أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
أعمالذكاء اصطناعيرقمنةموارد بشرية

درّبوا موظفيكم على التفكير بلغة البرمجة

تحتاج المؤسسات إلى أذكياء في مجال الخوارزميات لتسريع الابتكار والنمو.

ديفيد والر

قد تساوي معظم الشركات بين إجراء التحليل وكتابة المعادلات في جداول البيانات. لكن هذا النهج عفا عليه الزمن. إذ تضطر المؤسسات حاليا إلى تقديم الخدمة والمشاركة مع ملايين العملاء الأفراد، وليس مجرد حفنة من الشرائح. ويجب عليها إنشاء حلول قابلة لإعادة الاستخدام لتجنب إعادة هندسة المشكلات من القاعدة إلى القمة مراراً وتكراراً. وترغب المؤسسات في الاستفادة من أحدث التطورات على صعيد تعلم الآلة Machine learning والذكاء الاصطناعي. ولا تستطيع فعل أي شيء من هذا إذ استخدمت أدوات تحليلات الانحدار Regressions analysis في وجه أي تحديات تواجهها. وباختصار، تحتاج الشركات إلى إعادة تدريب موظفيها على التفكير بلغة البرمجة، وليس فقط حلّ المعادلات.

وهذا يتطلب تحولاً مهماً في العقلية. إذ يعتبر كثير من مديرون البرمجة مجال علماء البيانات وإدارة تكنولوجيا المعلومات. لكن المؤسسات التي تجعل البرمجة اللغة الطبيعية لنشر التحليل في الوحدات والفرق والوظائف ستستفيد بثلاث طرق:

أولاً، يسمح التفكير بلغة البرمجة للشركات بالفصل الكامل للبيانات عن تحليل البيانات؛ مما يعني إمكانية تركيز فرق مختلفة بشكل مستقل على المجالات التي يجب عليها تحسينها، ويؤدي إلى تقدم أسرع في المجالات كلها.

ثانياً، يسهل متابعة البرمجة وتعديلها ومشاركتها وإعادة استخدامها – فحركة المصادر المفتوحة Open Source بأسرها ترتكز على هذه الفكرة. ومن خلال تبني مبادئ أساسية لتطوير البرمجيات، مثل التحكم في الإصدار، يمكن لفرق المؤسسات أن تكون فاعلة متعاونة أكثر وهي تُتابَع تحديثات الملفات خلال دورتها كلها ويمكن عكس التغييرات بسهولة.

ثالثاً، تُحقق الانجازات الخارقة في تعلم الآلة والذكاء الاصطناعي بالبرمجة. فمن خلال استنساخ البرمجة التي يستخدمها الباحثون، يمكن للأفراد في كل أنحاء المؤسسة الوصول إلى أحدث التكنولوجيات في التحليل، بسرعة ومن دون مقابل.

فما الذي يجب على المديرين فعله لنقل القوى العاملة من المعادلات إلى البرمجة؟ لاحظتُ أن القادة في هذا المجال يقومون بالخطوات التالية:

هدم «برج بابل»

تعيق حواجزُ والتواصل تبادلَ الأفكار والتعاون. وهذا لا ينطبق فقط على تبادل النص والمحادثات المنطوقة بل ينطبق أيضاً على البرمجة. ولكن الاضطرار إلى إعادة صياغة الأفكار بعدة لغات برمجة يتطلب خبرة إضافية وقد يكون متطلبا على الصعيد الإدراكي.

ما الحل؟

اختاروا على الأكثر لغتين من لغات البرمجة التحليلية، لكن من الأفضل استخدام لغة واحدة، كلغة قياسية على مستوى المؤسسة – لغة يمكن للجميع «التحدث بها». ولتوضيح الأمر: لا توجد لغة مثالية لكل حالة، ويمكن للأشخاص المنطقيين الاختلاف حول اختيار لغة قياسية، لذلك يجب على الفرق الاستعداد لمواجهة التحديات المألوفة لإدارة التغيير. ويمكن للمؤسسات تهدئة الرافضين والاستمرار في مواكبة التطورات من خلال الموافقة على إعادة النظر في اللغات القياسية كل سنتين.

