2010): 227-247; and K.A. Couch, R. Fairlie, and H. Xu, “Racial Differences in Labor Market Transitions and the Great Recession,” in “Transitions Through the Labor Market,” eds. S.W. Polachek and K. Tatsiramos (Somerville, Massachusetts: Emerald Publishing, 2018), 1-54.
6 D.A. Thomas, “Diversity as Strategy,” Harvard Business Review 82, no. 9 (September 2004): 98-108.
7 A. Luksyte, E. Waite, D.R. Avery, et al., “Held to a Different Standard: Racial Differences in the Impact of Lateness on Advancement Opportunity,” Journal of Occupational and Organizational Psychology 86, no. 2 (April 2013): 142-165.
8 A.N. Smith, M.B. Watkins, J.J. Ladge, et al., “Making the Invisible Visible: Paradoxical  Effects of Intersectional Invisibility on the Career Experiences of Executive Black Women,” Academy of Management Journal 62, no. 6 (December 2019): 1705-1734.
9 K.P. Jones, C.I. Peddie, V.L. Gilrane, et al., “Not So Subtle: A Meta-Analytic Investigation of the Correlates of Subtle and Overt Discrimination,” Journal of Management 42, no. 6 (September 2016): 1588-1613.
10 A.M. Czopp, M.J. Monteith, and A.Y. Mark, “Standing Up for a Change: Reducing Bias Through Interpersonal Confrontation,” Journal of Personality and Social Psychology 90, no. 5 (May 2006): 784-803.
11 D. Chrobot-Mason, B.R. Ragins, and F. Linnehan, “Second Hand Smoke: Ambient Racial Harassment at Work,” Journal of Managerial Psychology 28, no. 5 (2013): 470-491.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى