أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
ابتكاراخترنا لكاستراتيجيات

كيف تكتسب الشركات اليَقِظَة ميزةً في الأوقات المضطربة

عندما يزداد عدم اليقين، يظل أصحاب الأداء الأفضل في المقدمة بفضل معرفتهم المكان الذي يبحثون فيه عن إشارات تحذير والكيفية التي يستكشفون بها بيئتهم.

جورج إس. داي، بول جاي. إتش. شوميكر

قد تكون تكلفة البطء في فهم تهديدات الأفق التنافسي وفرصه مدمرةً. اسألوا فقط راديوشاك RadioShack، الشركة الرائدة في تلبية طلبات هواة الإلكترونيات. وبعد القفز إلى مجال توزيع الهواتف المحمولة في تسعينات القرن الـ20، لم تستجب سلسلة البيع بالتجزئة، التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً وتضم أكثر من أربعة آلاف متجر، بسرعة كافية لشروط التجارة الإلكترونية وفشلت في إيجاد طريقة لإنشاء روابط مع الجيل الجديد من المجربين والصانعين في مجال الإلكترونيات.1
J. Brusten, “Inside RadioShack’s Slow-Motion Collapse,” Bloomberg Businessweek, Feb. 2, 2015; and “Lessons from RadioShack: To Stay on Top, Figure Out What Got You There,” Knowledge@Wharton, Feb. 15, 2015, https://knowledge.wharton.upenn.edu.
وبعد محاولات متعددة لاستعادة مكانتها، تقدمت الشركة التي كانت مزدهرة يوماً بطلب لإشهار الإفلاس في عام 2015 ولم تسترد عافيتها قط.

يمكن للشركات تجنب مخاطر كهذه من خلال تحديد التحولات الاتجاهية قبل الشركات المنافسة لها. وفي أبحاثنا التي أُجرِيت على 118 شركة خلال العقد الماضي، وجدنا أن ما يميز أكثر الشركات يقظةً عن بعضها بعضاً لا يتمثل بالأدوات والأساليب التي تستخدمها، بل مقارباتها المنهجية لتحديد المكان الذي تبحث فـيه وكيفية استكشافه. فهي تميل إلى اتخاذ أربع خطوات أساسية. أولاً، تمسح البيئة استراتيجيا، وتستكشف ما وراء المناطق المريحة Comfort zones بالنسبة إليها، من أجل البدء بتحديد المكان الذي قد تأتي منه الإشارات ذات الصلة. ثانياً، تصيغ أسئلة إرشادية توجه الانتباه الشحيح للمؤسسة إلى الأماكن التي من المرجح أن تولد تهديدات أو فرصاً أكثر من غيرها. ثالثاً، تُجري تحليلات مستهدفة لفهم أفضل لمصادر أي إشارات ضعيفة تلتقطها ومعانيها. وأخيراً، تتابع الإشارات الأكثر إثارة للاهتمام، فتضخمها وتوضحها بشكل كافٍ للعمل بشكل حاسم عندما ينقشع الضباب.

ولا يعني تبني هذه العملية أن المؤسسات ستحدد كل إشارة مهمة؛ فهناك إشارات كثيرة تبقى ضعيفة أو غامضة لبعض الوقت، وقد يُفوَّت بعضها. ولكن من خلال تجربتنا في العمل مع عشرات الشركات، تكون الشركات التي تحرص بفاعلية على فهم الإشارات أفضل استعداداً للأشياء التي قد تحدث وقادرة على الانتعاش مجددا Bounce back بشكل أسرع. فتنبهها إلى الإشارات الضعيفة داخل الشركة وخارجها يسمح لها باتخاذ إجراءات في الوقت المناسب عندما تظهر تهديدات وشيكة أو فرص سانحة.

الخطوة الأولى:
حدِّد النطاق لتقرير مجال البحث
Scope to Decide How Widely to Look
في معظم الشركات، يقصر المديرون عمليات المسح على الأماكن والمصادر المألوفة ضمن حدود مناطقهم المريحة. ويولد هذا النهج ثروة من البيانات- كل شيء بدءاً من الانطباعات الغامضة للشائعات الصناعية إلى الأدلة التفصيلية المستقاة من تقارير المبيعات والدراسات حول اتجاهات التكنولوجيا وتنبيهات الجمعيات المهنية. وامتلاك مثل هذه البيانات قد يغرس شعورا بالتحكم، لكن هذا مجرد وهم، لأن الإشارات الضعيفة للتغيير التحولي تدخل أحياناً كثيرة من المجال المهمل الواقع خارج تركيز الإدارة. وحدث هذا لآي بي إم IBM عندما فشلت في توقع ظهور الحواسيب الشخصية. وحدث ذلك أخيراً في صناعة الإضاءة لجنرال إلكتريك General Electric وفيليبس Philips وسيلفانيا Sylvania، التي أبطأت في رؤية الأثر الكامل لتكنولوجيا الصمام الثنائي الباعث للضوء Light-emitting diode (اختصارا: الصمام LED). وأعلنت هذه الشركات الثلاث أخيراً أنها بدأت بالخروج من أعمال الإضاءة القديمة نظراً لانخفاض هوامشها الربحية.2M. van Tartwijk, “Philips Sells Majority Stake in LED Components, Automotive Business,” The Wall Street Journal, March 31, 2015; and M. Egan, “GE Can’t Get Rid of Its Light Bulb Business,” CNN, May 22, 2018, https://money.cnn.com. Osram Sylvania has refocused its lighting business on opto-semiconductors, automotive, and digital applications; see “Annual Report of Osram Light Group Fiscal Year 2018,” 2018: 5. وربما كانت ستتمكن من تجنب هذا المصير لو أن قادتها طبقوا عملية مسح أكثر اتساعاً.

وتتمثل الاستراتيجية الفاعلة للكشف عن التغيير في وقت مبكر بتجميع فريق متنوع من المفكرين المستقلين من داخل الشركة وخارجها على حد سواء، ممن يستطيعون، وفق تعبير أحد عملائنا: «الاستفادة من جنون الارتياب لدى المؤسسة» ودعوة الجميع إلى التعبير عن المشاعر أو المخاوف أو الشكوك أو الحدس التي قد تظل طيّ السبات بخلاف ذلك. ويمكن لفريق القيادة بعد ذلك تسليط الضوء على المسائل المهملة الآن لكن التي قد تبرز خلال السنوات القليلة المقبلة. وسيسمح اعتماد إطار زمني مدته ثلاث إلى خمس سنوات للقادة بالتقدم إلى الأمام أكثر من منافسيهم، ولاسيما عندما تلوح بعض السحب في الأفق.

مثلاً، انظروا في الصناعة العالمية لحلويات الشوكولاتة. فهي تبدو مستقرة نسبيّاً في الوقت الراهن. ولكن تحت السطح، هناك أسئلة مهمة تتعلق، من بين أشياء أخرى، باستخدام عمالة الأطفال من قبل الموردين، وآثار تغير المناخ، وعدم الاستقرار الجيوسياسي في مناطق زراعة الكاكاو. مثلاً، يستورد البندق، وهو عنصر شائع في ألواح الشوكولاتة، من تركيا، التي صارت في الآونة الأخيرة غير مستقرة سياسيّاً بسبب الاضطرابات الداخلية وقربها الجغرافي من سوريا والعراق. وبتسليط الضوء على المسائل التي تلوح في الأفق، قد تبدأ فرق القيادة بتحديد التهديدات المحتملة قبل أن تُحدِث فوضى. (انظر: أين تبحثون عن إشارات ضعيفة).

وعلى الرغم من أن المخاوف ستختلف وفق شريحة المنتجات والصناعة، فعلى القادة البقاء مطلعين على ما يجري عبر المشهد كله من القوى والتيارات الخفية التي ستشكل مجتمعة مستقبلهم. ويمكن تكليف فرق مختلفة بكشف إشارات ضعيفة في «مجالات» مختلفة (مثلاً، القوى الاجتماعية والاقتصادية والقوى السياسية، والتحولات في العملاء أو القنوات، وسلوك المنافسين والمكملين، والتكنولوجيات الناشئة، وتأثيرات الإعلام والجهات المؤثرة فيه) قد يبدو بعضها في البداية هامشيّاً للشركة.

وإضافة إلى النظر في الخارج، يجب على القادة أيضاً أن يظلوا متيقظين للمخاطر داخل شركاتهم الخاصة، مثل مستهدفات المبيعات Sales targets المضللة والعلاقات المتوترة، من أجل منع تحول المشكلات الصغيرة إلى أزمات كبيرة. وكما تعلمت شركات مثل ويلس فارغو Wells Fargo وفولكسفاغن Volkswagen وبوينغ Boeing بالطريقة الصعبة، يمكن لتجاهل المشكلات الداخلية الملتهبة -بسبب الإهمال أو التعامي المتعمد- أن يوقع ضررا بقدر ضرر العوامل الخارجية الغامضة.

في العصر الحالي للتوليد المستمر للبيانات والتضخيم الانتقائي للإشارات في عالمنا من الوسائط المستقطَبة، يمكن للحجم الهائل من إشارات التحذير أن يطغى بسهولة على قدرة المؤسسة على استيعاب هذه الإشارات بشكل صحيح. والغرض من التحديد الاستراتيجي للنطاق من قبل القادة هو البدء بلفت انتباه المؤسسة إلى أكثر الأشياء إلحاحاً حتى يمكن الحصول على المدخلات ذات الصلة من الموظفين من المستويات كلها.

الخطوة الثانية:
ركِّز الاهتمام بطرح أسئلة إرشادية
Focus Attention With Guiding Questions
تحديد أي المسائل التي تلوح في الأفق يستحق الاهتمام ويتطلب تحديدها قدرا من الفضول. فعلى القادة طرح أسئلة تكشف حدود المعرفة الحالية للشركة حتى يتمكنوا من الإشارة إلى مجالات الجهل الجماعي وتوعية المؤسسة بالمسائل الناشئة. مثلاً، يتحدى مؤسس غوغل Google لاري بيج Larry Page فرق التطوير التابعة للشركة في أن تتوقع المستقبل، ليس من خلال التفكير فيما هو حقيقي أو ما هو محتمل الحدوث بل من خلال سؤال أنفسهم عما قد يكون صحيحاً، حتى ولو كان غير متوقع تماما.ً3E. Schmidt and J. Rosenberg, “How Google Works” (New York: Grand Central Publishing, 2014). ويدفع استقصاء كهذا المديرين إلى النظر بشكل أعرض وأعمق. ووجدنا أن من المفيد تنظيم الأسئلة في ثلاث فئات: التعلم من الماضي، واستجواب الحاضر، وتوقع المستقبل.


التعلم من الماضي Learning from the past. ربما لا يكون الماضي مؤشراً موثوقاً به للمستقبل، لكنه قد يساعد المؤسسات على تحديد الأمور الغامضة وأوجه الضعف النظامية Systemic weaknesses. مثلاً، تتأكد شركة للتشخيص الطبي عملنا معها من وضع فهرسة منهجية للتهديدات والفرص الضائعة التي ربما أدت إلى النمو. ومن وجهة نظر الرئيس التنفيذي CEO اعتاد المديرون أن يكونوا ذوي تركيز ضيق. فعلى الرغم من نجاحهم في اكتشاف الاتجاهات التكنولوجية، فقد كانوا بطيئين في اكتشاف التحولات في شعور المستهلك والتهديدات من المنافسين المحتملين بالأسواق المجاورة. مثلاً، نظراً لأنهم ركزوا على التطبيقات الأكثر تقدماً، فقد فشلوا في رؤية الإمكانية التي وفرتها المناظير الباطنية ذات الاستخدام الواحد Disposable. وبمجرد أن رأى المديرون أنماطاً للنجاحات والإخفاقات في الماضي، بدؤوا يجرون بانتظام مسوحاً أوسع، ويطرحون على أنفسهم أسئلة أعمق حول خطط المنافسين غير التقليديين والتكنولوجيات المزعزعة Disruptive التي كانوا يتجاهلونها، على أمل تجنب تكرار أخطاء الماضي. ونظروا في التكنولوجيات الجديدة، لكنهم أولوا اهتماماً خاصا لما كان يقوله الموزعون والمستهلكون النهائيون ومستوى الأرباح التي تمكنت الأطراف الفاعلة في مرحلة البيع من تحقيقها.

وقد تكون دراسة الماضي مفيدة في تحديد أوجه التشابه أو السوابق ذات الصلة من صناعة أخرى أو موقع جغرافي آخر، حيث ربما تكون المسائل المثيرة للقلق قد عُولِجت بالفعل. وتحاول شركة لتكنولوجيا النانو Nanotechnology، مثلاً، تصور الكيفية التي يمكن بها أن تتطور المقاومة الاجتماعية المتزايدة لتطبيقات مثل الألياف الفائقة القوة Superstrong fibers أو العقاقير الذكية الموجهة بدقة Precision-guided smart drugs. وتكهن قادة الشركة أن الجدل العام السابق حول الكائنات المعدلة وراثيّاً Genetically modified organisms (اختصارا: الكائنات GMOs) قد يمنحنا بعض التبصرات المفيدة. فمع الكائنات المعدلة وراثيّاً، برز قلق مبكر من المخاطر الصحية المحتملة التي تسببها الشركات العامة المجهولة الهوية، ثم نمت المعارضة بشكل كبير، ولاسيما في أوروبا.4M.H. Bazerman and M.D. Watkins, “Predictable Surprises: The Disasters You Should Have Seen Coming and How to Prevent Them” (Boston: Harvard Business School Press, 2004). وفي كثير من الحالات كان مؤيدو النهج الجديد عرضة للشك، ونشأ شك حقيقي في قيمة المنافع في مقابل المخاطر.5D. Franklin, “Megatech: Technology in 2050” (London: Economist Books, 2017). ويمكن لدراسة الحالات الموازية أن تساعد القادة على النظر إلى وضعهم في سياق أوسع واختيار طرق أفضل لمتابعة الإشارات الإضافية للإنذار المبكر وتفسيرها.6Psychologists have studied why consumers often rank various risks very differently than experts who have studied the statistics. They found that risks over which people have little control (such as flying versus driving yourself) or those that people poorly understand (radiation versus slipping in the shower) are considered more threatening by ordinary citizens. The concentration of risks (airplane crash versus highway death) and whether the threat has a halo of dread (Ebola versus a broken leg) also shape consumers’ perceptions. See P. Slovic, “The Perception of Risk” (Abington-on-Thames, England: Routledge, 2000).

وهناك منهج جيد آخر يتمثل باستخدام النجاحات السابقة لإنشاء مواقع متقدمة للمراقبة والاستماع في الأسواق الأخرى عن طريق طرح السؤال التالي: «من هم الذين لديهم سجل ثابت في الملاحظة في وقت أبكر والعمل بشكل أسرع؟» و«ما هو سرهم؟» هناك مثل شركة لتكنولوجيا التغليف مقرها الولايات المتحدة نعرفها تمتلك مكتباً صغيراً في اليابان، مزوداً بعدد قليل من الموظفين، ليبحث عن الابتكارات المبكرة هناك. وقد أنشأت هذا الموقع المتقدم بعد ملاحظة أن العديد من الإنجازات المهمة في أشكال التغليف ومواده ظهرت أولاً في اليابان. وتجد شركات أخرى أن من المفيد أن تكون لها آذان وعيون في أنحاء العالم كله. وتحتفظ بروكتر أند غامبل Procter & Gamble، مثلاً، بالمسؤولين التنفيذيين المتقاعدين بدوام جزئي في أسواقها الرئيسية للإبلاغ عن التطورات الجديرة بالملاحظة فيما يخص السلع الاستهلاكية.

استجواب الحاضر Interrogating the present. وفي بعض الأحيان تكون الإشارات أمامكم مباشرة. ولكن حتى القادة الأذكياء قد يقعوا ضحية تبرير إشارات التحذير من المشكلات الوشيكة ومن ثم إهمالها. وفي الواقع، من المعروف وجود مؤسسات بكاملها تطبق إجراءات دفاعية تستبعد هذه الإشارات بشكل منهجي من أجل حماية الوضع الراهن. ولحسن الحظ، للعديد من المفاجآت سوابق تظهر في البداية على أنها انحرافات عما هو متوقع — مثلاً، شريك في تحالف يبدأ بتوظيف نوع مختلف من المواهب، أو عميل يشكو من قلة العمالة الموفرة له، أو شائعة تقول إن منافساً يخفض أسعاره. وهناك العديد من الإشارات التي تنتظر أن تُكتشَف، كما لو أن المستقبل يهمس لكم. وكل ما عليكم فعله هو أن تسألوا ما هي وتصغوا.

قد يكون العملاء غير الراضين، ولاسيما أولئك الذين ينقلون أعمالهم إلى شركات أخرى، مصدراً غنيّاً للأسئلة الإرشادية. ويمكن لمراجعات Postmortems صفقات المبيعات التي لم تتم أو العقود التي فاز بها منافسون أن تكون شديدة الدلالة، لكن فقط إذا سأل الأشخاص الذين يتولون المتابعة Follow-up بصراحة لماذا يخسرون فرص الأعمال هذه وإذا كانوا منفتحين على معرفة الحقيقة ومشاركة الآخرين ما يتعلمونه من ذلك.

ويراقب العديد من الشركات المدونات Blogs ومواقع التواصل الاجتماعي Social media وغرف الدردشة Chat rooms بحثاً عن إشارات إلى حدوث مشكلات مع العملاء، مع تركيز على الإجراءات العلاجية في الوقت المناسب. وتولي المؤسسات اليقظة اهتماماً خاصّاً للسلوكيات والاحتياجات المتطورة للعملاء. إحدى طرق فعل ذلك هي دراسة “حالات الحافة” Edge cases التي قد تقترح فرصاً أو تهديدات. (في الهندسة، يُستخدَم مصطلح الحافة لوصف المواقف التي تدفع الحدود عمداً). مثلاً، أشار أحد العملاء أخيراً إلى بعض الوظائف الجديدة التي ظهرت في السنوات الأخيرة — وهي وظائف تعالج مجموعات جديدة من احتياجات العملاء وتشمل: المزارع الداخلي Indoor farmer، ومهندس الأنسجة الاصطناعية Synthetic tissue engineer، ومصمم الأزياء الافتراضية Virtual fashion designer. وقادت هذه الملاحظة العميل وزملاءه إلى أن يسألوا أنفسهم عن ماهية الوظائف الأخرى التي على وشك الظهور وأسباب ذلك (مثلاً، اختصاصي روبوتي لإدارة الخدمات عبر الإنترنت يتم الاتصال به عبر واجهات للمحادثة Conversational interfaces على غرار أدوات السماعات الذكية Smart speakers).

توقع المستقبل Anticipating the future. تحضيراً للمستقبل، يمكن للقادة وضع سيناريوهات مختلفة تعكس الكيفية التي قد تتبلور بها أوجه عدم اليقين الحالية في السنوات المقبلة.7P.J.H. Schoemaker, “Scenario Planning: A Tool for Strategic Thinking,” MIT Sloan Management Review 36, no. 2 (winter 1995): 25-40; and K. van der Heijden, “Scenarios: The Art of Strategic Conversation” (New York: John Wiley, 1996). وعندما يشاركون في هذا النوع من النشاط، يكونون أقل عرضة لاعتبار إشارة ضعيفة أمراً معزولاً ومن ثم إهمالها باعتبارها مجرد ضجيج في الخلفية. وإذا وُضِعت سيناريوهات متنافسة، فسيكون من الأسهل ربط إشارات ضعيفة محتملة ببعضها ومن ثم وضعها في سياق أوسع.8V. Venkatraman, “How to Read and Respond to Weak Digital Signals,” MIT Sloan Management Review, Feb. 22, 2019, https://sloanreview.mit.edu. مثلاً، ربما لا يبدو قرار اتخذه منافس بخفض الأسعار جديراً بالملاحظة، ولكن في سيناريو يُربَط فيه القرار بتشريعات Regulations جديدة أو بعملاء يتحولون إلى علامة تجارية أخرى، قد يصبح الأمر مهما جدا.

ولتحفيز التخطيط للسيناريوهات، يجب على القادة طرح أسئلة إرشادية حول المستقبل مثل: «ما هي المفاجآت التي قد تضرنا (أو تساعدنا) حقّاً؟» و«ما هي بعض المفاجآت المستقبلية التي قد تكون كبيرة على غرار تلك التي رأيناها في العقود الأخيرة؟» وعلى شركات الخدمات المالية، مثلاً، أن تسأل: «ما هي المفاجآت المستقبلية التي قد تكون كبيرة مثل باي بال PayPal أو أبل باي Apple Pay؟» أما الشركات في قطاعات التصنيع الناضجة فيتعين أن تفكر فيما إذا كان تقدم تكنولوجي ما (مثل الإضاءة LED) قد يزعزع أعمالها وما هي الطرق والسرعة اللتان قد يجري بهما ذلك.

الخطوة الثالثة:
استخدم المسح النشط من أجل الاستكشاف العميق
Actively Scan to Deeply Explore
لا تُنقَش الخيارات التي تتخذها المؤسسات فيما يتعلق بالنطاق Scope في الحجر، بل ستتطور مع تغير الأولويات والمسائل. ويجب أن تتغير أيضاً الاستكشافات المحددة التي يطلقها المديرون، إذ تظهر تبصرات جديدة حول البيئة التنافسية وتتيح فرصاً جديدة. مثلاً، لاحظت شركة تأمين على السيارات نعرفها أن عملاءها لم يجددوا عقودهم بالوتيرة نفسها كما في الماضي، لكنهم عادوا كعملاء لاحقّاً. فلماذا كانوا يغادرون في المقام الأول؟ وعلى عكس الافتراض المبدئي للإدارة، لم تكن للأمر علاقة بالتسعير. وبدلاً من ذلك، علمت الشركة من خلال الاستماع عن كثب إلى العملاء المنقطعين أن بعض المنافسين صاروا أكثر مرونة فيما يتعلق بتغطيتهم وشروطهم، وأن بعض العملاء المحتملين كانت لهم احتياجات على صعيد التغطية القريبة الأجل لم تكن شركتهم تُلبَّيها. وتحدت تلك المحادثات الاستكشافية، كونها شكلاً من أشكال المسح النشط Active scanning، الاعتقاد أن التسعير كان هو المشكلة ودفعت الشركة إلى وضع سياسات تنافسية قريبة الأجل.

ويعتمد المسح النشط على المنهج العلمي Scientific method: فهو يبدأ بمجموعة من الفرضيات Hypotheses، تُختبَر وتُراجَع بناءً على توفر بيانات جديدة. وهو متجذر في شعور عميق بالفضول والاستكشاف. مثلا نجد المهندس المعماري الأمريكي آر. بوكمينستر فولر R. Buckminster Fuller والمنظِّر بالمستقبل Futurist، المعروف بنشره -جماهيريا- لفكرة القبة الجيوديسية Geodesic dome (وهي هيكل مصمم على غرار خلية النحل)، يسعى إلى حل المشكلات بطريقة مماثلة. فقد توصل إلى العديد من أفكاره من خلال دراسة الطبيعة وطرح الأسئلة عن العالم من حوله. وأينما سافر، التقط مجلات وأرغم نفسه على قراءتها من الغلاف إلى الغلاف، سواء أكانت المواضيع تدور حول نسج السلال أم صيد الأسماك بالذباب الاصطناعي Fly-fishing أو الإلكترونيات أم السياسة. وحاول الهرب من فقاعات المعلومات Information bubbles وغرف الصدى Echo chambers من خلال تعريض نفسه لللتفكير المتشعب Divergent thinking ودراسة الأفكار من الخارج إلى الداخل Examining ideas from the outside in. ويتمكن قادة الأعمال الذين يتبنون هذين السلوكين، ويرعونهما في مؤسساتهم، من رؤية العالم بعيون جديدة وإقامة روابط مفاجئة.

تشجيع التفكير المتشعب Encouraging divergent thinking. قد يؤدي التفكير المتشعب، أي الأفكار الواسعة النطاق، والمتعارضة أحياناً كثيرة، والصادرة عن مجموعة متنوعة من المدخلات، إلى تبصرات أعمق شرط أن يكون النزاع الفكري الذي يولده هذا النوع من التفكير متحكما فيه بشكل جيد.9C.J. Nemeth, B. Personnaz, M. Personnaz, et al., “The Liberating Role of Conflict in Group Creativity: A Study in Two Countries,” European Journal of Social Psychology 34, no. 4 (July/August 2004): 365-374. ولفعل ذلك، يحتاج القادة إلى وضع معيار للتسامح والانفتاح، حتى عندما تكون المساهمات متناقضة بوضوح.10R.L. Martin, “The Opposable Mind: Winning Through Integrative Thinking” (Boston: Harvard Business Press, 2009). وأحبت هالا موديلموغ Hala Moddelmog، الرئيسة السابقة لمجموعة مطاعم أربي Arby’s Restaurant Group، أن تحيط نفسها بزملاء لها من مختلف الأعراق والمواقع الجغرافية وأنماط الشخصية. ووفق ما أوضحت قائلة: «أنتم حقاً لا تحتاجون إلى شخص آخر يشبهكم». فالانفتاح على وجهات نظر مختلفة قد يساعد القادة على الفكاك من قيودهم وتوجيه انتباههم إلى المعلومات أو الحلول التي لم يجرِ التفكير فيها من قبل.11J. Goudreau, “Eight Leadership Lessons From the World’s Most Powerful Women,” Forbes, March 21, 2013, www.forbes.com.

يعتمد المسح النشط على المنهج العلمي: فهو يبدأ بمجموعة من الفرضيات، تُختبَر وتُراجَع بناءً على بيانات جديدة. وهو متجذر في شعور عميق بالفضول والاستكشاف.

 

ولحسن الحظ، تمتلك مُعظم المؤسسات بعض المفكرين المستقلين. ولكن المشكلة، كما أشار المؤسس الأسطوري لإنتل Intel رئيسها التنفيذي السابق آندي غروف Andy Grove، تكمن في أن هؤلاء لا يرتاحون أحياناً كثيرة إلى مشاركة اهتماماتهم ومشاعرهم العميقة مع القيادة.12A.S. Grove, “Only the Paranoid Survive” (New York: Currency, 1996). مثلاً، عندما تحصل أحداث غير متوقعة داخل مؤسسة ما، لا يُفاجَأ عادة عدد قليل من الموظفين- لكنهم لا يقولون شيئا. إذ نادراً ما تطفو التبصرات المتمردة إلى السطح من دون تشجيع واضح. فالقادة يحتاجون إلى إنشاء مجالات آمنة للموظفين الموجودين على الأطراف للتعبير عن آرائهم. إضافة إلى ذلك، يجب على المؤسسات اليقظة التماس مشاركة من الموظفين عند مستويات متعددة. ومعاً، ستساعد هذه التكتيكات على تعزيز ثقافة فضولية معدة لاكتشاف الفرص ونزع فتيل المشكلات قبل أن تنفجر.13Diversity plays a key role in fostering outside-in perspectives. See S. Saeed, S. Yousafzai, A. Paladino, et al., “Inside-Out and Outside-In Orientations: A Meta-Analysis of Orientation’s Effects on Innovation and Firm Performance,” Industrial Marketing Management 47 (May 2015): 121-133.

وعلى الرغم من أن مخاطر التفكير الجماعي Groupthink معروفة على نطاق واسع، فلا يزال العديد من القادة يتصارعون معها. مثلاً، سعى الرئيس التنفيذي CEO لأمازون Amazon جيف بيزوس Jeff Bezos إلى محاربة ما يسميه «الميل القميء للموظفين للموافقة على آراء بعضهم بعضا وليجدوا التوافق في الآراء مريحاً». وحاول بناء ثقافة يتحدى فيها القادة الأفكار التي لا يتفقون عليها «حتى عندما يكون ذلك غير مريح أو مرهقاً».14D. Baer, “Five Brilliant Strategies Jeff Bezos Used to Build the Amazon Empire,” Business Insider, March 17, 2014, www.businessinsider.com. ويحاول راي داليو Ray Dalio، المؤسس والرئيس المشارك لمجلس الإدارة في بريدجواتر أسوسيتس Bridgewater Associates، وهو أحد أكبر صناديق التحوط Hedge funds في العالم وأكثرها نجاحاً، إنشاء بيئة مماثلة ووضع ما يسميه “الشفافية الجذرية” Radical transparency على رأس قائمة أولوياته.15R. Dalio, “Principles: Life and Work” (New York: Simon & Schuster, 2017).

وهذا يعني عمليّاً عدم التحدث من وراء ظهور الآخرين، والتأكيد على تسجيل الاجتماعات لإتاحتها لغير القادرين على الحضور، وتوزيع رسائل البريد الإلكتروني على نطاق واسع، والتعبير عن الخلافات بشكل منفتح وبنّاء. وبالطبع، فإن الحديث عن تعزيز الشفافية أسهل من الفعل، لأن النفور من النزاع والإساءة إلى الآخرين أحياناً كثيرة يعيق النقاش الصريح. وفي حالات كهذه، يعزز داليو الشفافية الجذرية. فعندما عَلِم بشكل غير مباشر أن زميلاً عالي المستوى شكك في التزامه بخطة للتعاقب الوظيفي الإداري، وبخ داليو الزميل علناً لعدم التحدث إليه أولاً مباشرةً.16J. Gapper, “Bridgewater Is Troubled Over ‘Radical Transparency,’” Financial Times, Feb. 10, 2016.

التفكير من الخارج إلى الداخل Thinking from the outside in. الشركات اليقظة تعرف أيضاً كيف تخرج إلى خارج حدود مؤسساتها لاستعراض الأمور من خلال عيون العملاء والمنافسين. وهي تطرح باستمرار أسئلة نقدية مثل: «كيف يتغير عملاؤنا؟» و«ما هي الاحتياجات الجديدة المحتمل أن تنشأ لديهم، وكيف ستُلبَّى هذه الاحتياجات؟» وبعد ذلك قد تؤدي بعض الأدوار إلى تغيير وجهة النظر- مثلاً، التفكير في كيفية شن أحد القادمين الجدد إلى السوق هجوماً محتملاً على أعمالها. وهناك طريقة جيدة لفعل ذلك تتمثل بإنشاء فريق متعدد الوظائف بعدد من الأعضاء الخارجيين الذين يقدمون وجهات نظر جديدة. ويمكن لهذا النوع من تمرين “الفريق الأحمر ” Red team الذي يستخدمه الجيش17M. Zenko, “Red Team: How to Succeed by Thinking Like the Enemy” (New York: Basic Books, 2015). أن يوعي الموظفين بالتهديدات التي ربما لا يدركونها بخلاف ذلك.

ومنطق مسح الأسواق من الخارج إلى الداخل Outside in ثم استخدام تبصرات السوق لاختبار الفرضيات حول الإمكانات هو أمر مثير للاهتمام. ولكنه يتعارض مع ما يفعله العديد من المؤسسات. وفي الواقع، تعمل أغلبية الشركات من الداخل إلى الخارج Inside out، معتقدة أن مندوبي المبيعات يعرفون ما يريده عملاؤهم، وأن العاملين في مجال الأبحاث والتطوير يعرفون ما هو ممكن، وأن القيادة تتابع نبض السوق. وهذه افتراضات خطيرة عندما تتغير الأوقات وتكثر الاضطرابات.

الخطوة الرابعة:
حدّد أي الإشارات الواجب تضخيمها وتوضيحها Decide Which Signals to Amplify and Clarify
من خلال المسح النشط، تحدد المؤسسات أحياناً كثيرة إشارات أكثر مما تستطيع أن تستوعبه. لذلك يحتاج القادة إلى وضع طرق لتسليط الضوء على الإشارات الأكثر إثارة للاهتمام. وتتضمن النُّهُج المفيدة التماس حكمة الحشود Wisdom of the crowd والتماس المدخلات من شبكتكم من الشركاء والمتعاونين.

التماس حكمة الحشود Canvasing the wisdom of crowds. أظهرت الدراسات أن المجموعات تكون أحياناً كثيرة أفضل من الأفراد في إصدار أحكام دقيقة.18J. Surowiecki, “The Wisdom of Crowds: Why the Many Are Smarter Than the Few and How Collective Wisdom Shapes Business, Economics, Societies, and Nations” (New York: Random House, 2005). وذلك لأن الأفراد يمتلكون معلومات جزئية فقط في حين تكون مجموعات الموظفين ذوي المهارات المختلفة أكثر ذكاءً بشكل جماعي من أذكى أعضائها. وعلى افتراض أن المجموعة لا تعاني غموضا جماعيا يوجه الجميع إلى الاتجاه الخاطئ؛ فسيعكس حشد متنوع مختلفَ التجارب والآراء الخاصة بالعديد من الموظفين.

الاستفادة من الشبكة الموسعة Leveraging the extended network. تسمح الشبكات المؤسسية المؤلفة من شركاء وموردين وموزعين وباحثين ومستشارين للمؤسسات بتوسيع نطاق أنظمة الفهم لديها من دون التعرض لخطر زيادة تحميل طاقتها على استيعاب الإشارات الضعيفة.19P.J.H. Schoemaker, G.S. Day, and S.A. Snyder, “Integrating Organizational Networks, Weak Signals, Strategic Radars, and Scenario Planning,” Technological Forecasting and Social Change 80, no. 4 (May 2013): 815-824. وهناك مثال جيد للفهم على نطاق واسع يتمثل بشركة لي أند فونغ Li & Fung، التي تدير سلاسل إمداد وتتخذ من هونغ كونغ مقراً وتحقق إيرادات تزيد على ثمانية بلايين دولار سنويّاً من مبيعات الملابس والألعاب والمنتجات المجمعة الأخرى من دون صنع أي من المنتجات بنفسها. وبالمثل، تحتفظ أبل Apple بعلاقات مع أكثر من مليون من مطوري البرمجيات، وآلاف من صانعي الملحقات، ومزودين للمحتوى لا يُعَدون ولا يُحصَون، ويمتلك كل منهم القدرة على التقاط إشارات ضعيفة مثل التحذيرات المبكرة حول مشكلات البرمجيات، والمخاوف الكامنة حول إجراءات جمع البيانات، والاتجاهات بين أوائل المتبنين للمنتجات.20P.R. Kleindorfer, Y. Wind, and R.E. Gunther, “The Network Challenge: Strategy, Profit, and Risk in an Interlinked World” (Upper Saddle River, New Jersey: Prentice Hall Professional, 2009). ويمكن استخدام سلاسل الإمداد لمعظم الشركات لجمع المعلومات الاستخبارية حول ديناميكيات الصناعة أو سلوك المنافسين أو نقص وشيك في الإمدادات.

التوضيح عن طريق التثليث Clarifying by triangulating. أشاد ليوناردو دا فينشي Leonardo da Vinci بفضيلة التفكير النظامي ومحاولة النظر في الأشياء من وجهات نظر مختلفة.21See M. Michalko, “Cracking Creativity: The Secrets of Creative Genius” (Berkeley, California: Ten Speed Press, 2001); and see M.J. Gelb, “How to Think Like Leonardo da Vinci: Seven Steps to Genius Every Day” (New York: Dell, 2009). وتماماً مثلما يستخدم النظام العالمي لتحديد المواقع Global Positioning System (GPS) ثلاثة إحداثيات لتحديد موقع المركبة على الخريطة، يمكن للمديرين وضع تبصرات أكثر وضوحاً باستخدام أساليب استقصاء متعددة ووجهات النظر. وستثقون بإشارة إلى وجود تهديد وشيك أو فرصة سانحة إذا جرى التحقق منها من مصادر مختلفة. وهذا هو جوهر الصحافة الجيدة والعلوم الجيدة. ويتمثل الهدف بتجنب التحيزات المحتملة والإشارات المضللة الناشئة عن مصدر واحد للمعلومات، وبناء الثقة في التفسير.

ستثقون بإشارة تشير إلى وجود تهديد وشيك أو فرصة سانحة إذا جرى التحقق منها من مصادر مختلفة. والهدف هو بتجنب التحيزات المحتملة والإشارات المضللة الناشئة عن مصدر واحد للمعلومات.

 

وأدرك رئيس شركة عملنا معها أن مسؤوليه التنفيذيين كانوا يفوتون كثيراً من التبصرات المحتملة حول كيفية تغير الأسواق. وشجعهم ليس فقط على دراسة المنظومة الإيكولوجية للعميل Ecosystem of consumers والمستهلكين والمنافسين والموردين والشركاء في المشاريع المشتركة والتحالفات الاستراتيجية، بل أيضاً على الاستفادة من مجموعة متنوعة من وجهات النظر لإنشاء سيناريوهات بالاحتمالات تتوقع تحركات محتملة في البيئة التنافسية. وكان القصد من ذلك “تثليث” Triangulate المعلومات المتاحة والكشف عن التطورات ذات الصلة في السوق التي لم يأخذها المسؤولون التنفيذيون وحتى عملاؤهم بالاعتبار الكامل.

ولإجراء هذا التمرين، فقد شكلت الشركة فرقاً متنوعة مخصصة للعملاء ضمت ممثلين من مختلف المناطق والوظائف والأقسام؛ وأضافت مصادر غير تقليدية للبيانات مثل المدونات والمحادثات عبر الإنترنت وكذلك المصادر التقليدية مثل التعليقات على التقارير السنوية والعروض المخصصة للمستثمرين؛ وأعدت قائمة بالأطراف الرئيسية والمؤثرين الرئيسيين داخل المؤسسة وخارجها، مع إشراك أكبر عدد ممكن منهم في رصد البيانات الشاملة. وصار بإمكان أعضاء الفريق داخل المناطق الفردية أن يروا حسابات عملائهم في مجملها ومشاركة الأفكار مع زملائهم من أجزاء أخرى من العالم. وصارت خطط الحسابات تستند الآن إلى مدخلات من وجهات نظر متعددة وصارت من ثم أكثر اكتمالاً. وسمح هذا للفرق بالربط بين النقاط في الوقت الفعلي خلال المؤتمرات العادية المقامة عن بعد.22S. Krupp and P.J.H. Schoemaker, “Winning the Long Game: How Strategic Leaders Shape the Future” (New York: PublicAffairs, 2014): 104-105.

اشحذ قدرات الفهم لديك
Hone Your Sensing Capability
عندما تتغير البيئات وتكون مشحونة بالشكوك، تحظى الشركات التي تطرح أسئلة جيدة بميزة تميزها عن البقية. ولكن يتعين على القادة اليقظين أن يوازنوا حرصهم على إيجاد إجابات لهذه الأسئلة مع إدراك أنهم لا يستطيعون فعل كل شيء دفعة واحدة. وفيما يلي بعض المبادئ الإرشادية المختبرة المصممة لمساعدة فرق القيادة على الملاحة بشكل أفضل في الاضطرابات وشحذ قدرة شركتهم على الفهم:

• استشعر الوسط المحيط بالبحث النشط وبعقل منفتح وبمزيج من الرحلات الافتراضية والاستكشافية الموجهة التي تستهدف المجهول. وبدلاً من التعامل مع الأمر كحدث، يجب نسجه في عملية تعلم مستمرة تُشرِك المؤسسة بكاملها.
• نادراً ما يمثل نقص البيانات مشكلة كبيرة بقدر مشكلة الحمل الزائد الناتج من الإشارات المشتِّتة والمشوِّشة التي قد تبدد الانتباه الشحيح لفريق القيادة. اطرح الأسئلة الإرشادية للمساعدة على تركيز الاهتمام الجماعي.
• مارس التعاطف Empathy واستخدم نُهُجا تعمل من الخارج إلى الداخل من أجل أن تفهم بعمق عملاءك ومنافسيك والمتعاونين معك، وأين سيكونون في المستقبل.
• فعّل الفضول الجماعي؛ ابحث عن طرق لتحفيز الفضول الطبيعي للموظفين. وكن منفتحا على الاستكشاف والاكتشافات بالمصادفة والرحلات العشوائية والتجريب.
ويمكن للأفراد من أعضاء فريق القيادة تعزيز اليقظة الجماعية للمؤسسة من خلال تعزيز العادات الشخصية التالية:
• أنشئ “لحظات شرفات” Balcony moments للابتعاد عن المشكلات (كما لو كنت تنظر من بُعد إلى مجموعة من الأشخاص المشاركين في نقاش حيوي).23W. Ury, “Go to the Balcony,” (2016 Dawson High School graduation address, June 12, 2016). ويتيح لك هذا الابتعاد عن شدة اللحظات وعواطفها إعادة صياغة المشكلات من وجهة نظر أوسع.
• استثمر في الشبكات الشخصية والمهنية الأوسع نطاقاً لتوسيع نظام الرادار الاستراتيجي الشخصي الخاص بك وللحفاظ على الروابط مع التغيرات التي تحدث من حولك.
• شجع الزملاء على الاعتراف عندما لا تتوفر لديهم إجابات. فبدلاً من التخمين أو التسرع في الاستنتاجات، اطلب إليهم وضع فرضيات ثم استكشف الاحتمالات مع الآخرين.

إن الفهم الحكيم يسمح باتخاذ قرارات مرنة وأعمق استكشافا وفي الوقت المناسب. وهذا بدوره يمكّن المؤسسات اليقظة من رؤية التهديدات والفرص عاجلاً والتصرف بثقة عندما يكون الوقت مناسباً.

جورج إس. داي George S. Day

جورج إس. داي George S. Day

الأستاذ الفخري لكرسي جيفري تي بويسي Geoffrey T. Boisi في كلية وارتون Wharton School بجامعة بنسلفانيا University of Pennsylvania وزميل أعلى في معهد ماك لإدارة الابتكار Mack Institute for Innovation Management.

بول جاي. إتش. شوميكر Paul J.H. Schoemaker

بول جاي. إتش. شوميكر Paul J.H. Schoemaker

  المؤسس والرئيس التنفيذي CEO السابق لشركة الاستشارات الإدارية ديسجن ستراتيجيز إنترناشيونال Decision Strategies International، وأسس أخيراً كيو تو تك Q2 Tech، وهي شركة للأدوات الرقمية. ويستند هذا الموضوع إلى أفكار ترد في كتابهما لاحظ في وقت أبكر واعمل بشكل أسرع: كيف يزدهر القادة اليقظون في عصر من الاضطراب الرقمي See Sooner, Act Faster: How Vigilant Leaders Thrive in an Era of Digital Turbulence (مطبعة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT Press، 2019). للتعليق على هذا الموضوع http://sloanreview.mit.edu/x/61218.

المراجع

المراجع
1
J. Brusten, “Inside RadioShack’s Slow-Motion Collapse,” Bloomberg Businessweek, Feb. 2, 2015; and “Lessons from RadioShack: To Stay on Top, Figure Out What Got You There,” Knowledge@Wharton, Feb. 15, 2015, https://knowledge.wharton.upenn.edu.
2 M. van Tartwijk, “Philips Sells Majority Stake in LED Components, Automotive Business,” The Wall Street Journal, March 31, 2015; and M. Egan, “GE Can’t Get Rid of Its Light Bulb Business,” CNN, May 22, 2018, https://money.cnn.com. Osram Sylvania has refocused its lighting business on opto-semiconductors, automotive, and digital applications; see “Annual Report of Osram Light Group Fiscal Year 2018,” 2018: 5.
3 E. Schmidt and J. Rosenberg, “How Google Works” (New York: Grand Central Publishing, 2014).
4 M.H. Bazerman and M.D. Watkins, “Predictable Surprises: The Disasters You Should Have Seen Coming and How to Prevent Them” (Boston: Harvard Business School Press, 2004).
5 D. Franklin, “Megatech: Technology in 2050” (London: Economist Books, 2017).
6 Psychologists have studied why consumers often rank various risks very differently than experts who have studied the statistics. They found that risks over which people have little control (such as flying versus driving yourself) or those that people poorly understand (radiation versus slipping in the shower) are considered more threatening by ordinary citizens. The concentration of risks (airplane crash versus highway death) and whether the threat has a halo of dread (Ebola versus a broken leg) also shape consumers’ perceptions. See P. Slovic, “The Perception of Risk” (Abington-on-Thames, England: Routledge, 2000).
7 P.J.H. Schoemaker, “Scenario Planning: A Tool for Strategic Thinking,” MIT Sloan Management Review 36, no. 2 (winter 1995): 25-40; and K. van der Heijden, “Scenarios: The Art of Strategic Conversation” (New York: John Wiley, 1996).
8 V. Venkatraman, “How to Read and Respond to Weak Digital Signals,” MIT Sloan Management Review, Feb. 22, 2019, https://sloanreview.mit.edu.
9 C.J. Nemeth, B. Personnaz, M. Personnaz, et al., “The Liberating Role of Conflict in Group Creativity: A Study in Two Countries,” European Journal of Social Psychology 34, no. 4 (July/August 2004): 365-374.
10 R.L. Martin, “The Opposable Mind: Winning Through Integrative Thinking” (Boston: Harvard Business Press, 2009).
11 J. Goudreau, “Eight Leadership Lessons From the World’s Most Powerful Women,” Forbes, March 21, 2013, www.forbes.com.
12 A.S. Grove, “Only the Paranoid Survive” (New York: Currency, 1996).
13 Diversity plays a key role in fostering outside-in perspectives. See S. Saeed, S. Yousafzai, A. Paladino, et al., “Inside-Out and Outside-In Orientations: A Meta-Analysis of Orientation’s Effects on Innovation and Firm Performance,” Industrial Marketing Management 47 (May 2015): 121-133.
14 D. Baer, “Five Brilliant Strategies Jeff Bezos Used to Build the Amazon Empire,” Business Insider, March 17, 2014, www.businessinsider.com.
15 R. Dalio, “Principles: Life and Work” (New York: Simon & Schuster, 2017).
16 J. Gapper, “Bridgewater Is Troubled Over ‘Radical Transparency,’” Financial Times, Feb. 10, 2016.
17 M. Zenko, “Red Team: How to Succeed by Thinking Like the Enemy” (New York: Basic Books, 2015).
18 J. Surowiecki, “The Wisdom of Crowds: Why the Many Are Smarter Than the Few and How Collective Wisdom Shapes Business, Economics, Societies, and Nations” (New York: Random House, 2005).
19 P.J.H. Schoemaker, G.S. Day, and S.A. Snyder, “Integrating Organizational Networks, Weak Signals, Strategic Radars, and Scenario Planning,” Technological Forecasting and Social Change 80, no. 4 (May 2013): 815-824.
20 P.R. Kleindorfer, Y. Wind, and R.E. Gunther, “The Network Challenge: Strategy, Profit, and Risk in an Interlinked World” (Upper Saddle River, New Jersey: Prentice Hall Professional, 2009).
21 See M. Michalko, “Cracking Creativity: The Secrets of Creative Genius” (Berkeley, California: Ten Speed Press, 2001); and see M.J. Gelb, “How to Think Like Leonardo da Vinci: Seven Steps to Genius Every Day” (New York: Dell, 2009).
22 S. Krupp and P.J.H. Schoemaker, “Winning the Long Game: How Strategic Leaders Shape the Future” (New York: PublicAffairs, 2014): 104-105.
23 W. Ury, “Go to the Balcony,” (2016 Dawson High School graduation address, June 12, 2016).
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى