آن الأوان للتفكير في نموذج مواهب تكنولوجيا المعلومات
فلنجلب مزيداً من المهارات إلى داخل الشركة، ونعتمد بدرجة أقل على المتعاقدين الخارجيين، ونشجع مزيداً من المسؤولية.
ويل بويندكستر وستيف بيريز
يدرك المسؤولون التنفيذيون في عصر الرشاقة أن عليهم توظيف أفضل المواهب التقنية التي يستطيعون تحمل تكلفتها. ومع الأسف، فإن بعضاً من أفضل الممارسات التي شهدتها السنواتُ الماضيةُ صعّب توظيف الموظفين المناسبين وزيادة رشاقة قسم تكنولوجيا المعلومات.
مثلاً، بينما بدأت شركات تعي أن مديري تكنولوجيا المعلومات فيها لم يرَوا دائماً المشكلات من منظور الأعمال، فإنها بدأت بتوظيف مديرين جدد ذوي براعة أكبر في مجال الأعمال. وأجاد المديرون الجدد التواصلَ، وفهموا الرابط بين أولويات الأعمال والتكنولوجيا، وأداروا العلاقات إدارة جيدة في سائر المؤسسة. لكن المشكلة كانت في أن كثراً منهم لم يكن لديهم معرفة تكنولوجية كبيرة. وبينما وظف هؤلاء المديرون مزيداً من الأشخاص الذين يشبهونهم، عانت شركات كثيرة مشكلة توفر المهارات التكنولوجية.
وساهم الاستخدام غير المضبوط لمتعاقدين تكنولوجيين خارجيين في النقص الذي أصاب المواهب داخل الشركة. وإن قدراً من التعهيد الخارجي العمالة أمر صحيّ لأنه يستطيع أن يساعد الشركات على ملء الفراغات بسرعة، أو الحصول على مهارات جديدة، أو الاستفادة من التكاليف الأدنى للعمالة. ولكن بعض الشركات استخدم هذا المصدر أكثر مما ينبغي لتلبية زيادات مفاجئة في الطلب أو التحايل على تقليص التوظيف. وبينما أمضت المواهب الداخلية مزيداً من الوقت في إدارة المتعاقدين؛ ضمرت مهاراتها التقنية. وقد نال المتعاقدون تحكماً (غير متناسب مع مساهمتهم الفعلية) بالملكية الفكرية والابتكارات التي كانت قد توفر ميزة تنافسية للمؤسسة. فكيف تحولون Transformمؤسسة تكنولوجية حين لا يكون نصف العاملين فيها من موظفيكم؟
تتلخص مشكلة أخرى في وضع نماذج للمؤسسات حول كيفية بناء المنتجات وصيانتها ومن يُحاسَب إذا حصل خطأ ما. واحتضنت شركات عديدة نموذجاً يفصل مكان بناء الأشياء عن مكان دعمها؛ لأن هذا النموذج يسمح للشركات بإسناد الصيانة والدعم إلى أطراف خارجية. ولكن من ستستدعون حين لا يعمل شيء ما أو يتعطل في منتصف الليل: الأشخاص الذين كتبوا البرمجة أم أولئك المسؤولين عن دعمها؟
ولحل هذه المشكلات تحتاج المؤسسات التكنولوجية إلى تعزيز مهاراتها التقنية، وتقليص الاعتماد على المتعاقدين الخارجين، وتوسيع المسؤولية. وحاليا تمتلك معظم المؤسسات التكنولوجية ثلاثة أنواع من الأدوار: المراقبون، والمنفذون، والمخططون. ولكن بينما يتبلور مستقبل تكنولوجيا المعلومات، يجب أن تتطور هذه الأدوار. فالمراقبون خصوصا – مديرو المشاريع ومحللو الأعمال ومديرو العلاقات والموارد – سيحتاجون إلى العثور على طرق جديدة للمساهمة. وسيعني التبني الأوسع لطرق رشيقة وجديدة للعمل تبسيطاً للتكاليف غير المباشرة، ومزيداً من المسؤولية والشفافية، وحاجة أقل إلى وسطاء بين الموظفين القائمين بالأعمال وزملائهم التقنيين.
ما الذي يستلزمه النموذج الناشئ للمواهب في مجال تكنولوجيا المعلومات؟ إنه يقوم على هذه المبادئ:
توظيف مدير شؤون هندسية
في المؤسسات الرشيقة Agile يحل محل مدير تكنولوجيا المعلومات ذي التوجهات المركزة على الأعمال مدير شؤون هندسية حقيقي يمتلك مهارة تقنية تمكنه من مراقبة البرمجة التي يضعها الآخرون، ولكنه يمتلك أيضاً ما يكفي من البراعة في مجال الأعمال للعمل عن كثب مع مديري المنتجات ومالكي الأعمال.ويساعد مدير الهندسة على إعادة بناء المصداقية والمهارة التقنيتين المطلوبتين لجذب مواهب هندسية من الدرجة الأولى – أي موظفين ذوي خبرة وآخرين من الجامعيين الذين هم على وشك التخرج.
تجديد أدوات المراقبين
يتطلب النموذج الناشئ للمواهب مزيداً من المنفذين عموما. لذلك حددوا المراقبين في صفوفكم ممن يمكن إعادة تدريبهم لتولي أدوار تضيف مزيداً من ذلك النوع من القيمة. مثلاً، يمكن لمديري المشاريع أن يصبحوا «سكرم ماستر» Scrum master، ويمكن لبعض محللي الأعمال أن يترقوا إلى مديري منتجات.
ومع الأسف، في أي مؤسسة هناك في الأغلب متفرجون يفوقون الأدوار الجديدة عدداً، على الرغم من زيادة في الكفاءة والفاعلية اللتين تكتسبهما العمليات حين تمكّنون الفرق، وتمنحونها المسؤولية، وتزيلون البيروقراطية غير الضرورية. ونتيجة لذلك، ربما لا تتمكنون من إعادة توزيع جميع الموظفين.
دمقرطة المسؤولية
يتولى المنفذون الآن أدواراً أوسع. مثلاً، تتوسع إدارة المنتجات في معظم الحالات لتشمل كلاً من التطوير والدعم، لذلك يجب تعزيز هذين النشاطين بموظفين يفهمون النشاطين معاً.
وحين سأل مديرو التطوير في إحدى الشركات العميلة لدينا: «ما عدد الاتصالات التي تعتقدون أن المطورين البارزين لدينا سيتلقونها في منتصف الليل بخصوص مشكلات في الإنتاج قبل أن يستقيلوا؟» أجاب رئيس المعلوماتية: «لا أعلم. كم مرة سنتصل بهم ونوقظهم قبل أن يبدؤوا بكتابة برمجة أفضل؟» ومع تعرض هؤلاء المطورون إلى ضغوط من أجل إنجاز مهام معلوماتية إضافية، فقد عانت الموثوقية. لذلك أُعطُوا المسؤولية عن الأمرين. ولم يستقيلوا، كما كان المدير يتخوف، بل عملوا على تحسين الموثوقية لأنهم امتلكوا مسؤولية أكبر عن نتائج المنتجات. وفي المقابل عمل هؤلاء المطورون أنفسهم إلى جانب فريق العمليات لتبسيط دمج البرمجة وتطويرها؛ فخفضوا الوقت اللازم للتسويق وقلَّصوا العيوب.
تخفيض الاعتماد على المتعاقدين الخارجين
ابتكار البرمجيات يجب أن ينبع من الموظفين. وهذا يعني تحديد الأولويات للأنواع المختلفة من العمل وبناء فرق رشيقة تعتمد المزيج الصحيح من المواهب الداخلية والخارجية. وبالطبع لا يتمثل الهدف في تخفيض عدد المتعاقدين عشوائيا من أجل التوصل إلى نسبة اصطناعية. بل يجب أن تتمتع الشركات بالذكاء فيما يتعلق بالهدف الذي تريد بلوغه، وأن تفكر تفكيراً نقدياً في المزيج الذي سيوصلها إلى هذا الهدف في الوقت الذي تنشر فيه المواهب في الإدارة والتوظيف التكنولوجيَّين.
عالجت تارغت Target كثيراً من هذه المشكلات في مسعاها لتطوير قسم تكنولوجيا المعلومات لديها. ووجدت أن الجهود التقليدية للتوظيف لم تكن تستجلب المواهب الهندسية التي كانت تحتاج إليها الشركة للتحرك بسرعة في سوقها. وكان اتكال الشركة على المتعاقدين في مجال المواهب التكنولوجية قد حدَّ من سمعتها كجهة توظيف مختارة في مجتمعات مهندسي البرمجيات. ولاستعادة موقعها، فقد احتضنت تارغت تكنولوجيا المصادر المفتوحة (يفضلها كثير من أقوى المطورين على البرمجة المحمية بملكية فكرية) وأعلنت تطلعاتها إلى تحويل التكنولوجيا الرقمية الخاصة بها وتوسيعها. وساعدت هذه التحركات على جذب مواهب هندسية نادرة والاحتفاظ بها وتقليص اعتماد الشركة على أطراف خارجية.
والرشاقة نهج قوي في مجال الاحتفاظ بالقيمة. ولكن الرشاقة وحدها لا تكفي، وتعاني مؤسسات كثيرة من أجل الحصول على المنافع. وسد الفجوات في مجال المواهب التكنولوجية أمر حاسم للنجاح – ويتطلب القيام بذلك التزاماً وانتباهاً مستدامين من قياديي الأعمال والتكنولوجيا. وفي نهاية المطاف، قد يبدو الأمر لمعظم الشركات واضحاً على غرار وضوح مواءمة أولويات الأعمال والتكنولوجيا حاليا. لكن لم نصل بعد إلى تحقيق ذلك الهدف تماماً.