أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
أعمالرقمنة

الطريقة الوحيدة التي تمكّن الشركات المُصنِّعة من البقاء

لم يعد التحول الرقمي اختياريّاً للشركات الصناعية، لكن المشكلة هل هذا صعب حقّاً.

فيجاي غوفيندارجان، جيفري آر إيميلت

من الصعب قيادة عملية تحول الشركات من أي نوع كانت، ولم يصبح الأمر أسهل بمرور الوقت. لكن ماذا عن بدء التحول الرقمي واستدامته في شركة صناعية؟ هذا أصعب من إدارة أي مبادرة تغيير أخرى – من إدارة الجودة الشاملة Total quality management إلى الحيود السداسي Six Sigma إلى التصنيع الكفء – وصدقونا، فقد مررنا بها أو رأيناها طوال العقود الثلاثة الماضية.

يُعتبَر التحول الرقمي شرطاً أساسياً للبقاء اليوم. ولكن بينما تغمر موجات التكنولوجيا – الأتمتة Automation، والتصنيع الجمعي Additive manufacturing، والذكاء الاصطناعي AI- عالم الشركات وتعيد تحديد طبيعة العمل والإنتاجية، فإنه لا توجد استراتيجيات إرشادية، بل وهناك فقط عدد من الممارسات المثلى Best practices يسترشد بها مجال التحول الرقمي للشركات المصنعة. بل إن قليلاً من الشركات الصناعية فقط اهتمت بالتكنولوجيات الرقمية حتى وقت قريب. فقبل تسع سنوات فقط، مثلاً، لم تكن جنرال إلكتريك General Electric تتابع هذه التكنولوجيات عن كثب، ولم تفكر قطُّ في كيفية ملاءمتها في الآلات التي كانت تصنعها، وقبل كل شيء، لم تدرك أنها قد تكسب عوائد منها. وكانت الرقمنة بعيدة عن الواقع الصناعي لجنرال إلكتريك.

وحتى اليوم، وعلى الرغم من أن معظم الشركات المصنّعة بدأت تجرب التكنولوجيات الرقمية الناشئة، فلم ينجح أي منها في إطلاق التحول الرقمي. ولا يزال يتعين على الرؤساء التنفيذيين CEOs فهم فنون في التحول الرقمي – وعلومه – وهو ما يجبرهم على وضع الخطط أثناء حدوث التغيير ويؤدي حتماً إلى توتر وصدمة. وتعرّض بعض قادة الأعمال للانتقاد بسبب إطلاق التحولات الرقمية قبل الأوان؛ وآخرون بسبب تأخيرها؛ وأُقيل آخرون لعدم استدامتها.

وقاد أحدنا العديد من التحولات بين عامي 2001 و2017 – بما في ذلك التحول الرقمي – في جنرال إلكتريك، وهي شركة عالمية راسخة. ويدرس الآخر الابتكار والتغيير في الشركات الكبيرة، بما في ذلك جنرال إلكتريك، منذ عقود. ونحن على قناعة بأن تنفيذ التحول الرقمي ليس التحدي الأكثر تعقيداً فحسب، بل هو التحدي الأهم الذي تواجهه أي شركة مصنّعة حالياً. ولهذا السبب اجتمعنا معاً لنشارك في كتابة هذه المقالة التي توضح الأسباب التي تجعل التحول الرقمي صعباً جداً بالنسبة إلى الشركات المصنعة، ونشارك القارئ بعض الدروس الأساسية المستفادة من تجربتنا. ربما كانت جنرال إلكتريك أول شركة مصنّعة تدرك أن التكنولوجيات الرقمية قد تزعزع أعمالها Disrupt. ومع ذلك، لم يحدث هذا إلا بعدما حدد فريق البحث الخاص بالشركة، في بحثه عن الاتجاهات الضخمة، بالمصادفة ومن خلال بحثه عبر الإنترنت، أن بعض الشركات القائمة، مثل آي بي إم IBM، وعدة شركات ناشئة في مجال التكنولوجيا الفائقة تجمع بيانات من عملاء جنرال إلكتريك لتطوير خدمات جديدة مستندة إلى البيانات في قطاعات عدة مثل الطيران والطاقة.

وعلى الرغم من إدراكها الجديد لهذا التهديد الوجودي، لا تزال شركة جنرال إلكتريك تواجه معارك شاقة في جهودها لبدء التحول الرقمي واستدامته. وقد توفر تجارب الشركة، وكذلك تجارب الشركات المصنعة الأخرى التي درسناها، أفكاراً وتبصرات مفيدة للمسؤولين التنفيذيين الذين يواجهون هذا التحدي.

الفرصة والتهديد الرقميان 

يخطئ العديد من الرؤساء التنفيذيين في فهم حقيقة مفادها أن التحول الرقمي ليس هو نفسه رقمنة Digitalization الأعمال الموجودة. لا يتعلق الأمر بإنشاء مواقع إلكترونية، وتطبيقات للهواتف المحمولة، وحملات في مواقع التواصل الاجتماعي، وقنوات للبيع عبر الإنترنت. ولا يتعلق الأمر أيضاً بإدخال تكنولوجيا المعلومات إلى المؤسسة – مما قد يُحسِّن الكفاءة لكنه لن يغير الاستراتيجية بشكل أساسي. فالتحول الرقمي يستلزم إعادة تصور المنتجات والخدمات كأصول مُمكَّنة رقمياً Digitally enabled assets؛ وتوليد قيمة جديدة من ترابط الأصول المادية والرقمية من خلال البيانات؛ وإبداع نظم إيكولوجية لجعل ذلك ممكناً. ويؤدي ذلك إلى تغيير أساسي في أنشطة الأعمال والأنشطة المؤسسية والعمليات Processes والكفاءات Competencies ونماذج الأعمال Business models؛ مما يتيح زيادة الإنتاجية.

ومعظم قادة الأعمال الذين نتحدث إليهم يشعرون بمدى ضخامة التهديد الذي تمثله الرقمنة بالنسبة إلى الشركات المصنعة، لكنهم لا يدركون حجمه تماماً. والأسوأ من ذلك أنهم لا يرون الفرصة التي توفرها. فالشركات المصنعة، مثل جنرال إلكتريك وسيمنز Siemens وهانيويل إنترناشيونال Honeywell International، تعتمد اعتماداً كبيراً على خدمات ما بعد البيع لتحقيق أكثر من نصف إيراداتها، وأكثر من ذلك لتحقيق الأرباح. وفي عام 2010، مثلاً، شكلت عقود الخدمات نحو %75 من الطلبات غير المنجزة لدى جنرال إلكتريك، التي تجاوزت قيمتها 225 بليون دولار – ما يعادل إيرادات الشركة لأكثر من 18 شهراً – وساهمت بنحو %80 من أرباحها الصناعية.1تأتي التبصرات والبيانات الواردة في هذا الموضوع من تجربة المؤلفين المباشرة في العمل مع جنرال إلكتريك لسنوات عديدة.

ومن خلال تضمين أجهزة استشعار وأجهزة قياس في الآلات والعمليات، يمكن للشركات جمع بيانات المستخدمين وتحليلها بشكل مستمر وليس دوريّاً. ويسمح لها تحليل هذه التدفقات من البيانات بتحديد طرق لتحسين أداء الآلات وموثوقيتها في الوقت الحقيقي، وكذلك كفاءة الأنظمة التي تربطها، ما يتيح فرصة لزيادة إنتاجية العملاء باستمرار. ويمكن لذلك أن يغير ما تبيعه شركة مصنّعة، بمعنى النتائج بدلاً من المنتجات. فمثلاً، يمكن لشركات مثل جنرال إلكتريك بيع الطاقة بالساعة بدلاً من بيع المحركات.

وعلى الرغم من الإمكانية الضخمة للنمو، لم تكن الشركات المصنعة للآلات هي أول من أدرك إمكانية المزاوجة بين الآلات الكبيرة والبيانات الكبيرة. وفيما كان فريق البحث الخاص بجنرال إلكتريك يكتشف ذلك، قفزت أطراف فاعلة أخرى لإنشاء السوق. وتشمل هذه الأطراف شركات عملاقة في مجال التكنولوجيا مثل آي بي إم ورويال فيليبس إلكترونيكس Royal Philips Electronics، وتوشيبا Toshiba وإتش بي HP؛ وشركات رائدة في المجال الرقمي مثل أمازون Amazon وألفابيت Alphabet وأبل Apple ومايكروسوفت؛ وشركات ناشئة مدعومة برأس المال الاستثماري مثل أبتايك Uptake وأوباور Opower وتندريل نتووركس Tendril Networks وأونزو Onzo وأكلارا تكنولوجيز Aclara Technologies وفلوتورا Flutura. وتساعد هذه الشركات حالياً مجالات عمل مثل شركات الطيران التجارية وشركات الطاقة وشركات منتجة للنفط والغاز على تحقيق أقصى استفادة من آلاتها من خلال دراسة بيانات الأداء في الوقت الحقيقي. وهي أعمال مربحة: تحصل الشركات على جزء كبير من الإيرادات أو المدخرات الإضافية للعملاء من خلال تقديم النتائج. وفي عام 2016 قدرت دراسة للمنتدى الاقتصادي العالمي World Economic Forum أن فرصة الأعمال هذه قد تصل إلى 6.8 تريليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.2“Digital Transformation of Industries: Digital Enterprise,” white paper, World Economic Forum and Accenture, New York, January 2016; and W. Ruh, Keynote Presentation, “Minds + Machines 2016” conference, November 2016. The $6.8 trillion figure is based on the World Economic Forum white paper but was extrapolated to represent the amount that only applied to GE’s then-businesses.

وهذا يغري الشركات المصنعة لإطلاق مبادرات رقمية فاترة، وزيادة استخدام تكنولوجيا المعلومات، والتعهيد Outsourcing كلما كان ذلك ممكناً، وجلب المواهب الرقمية من دون تنظيمها بما يحقق النجاح. ومع ذلك وكما رأينا على مدار العقد الماضي، ستُزاح الشركات التي لا تلتزم بالكامل بالتحول الرقمي من قبل منافسيها الذين يمكنهم تقديم خدمات جديدة مستندة إلى البيانات، مما قد يؤدي إلى تفكيك العلاقات القديمة للشركات القائمة مع العملاء. وبالنظر إلى أن قيمة الاستبدال Replacement value لأصول جنرال إلكتريك كانت تريليوني دولار في عام 2010، عندما عاد فريق البحث بأخبار عن التهديد الرقمي، سيصبح أي طرف يحتفظ بجزء من تلك القيمة منافساً منيعا.

وخطر تجاهل التهديد الذي تمثله المنافسة كبير: إذا تفوقت شركة رقمية على الشركة المصنعة حتى في جعل الآلات الصناعية تؤدي أداءً أفضل، سيؤدي ذلك إلى نهاية هذه الأخيرة. فالشركة المصنعة لن تخسر فقط العديد من تدفقاتها المربحة من دخل الخدمات في الأجل غير البعيد، بل سيكون عليها أيضاً الاكتفاء بكونها منتجاً سلعيّاً. ولهذا السبب ليس التحول الرقمي مجرد خيار – إنه الأكسجين الذي سيبقي الشركات المصنعة الصناعية على قيد الحياة وناشطة في العصر الرقمي.

قوى القصور الذاتي الثلاث

حتى الشركات التي استيقظت على التهديد الرقمي والفرصة التي تقدمها تجد أن عملية التحول صعبة جداً. وتشير أبحاثنا وتجاربنا إلى أن الحواجز هيكلية وسلوكية على حد سواء؛ وهذه الحواجز تجسدها الأنظمة، وهي متضمنة في الذهنيات. ويجب على الشركات المصنعة التغلب على ثلاث عقبات رئيسية من أجل التخلص من الجمود والتحول إلى صناعات رقمية.

الأعمال القائمة Incumbency. تطور كل شركة القدرات ونماذج الأعمال بهدف كسب الإيرادات. ولكن تلك الكفاءات Competencies التي صارت أساسية لأداء الشركة ويصعب على الشركات المنافسة تقليدها، يمكن أن تتحول، بمرور الوقت، إلى جوامد تُعيق التغيير. ويلتزم قادة الأعمال بنماذج الأعمال الموجودة لأنها تؤدي الغرض منها، لكنهم لا يلاحظون الخطر الذي تمثله النماذج الجديدة المُزعْزِعة. ومن المحتمل أن تكون النماذج القديمة في ذروتها في هذه المرحلة، ومن ثمَّ فإن حافز التغيير في أدنى مستوياته.

وتزيد مقاييس الأداء التقليدية Performance metrics، مثل نمو المبيعات Sales growth وهوامش الأرباح الصافية Net profit margins، من المشكلة من خلال التركيز على الأداء على المدى القريب ومنع الاستثمارات في مشاريع الابتكار والتحولات غير المؤكدة والبعيدة المدى.3V. Govindarajan, The Three-Box Solution: A Strategy for Leading Innovation (Boston, Massachusetts: Harvard Business Review Press, 2016). ومحاولة إقناع أقسام الأعمال المربحة لديكم بدعم الاستثمارات في عملية التحول الرقمي التي قد تؤتي ثمارها على المدى البعيد (بدلاً من تمويل مشاريعها الابتكارية التي ستولّد أرباحاً بشكل أسرع) هي محاولة إقناع صعبة. وهذا صحيح بشكل خاص إذا كان هيكل المكافآت في الشركة يدعم العائد القريب الأجل للاستثمارات على حساب الرهانات البعيدة المدى.

المواهب Talent. حتى وقت قريب، تعاملت معظم الشركات المصنعة مع التكنولوجيا الرقمية كوظيفة خلف الكواليس لدعم أعمالها الموجودة، واختارت التعهيد لتطويرها. وأولت قليلاً من الاهتمام لتطوير المهارات اللازمة لإجراء التحول الرقمي. إضافة إلى ذلك، تواجه الشركات المصنعة عموماً صعوبة في جذب المواهب الرقمية المطلوبة طلبا شديدا. دعونا نواجه الحقائق: بخلاف ألفابت وأبل، فشركات مثل جنرال إلكتريك وفورد موتور Ford Motor لا تُعتبَر من جهات العمل المختارة من قبل مهندسي البرمجيات.

وثمة تعقيد إضافي يتمثل في وجوب ضم الشركات المصنعة المواهبَ في المجال الرقمي التي توظفها مع المهندسين الميكانيكيين والكيميائيين والمدنيين والصناعيين التقليديين لتشكيل مجموعة جديدة من القدرات. وهذا أمر تصوره أسهل من تنفيذه؛ لأن المهندسين في العلوم الافتراضية يتعلمون ويفكرون ويعملون بطريقة مختلفة عن نظرائهم في العلوم الفيزيائية.

الثقافة Culture. غالباً ما تكون الثقافة المؤسسية للشركة الصناعية عقبة كبيرة أمام التطوير. وتاريخياً، ازدهرت الشركات المصنعة باستخدام الدورة الطويلة لتطوير المنتجات، وكفاءة الحيود السداسي، والدورة الطويلة للمبيعات. وهي تميل إلى التركيز على استثمار مبالغ كبيرة من المال لتطوير منتجات تعتمد عادةً على تكنولوجيات خاصة، وتصنيعها وبيعها.

وعلى النقيض من ذلك، فإن شركات البرمجيات تعمل وفق دورات قصيرة لتطوير المنتجات، وتكون مرنة، وتمتلك دورات سريعة للمبيعات. وهي تفضل تطوير برمجيات بالشراكة مع شركات أخرى وكسب المال من خلال توفير البرمجيات كخدمة إضافة إلى بيع المنتجات. وتتميز منتجاتها بعمر افتراضي أقصر من منتجات الشركات المصنِّعة، وتكون تكلفة الفشل أقل. مثلاً، في بينما تصدر جنرال إلكتريك نسخاً عديدة من منتجاتها من البرمجيات كل عام، تتغير تصاميم آلاتها مرة واحدة فقط كل ثلاثة أو أربعة أعوام.

وتؤمن الشركات المصنعة بالتحسين المستمر Continuous improvement، والشركات الرقمية بالابتكار المستمر Constant innovation. ولتصبح رقمية أكثر، يجب على المؤسسات الصناعية أن تتبنى مفاهيم غريبة عليها مثل الرشاقة Agility والبساطة Simplicity والاستجابة Responsiveness والسرعة Speed. وهذا أمر شاق للمؤسسات الراسخة المُوجَّهة إلى تقديم منتجات ذات تكلفة فعالة Cost-effective في فترات يمكن توقعها.

وإنشاء وظيفة رقمية في شركة تصنيع يؤدي إلى زيادة التنافس الداخلي؛ فيولِّد ذهنية نحن في مقابل الآخرين بين القدماء والجدد. وفي الأيام الأولى شعرت فرق تكنولوجيا المعلومات التابعة لجنرال إلكتريك، مثلاً، بالتهديد الأكبر من جانب مهندسي البرمجيات والأنظمة الذين كانوا يتقاضون رواتب أعلى من المعدَّل في الشركة كحافز لهم للانضمام إلى شركة صناعية. والأسوأ من ذلك، احتقر مهندسو البرمجيات المعيَّنون حديثاً كيفية عمل أهل تكنولوجيا المعلومات وأخبروا كل شخص في الشركة بذلك. وأحبوا مهمة Mission الشركة لكنهم لم يهتموا ببيروقراطيتها. وكانوا يستقيلون ببساطة إذا لم تعجبهم طريقة التخطيط للمشاريع وتنفيذها. ويكفي أن نقول إن التحول الرقمي سيؤثر في ثقافة شركتكم بطرق لم تبدؤوا بتخيلها حتى الآن.

كيف تقنع الشركات نفسها بعدم التحول

وقد يكون بدء التحول الرقمي عملية طويلة وشاقة. وفي تجربتنا، عادةً ما يتبع المسؤولون التنفيذيون أسلوباً حذراً؛ إذ يسألون أنفسهم سلسلة من الأسئلة التي توقعهم في حيرة، ومن ثم، يعيقون العملية قبل أن تبدأ. وإليكم الطريقة التي نقترحها للانطلاق.

ألن يكون التعهيد لإنشاء قدرات رقمية أو الدخول في شراكة أسرع وأقل تطلباً للاستثمار المكثف؟ إجابتنا؟ لا. قد يبدو التعهيد لتطوير التكنولوجيات الرقمية أو التعاون مع شريك رقمي خياراً منخفض الاستثمار وقليل المخاطر، لكنه في الواقع قد يعطل عملية التحول الرقمي. وثمة كثير من الحالات التي يكون فيها شراء القدرات منطقيا – مثل الحوسبة السحابية أو التخزين، مثلاً – لكن الشركات المصنعة ستستفيد من الاستثمار في تطوير التكنولوجيات الرقمية التي ستميزها في السوق، ولا سيما أنها بالفعل تمتلك آلات ولديها زبائن.

ويجب على الشركات أولاً تحديد ما تريد امتلاكه قبل التفكير في الشراكات؛ وإلا فسينتهي بها الأمر إلى اختيار الشركاء الخطأ. والأسوأ من ذلك أن الشراكة منذ البداية أو مجرد الاستثمار في الأعمال الرقمية لن يغيرا أبداً القدرات الأساسية للشركة، والتكنولوجيات، ونماذج الأعمال بما يكفي لإحداث تحول، أو حتى إرساء الأساس. ولن يؤدي ذلك إلا إلى إضافة طبقة رقمية رقيقة على المنتجات والعمليات ونماذج الأعمال الموجودة. وقد تبدو بعض تكنولوجيات الجيل التالي بعيدة جداً، لكن يتعين على الشركات الصناعية أن تدرك أن إتقانها سيكون ضرورياً للبقاء. إضافة إلى ذلك، سيتعين على الشركات المصنِّعة مشاطرة المعرفة الثمينة في المجالات مع شركائها الرقميين؛ مما يؤدي إلى فقد ورقة المساومة الوحيدة لديها. ومن الصعب التفاوض على الشراكات عندما لا تجلبون كثيراً إلى طاولة المفاوضات. فقط اسألوا مايكروسوفت عن شراء نوكيا Nokia، أو ياهو! Yahoo عن تامبلر Tumbler، أو غوغل عن موتورولا Motorola، أو إي باي eBay عن سكايب Skype، أو نيوز كورب News Corp عن ماي سبيس Myspace.

ونعتقد أن الشركات تعمل بشكل أفضل من خلال تطوير القدرات الرقمية داخليّاً. ولن يؤدي القيام بذلك إلى تحسين قدراتها الأساسية بشكل دائم فحسب، بل سيساعد أيضاً على إعادة تشكيل ثقافة الشركة، إذ يعمل الموظفون في المجال الصناعي إلى جانب الأفراد في المجال الرقمي على تطوير الخدمات المستندة إلى البرمجيات. وإذا كانت الشركة المُصنّعة ستبرم شراكة ما، فستكون قادرة على القيام بذلك من موقع قوة متساوٍ – وليس من موقف يشوبه ضعف. فقد رفضت جنرال إلكتريك، مثلاً، الدخول في تحالفات أو إقامة شراكات خلال السنوات الخمس الأولى من تحولها الرقمي. وبدلاً من ذلك، عينت رئيساً تنفيذياً للشؤون الرقمية من خارج الشركة؛ وأقامت قسماً مركزيّاً للبرمجيات في سان رامون بكاليفورنيا؛ ثم وظفت أكثر من ألفي مهندس للبرمجيات – وهذا مشروع ضخم. ومع اكتساب جنرال إلكتريك للخبرة، تحولت ببطء إلى شراكة مع أطراف فاعلة رقمية مثل مايكروسوفت وأمازون وسبلانك Splunk وأكسنتشر Accenture وتاتا للخدمات الاستشارية Tata Consultancy Services وتيك ماهيندرا Tech Mahindra وإيه تي أند تي AT&T. كذلك تعلمت العمل مع شركات ناشئة على تطبيقات البرمجيات، واستحوذت على شركات رئيسية مثل ميريديوم Meridium، لبناء قدراتها. وكان القيام بذلك أمراً مهماً لإنشاء طبقات رقمية حول منتجاتها وامتلاكها. وبحلول ديسمبر 2018، عندما أطلقت جنرال إلكتريك جنرال إلكتريك ديجيتال GE Digital كشركة فرعية Subsidiary مملوكة بالكامل، كما كان مخططاً له من البداية، اكتسبت خبرة كبيرة عززت قدرتها على المساومة وثقتها. أما تحويل جنرال إلكتريك ديجيتال إلى شركة مستقلة، فقط بعد تحقيقها للحجم المطلوب؛ فسيساعدها على جمع موارد ذات قيمة أكبر والنمو إلى شركة عملاقة في مجال إنترنت الأشياء الصناعية Industrial internet of things فيما لا تزال مرتبطة بأعمال جنرال إلكتريك.

لا يمكن أبداً للوظيفة الرقمية التي تعمل داخل شركة صناعية إنشاء ذهنية في مجال التحول. وفقط عندما تكون هذه الوظيفة خارج نشاط الأعمال الموجود، يمكنها تحديد طرق زعزعة نشاط الأعمال هذا.

ألا ينبغي أن نستخدم موظفي تكنولوجيا المعلومات العاملين لدينا بالفعل بدلاً من توظيف أفراد جدد لا يعرفون أعمالنا؟ ألا ينبغي لنا أن نضع المبادرة الرقمية تحت سلطة المسؤول الرئيسي عن المعلومات بدلاً من تعيين مسؤول رئيسي عن التكنولوجيا الرقمية؟ لا ولا. فعلى الرغم من أن الأمر قد يبدو قاسياً، فإن وظائف تكنولوجيا المعلومات IT في شركات التصنيع لا يشغلها تكنولوجيون متخصصون في المجال الرقمي. فمهندسو تكنولوجيا المعلومات يشترون الأجهزة، ويعهدون بتطوير البرمجيات إلى شركات أخرى، في حين يتفوقون في إدارة المشاريع وتخصيص Customizing البرمجيات التي طورها البائعون وذلك من أجل تحسين الكفاءة التشغيلية. وتتطلب إعادة تصور المنتجات والخدمات باستخدام برمجيات خاصة مخصصة للعملاء قدرات مختلفة جداً. وبهذا المعنى تكون تكنولوجيا المعلومات عملية Process؛ وتكون البرمجيات مُنتَجاً Product. فقد تعلمت جنرال إلكتريك الفرق بالطريقة الصعبة. ففي عام 2006 استحوذت جنرال إلكتريك للعناية الصحية GE Healthcare (التي كان يترأسها أحد كتاب المقالة) على آي دي أكس سيستمز IDX Systems- وهي واحدة من أبرز خمس شركات لبرمجيات الرعاية الصحية في الولايات المتحدة – لكنها فشلت في الاستفادة من الصفقة البالغة 1.2 بليون دولار. فقد احتاجت برمجيات المنتجات الرئيسية الأربعة في آي دي إكس إلى إعادة كتابة. وتولى شخص من جنرال إلكتريك المسؤولية؛ وبحلول الوقت الذي انقشع فيه الغبار، فقدت عملية الاستحواذ كثيراً من موظفيها.

وبالنظر إلى أن معظم الشركات المصنعة تجاهلت الموجة الأولى من الرقمنة Digitalization، فليس لديها خيار سوى التوظيف بكثافة من الخارج عندما تبدأ بتحولاتها الرقمية. وعند القيام بذلك، تحاول في كثير من الأحيان توفير التكاليف من خلال الجمع بين دور المسؤول الرئيسي عن المعلومات CIO والمسؤول الرئيسي عن التكنولوجيا الرقمية CDO، والأخير موقع جديد نسبياً في التصنيع. وتبدو الصفتان متشابهتين، وثمة قواسم مشتركة، لكن يكاد يكون من المستحيل أن يركز شخص واحد على كلتا الوظيفتين. فالمسؤول الرئيسي عن المعلومات، الذي تُركِّز قاعدة معارفه على الداخل، يجب أن يركز على زيادة الإنتاجية داخل الشركة. أما المسؤول الرئيسي عن التكنولوجيا الرقمية، الذي يركز على الأسواق الخارجية، فيجب أن يهتم بإنتاجية العملاء. ويُعتبَر إبقاء هذين الدورين منفصلين أمراً مهماً لتحقيق النجاح؛ أما الجمع بينهما فسيضمن أن يصبح أحد الدورين غير فاعل.

وعلى عكس محترفي تكنولوجيا المعلومات، يمكن للقادة الرقميين أن يحققوا التكامل بين معرفتهم وسياق أعمال عميل ما؛ مما يساعد العميل على إدراك القيمة التجارية للتكنولوجيات الرقمية. مثلاً، بعد تحليل البيانات من العملاء، توصلت إحدى الفرق الرقمية في جنرال إلكتريك إلى أن لكل مزرعة رياح ملف تعريف فريداً لتوليد الطاقة استناداً إلى موقعها وطبوغرافيته والرياح السائدة. وإدراكاً لأهمية هذا المعطى، فقد عمل الفريق الرقمي مع مهندسي التوربينات على تصميم التوربينات المخصصة لكل مزرعة رياح. وأدى ذلك إلى زيادة إنتاج الطاقة في كل توربين بنسبة %20 سنوياً وولّد 100 مليون دولار إيرادات إضافية على مدار حياة المحطة – وهو الأمر الذي لم يكن معظم الأشخاص في تكنولوجيا المعلومات يهتمون به.

قد يبدو التعهيد لتطوير التكنولوجيات الرقمية أو التعاون مع شريك رقمي خياراً قابلاً للاستمرار، لكنه في الواقع قد يعطل عملية التحول الرقمي.

ألا ينبغي لنا أن نجعل كلاًّ من أعمالنا تطوّر قدرات رقمية خاصة باحتياجات عملائها، بدلاً من إقامة وحدة رقمية مركزية تلبي احتياجات كل الأعمال؟ لا. تشير الحكمة التقليدية إلى وجوب توزيع القدرات الرقمية في كل من الأعمال في شركة متعددة القطاعات. وثمة بعض المنطق في هذه الفكرة؛ فكل نشاط أعمال مختلف وذو خبرة موضوعية مختلفة، ويجب أن يتعلم العمل بطريقته الخاصة مع مهندسي البرمجيات لتطوير حلول لعملائه، ويجب أن يطور نماذج أعمال فريدة للاحتفاظ بالقيمة. ويقوم هذا المنطق على أن اللامركزية ستمكن كل شركة من الشعور بأنها «تمتلك» استراتيجيتها وعملاءها وتكاليفها في المجال الرقمي.

وعلى الرغم من ذلك، ففي الممارسة العملية هناك ثلاثة عوامل تملي وجوب أن تكون الوظيفة الرقمية وحدة مركزية حتى تؤدي دوراً حقيقيّاً في التحول. أولاً، كما هي الحال في معظم الابتكارات المميزة، لن تسمح الأعمال الصناعية القديمة والمهيمنة أبداً للوظيفة الرقمية الناشئة بأن تتعدى نقطة معينة. وستسعى الذهنية القديمة باستمرار إلى تأكيد هيمنتها؛ ولن تحصل الوحدة الرقمية على الزخم أو الدعم الذي تحتاج إليه لتحويل الأعمال.

ومن ثمَّ، لا يمكن أبداً للوظيفة الرقمية التي تعمل داخل شركة صناعية إنشاء ذهنية في مجال التحول. فقط عندما تكون هذه الوظيفة خارج نشاط الأعمال الموجود، سيكون بإمكانها تحديد طرق زعزعة نشاط الأعمال هذا. إضافة إلى ذلك، إذا لم تكن المبادرة الرقمية مركزية، فستعمل كل الأعمال وفق سرعتها الخاصة؛ وسيحصل قليل من تبادل أفضل الممارسات؛ وستذبل الوحدات الرقمية. ولهذا السبب جرى التفكير منذ البداية في جنرال إلكتريك للأعمال ديجيتال كشركة مستقلة في وادي السيليكون البعيد. وكانت الشركة برئاسة المسؤول الرئيسي عن التكنولوجيا الرقمية الذي كان مسؤولاً مباشرة أمام الرئيس التنفيذي CEO لجنرال إلكتريك، وبدأت باستثمار 200 مليون دولار لتضمين أجهزة استشعار وأجهزة أخرى في آلات جنرال إلكتريك، ورصد بيانات العملاء ودراستها، وتطوير تطبيقات للبرمجيات لكل أعمال الشركة.

ثانياً، لا يمكن للصناعة الرقمية تحقيق وفور في النطاق إلا من خلال إنشاء وظيفة رقمية عابرة للأعمال. فبمرور الوقت طورت جنرال إلكتريك ديجيتال أول منصة تشغيل لإنترنت الأشياء الصناعية، هي جنرال إلكتريك بريديكس GE Predix، التي صارت حجر الزاوية في استراتيجيتها. ووضعت المنصة مجموعة من المعايير التكنولوجية لإنترنت الأشياء الصناعية واستطاعت أن تفهم الآلات التي كانت جنرال إلكتريك تصنعها، وكذلك الآلات التي كان المنافسون يبيعونها. فإنشاء منصة ذو أهمية تجارية. والشركات الرقمية التي تطور المنصات الأولى – أمازون وغوغل وفيسبوك ويوتيوب وإيباي – عادةً ما تجني أموالاً.

وأخيراً، لجذب أفضل المواهب الرقمية، يجب على الشركة الصناعية إنشاء مركز عالمي للتميز مع قدرات خاصة بها على صعيد الموارد البشرية. وعندما بدأت جنرال إلكتريك بذلك، عالجت الوظيفةُ المركزية للموارد البشرية عمليةَ التوظيف، والتي لم تعمل بشكل جيد. ومن المحتمل أن %90 من الأفراد الذين اتصلت بهم جنرال إلكتريك وصيادو المواهب Headhunters لصالح جنرال إلكتريك في وادي السيليكون لم يعرفوا أن الشركة أرادت تطوير منتجات معقدة من البرمجيات ولم يهتموا بتسجيل أنفسهم. وفقط بعد إقامة الشركة إدارة موارد بشرية، مخصصة لجنرال إلكتريك ديجيتال في سان رامون، جذبت المواهب الرقمية.

إن وضع جميع المواهب الرقمية في موقع واحد سيمكن تعلمهم من بعضهم بعضاً ودعم بعضهم بعضاً لبناء برمجيات مهمة. المظهر مهم أيضاً. فالمركز الرقمي الكبير وبأحدث التقنيات، والمرئي للسوق، سيجذب شركاء لإنشاء نظام إيكولوجي وجذب عملاء وتعزيز قيم محددة. ومن غير المرجح أن يكون للوحدات الرقمية الصغيرة الموجودة بعمق داخل الأعمال الصناعية الأثرُ نفسه.

ألا ينبغي أن نكون انتقائيين بدلاً من أن نخصص كل طاقتنا؟ لا إجابة حاسمة. إذا استيقظت بعض الشركات باكراً على التهديد الرقمي؛ فقد تتمكن من إعداد بعض الرواد الرقميين في خط مخصص لنشاط أعمال أو منتج، والتعلم من نجاحاتهم وإخفاقاتهم، ثم توسيع نطاق التحول الرقمي ببطء في الأعمال. ولكن الاستيقاظ المتأخر على التهديد الرقمي عادة ما يجعل من الصعب اتباع نهج يُطبّق على مراحل.

وكان على جنرال إلكتريك أن تتحرك بسرعة نسبية للاستفادة من الفرصة الرقمية؛ وكان عليها أن تخصص كل طاقتها؛ لأنها واجهت تهديداً خطيراً من الشركات الرقمية المنافسة. وبدأ هذا التحول في كل أعمال الشركة للتأكيد على واقع مفاده أن التحول الرقمي كان أولوية استراتيجية للشركة بكاملها. ولم تكن تلك الرسالة لتخرج لو بدأ التحول بشغف في نشاط أعمال أو نشاطَيْ أعمال. وبالإدراك المتأخر، ولأن جنرال إلكتريك بدأت بالتعامل مع التهديد على محمل الجد فقط بعد بدء الشركات الرقمية المنافسة بذلك، فمن الإنصاف القول إن جنرال إلكتريك كان يجب أن تتحرك قبل ذلك.

تطوير استراتيجية لتسخير التكنولوجيات الرقمية لتحويل شركة صناعية هو نقطة البداية – لكن هذا ليس كل ما هو مطلوب. فأخطر التحديات تكمن في تنفيذ الاستراتيجية. ولتحقيق ذلك، يجب على الرؤساء التنفيذيين إعادة التفكير في كل شيء تقريباً حول كيفية عمل شركاتهم.

دروس في تنفيذ التحول الرقمي

إن تطوير استراتيجية لتسخير التكنولوجيات الرقمية لتحويل شركة صناعية هو نقطة البداية – لكن هذا ليس كل ما هو مطلوب. فأخطر التحديات تكمن في تنفيذ الاستراتيجية. ومن أجل تحقيق ذلك، يجب على الرؤساء التنفيذيين إعادة التفكير في كل شيء تقريباً حول كيفية عمل شركاتهم وإنشاء نماذج أعمال جديدة، وتطوير هياكل مؤسسية جديدة، والقيادة بشكل مختلف تماماً. ولا حل بسيطاً للتنقل في التحول الرقمي، لكن هناك ثلاث أفكار تبرز كأفكار مهمة لتحقيق النجاح:

1نماذج الأعمال تسيطر على التكنولوجيا بكل سهولة. يتعلق التحول الرقمي بتغيير نماذج الأعمال – وهذا أصعب من الانتقال من التكنولوجيات القديمة. ففي حين كان نموذج الأعمال التقليدية للشركات الصناعية يتمثل ببيع الأجهزة، وتقديم البرمجيات مجاناً، وتنفيذ خدمة الإصلاح عند التعطل، تستلزم نماذج الأعمال الرقمية الصناعية الجديدة بيع برمجيات مخصصة ومعززة للأداء، وحلولاً مُمكَّنة ببرمجيات إلى جانب الأجهزة؛ وتقديم النتائج؛ والمشاركة في الأرباح الإضافية للعملاء.

وتتمتع الشركات المصنعة بميزة فطرية على الشركات الرقمية المنافسة: هي تفهم آلاتها بشكل أفضل، ما يساعدها على توفير النتائج التي يرغب فيها العملاء. وتتمثل الحيلة بالاستعداد لتغيير نموذج أعمال موجود أو التخلي عنه إذا كان ذلك يستطيع إنشاء قيمة جديدة والاحتفاظ بها.

إنشاء قيمة جديدة. يمكن للشركات المصنِّعة إنشاء قيمة من إنترنت الأشياء الصناعية بعدة طرق ويجب عليها استخدامها كلها في الوقت نفسه. ومن خلال تحليل كل البيانات المتعلقة بكيفية استخدام العملاء لآلاتهم وصيانتها وإصلاحها، يمكن للشركات المصنعة صنع منتجات أفضل أداءً تدوم أطول وتتطلب خدمة أقل. وتؤدي المنتجات المتفوقة إلى زيادة المبيعات، حتى في الأسواق الثابتة، الأمر الذي سيؤدي إلى مزيد من البيانات بمرور الوقت. ومن ثمَّ، قد تتمكن الشركات القائدة للسوق من إطلاق آثار تنتشر انتشارا شبكيا مبيعات الأجهزة.

إضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي تطوير مجموعة من تطبيقات البرمجيات إلى تحويل البيانات إلى تبصرات، والتبصرات إلى نتائج أفضل للعملاء. وباستخدام تحليلات رقمية توقعية، يمكن للشركات الانتقال إلى الخدمة المستندة إلى الظروف؛ مما يقلل من فترات التوقف عن العمل غير المخطط لها. مثلاً، يمكن لشركة طيران أن تتيقن من أن كل محركاتها ستكون متاحة دائماً وستُخدَم فقط وفق جدول محدد مسبقاً؛ مما سيعزز موثوقية الأسطول واستخدام الطائرات.

اقتناص قيمة جديدة. يمكن للشركات المصنعة الاحتفاظ بالقيمة المُولَّدة من خلال التحول الرقمي بطريقتين:

أولاً، يمكنها استخدام مسار البرمجيات كخدمات وبيع الاشتراكات والتراخيص لمنتجات البرمجيات التي تطورها من أجل تحليل البيانات الواردة من آلاتها وتحسين أدائها. ويمكنها استهداف العملاء وغير العملاء وحتى الشركات في الصناعات التي لا تعمل فيها، ما يوسع نطاق نظامها الإيكولوجي. وقد يؤدي تحسين كفاءة محرك طائرة واحدة بنسبة %1 باستخدام البرمجيات إلى توفير بليوني دولار من المدخرات السنوية، لكن هذه مجرد نقطة انطلاق. فهو يوفر حافزاً لإعادة تصميم النظام بالكامل لتحقيق مزيد من الكفاءة، كما أن تحليل البيانات المجمعة من أسطول شركة الطيران سيعزز الأرباح على مستوى الشركة بشكل كبير.

ثانياً، يمكن للشركات الصناعية الرقمية أن تقدم النجاح كخدمة من خلال نتائج مضمونة للعملاء – السلامة، والسرعة، وكفاءة استهلاك الوقود، وعدم وجود أخطاء في المشغل، وعدم التوقف عن العمل من دون جدولة. وبدلاً من بيع القاطرات، يمكنها بيع السرعة؛ وبدلاً من توربينات الطاقة، يمكنها بيع الطاقة بالساعة؛ وبدلاً من بيع محركات الطائرات، يمكنها بيع أوقات الطيران.

ومع ذلك، فإن معظم الشركات المصنعة لا تعرف كيفية القيام بكل ذلك – حتى الآن. وستحتاج إلى إعادة تدريب فريق المبيعات الموجود لديها على بيع نتائج مستندة إلى بيانات وإلى برمجيات وإنشاء فريق مبيعات للمنتجات الرقمية لتقديم محفظة من الاشتراكات وغيرها من الطرق التي يمكن بواسطتها تحقيق دخل من الصفقات. وعند القيام بذلك، ستصبح أكثر شبهاً بشركات خدمات تكنولوجيا المعلومات مثل سايلز فورس دوت كوم Salesforce.com وإس إيه بي SAP و أدوبي كرييتيف كلاود Adobe Creative Cloud والخدمات الشبكية من أمازون Amazon Web Services وسلاك تكنولوجيز Slack Technologies، التي تجاوزت بيع البرمجيات إلى بيع الخدمات والنجاح.

ولكن كونوا حذرين. ستزاحم الاستراتيجية الرقمية الصناعية المبيعات التقليدية بعدة طرق. فالبيانات والتبصرات تساعد على تحسين إنتاجية الآلات، ما سيؤثر في مبيعات الأجهزة. وقد تزيد من موثوقية الآلات؛ مما قد يقلل من إيرادات الخدمات في المستقبل. وقد تمكن الاشتراكاتُ في البرمجيات وتراخيصها العملاءَ من صيانة آلاتهم بأنفسهم. ويمكن للعملاء الموجودين إنهاء اتفاقيات الخدمات الخاصة بهم أو إعادة التفاوض عليها، ويمكن للعملاء المحتملين الذين اختاروا الخدمات القديمة أن يقرروا عدم إبرام اتفاقيات خدمات مع الشركات المصنِّعة.

ولكل هذه الأسباب، لا بد للأعمال التقليدية من محاربة التحول الرقمي. واستخدمت جنرال إلكتريك عدة طرق لتوقع هذه المقاومة والتصدي لها. فتحركاتها الأولية صُمِّمت لحماية إيرادات خدمات ما بعد البيع الخاصة بالأعمال، التي تقيمها الشركة تقييما عالياً جدا. وجمعت الشركة بيانات لإظهار أن إنترنت الأشياء الصناعية من شأنها أن توسع السوق بشكل كبير. وأظهرت الشركة أيضاً أن التحول الرقمي قد يطلق آثاراً شبكية في مبيعات الأجهزة. مثلاً، استخدمت أعمال الطيران الخاصة بها تحليلات مستندة إلى البيانات في الوقت الحقيقي لتقليل تكاليف الصيانة لدى عملائها وزيادة توفر المحركات في وقت واحد. وليس من المستغرب، أنها تمكنت من تعزيز وضعها في السوق نتيجة لذلك.

وأخيراً، صممت جنرال إلكتريك العديد من الآليات الهيكلية Structural mechanisms التي سنناقشها تاليّاً، والتي عالجت مخاوف الأعمال، في حين أكد الرئيس التنفيذي باستمرار أن تكلفة المزاحمة كانت أقل من تكلفة التقاعس – وهي الانقراض.

يمكن للشركات الصناعية الرقمية أن تقدم النجاح كخدمة من خلال نتائج مضمونة للعملاء – السلامة، والسرعة، وكفاءة استهلاك الوقود، وعدم وجود أخطاء في المشغل، وعدم التوقف عن العمل من دون جدولة. وبدلاً من بيع القاطرات، يمكنها بيع السرعة؛ وبدلاً من توربينات الطاقة، يمكنها بيع الطاقة بالساعة.

 

2يجب أن تكون العمليات الرقمية متمايزة عن بعضها ولكن مترابطة. قد يمثل الحصول على الهيكل الصحيح للتحول الرقمي أمراً محيراً. وإضافة إلى إنشاء عملية رقمية مستقلة، كما ذكرنا سابقاً، يجب على الرؤساء التنفيذيين إيجاد طرق لربطها بالأعمال الصناعية، التي تفهم بشكل أفضل كيفية عمل آلاتها. وكانت جنرال إلكتريك ديجيتال شركة متميزة، لكنها ارتبطت بعمق بأعمال التصنيع في الشركة مثل جنرال إلكتريك للطاقة وجنرال إلكتريك للعناية الصحية. ولم يقتصر الأمر على امتلاك أعمال التصنيع للبيانات التي يحتاج إليها المركز الرقمي، بل تمتعت هذه الأعمال أيضاً بقوة العلامة التجارية، وتحملت مسؤولية العملاء، وأدارت عقود الخدمات. ولا يمكن لشركات التصنيع أن تنشئ قيمة إلا من خلال دمج المعرفة الصناعية والأصول الصناعية في البرمجيات، ولكن هذا الأمر هو الأصعب على الإطلاق.

والنزاع (الاحتكاك) Friction أمر لا مفر منه عندما تتصل الوظيفة الرقمية بالشركة الأم، ولاسيما بنمو حجمها وأثرها الرقمي. من جهة، سيحول ذلك المواردَ عن الأعمال الأساسية، التي لن تحب الأمر، ولاسيما لأنها تولّد كل رأس المال. ومن جهة أخرى، فقد يكون كل شخص في أقسام إنتاج الآلات – من رؤساء الوحدات إلى مندوبي المبيعات على المستوى الميداني – في البداية مشككاً بما يمكن للبرمجيات أن تقدمه لشركة الأجهزة.

فأعمال التصنيع لا تستطيع الحصول على أفضل ما في المركز الرقمي إلا من خلال العمل عن كثب معه، لكن العمل إلى جانب الموظفين في المجال الرقمي هو آخر شي يرغب فيه معظم المديرين في المجال الصناعي. وعاجلاً أم آجلاً، ستبدأ الأعمال الفعلية بالتساؤل عن كيفية تأثير الأعمال الرقمية في العلاقات القديمة مع العملاء. فمن سيتحدث إلى العميل: هل هي وظيفة قطاع الأعمال أم الوظيفة الرقمية؟ من سيقرر التسعير؟ من سينال الفضل للبيع؟ في نهاية الأمر من سيتحمل مسؤولية العميل؟

لذلك يجب على الرؤساء التنفيذيين إيجاد طرق لجعل الربط بين الأعمال العمودية والوظائف الرقمية الأفقية يؤتي ثماره – لكلا الجانبين. فقد عينت جنرال إلكتريك مسؤولاً رئيسياً عن أعمال التكنولوجيا الرقمية في كل وحدة. ويكون المسؤول الرئيسي عن أعمال التكنولوجيا الرقمية مسؤولاً أمام الرئيس التنفيذي لشركته أو المسؤول الرئيسي عن التكنولوجيا الرقمية للشركة ويعمل مع كليهما لتنفيذ التحول الرقمي للمنتجات ونماذج الأعمال.

ويساعد المسؤول الرئيسي عن أعمال التكنولوجيا الرقمية على إنشاء دعم للوظيفة الرقمية داخل الأعمال، وإشراكهم في عملية التحول. ومع ذلك، يجب أن يكون جميع المسؤولين الرئيسيين عن أعمال التكنولوجيا الرقمية في المركز الرقمي، بالتنسيق مع موظفي تطوير البرمجيات. وهذا يسهل التنسيق من خلال تسهيل تقديم المسؤولين الرئيسيين عن أعمال التكنولوجيا الرقمية ملاحظات إلى المركز الرقمي حول تطبيقات البرمجيات التي يقدّرها العملاء عالياً، والمساعدة على تقديم حلول خاصة في البرمجيات إلى السوق، وأداء دور الوسيط في التعامل مع النزاعات بين الأعمال والمركز الرقمي. وإذا كان المسؤول الرئيسي عن أعمال التكنولوجيا الرقمية رائداً في المجال الرقمي لكنه أيضاً أكثر توجهاً نحو الأعمال منه نحو التكنولوجيا، فيمكنه المساعدة على دفع عملية التحول إلى الأمام. وستضمن هذه القدرات أن يولّد المسؤول الرئيسي عن أعمال التكنولوجيا الرقمية إيرادات إضافية من عملاء الشركة الموجودين مع جلب عملاء جدد عن طريق شرح الخدمات الرقمية وبيعها لهم.

واكتشفنا أن عملاء الشركات التي تمارس البيع من شركة إلى أخرى يحبون العمل مع المسؤولين الرئيسيين عن أعمال التكنولوجيا الرقمية؛ وذلك لأن المسؤولين الرئيسيين عن أعمال التكنولوجيا الرقمية يمتلكون فهماً كافياً للأعمال التي يتعامل معها العملاء وعن أحدث التكنولوجيات لتحسين إنتاجيتهم وتحقيق النتائج. وهذا بدوره يستقطب قبولاً على مضض من الأعمال الصناعية، ولاسيما الموظفين في هذا المجال. ومع اعتراف الأعمال باحتمال أن يصبح عملاؤها أكثر ولاءً وأن يوقعوا عقوداً أكثر ربحية بفضل المسؤولين الرئيسيين عن أعمال التكنولوجيا الرقمية، تبدأ الأعمال بدعم التحول الرقمي. ولكن توظيف المسؤول الرئيسي عن أعمال التكنولوجيا الرقمية ليس حلاًّ سحريّاً. يجب على كل شركة بناء آلياتها الخاصة لمساعدة الأعمال الصناعية على تبني التحول الرقمي.

يدور كثير من النقاش في الوقت الحاضر حول ما إذا كان قياس الأرباح والخسائر يمثل طريقة ذكية لمحاسبة المركز الرقمي أو ما إذا كان ذلك سيؤدي إلى موته. وتتمثل إحدى الطرق لجعله يؤدي دوره بمشاركة الفضل عن طريق حساب الإيرادات الرقمية داخلياً – مرة للأعمال، وهي الكيانات القانونية التي تُسجَّل فيها الإيرادات، ومرة أخرى للمركز الرقمي، إذ يمكن إظهار الإيرادات بشكل افتراضي. وبالنظر إلى أن كلتا المجموعتين تستفيد إذا ارتفعت الإيرادات، لن يحصل خلاف حول أي منهما توصل إلى اتفاق.

ومن المثير للاهتمام، أن جنرال إلكتريك حددت فقط زيادة الإيرادات الإجمالية ربع السنوية Quarterly top-line، كأهداف لجنرال إلكتريك ديجيتال، وليس أهداف الربح Profit targets، معتقدة أن أهداف الربح ستمنع المخاطرة وتمنع الاستثمارات في تطوير منتجات رقمية. مثلاً، ارتفعت إيرادات جنرال إلكتريك ديجيتال من بريديكس إلى 1.2 بليون دولار في عام 2018، بزيادة قدرها %49 عن العام السابق. وجاء نحو %60 من هذه الإيرادات من عملاء لجنرال إلكتريك مثل بريتيش بترولويوم BP وبي إن إس إف ريل واي BNSF Railway وطيران الإمارات Emirates Airline وإي أون E.ON وإكسلون Excelon وميرسك دريلينغ Maersk Drilling وبي إس إي جي PSEG وريو تينتو Rio Tinto وروسنفت Rosneft وسابك SABIC وفالي Vale؛ وجاءت %40 من عملاء من خارج جنرال إلكتريك استخدموا منصة بريديكس، مثل غيردو Gerdau وشيندلر إليفيتور Schindler Elevator وإس آي جي SIG وسوبارو Subaru وبي أند غي P&G.

3يجب ألا يخاف الرؤساء التنفيذيون من القيادة. تعتمد قيادة عملية التحول الرقمي على الاستعداد لتحدي الأعمال القائمة والجهل والوضع الراهن. وهي تتطلب الشجاعة. ولأن التغيير الرقمي يغير كل شيء، يجب على الرؤساء التنفيذيين تولي القضية شخصيّاً. ويجب أن يلتزموا بمعرفة مزيد عن المجال الرقمي من أجل القيادة على نحو فاعل؛ وهذا أمر مهم لضمان عدم إصابتهم بالشك والشلل.

ولا يمتلك أحد سوى الرؤساء التنفيذيين القدرة على حل النزاعات بين الأعمال الصناعية القديمة والأعمال الرقمية الجديدة. (ستنشأ نزاعات، ليس لأن الأفراد سيئون، بل لأن الأفراد يهتمون بالعمل الذي يؤدونه). ولهذا السبب كان رئيس جنرال إلكتريك ديجيتال مسؤولاً أمام الرئيس التنفيذي – تماماً مثل رؤساء الأعمال الصناعية في جنرال إلكتريك.

النزاع أمر لا مفر منه عندما تتصل الوظيفة الرقمية بالشركة الأم، ولاسيما مع نمو حجمها وأثرها الرقمي. ويجب على الرؤساء التنفيذيين لذلك إيجاد طرق لجعل الربط بين الأعمال العمودية والوظائف الرقمية الأفقية يؤتي ثماره – لكلا الجانبين.

وعندما يكون المستقبل غير مؤكد، سيحصل تراجع داخلي وخارجي لتبرير الاستثمارات في مبادرات إنشاء القيمة Value-creation initiatives. لكن القادة يعلمون أنه يتعين عليهم إبداع المستقبل من خلال استثمارهم في الابتكار والعولمة وإنتاجية التصنيع وتطوير المواهب، مع التركيز في الوقت نفسه على التميز التشغيلي لتحسين الإيرادات والأرباح. ويتعين عليهم إدارة المفاضلات بين عهدهم كرؤساء تنفيذيين وعمر الشركات التي يقودونها، ولاسيما أن العوائد الخاصة بالاستثمارات البعيدة المدى لن تكون واضحة إلا بعد رحيل الرئيس التنفيذي بفترة طويلة.

ومن الصعب قيادة التغيير عندما لا يكون من الواضح سبب الحاجة إلى التغيير أو أين ستنتهي المؤسسة. وبداية، يجب أن يتفاعل الرؤساء التنفيذيون بسرعة مع الإشارات الضعيفة، لكن بمرور الوقت، يجب عليهم تطوير رؤية شاملة للتحول الرقمي. وبعد إنشاء منصة متوقدة من خلال تأطير المجال الرقمي كتهديد وجودي، يجب أن يوضحوا الكيفي التي يمكن بها أن يشكل المجال الرقمي فرصة ضخمة. ويجب أن يكونوا حازمين في شأن الاتجاه الاستراتيجي وأن يظلوا ملتزمين بوجهة نظرهم في شأن المستقبل، لكن يجب أن يكونوا أيضاً على استعداد للتجربة والتعلم والتحول.

وقبل كل شيء، يجب ألا يتردد الرؤساء التنفيذيون. فالتحول الرقمي هو استراتيجية بعيدة المدى. ومن دون دعم ثابت، من الصعب تنفيذه. فدورات الأعمال تأتي وتذهب، لكن المستقبل ينتظرنا دائماً. ولا ينبغي للرؤساء التنفيذيين أبداً الاعتذار عن الاستثمار في المستقبل. وإذا لم تستمر الشركات الصناعية بالاستثمار في التحولات الرقمية، فستنشأ أسواق ستستحوذ عليها الشركات الصناعية المنافسة أو الشركات الرائدة في المجال الرقمي بهدوء. ومن الأهمية بمكان أن تحول أنفسها اليوم.

فيجاي غوفيندارجان Vijay Govindarajan

فيجاي غوفيندارجان Vijay Govindarajan

(على vgovindarajan@): أستاذ متميز يشغل كرسي كوكس بكلية تاك للأعمال Tuck School of Business في كلية دارتموث Dartmouth College. وكان أول أستاذ مقيم واستشاري رئيسي للابتكار في جنرال إلكتريك.

جيفري آر إيميلت Jeffrey R. Immelt ( علىjeffimmelt@)

جيفري آر إيميلت Jeffrey R. Immelt ( علىjeffimmelt@)

كان رئيس مجلس إدارة جنرال إلكتريك ورئيسها التنفيذي لمدة 16 سنة. ويشغل حالياً منصب رئيس مجلس إدارة أثينا هيلث Athenahealth، وهي شريك في شركة نيو إنتربرايز أسوسييتس New Enterprise Associates لرأس المال الاستثماري، وعضو مجلس إدارة دسكتوب ميتال Desktop Metal، وهي شركة ناشئة للطباعة الثلاثية الأبعاد. عَلِّقوا على هذا الموضوع في http://sloanreview.mit.edu/x/60303.

المراجع

المراجع
1 تأتي التبصرات والبيانات الواردة في هذا الموضوع من تجربة المؤلفين المباشرة في العمل مع جنرال إلكتريك لسنوات عديدة.
2 “Digital Transformation of Industries: Digital Enterprise,” white paper, World Economic Forum and Accenture, New York, January 2016; and W. Ruh, Keynote Presentation, “Minds + Machines 2016” conference, November 2016. The $6.8 trillion figure is based on the World Economic Forum white paper but was extrapolated to represent the amount that only applied to GE’s then-businesses.
3 V. Govindarajan, The Three-Box Solution: A Strategy for Leading Innovation (Boston, Massachusetts: Harvard Business Review Press, 2016).
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى