معنى أن تكون الشركة تكنولوجية
فاجأ الانقلاب السريع لحظوظ وي وورك WeWork في سبتمبر 2019 بعض المحللين. فالشركة الناجحة جدّاً لتقاسم المساحات المكتبية، المفضّلة من قبل العاملين المؤقّتين والنخبة التكنولوجية، كانت تستعدّ لطرح اكتتاب مبدئي عام توقّع المحللون أن يجمع ما يفوق مئات الملايين من الدولارات. وبدلاً من ذلك، وخلال بضعة أيام، صارت رمزاً لانفلات عقلية القطيع Herd mentality لدى المستثمرين من عقالها وتدافعها بحثا عن سيولة.
وأذكى السقوط الحر لوي وورك (انهار تقييم الشركة بأكثر من %80 منذ يناير 2019) مناقشة مستعرة حول معنى أن تكون الشركة «شركة تكنولوجية» حديثة السن. وعلى الرغم من أن نموذج الأعمال الأساسي لـ وي وورك — أي استئجار المكاتب الفارغة بأعداد كبيرة وتحويلها إلى فضاءات للعمل المشترك مع وسائل راحة مثل فصول اليوغا ومشروب الكومبوتشا Kombucha وتأجيرها للشركات والأفراد — لا يبدو قائما على التكنولوجيا خصوصاً، فقد استخدمت نشرة الشركة كلمة «تكنولوجيا» أكثر من مئة مرة، كما أشارت المراسلة ماري سي باكا Marie C. Baca من صحيفة الواشنطن بوست (المصدر: “When Everyone Is a Tech Company, No One Is,” Sept. 27, 2019).
وكتب بن تومبسون Ben Thompson -مقره تايوان- في النشرة الإخبارية سترايتشيري Stratechery أن ما يميز شركات التكنولوجيا عن الأنواع الأخرى من الشركات هو «مركزية البرمجيات Centrality of software» (المصدر: (“What Is a Tech Company?” Sept. 3, 2019) . مثلاً، تنشئ البرمجيات منظومات إيكولوجية Ecosystems وتمكّن الشركات من التخلص من كل من التكاليف الهامشية Marginal costs وتكاليف المعاملات Transaction costs. ويقول إن وي وورك لا تلائم هذا التعريف. فعلى الرغم من أن وي وورك تستخدم برمجية، لكنها «تدفع نسبة مئوية ضخمة من إيراداتها كإيجارات». كذلك فإنه يقول: «يصعب العثور على دليل على أن [منظومتها الإيكولوجية] عامل موجه Driving factor لأعمال وي وورك».
وتشير باكا قائلة: «إن الأمر يتجاوز الدلالات اللفظية. فبعض المستثمرين يقلقون من أن الطبيعة الزلقة للمصطلحات والتقييمات التكنولوجية قد تسهم في فقاعة اقتصادية».
تفكيك جيف بيزوس
وفق مقاييس كثيرة، يسيطر جيف بيزوس Jeff Bezos، الرئيس التنفيذي CEO لأمازون Amazon، على جزء كبير من التجارة الأمريكية بل وحتى المجتمع الأمريكي أكثر من أي فرد آخر تقريباً في التاريخ. وبينما جمع جون دي. روكفلر John D. Rockefeller وأندرو كارنيغي Andrew Carnegie ثروات طائلة في أواخر القرن 19 من النفط والصلب، إلاّ أن إمبراطورية بيزوس أوسع وأعمق. فموقع التجارة الإلكترونية الخاص بأمازون، حيث يعرض أكثر من ثلاثة ملايين مورّد أكثر من 600 مليون بند للبيع، يجتذب معظم الانتباه، إذ يستحوذ على نحو %40 من المبيعات الأمريكية عبر الإنترنت. ولكن مشاريع أخرى لأمازون -خصوصا عملياتها في الحوسبة السحابية cloud computing ودفق الفيديو Video streaming (وامتلاك بيزوس شخصيّاً لصحيفة الواشنطن بوست The Washington Post))- هي عناصر حاسمة للإمبراطورية المتوسعة لبيزوس.
وفي قصة حديثة نشرتها مجلة الأتلانتيك The Atlantic (المصدر:،Jeff Bezos’s Master Plan November 2019)، يتفحّص الكاتب فرانكلين فوير Franklin Foer حوافز بيزوس وخططه للمستقبل، استناداً إلى خمسة أشهر من المحادثات مع مسؤولين تنفيذيين حاليين وسابقين في أمازون ومنافسين وغيرهم. ويقول فوير إن أمازون، مع قاعدة بياناتها حول المشتريات السابقة للعملاء ومعرفتها التي لا تُضاهَى بال
خدمات اللوجستية وسلسلة الإمداد العالمية Supply chain، تمتلك «القدرة على بناء نسختها الفائزة من مجموعة مذهلة من الشركات». ولهذا الأمر تأثيرات ضخمة ليس فقط في الاقتصاد الأمريكي بل كذلك في المجتمع ككل. ويكتب فوير قائلاً: «في المحصلة، تجتمع الأشياء المثيرة للإعجاب والأشياء المثيرة للخوف حول أمازون كلّها».
ويضيف قائلاً: «لقد فاز جيف بيزوس في مجال الرأسمالية. أما في مجال الديمقراطية؛ فالسؤال هو: هل نوافق على ذلك؟»
اقتصاد المشاركة يتقدّم
اقتصاد المشاركة Sharing economy بين ظهرانينا منذ أكثر من عقد. وصارت بعض الشركات التي دخلته باكراً، مثل إير بي إن بي Airbnb وأوبر Uber وكيكستارتر Kickstarter أسماء مألوفة اليوم. ولكن نموذج الأعمال الأساسي لا تبدو عليه أي آثار كلل. وكتبت أريال بارديس Arielle Pardes في العدد الأخير من مجلة وايرد Wired (المصدر: Welcome to the ‘Airbnb for Everything’ Age, Oct. 3, 2019) تقول: «حين انطلقت إير بي أند بي في عام 2008، كانت فكرة تحويل بيتك إلى منامة، أو دفع بضع مئات من الدولارات للنوم في غرفة ضيوف أحد الغرباء، لا تزال غير معتادة». أما الآن، تضيف قائلة: «ينتشر اقتصاد الاستئجار في كل مكان وهو متاح للجميع».
ومن بين الشركات التي دخلت أخيراً تُشير بارديس إلى بوتستر Boatsetter (لاستئجار القوارب)، وسبيسر Spacer (لاستئجار مساحة في مرآب)، وهيبكمب Hipcamp (للمطابقة بين المخيّمين ومواقع التخييم الفارغة). ومع بوتستر، مثلاً، يستطيع المالكون إدراج قواربهم على الموقع بحثاً عن مستأجرين محتملين، في مقابل رسم باليوم أو بالساعة. وتساعد الشركة على ترتيب التأمين وتوفّر أسماء قباطنة مؤهلين للتشغيل.
ويتغلغل اقتصاد المشاركة أيضاً في مجالات أكثر شيوعاً. فوفق موضوع في مجلة الإيكونيميست The Economist (المصدر: Crowdshipping Is the Next Stop for the Sharing Economy, Oct. 3, 2019)، تَعْرِض رودي Roadie، التي تتخذ من أتلانتا مقراً، خدمة تساعد الشركات على توفير المال في مجال التوصيل بالبحث عن سائقين متوجهين بالفعل في الاتجاه المرغوب فيه.
