النمو ليس لعبة ذات محصلة صفرية
تتعلم ابنتي الطالبة في الصف الخامس بعض القوانين الأساسية في العلوم الفيزيائية في الكلية هذا العام، وكنت أفكر في أحد هذه القوانين فيما يتعلق ببعض المواضيع في عدد ربيع 2019 من إم آي تي سلون مانجمنت ريفيو. هذا هو القانون، بعد إعادة صياغته إلى حد ما: في نظام مغلق، لا يمكن تخليق الطاقة أو إفناؤها، يمكن فقط إعادة ترتيبها.
هل يمكن قول شيء مشابه عن الأعمال والقيمة التي تولّدها؟ تُدمَّر الشركات كل الوقت – سواء بأيديها أم عن طريق القوى الكلية أم من قبل شركات منافسة قللت من شأنها أو لم تلحظها. ولكن كلما ظهر طرف فاعل جديد، فهل يكون ذلك دائماً على حساب شيء آخر؟ هل يجب أن ننظر إلى النمو والتدمير كمجرد قيمة يُعاد ترتيبها؟
على الإطلاق، وفق حجة الأستاذين في إنسياد INSEAD دبليو تشان كيم W. Chan Kim ورينيه موبورن Renée Mauborgne. صاغ الاثنان مصطلح إبداع غير مزعزع Nondisruptive creation لوصف كيفية ظهور كثير من الأسواق الجديدة من دون عواقب سلبية على الصناعات والأعمال الموجودة. ويقودنا المؤلفان عبر مجموعة من الأمثلة (التدريب الحياتي، التمويل الأصغر Micro-finance، المواعدة عبر الإنترنت)، ويوفران إطاراً لتحديد المشكلة الجديدة الواجب حلُّها والفرص الجديدة الواجب اغتنامها. ويذكراننا بأن الشركات لا تحتاج إلى التدمير من أجل الإبداع والنمو.
ومع ذلك، فإن العديد منها يعاني ذلك، والمؤسسات المتخلفة رقميا معرضة للتهديدات المزعزعة بشكل خاص. ولا أحد يدرك هنا أفضل من قادة الشركات الصناعية. ويشرح خبير الابتكار في دارتموث Dartmouth، فيجاي غوفيندارجان Vijay Govindarajan، والرئيس التنفيذي السابق لجنرال إلكتريك General Electric، جيفري آر. إيميلت Jeffery R. Immelt، الكيفية التي اندفعت بها شركات التكنولوجيا العملاقة، والشركات الرائدة في المجال الرقمي، والشركات الناشئة، لإنشاء سوق لدراسة بيانات أداء الآلات ومساعدة عملاء الشركات المصنعة على الاستفادة أكثر مما اشترته. وهذه فرصة ربما تكون الشركات المصنعة اقتطعتها لنفسها إذا كانت ستواصل جهودها في التحول الرقمي.
ومن خلال أبحاثهما وتجربتهما، صار غوفيندارجان وإيميلت يؤمنان بأن البقاء في الثورة الصناعية الرابعة يتطلب التزاماً كاملاً بالانتقال إلى التكنولوجيا الرقمية. ويقول الكاتبان إن من الصعب إدارة الأمر في الشركات الموجهة إلى التحسين المستمر بدلاً من الابتكار المستمر. ولكن عدم القيام بذلك لم يعد خياراً، وهما يقدمان معطيات جرى الحصول عليها بصعوبة حول محاربة الجمود الذي يستقر بشكل حتمي.
بطبيعة الحال، فإنه عندما تكون الصناعات في خطر، كذلك يكون حال موظفيها. ويشارك بوريس غرويسبرغ Boris Groysberg، الأستاذ في كلية الأعمال بجامعة هارفارد Harvard Business School، والمؤلفان المشاركان ويتني جونسون Whitney Jonson وإريك لين Eric Lin ما تعلموه عن إدارة المهن في أطر متقلبة. وبالاعتماد على تحليلهم لقطاع الخدمات الاحترافية وعلى الأبحاث الموجودة في مختلف القطاعات، يقدمون نصائح مفيدة حول كيفية استباق زعزعتكم من خلال اكتشاف العلامات المبكرة على التقلبات في شركتكم، ونقل مهاراتكم داخل صناعتكم، وجعل أنفسكم مرشحين جذابين في الصناعات الأخرى.
كيف يمكننا التفكير في كل هذا في ضوء قانون الحفاظ على الطاقة؟ أفترضُ أن الفرق في الأعمال يتمثل في أنها غير ملزمة بنظام مغلق. فعندما تنشىء الشركات شيئاً لا يأكل من حصة أي شخص آخر في السوق أو ذهنه أو محفظته، فإنها تفتح عالماً جديداً من الاحتمال لنفسها وللأفراد الذين يقودونها ويشغلونها، وقد تنطبق قوانين جديدة.