يجب أن تكون النمذجة المستندة إلى الكود عملية عادية وبسيطة مثل إرفاق جدول بيانات بالبريد الإلكتروني. وهذا لا يتطلب فقط تغييرا في المنظور لكن أيضا تغييرا في العادات

وتتمثل إحدى الطرق الجيدة للبدء بالتعلم مما يفعله الخبراء. ابحثوا عمّن يحظون بتقدير كبير من جانب أقرانهم ومديريهم في المجالات ذات العمليات الكمية الأساسية لمؤسستكم – مثلاً، في مجال التمويل أو التسويق أو في مركز أي مجموعة خاصة بمنتج يعتمد على التحليلات. اتخذت إحدى المؤسسات العالمية للخدمات المالية هذا النهج واكتشفت أن كبار علماء البيانات لديها استقروا على بايثون Python كلغة. وكان علماء البيانات الصغار يتقاسمون برمجة بايثون من خلال جوبيتر نوتبوك Jupyter Notebook،وهو أداة معتمدة على نطاق واسع في المجتمع العلمي لإجراء الأبحاث القابلة للتكرار باستخدام البرمجة وتوثيقها.

وسيتمسك الأشخاص الذين أمضوا سنوات عدة في شحذ مهاراتهم الكمية بآرائهم حتماً عندما يتعلق الأمر باختيار الأدوات والوسائل، وسيكونون سعداء على الأرجح إذا صارت لغاتهم القياسية غير الرسمية رسمية. وقد يعمل هؤلاء الأفراد كرواد ومعلمين في المؤسسة، لذلك فإن تعزيز الانتباه المسلّط عليهم وتضخيم أثرهم هي ممارسة سليمة من ممارسات الأعمال، واستراتيجية مفيدة من استراتيجيات إدارة المواهب.

إنشاء مستودعات لبرمجات مشتركة

بمجرد نقل الموظفين الأفكار بلغة مشتركة، يجب على المؤسسات أن تتبع خطى مجتمعات المصادر المفتوحة وأن تنشئ مستودعاتها من (الكودات) المشتركة وقواعدها المعرفية Knowledge bases.

وكما هي الحال مع أي نظام مركزي، يتعين على المؤسسات أن تدرس الأمان Security ومستويات السماح Permissions وعليها أن تصمم بيانات الوصول وفق معاييرها الخاصة بالسرية أو حماية الملكية الفكرية. وإنشاء فضاء غني حيث يمكن للأفكار الاستفادة من مجموعة واسعة من المساهمات ولتكون وسيلة قوية لتعزيز التعلم والتقدم عبر الحدود التنظيمية.

وبوجود مستودعات البرمجات (الكودات) المشتركة، يمكن لمجموعات متعددة داخل المؤسسة استخدام الملفات البرمجة (الكودات) نفسها لحل مشكلات مماثلة. مثلاً، قد يرغب فريق التسويق في أحد المصارف في معرفة العملاء الذين يفكرون في إعادة تمويل رهون عقارية من أجل استهدافهم بمنتجات معينة؛ وقد يرغب الفريق المالي أيضاً في الحصول على بيانات حول إعادة تمويل محتمل في حين يخطط لموازنات وفواتير. وتكون صياغة المشكلة هي نفسها في كلتا الحالتين– ما عدد الأشخاص، وأي منهم، يحتمل أن يعيدوا تمويل قروضهم؟ – فلماذا لا يستخدَم الكود نفسه للتوصل إلى الإجابة؟

وللمضي قدماً بسرعة، اختاروا مشروعاً، وأنشِئوا مستودعاً للبرمجة (الكود) حوله، واطلبوا مساهمات من جمهور واسع. تعمل منصات «مشاركة البرمجات». مثل غيتهاب GitHub وبيتباكيت Bitbucket على تسهيل ذلك. ومن المفيد البدء بمشاريع قابلة للتطبيق وغير خلافية على نطاق واسع – مثل توقع السلاسل الزمنية، وتوليد شرائح العملاء، واحتساب مرونة الأسعار، على سبيل المثال لا الحصر.

وتجاوزت بعض المؤسسات مرحلة إنشاء مستودعاتها الداخلية وشاركت جهودها علناً. فشركات التكنولوجيا الرائدة مثل غوغل Google ومايكروسوفت Microsoft تقوم بذلك منذ مدة. لكن الآن، بدأت شركات من صناعات أخرى برؤية مزايا تبني هذه الاستراتيجية. فإحدى شركات الاتصالات، مثلاً، جعلت مستودعاتها للكودات المشتركة جزءاً من مجتمع المصادر المفتوحة؛ ما يسمح للشركة بالاستفادة من المساعدة الخارجية، ومن المحتمل أن تكون مؤهلة لوضع الإطار الأساسي القياسي لصناعة الاتصالات.

جعل البرمجة أعمالاً معتادة

ولتوليد أكبر قدر ممكن من القيمة من التحليلات المتقدمة، اجعلوا النمذجة المستندة إلى الكود القاعدة وليس الاستثناء. ويجب أن تكون عملية عادية وبسيطة مثل إرفاق جدول بيانات برسالة إلكترونية. وهذا لا يتطلب فقط تغييراً في وجهة النظر بل أيضاً تغييراً في العادات.

ويمكنكم تسريع هذا التحول في مؤسستكم عن طريق إبلاغ المستويات كلها بتوقعات واضحة ومحددة. ويمكنكم، مثلاً، بث رسائل على مستوى المؤسسة تؤكد تركيزكم على التميز التحليلي، وربطها في شكل واضح باستراتيجية المؤسسة في اجتماعات النقاش العام، وتبليغ المساهمين والسوق ككل بخططكم من خلال إبراز جهودكم في كل شيء من الإيداعات السنوية في هيئة الأوراق المالية والبورصات إلى الاتصالات بالمستثمرين.

ومن الأمور الحاسمة أيضاً توفير وقت تدريب للموظفين وحماية هذا الوقت. ويتطلب تطوير مهارات البرمجة تركيزاً وملاحظات ووقتاً وتكراراً. ومهما كانت طرق التعليم التي تختارونها – الدورات التمهيدية، أو الدورات التدريبية المفتوحة عبر الإنترنت، أو ورش العمل المخصصة في المواقع – يجب أن يمتلك المتدربون وقتاً مخصصاً للتعلّم من دون التنقل المستمر بين التدريب ووظائفهم اليومية. فتبديل السياق يبطئ العملية إلى حد كبير. والتحول إلى مبرمج كُفُؤ يتطلب تركيزاً.

وأخيراً، ستحتاجون إلى إنشاء هيكل دعم قابل للاستمرار. فالتقدم يتوقف عندما يلجأ الجميع مراراً إلى عدد قليل من المستخدمين الرواد طلباً للمساعدة. فسرعان ما يغرق هؤلاء الأفراد في العمل. ويمكن الاستفادة من الموظفين المتقدمين في إرشاد أولئك الذين بدأوا حديثا جدا. فمعرفة أن عليكم تعليم الآخرين شيئاً تقدم حافزاً لتعلم هذا الشيء أكثر من أشياء أخرى كثيرة.

ديفيد والر David Waller

ديفيد والر David Waller

هو شريك ورئيس علم البيانات والتحليلات لدى مختبرات أوليفر وايمان Oliver Wyman Labs. للتعليق على هذا الموضوع http://sloanreview.mit.edu/x/60413.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى