أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
أعمالاخترنا لكموارد بشرية

هل يُدفَع موظفوكم إلى الإلهاء الرقمي؟

برايان سوليس

كمحلل ومستشار لشركات التكنولوجيا، عرفت منذ فترة طويلة الحيلَ التي تستخدمها المنصات الرقمية لجعل الناس يدمنون عليها. ولم أكن أعتقد أن ذلك سيحدث لي. لكنني قبل بضع سنوات وقعت في الفخ.

فطوال اليوم، بالكاد أستطيع تمضية بضع دقائق من دون التحقق من الإخطارات على هاتفي. وتأثرت إنتاجيتي، وكذلك علاقاتي وحياتي خارج العمل.

تحدث مصيدة الإلهاءات الرقمية في الشركات العاملة في كل الصناعات وتؤثر في العاملين من كل الفئات العمرية. وتؤثر سلباً في رفاهية العاملين. وقدرت دراسة في عام 2012 أن الإلهاءات الرقمية تكلف الشركات أكثر من عشرة آلاف دولار لكل عامل في السنة. ووفق تقرير أحدث من أوديمي Udemy، يقضي نحو ثلثي العاملين (%62) ساعة تقريباً من كل يوم عمل في النظر في هواتفهم.

ووجد الاستطلاع أن معظم أصحاب العمل يتأخرون عندما يتعلق الأمر بمساعدة الموظفين «في إدارة الوابل المستمر من الضوضاء والمقاطعات والإشعارات بهدف الحفاظ على الأداء». ويقول %70 من العاملين إن التدريب سيساعد الأفراد على منع الإلهاءات. ولكن %66 لم يتحدثوا إلى مديريهم حول الحاجة إلى هذا التدريب، «ربما لأنهم يشعرون بعدم الأمان حول الكشف عن مجالات من الضعف المتصور».

إذا كنتم ترغبون في استعادة موظفيكم لتركيزهم، إليكم أربع خطوات يمكنكم اتخاذها كمديرين. وأنا أوصي بها بروح مشاركة الأمور التي ساعدتني وساعدت آخرين.

تعليم تقنية بومودورو Teach the Pomodoro Technique. لن يحقق البدء بقواعد صارمة مثل «عدم النظر إلى هواتفكم خلال الساعة المقبلة» كثيراً من أجل التحسين في الأجل البعيد، وقد يؤدي إلى الاستياء بدلاً من المساهمة في إحداث الفرق. فقد دُرِّبنا مثل كلب بافلوف Pavlov للاستجابة لإخطاراتنا بل وحتى توقعها. وفي كثير من الأحيان، لا ندرك حتى أننا نفعل ذلك.

والعامل الرئيسي هو أن ننسى هذه الاستجابة، حتى نتمكن من التخلي عن هذه الدوافع.

وهناك طريقة لفعل ذلك والاستفادة بشكل أفضل من فترات غير مقاطعة من الوقت هي استخدام تقنية بومودورو Pomodoro Technique. ويتمثل الهدف في التركيز على مهمة واحدة لمدة 25 دقيقة، تليه استراحة لمدة خمس دقائق. وبالنظر إلى أنكم تعلمون أن هناك استراحة مقبلة، فمن الأسهل مقاومة الرغبة في التحقق من كل إشعار يصدر أو التلهي بمهام غير مرتبطة بالعمل.

وقد يتكيف بعض الأشخاص مع المجهودات المقسّمة زمنيا Time-blocked efforts هذه بسرعة أكبر من غيرهم. فقد كان عليّ أن أبدأ بتقسيمات زمنية أقصر بكثير، وأجاهد للوصول إلى 25 دقيقة. تحدوا موظفيكم أن يفعلوا الشيء نفسه. قدموا إليهم مساحة لتخزين أجهزتهم بشكل يجعلها بعيدة المنال. شجعوهم على التحقق من التطبيقات التي تبين لهم عدد المرات التي حملوا فيها هواتفهم على مدار اليوم.

وإذا واجهتم رفضا، تولوا القيادة بشكل متعاطف. أكدوا أنكم معاً في هذا الأمر – فبعد كل شيء، كيَّفتنا التكنولوجيا في السنوات الأخيرة. ومع هذا النهج، يمكن للأفراد والفرق إنجاز مزيد من العمل من خلال التركيز لفترات زمنية محددة. ويمكنكم أيضاً إخبار الإدارات الأخرى وحتى العملاء بأن «هذه الطريقة هي التي نعمل بها الآن»، إذ يمكنهم توقع ردود بالبريد الإلكتروني في غضون ساعتين بدلاً من دقيقتين. وفي النهاية، ستكون هذه طريقة أفضل للعمل لجميع الأطراف.

التراجع عن المكاتب المفتوحة Turn the clock back on open offices. على الرغم من أن حقبة ما بعد دوت كوم Post-dot-com era شهدت انفجاراً في خطط المكاتب المفتوحة، فهدم العديد من المؤسسات الجدران بين المكاتب والمقصورات لإنشاء مزيد من المساحات المفتوحة، وجدت أبحاث حديثة أُجرِيت في كلية الأعمال بجامعة هارفارد Harvard Business School أن خطط المكاتب المفتوحة قد تكون مضرة جداً بالإنتاجية والتعاون.

فعلى الرغم من أن احتواء المكاتب على مناطق مفتوحة يمكن للأشخاص فيها التحدث والتعاون هو أمر مفيد، فإن من المهم أيضاً منح العاملين مساحاتهم الخاصة بعيداً عن كل الضوضاء. وفي الواقع وفي استطلاع أوديمي Udemy’s survey، اعتبر عاملون الزملاء الثرثارين والضوضاء في المكتب مشكلات أكبر حتى من مشكلات الإلهاءات الرقمية.

ولكن الإلهاءات الرقمية تزداد سوءاً عن طريق المكاتب المفتوحة. فأنتم تستطيعون إيقاف تشغيل هاتفكم الخاص، لكن ذلك لن يمنعكم من سماع كل أصوات الصفير والأزيز التي تحدثها أجهزة الجميع في كل أنحاء الغرفة. ويمكن أن يضيف سماع هذه الإخطارات إلى الإغراء بالتخلي عن العمل الذي تقومون به والتحقق من هاتفكم.

عندما يكون ذلك ممكناً، أشجع المديرين على تزويد الأفراد بمكاتب (سواء كانت مكاتب فردية أم غرفاً هادئة مشتركة). فالقدرة على إغلاق الباب تحدث فرقاً كبيراً. كذلك يمثل تزويد الموظفين بسماعات لإلغاء الضوضاء حلاً جيداً– ليس فقط لأنها تستطيع حجب الأصوات، بل أيضاً لأنها ترسل تذكيراً فعليّاً إلى الآخرين بعدم مقاطعة الزملاء أثناء تركيزهم على العمل.

تزداد الإلهاءات الرقمية سوءاً بفعل المكاتب المفتوحة: فأنتم تستطيعون إيقاف تشغيل هاتفكم الخاص، لكن ذلك لن يمنعكم من سماع كل أصوات الصفير والأزيز التي تحدثها أجهزة الجميع في كل أنحاء الغرفة.

كرِّسوا خطة للحالات الطارئة. فحتى إذا نجح الأفراد في الحد من الإدمان على التكنولوجيا والعمل في ظروف هادئة، سيظلون يشعرون في كثير من الأحيان عن حق بالحاجة إلى التحقق من كل إخطار رقمي فقط إذا كان ملحاً.

وأوصي المديرين بإعداد بروتوكول خاص للرسائل العاجلة – واستخدامه قليلاً. وقد يكون البروتوكول أداة تُصدر صوتاً خاصاً عندما يكون هناك شيء ملح. وقد يحظرُ إعداد سهل الاستخدام على الحواسيب والهواتف والأجهزة اللوحية إلى جميع الإشعارات الأخرى؛ مما يسمح بالرسائل العاجلة فقط بإصدار أصوات التنبيه. وأقترحُ أيضاً تمكين أي شخص في المؤسسة من وضع علامة على رسالة بريد إلكتروني باعتبارها عاجلة، بدلاً من ظهور كل رسائل البريد الإلكتروني الواردة من مرسلين معينين (مثل رئيسكم في العمل) بصفتها عاجلة.

وعندما يكون الأشخاص في إجازة، لا تتوقعوا منهم أن يروا رسائل البريد الإلكتروني على الإطلاق. وإذا كان لا بد من الاتصال بهم في حالات الطوارئ؛ أرسلوا إليهم رسالة نصية أو اتصلوا بهم.

نمذجة أفضل السلوكيات Model best behaviors. في نهاية المطاف، فإن من أقوى الأشياء التي يمكننا فعلها كمديرين لإصلاح ظروف العمل المتسمة بالإلهاء واستعادة الإنتاجية يتمثل في المشاركة بالسلوكيات الصحيحة بأنفسنا.

فخلال اجتماعات الموظفين، يجب على من يتولون منّا مناصب قيادية أن يجعلوا من الممارسات المعتادة تجنب النظر إلى رسائل البريد الإلكتروني أو رسائل سلاك Slack أو أي شيء آخر على هواتفنا. وعندما نتحدث إلى الموظفين، لا ينبغي لنا أن نفترض أنهم شاهدوا بالفعل رسائل بريد إلكتروني غير عاجلة أرسلناها لهم قبل ساعة فقط. وعندما نجلس (أو نقف) في مكاتبنا، يجب أن يرانا الموظفون نركز، من دون انقطاع، لفترات زمنية طويلة.

هذا ليس سهلاً. فإنجاز كل هذا يعني مخالفة الطريقة التي تطورت بها مكاتبنا في السنوات الأخيرة. ولكنني أعلم من التجربة أننا عندما نتخذ هذه الخطوات، تصبح حياتنا العملية أفضل – وشركاتنا أنجح.

برايان سوليس Brian Solis

برايان سوليس Brian Solis

(briansolis@) محلل رئيسي وخبير في المستقبليات من ألتيميتر Altimeter ومؤلف سلّم الحياة: كيف تعيشون حياة أكثر إبداعاً وإنتاجية وسعادة Lifescale: How to Live a More Creative, Productive, and Happy Life.

للتعليق على هذا الموضوع http://sloanreview.mit.edu/x/61115.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى