أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
أعمالبحثرقمنة

كيف تكون (أو لا تكون) القيادةُ الرقميةُ مختلفةً

يجب على القادة مزج المهارات التقليدية والجديدة لتوجيه مؤسساتهم على نحو فاعل إلى المستقبل.

جيرالد سي كاين (كلية بوسطن)، أين غوين فيليبس (ديلويت)، جوناثان كوبولسكي (جامعة نورث وسترن)، غارث أندروس (ديلويت)

عند وصف الواقع الرقمي الجديد للمؤسسات، فإن الناس يميلون إلى الانقسام بين معسكرين. ويجادل بعض الأشخاص احتمال أن المستقبل سيشبه الماضي أكبر من احتمال ألا يشبهه، ويتفقون مع الرأي القائل: «أولئك الذين لا يستطيعون تذكر الماضي محكوم عليهم بتكراره.»1G. Santayana, The Life of Reason: The Phases of Human Progress, Vol. 1: Reason in Common Sense (New York: C. Scribner’s Sons, 1905), 284. ويعتقد آخرون أن المستقبل سيكون أكثر حداثة، معتقدين بالقول: «لا يمكن لأحد أن يعرف ما الذي سيحدث: إنه يحدث في كل مرة للمرة الأولى وللمرة الوحيدة.»2J. Baldwin, “The Devil Finds Work,” sec. 1, The Price of the Ticket (New York: St. Martin’s Press, 1985).

وكيفما نظرتم إلى الأمر، فبينما تسعى المؤسسات إلى توطيد مكانتها في بيئة أعمال مضطربة، فإنها تتطلب قادة أقوياء في قمرة القيادة. ويجب على القادة الكبار ليس فقط صياغة الرؤية التي يمكن للموظفين الالتقاء حولها بل أيضاً تهيئة الظروف التي تتيح النضج الرقمي، واجتذاب أفضل المواهب وإخراج أفضل ما لدى المواهب التي يجذبونها. وقد تكون التغييرات السريعة المرتبطة بالزعزعة الرقمية Digital disruption مربكة فيفترض العديد منا أن تعليمات القيادة يجب أن تُعاد كتابتها بالكامل من أجل العصر الرقمي. هل هذا صحيح؟ أم أن مستويات أكبر وأكبر من عدم اليقين تجعلنا نهمل الأساسيات؟ هل تكون تحديات القيادة في العالم الرقمي متشابهة أكثر منها مختلفة، لكننا نركز بشكل مفرط على الجوانب المختلفة لأننا نشعر بقلق كبير من التهديدات التي يطرحها الوضع الراهن؟

هناك شيء يمكن قوله دعماً لكلتا الحجتين. فعلى مدار السنوات الخمس الماضية، وفي مشروع بحثي مشترك بين إم آي تي سلون مانجمنت ريفيو وديلويت Deloitte، درسنا كيفية تغير الأعمال والقيادة نتيجة للزعزعة الرقمية. (انظر: حول هذا البحث). ووجدنا أن المتطلبات الخاصة للزعزعة الرقمية، على الرغم من أن العديد من المهارات القيادية الأساسية تظل كما هي، تستدعي مهارات معينة جديدة أيضاً. وفي هذا الموضوع سنستكشف هذه المهارات وما الذي يمكن أن نتعلمه من المؤسسات التي تنضج رقمياً – أي المؤسسات التي حُوِّلت بواسطة التكنولوجيات والقدرات الرقمية التي تعمل لتحسين العمليات Processes، وتحفز مشاركة المواهب في كل أنحاء المؤسسة، وتوجه نماذج أعمال جديدة تولّد القيمة Value-generating business models.

ما الذي يجعل القيادة الرقمية مختلفة

يواجه القادة تحديات جديدة نتيجة للزعزعة الرقمية. وتتمثل أكبر التغييرات التي ذكرها المستجيبون في بحثنا بزيادة وتيرة ممارسة الأعمال، والتحول في الثقافة المؤسسية (والتوتر الناشئ نتيجة لذلك بين «صانعي التغيير» والموظفين ذوي الذهنية التقليدية)، والحاجة إلى مكان عمل مرن ومقسّم، والتوقعات بإنتاجية أكبر. لذلك من المنطقي أن يحتاج القادة إلى تكييف بعض مهاراتهم الأساسية أو زيادتها للإبحار في العالم الرقمي. ولتحديد القدرات الأهم في المؤسسات، سألنا المستجيبين لاستطلاع الرأي: ما المهارات الأهم التي يجب على قادة المؤسسات امتلاكها لكي ينجحوا في مكان عمل رقمي؟ (انظر: ما المميز في الأعمال الرقمية والقيادة الرقمية؟). وترسم الإجابات مجتمعة صورة مركبة مقنعة لما تبدو عليه القيادة الفاعلة في بيئة رقمية. وتبرز السمات التالية باعتبارها الأهم.

رؤية تحولية ومنظور تقدمي Transformative vision and forward-looking perspective. يشكل توفير الرؤية والوجهة Direction عنصراً أساسيّاً في القيادة منذ زمن بعيد، ولكنه في بيئة رقمية، مع التركيز على التغيير في المستقبل، يتخذ أهمية جديدة. وفي استطلاع الرأي الذي أجريناه، قال %22 من المستجيبين إن أهم المهارات القيادية التي يجب امتلاكها في مؤسسة رقمية هي الرؤية التحولية Transformative vision، التي تشمل القدرة على توقع الأسواق والاتجاهات، واتخاذ قرارات مطلعة في مجال الأعمال، وحل المشكلات الصعبة في الأوقات المضطربة. وثاني أهم مهارة قيادية هي المنظور التقدمي Forward-looking (بنسبة %20)، الذي يتضمن وجود رؤية واضحة، واستراتيجية سليمة، وبصيرة. وتترابط مجموعات المهارات هذه ترابطاً وثيقاً. ونفسر المهارة القيادية الأخيرة بأنها فهم لكيفية تطور اتجاهات الأعمال بسبب التكنولوجيا، والمهارة القيادية السابقة بأنها القدرة على توجيه الأعمال استجابة لتلك الاتجاهات. ويكون القادة ذوو الرؤية التحولية مجهزين لتوفير الهدف والوجهة حينما يكون ذلك ممكناً عندما تواجهون مستقبلاً غامضاً؟ أما جون غلايزر John Glaser، نائب الرئيس الأول لصحة السكان في شركة سيرنر Cerner، وهي شركة توفر خدمات تكنولوجيا المعلومات الصحية، فقد قال واصفا نهجه لنا: «اعملوا على الأشياء التي يحتمل أن تكون ذات صلة بالعديد من العقود المستقبلية المتوقعة. أخبروني بمستقبل يكون فيه إشراك المرضى في إدارة صحتهم فكرة سيئة، لأنني لا أرى هذا المستقبل على الإطلاق. لذلك ربّما لا أعرف الكيفية التي ستتطور بها الأمور، لكن في ضوء أي ظرف من الظروف التي يمكن تصورها تقريباً، ستكون هذه الأشياء ذات صلة.»

سؤال أساسي كيف يمكن للقادة أن يزرعوا في مؤسساتهم الموهبة الإدارية اللازمة لإطلاق التحول الرقمي؟ الاستنتاجات * يمكن للقادة إحضار موظفين مرجعيين يمتلكون تجربة عميقة في التحول الرقمي لبدء العملية. * يمكنهم تحديث المعرفة الرقمية للفريق التنفيذي من خلال دورات وتمارين تعليمية مستمرة. * يمكنهم بوضوح صياغة استراتيجية تسهل على القادة الناشئين اتخاذ القرارات ومن ثم مكافأة أولئك الذين يتعلمون من الفشل.

المعرفة الرقمية Digital literacy. يُعتبَر فهم التكنولوجيا المهارة الثالثة الأهم. وقد يبدو شرط مثل هذا واضحاً في لمحة، لكن المستجيبين لاستطلاع الرأي الذي أجريناه يحدّدونه بطريقة معينة. فقد علقوا أهمية على تجربة سابقة في دور قيادي في مجال التكنولوجيا، لكنهم يقولون أيضاً إن القادة يحتاجون إلى معرفة رقمية عامة، بدلاً من المهارات الفنية الأساسية مثل البرمجة Programming أو علوم البيانات Data science. وتُعتبَر المعرفة الرقمية أمراً حاسماً لسببين. أولاً، هي تدعم أول مهارتين قياديتين ذُكِرتا: امتلاك رؤية تحولية ومنظور تقدمي. وسيعاني القائد الأُميّ رقميّاً لمواكبة الاتجاهات والتطورات الناشئة، وسيفشل في إدراك الكيفية التي يمكن بها لهذه الاتجاهات أن تحقق قيمة جديدة أو تمثل تهديداً للمؤسسة. ثانياً، يُمكّن الفهم -عند المستويات العليا- لكيفية عمل التكنولوجيا (وعدم عملها) القادة من اتخاذ قرارات أكثر استنارة في بيئة غير مستقرة. ونلاحظ في أعمالنا البحثية والاستشارية أن من الأسهل والأكثر فاعلية في كثير من الأحيان مساعدة قادة الأعمال المكرسين على أن يصبحوا مثقفين رقميّاً، مقارنة بتعليم التكنولوجيين المعرفةَ الاستراتيجيةَ التي يحتاجون إليها للقيادة على نحو فاعل.

القابلية للتكيف Adaptability. ارتباطاً بالقدرة التي تحتل الأهمية الثالثة، يجب أن يكون القائد أيضاً موجهاً نحو التغيير – أي منفتح الذهن، وقابلاً للتكيف، ومبتكراً. ومثل المعرفة الرقمية، تدعم هذه المهارة السمات الأخرى التي ذُكِرت باعتبارها ذات قيمة. فهي تساعد القادة على الاستجابة لبيئة مرنة وتغيير المسار إذا تطورت التكنولوجيا وبيئات السوق بطرق غير متوقعة. وتُمكّن هذه الذهنية القائد في المجال الرقمي أيضاً من تحديث قواعده المعرفية باستمرار لمراعاة التغييرات في التكنولوجيا وتجنب التقادم. ويمكن للقادة تجديد قواعدهم المعرفية من خلال التعليم المستمر الرسمي أو التدريب داخليّاً أو برامج التوجيه العكسي بين الأجيال أو أي من البرامج الوفيرة العاملة عبر الإنترنت.

ما لا يتغير

بالطبع، وعلى الرغم من أن بعض الأشياء تتغير فيما يتعلق بالقيادة الرقمية، فلا يعني هذا أن كل شيء يتغير. وفي الواقع، يتمثل واحد من أكبر المزالق في تجاهل أساسيات القيادة الجيدة في مواجهة التغيير الرقمي. فغالباً ما نجد أن القادة يركزون على الجوانب التكنولوجية إلى درجة ينسون معها سبب مشاركتهم في هذه الجهود في المقام الأول: تحسين طريقة عمل مؤسستهم. لذلك سنطرح هنا بعض المهارات الأساسية التي لا تزال ضرورية.

بيان التغيير في القيمة الذي سيجلبه التغيير- والاستثمار وفق ذلك Articulating the value change will bring — and investing accordingly. يُعتبَر التحول الرقمي مدفوعاً بتكنولوجيا جديدة، لكن هذه التكنولوجيا لا تقل قيمتها عن الاستراتيجيات والممارسات الجديدة التي تمكّنها على صعيد الأعمال. وقبل القفز إلى أي تكنولوجيا جديدة، يجب أن يكون القادة قادرين على أن يصيغوا بوضوح سبب حاجتهم إلى الاستثمار في ذلك ويبدي عدد قليل جداً من المسؤولين التنفيذيين هذا النوع من الانضباط في خضم كل الضوضاء الرقمية.

ومما يزيد الطين بلة، أن القادة يميلون أيضاً إلى توقع نجاح المشاريع من دون منحها الدعم المالي والموارد المناسبة. لكن ليس من المستغرب أن %75 من المستجيبين لاستطلاع الرأي الذين يقولون إن شركتهم قامت بمستويات مناسبة من الاستثمار، يذكرون مبادرات ناجحة، في حين أن %43 فقط ممن يقولون إن شركتهم لا تخصص ما يكفي من الوقت الكافي والطاقة والموارد يذكرون نتائج ناجحة.

المسؤولية عن التحول Owning the transformation. عندما يفوض المسؤولون التنفيذيون المسؤولية عن الأعمال الرقمية إلى التكنولوجيين، يكون الأمر وصفة لفشل شبه مؤكد. مثلاً، رأينا تكنولوجيين يطلقون للمؤسسات مواقع للتواصل الاجتماعي أو منصات التعاون Collaboration platforms -من دون أي عيوب- لكن من دون أي مبادرات للتدريب أو لتغيير السلوك لمرافقة الإطلاق. وغالباً ما تكون النتيجة منصة تكنولوجية جميلة لا يستخدمها الموظفون بالفعل. وكما هي الحال مع أي جهد للتغيير، فإن مشاركة الإدارة العليا ودعمها ترسل إشارة واضحة توجه تحديد الأولويات ويمكنها أن تساعد على مواءمة اتجاهات بقية أقسام المؤسسة دعماً للتحول الرقمي. ويصبح المسعى بعد ذلك مسعى متعدد الوظائف يشمل جميع قطاعات المؤسسة؛ مما يجعل من الممكن الانتقال من مجرد الفعل أو تبني تكنولوجيات جديدة إلى جعل المؤسسة أكثر رقمية. وعندما سألنا المستجيبين عن أي جزء من المؤسسة سيقود على الأرجح المبادرات الرقمية لها، مالت المؤسسات الأقل نضجاً رقميّاً إلى أن تعهد بالمشاريع إلى أقسام وظيفية، مثل تكنولوجيا المعلومات أو التسويق. (انظر: الاستراتيجية: من يقود التقدم الرقمي؟). ومع ذلك، مالت المؤسسات الناضجة رقميّاً بنسبة الضعفين تقريباً إلى أن تعهد بالجهود الرقمية إلى مكتب الرئيس التنفيذي.3G.C. Kane, “Is the Right Group Leading Your Digital Initiatives?” MIT Sloan Management Review, Aug. 3, 2018.

تجهيز الموظفين لتحقيق النجاح Equipping employees to succeed. ينطوي جانب آخر من جوانب القيادة الجيدة التي لم تتغير على تمكين الموظفين من تنفيذ مبادرات جديدة. فالتفويض القوي من الأعلى لا يكفي. وإذا كنتم تتوقعون أن يشارك الموظفون في عمليات جديدة لمجرد أن مؤسستكم تتبنى تكنولوجيا جديدة؛ فمن المؤكد أن أملكم سيخيب. ففي سياق المسؤوليات الوظيفية الموجودة، لا يتمتع الموظفون عادة بالوقت أو المعرفة لتحديد طرق جديدة للعمل أثناء التشغيل. ويجب على القادة إعداد الموظفين لتحقيق النجاح. ومن بين المستجيبين الذين يذكرون أن مؤسستهم تزودهم بالموارد والفرص المتاحة لكي يزدهروا في بيئة رقمية، قال %72 إن مبادراتهم الرقمية ناجحة. ومع ذلك، من بين المستجيبين الذين يقولون إن مؤسستهم لا توفر فرصاً وموارد مثل هذه، ذكر %24 فقط مبادرات رقمية ناجحة. ويُعتبَر التحول الرقمي جهداً تنازليّاً Top-down وتصاعديّاً Bottom-up في آن واحد.

ويمكن للقادة دعم الموظفين بعدة طرق – مثلاً، من خلال توفير التدريب الكافي، ونقل الموظفين داخل المؤسسة لتعلم طرق أخرى للقيام بالأشياء من زملائهم العمل، ومنحهم الوقت والمكان اللازمين للتكيف، فيبدو التعلم الضروري قابلاً للتنفيذ في سياق المسؤوليات الأخرى للعمل.

تطوير الحماسي والقدرات والذهنيات المناسبة

انطلاقاً من روح القيادة من خلال الآخرين (وهذا هو ما يجب أن يقوم به كبار المسؤولين التنفيذيين)، من الأهمية بمكان تعزيز المؤسسة بالمواهب الإدارية التي تحتاج إليها لإطلاق التحول واستدامته – وتطوير المهارات المناسبة وتمكينها على كل المستويات. وتحقيقاً لهذه الغايات، فما الذي يمكن أن تتعلموه من المؤسسات الناضجة رقميّاً؟ وفيما يلي بعض الدروس التي استخلصناها من بحثنا.

1 توظيف القادة في المجال الرقمي لإطلاق العمل Hire digital leaders to get the ball rolling. تجاهلت مؤسسات كثيرة التحول الرقمي لفترة طويلة إلى درجة أنها لا تعرف من أين تبدأ. لكنها تستطيع تعيين ما يُسمَّى الموظفين المرجعيين Anchor hires لتحفيز العملية. ويكون هؤلاءِ قادةً خارجيين يتمتعون بتجربة عميقة في مجال التحول الرقمي ويمكنهم توفير التجربة والمنظور المطلوبين. مثلاً، لبدء قيادة التغيير الرقمي، عينت شركة جون هانكوك John Hancock مسؤولاً رئيسياً جديداً عن التسويق, جلب فريقاً صغيراً من المديرين طَوَّر بعد ذلك مبادرات رقمية مبتكرة معزولة عن بيروقراطية سائر الشركة. وبمجرد أن بدأت المبادرات الرقمية بالازدهار، استخدم الفريق النجاحات لتكون بمثابة إثبات المفهوم Proof of concept لبدء قيادة التغيير في كل أنحاء الشركة.

لذلك، ما هي المهارات التي تحتاجون إلى البحث عنها لدى الموظفين المرجعيين؟ يجب التركيز على مجالين رئيسيين: نجاح مُثبَت في إنتاج منتجات رقمية ذات قيمة قابلة للقياس.

إظهار القدرة على تمكين طريقة جديدة وتنظيمها للتفكير والتنفيذ في المؤسسة.

وسيدعم جلب هذه المهارات من الخارج تحول المؤسسة، لكن من المهم أيضاً استدامة ما بُنِي. ومن أجل ذلك، فإنكم ستحتاجون إلى مجموعة مهارات تشغيلية مختلفة تماماً، قد تجدونها داخليّاً.

2 التحديث المنتظم للثقافة الرقمية لفريقكم Regularly refresh your senior team’s digital literacy. دعونا نقل إن فريق القيادة في مؤسستكم تخرج من الجامعات قبل أكثر من خمس سنوات (في معظم المؤسسات، كان القادة الأبرز تخرجوا من الدراسة قبل فترة أطول من ذلك بكثير). هناك احتمال كبير مفاده أنكم تحتاجون إلى تحديث معرفتهم الرقمية إذا لم تكونوا اتخذتم بالفعل خطوات للقيام بذلك. وتكون البيانات والتحليلات، والذكاء الاصطناعي، والبلوك تشين (سلسلة الكتل) Blockchain، والمركبات الذاتية القيادة، والتصنيع الجمعي، والواقع الافتراضي والمعزز، وغيرها من التكنولوجيات الناشئة مستعدة لإعادة تشكيل بيئة الأعمال بشكل جذري على مدار العقد المقبل. وبالتأكيد، لا يمتلك معظم المسؤولين التنفيذيين الوقتَ أو مجموعةَ المهارات أو الميلَ ليصبحوا علماء بيانات أو مطوري برمجيات متطورين. ومع ذلك، يستطيع معظم المسؤولين التنفيذيين فهم التكنولوجيات الجديدة على المستوى الاستراتيجي حتى يتمكنوا من اتخاذ القرارات وفق ذلك.

ويتمثل أحد الحلول هنا في عقد جلسات مستمرة للتعليم المستمر مع قيادة مؤسستكم. وكجزء من تلك الجلسات، يمكن للقادة المشاركة فيما يسميه كثر في وادي السيليكون وضع استراتيجيات لتكبير / تصغير الصورة، مستخدمين الأفراد ذوي المعرفة الرقمية العميقة لإدارة النقاش. وفي هذه العملية يتوقع المسؤولون التنفيذيون ما ستبدو عليه مؤسستكم أو صناعتكم خلال عشر سنوات نتيجة لتكنولوجيا معينة أو اتجاهات رقمية عامة، ثم يرسمون الخطوات التي ستكون ضرورية في الأشهر الـ12 إلى الـ 18 المقبلة لمؤسستكم البدء بالتحضير لهذا المستقبل. وعلى الرغم من أن توقع المستقبل بدقة غير محتمل، يساعدكم هذا التمرين يساعدكم على تجنب الفخ الشائع جدّاً المتمثل في وضع الاستراتيجيات المتعلقة بالبيئة الرقمية الحالية بدلاً من البيئة التي ستتوفر بحلول الوقت الذي تتحقق فيه استراتيجياتكم.

3 إنشاء بيئة يمكن فيها للقادة الجدد إجراء التحسينات Create an environment where new leaders can step up.تتحرك الأعمال الرقمية بسرعة كبيرة لا تسمح للمديرين والموظفين لديكم بانتظار أوامر الانطلاق للتعامل مع كل موقف. ويحتاج القادة إلى الإبلاغ عن الأهداف الاستراتيجية بوضوح حتى يتمكن المديرون ممن هم على تماس مع العملاء ومع الموظفين المتوسطي الرتب من اتخاذ قرارات سليمة على أرض الواقع، وامتلاك ما يكفي من الوقت والفرصة لتجربة طرق جديدة للقيادة في بيئة رقمية. ومن أهم المهارات التي يحتاج الجميع إلى تطويرها هي القدرة على قيادة شبكات من الأفراد والفرق، بدلاً من القيادة من خلال التسلسل الهرمي Hierarchy. وينشئ القادة التقليديون الذين يتبعون نهج الشلال (التتالي) Waterfall approach لإدارة التواصل والقرارات – أي أولئك الذين يفضلون اتباع نهج خطي ومتسلسل Linear and sequential approach للقيادة المؤسسية – اختناقات عند الحاجة إلى السرعة. وفي المقابل، فإن نهج الشبكات يُسهِّل إجراء المحادثات واتخاذ القرارات المتكررة والسريعة والتعاونية من خلال نشر العديد من نقاط التواصل واتخاذ القرار التي تتجاوز الخطوط والمربعات المؤسسية. وإذا كانت حقوق القرار واضحة وممكّنة ويجري الإبلاغ عنها، يمكن للقادة الكبار تحسين جودة هذه الشبكات المتوسعة وسرعتها من خلال فتح الأبواب وإزالة الحواجز والمشاركة مع فرق العمل التعاون ومساعدتها على أن تكون أكثر رشاقة Agile وتركيزاً على ابتكار العمل من يوم إلى آخر.

4 رعاية ثقافة التجريب Cultivate a culture of experimentation. أخيراً، يجب على القادة التفكير كمبدعين وتوفير أماكن للموظفين لتجربة أشياء جديدة، والتعلم منها، والتكيف، والتوسع. وتعد معظم المؤسسات بدعم مفهوم الفشل السريع من دون أن تفعل، لكنها في الوا

قع، ترسل رسائل ضمنية مفادها أن «الفشل ليس خياراً.» لتجنب نقل إشارات مختلطة، يمكنكم تشجيع التعلم الذي يترافق مع جهود أقل نجاحاً ومكافأته – وهو تعلم غالباً ما يُسمِّى الفشل إلى الأمام Failing forward. وكما أخبرنا ريتشارد غينغراس Richard Gingras، نائب رئيس غوغل نيوز Google News: «ليس المهم حقّاً إذا نجحت التجربة أو فشلت؛ المهم ما يتعلمونه منها. وسواء أكانوا جيدين، أم سيئين، أم غير مبالين، يتمثل الأمر بمعرفة ما يمكنهم القول إنهم اكتسبوها. ربما لم يجرِ الأمر بالطريقة التي توقعناها، لكننا تعلمنا كذا وكذا وكذا، ولا نشعر بالإحراج من واقع أن افتراضاتنا الأولية كانت خاطئة. لا توجد إخفاقات. فقد جربنا شيئاً وتعلمنا شيئاً.»

إذاً، ما نوع القادة الذين نحن بحاجة إليهم في عصر الزعزعة الرقمية؟ هل هم القادة الذين يدرسون المعارك الماضية مع تركيز على الدروس المستفادة، أم المغامرون الجريئون الذين يعتقدون أن ما يحدث الآن لا يشبه شيئاً حدث من قبل؟ تتمثل الإجابة في مزيج صحي من كليهما: القادة الذين يتمتعون بالمهارات الأساسية المستمدة من معطيات الماضي، لكن مع ذهنية رشيقة واطلاع رقمي يسمحان لهم بالتحول عند الضرورة. وباختصار، نحن بحاجة إلى قادة يمكن أن يكونوا التغيير الذي نسعى إليه.

حول هذا البحث على مدار السنوات الخمس الماضية، استطلعنا رأي أكثر من 20 ألفاً من المسؤولين التنفيذيين والمديرين والمحللين في أعمال متنوعة حول العالم لفهم التحديات والفرص المرتبطة بالتحول الرقمي. وفي كل سنة، تلقينا ما بين 3700 و4800 رد، ورصدنا معطيات من أفراد في أكثر من 120 بلداً و28 صناعة، من مؤسسات مختلفة الأحجام. وكان أكثر من ثلثي المستجيبين من خارج الولايات الم

تحدة. وتُختَار العينة من عدد من المصادر، بمن في ذلك قراء إم آي تي سلون مانجمنت ريفيو ومشتركو البث الشبكي لـديليوت ديبريفس وأطراف مهتمة أخرى. وأجرينا أيضاً مقابلات مع أكثر من 140 من المسؤولين التنفيذيين في أعمال مختلفة من عدد من الصناعات، وقادة فكر، وأكاديميين لفهم المسائل العملية التي تواجه المؤسسات حالياً. وتساهم معطياتهم في فهم أكثر ثراء للبيانات. وستظهر معالجة أكثر استكمالاً لبحثنا في الكتاب المرتقب عن مطبعة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا مغالطة التكنولوجيا: كيف يكون الناس العامل الرئيسي الحقيقي للتحول الرقمي (أبريل 2019)

جيرالد سي كاين Gerald C. Kane (ـprofkane@)

جيرالد سي كاين Gerald C. Kane (ـprofkane@)

أستاذ أنظمة المعلومات من كلية بوسطن Boston College والمدير الأكاديمي لمركز إدموند إتش شيا جونيور لريادة الأعمال Edmund H. Shea Jr. Center for. Entrepreneurship

 أين غوين فيليبس Anh Nguyen Phillips (ـanhphillips@)

أين غوين فيليبس Anh Nguyen Phillips (ـanhphillips@)

باحثة ومؤلفة من مركز ديلويت للأبحاث المتكاملة Deloitte’s Center for Integrated Research، حيث تقود أبحاثاً حول التحول الرقمي.

جوناثان كوبولسكي Jonathan Copulsky (ـjcopulsky@)

جوناثان كوبولسكي Jonathan Copulsky (ـjcopulsky@)

يدرّس التسويق في جامعة نورث وسترن Northewstern University ويعمل مدير برنامج في مادة تسويق الأعمال التابعة للتعليم التنفيذي لدى كلية كيلوغ للإدارة Kellogg Executive Education Business Marketing.

غارث أندروس Garth Andrus (ـgarth_ot@)

غارث أندروس Garth Andrus (ـgarth_ot@)

قائدة رئيسية وعالمية في مجال حلول الحمض النووي الرقمي Digital DNA solutions بديلويت.

وهم مؤلفو الكتاب الذي سيصدر عن مطبعة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا مغالطة التكنولوجيا: كيف يكون الأفراد هم العامل الرئيسي الحقيقي للتحول الرقمي The Technology Fallacy: How People Are the Real Key to Digital Transformation (أبريل 2019)، والذي اقتُبِس هذا الموضوع منه. عَلِّقوا على هذا الموضوع في http://sloanreview.mit.edu/x/60309.

شكر وتقدير يود المؤلفون أن يشكروا ستايسي فيلبوت Stacey Philpor من ديلويت للاستشارات إل إل بي على مساهماتها في هذا الموضوع.

المراجع

المراجع
1 G. Santayana, The Life of Reason: The Phases of Human Progress, Vol. 1: Reason in Common Sense (New York: C. Scribner’s Sons, 1905), 284.
2 J. Baldwin, “The Devil Finds Work,” sec. 1, The Price of the Ticket (New York: St. Martin’s Press, 1985).
3 G.C. Kane, “Is the Right Group Leading Your Digital Initiatives?” MIT Sloan Management Review, Aug. 3, 2018.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى