أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
أعمالعلم الاجتماععلم النفسلغويات

كيف ينبغي للشركات التحـدث إلى العـملاء عبر الإنترنت؟

الكلمات التي يستخدمها وكلاء الخدمات لتحفيز العملاء غالباً ما ينتهي المطاف إلى نتائج عكسية.

برنت ماكفران، سارة جي. مور، غرانت باكارد

يتصل مزيد ومزيد من المستهلكين بخدمة العملاء من خلال القنوات الرقمية، بما في ذلك المواقع الإلكترونية والبريد الإلكتروني والنصوص والدردشة المباشرة ومواقع التواصل الاجتماعي. وفي عام 2017، شمل النصف فقط من تجارب العملاء مع الشركات تفاعلاً مباشراً أو صوتياً، ومن المتوقع أن تمثل التفاعلات الرقمية ثلثي تجارب العملاء في غضون السنوات القليلة المقبلة.1S. Moore, “Gartner Says 25% of Customer Service Operations Will Use Virtual Customer Assistants by 2020,” Gartner press release, Feb. 19, 2018. فمعظم تفاعلات خدمة العملاء في كل أنحاء العالم تبدأ بقنوات متصلة بالإنترنت.2Microsoft, “2017 State of Global Customer Service Report,” accessed August 2018.

وعلى الرغم من ملاءمة اتصالات كهذه وسرعتها، فإنها تفتقر إلى بعض أهم جوانب خدمة العملاء غير المقدمة عبر الإنترنت. وتزخر التفاعلات الشخصية بالتعبيرات والإيماءات غير اللفظية، التي قد تشير إلى مشاركة عميقة، ويمكن لنبرة صوت الوكيل أن تنقل التعاطف والتركيز في المحادثات الهاتفية. وبمرور الوقت تساعد هذه اللمسات بين الأشخاص الشركات على بناء علاقات مع العملاء والحفاظ عليها.

لكن هل يمكن الاحتفاظ ببعض هذه العوائد في عالم الخدمة الرقمية للعملاء؟ نجادل نحن في أنه يمكن – عند اختيار الكلمات المناسبة. فتركيزنا على الكلمات يتسق مع إدراك متنامٍ في صفوف الأعمال بأن اللغة مهمة، رقمياً أو بخلاف ذلك. مثلاً، لدى أبل Apple سياسات صريحة تشرح بالتفصيل الكلمات التي يمكن استخدامها والتي لا يمكن استخدامها وكيف يجب استخدامها عند التفاعل مع العملاء.3S. Biddle, “How to Be a Genius: This Is Apple’s Secret Employee Training Manual,” Gizmodo.com, Aug. 28, 2012. ويُعتبَر استخدام البرامج النصية لخدمة العملاء شائعا أيضا في سياقات الخدمة، إذ يجري تشجيع الموظفين على استخدام كلمات محددة عند التفاعل مع العملاء.4 C. Borowski, “What Customers Think About Call Center Scripts, 2014 Versus 2018,” Software Advice, accessed August 2018.

ومع ذلك، نجد أن بعض الشركات تتخذ نهجاً خاطئا في البريد الإلكتروني والنصوص والتواصل مع العملاء في مواقع التواصل الاجتماعي. فهي تستخدم كلمات مصممة لإشراك العملاء، لكنها قد تنفرهم في بعض الأحيان.

ويركز بحثنا5G. Packard, S.G. Moore, and B. McFerran, “(I’m) Happy to Help (You): The Impact of Personal Pronoun Use in Customer-Firm Interactions,” Journal of Marketing Research 55, no. 4 (August 2018): 541-555. على الضمائر الشخصية (أنا، نحن، أنت)، التي ربطها علماء النفس بالنتائج الشخصية والاجتماعية المهمة.6 J. Pennebaker, “The Secret Life of Pronouns: What Our Words Say About Us” (New York: Bloomsbury Press, 2013). ويستخدم وكلاء خدمة العملاء الضمائر الشخصية في معظم الجمل التي ينطقونها، سواء كان «نحن سعداء بمساعدتكم» أو «أعتقد أن لدينا شيئاً يناسب مقاسكم». ويظهر بحثنا الكيفية التي يمكن بها للتحولات البسيطة في لغة الموظفين قد تعزز رضا العملاء وسلوك الشراء.

قوة الضمائر

تقول الحكمة التقليدية إن التركيز على العملاء أمر مهم لرضاهم. ولهذا السبب صارت عبارات مثل «نحن سعداء بمساعدتكم» شائعة جداً في أطر الخدمة. وكثيراً ما يجري تعليم الوكلاء على الاتكاء على الضمير «أنت» وتجنب قول «أنا»، ويظهر استطلاعنا للرأي لأكثر من 500 من المديرين والموظفين العاملين في خدمة العملاء أنهم أخذوا هذه الوصفات على محمل الجد.

وتكشف نتائجنا أن موظفي الخدمة لا يعتقدون فقط أن عليهم ذلك الإشارة إلى العميل باسم «أنت» وإلى الشركة باسم «نحن»، بل يفعلون ذلك في كثير من الأحيان، ويميلون إلى ترك أنفسهم كأفراد («أنا») خارج الحوار. إضافة إلى ذلك، عندما قارنا استخدام وكلاء الخدمة للضمائر بمعدلات الأساس الطبيعية للغة الإنجليزية، وجدنا أن الموظفين يستخدمون ضمائر «نحن» و«أنت» في أطر الخدمة أكثر بكثير مما يفعله الأشخاص في أي سياق آخر تقريباً. ويبدو أن لغة خدمة العملاء تطورت إلى نوع خاص بها من الخطاب.

ولمعرفة ما إذا كان هذا الخطاب مثالياً، أخذنا مجموعة فرعية من ردود خدمة العملاء التي جمعناها، وهي أظهرت استخداماً عالياً لضمائر «نحن»، وأعددنا استجابات بديلة، إذ استبدلت بـ«نحن» «أنا». مثلاً، «نحن سعداء بتقديم المساعدة» صارت بسهولة «أنا سعيد بتقديم المساعدة» من دون تغيير الرسالة الأساسية. كذلك أُزيلَت الإشارات إلى العميل في بعض الردود. مثلاً، «هل الحذاء مناسب لك؟» صارت «هل الحذاء مناسب؟» ثم خصصنا أفراداً بشكل عشوائي لقراءة إما رد الشركة أو ردنا المعدل وتقييم مدى رضاهم عن الشركة والوكيل، وكذلك نواياهم الخاصة بالشراء. ووجدنا بعض النتائج المفاجئة التي لا تتسق مع النُّهُج الحالية.

سؤال أساسي هل يجب أن يقول وكيل للخدمات بالاتصال عبر الإنترنت، “نريد مساعدتك” أو “أريد مساعدتك”؟ الاستنتاجات *يمثل نقل المشاركة والتعاطف في الخدمة الرقمية للعملاء تحدياً. *تتفوق الردود المزودة بالضمير “أنا” في شكل كبير على تلك المحتوية على الضمير “نحن” – في حين أن الإشارة إلى “أنت” يمكن أن يكون لها أثر سلبي في بعض الأحيان. *يمكن للتحولات البسيطة في لغة الموظفين تعزيز رضا العملاء وسلوك الشراء.

استخدام «أنا» يُعبِّر عن التعاطف واتخاذ اللازم

في كل الحالات تفوقت ردودنا المعدلة بضمائر «أنا» بشكل ذي دلالة على ضمائر «نحن» التي استخدمها وكلاء الخدمة الحقيقيون. فمقارنة باستخدام «نحن»، تنبع منفعة استخدام «أنا» من حقيقة أن العملاء يرون أن الموظف (أ) أكثر تعاطفاً و(ب) أكثر مقدرة على التصرف، أو يتصرف بالنيابة عن العميل.

وتفحصنا أيضاً ميزات اللغة هذه في مجموعة بيانات كبيرة تضم أكثر من ألف تفاعل لخدمة العملاء عبر البريد الإلكتروني لدى جهة بائعة بالتجزئة كبيرة ومتعددة الجنسيات متخصصة في منتجات الترفيه والمعلومات. وجرت مطابقة التفاعلات بالبريد الإلكتروني هذه مع بيانات شراء العملاء. وكشفت التحليلات الاقتصادية عن النتائج الإيجابية نفسها لاستخدام الضمير «أنا»: توافقت زيادة بنسبة %10 في استخدام الضمير «أنا» من قِبل وكلاء الشركة مع زيادة بنسبة %0.8 في حجم شراء العملاء بعد التحكم في عوامل أخرى. ويقترح تحليلنا أن الشركات قد تحقق زيادة تدريجية في المبيعات بأكثر من %5، فيما لا تزال مندرجة ضمن معايير اللغة الطبيعية، وذلك عن طريق زيادة استخدام وكلاء الخدمات للضمير «أنا» حيثما أمكن.

لماذا يكون الضمير «أنا» أقوى في تفاعلات الوكلاء؟ يمكن لقول «أنا» أن يشير كثيراً إلى تمركز حول الذات.7W. Ickes, S. Reidhead, and M. Patterson, “Machiavellianism and Self-Monitoring: As Different as ‘Me’ and ‘You,’” Social Cognition 4, no. 1 (March 1986): 58-74. وفي الواقع، انتُقِد العديد من القادة؛ لأنهم يتحدثون كثيراً عن أنفسهم.

لكنّ خطابات الرئيس التنفيذي وتقارير أرباح الشركات ليست تفاعلات فردية، يمكن، كما يشير علماء اللغة، أن تؤدي إلى أثر عكسي:8 J. Fahnestock, “Rhetorical Style: The Uses of Language in Persuasion,” (New York: Oxford University Press, 2011). عندما يتواصل شخصان معا، تقترح «أنا» تركيزاً شخصياً على المسألة المطروحة. وعلى وجه التحديد، يجد بحثنا في خدمة العملاء أن قول «أنا» يشير إلى أن الوكيل يشعر ويتصرف نيابة عن العميل. مثلاً، ينقل إخبار العميل «أنا أعمل على ذلك» فهماً أكبر للمسؤولية مقارنة بـ «نحن نعمل على ذلك» الذي قد ينطوي على تشتيت للمسؤولية. وبالمثل، تظهر «أنا فهمت المسألة» مزيداً من التعاطف مقارنة بـ «نحن فهمنا المسألة».

وفي المُحصّلة، يحتاج العملاء إلى معرفة أن الوكلاء الذين يتفاعلون معهم يهتمون بهم ويعملون نيابة عنهم. وأظهرت الأبحاث باستمرار أن نظرات العملاء إلى التعاطف والوكالة تزيد من الرضا والمبيعات والأرباح،9J. Singh and D. Sirdeshmukh, “Agency and Trust Mechanisms in Consumer Satisfaction and Loyalty Judgments,” Journal of the Academy of Marketing Science 28, no. 1 (2000): 150-167; A. Smith, R. Bolton, and J. Wagner, “A Model of Customer Satisfaction With Service Encounters Involving Failure and Recovery,” Journal of Marketing Research 36, no. 3 (1999): 356-372; and A. Parasuraman, “Understanding Customer Expectations of Service,” MIT Sloan Management Review 32, no. 3 (1991): 12-40. وتظهر دراساتنا أن «أنا» تعزز هذه المفاهيم إلى درجة أكبر بشكل ذي دلالة من «نحن».

استخدام «أنت» ربما يأتي بنتائج عكسية

وبينما تكون «أنا» أفضل من «نحن» بوضوح عند الإشارة إلى من يقدم الخدمة، فماذا عن استخدام كلمة «أنت»؟ تقترح دراستنا أن مديري الخدمات والموظفين يؤمنون بأن «أنت» تنقل الاهتمام بالعميل. ووجدنا أيضاً أن الوكلاء يستخدمونها بشكل أكثر تكراراً مما تجيزه اللغة الطبيعية.10Packard, Moore, and McFerran, “(I’m) Happy to Help (You): The Impact of Personal Pronoun Use in Customer Firm Interactions.”

ومع ذلك، فإن حشو المحادثات بـ «أنت» يقدم منفعة قليلة؛ لأن العملاء هم بالفعل التركيز الضمني لهذه التفاعلات. وفي الواقع، إضافة الإشارات إلى «أنت» (العميل) أو إزالتها لا تؤدي إلى أثر إيجابي في دراستنا. وكررنا هذه النتائج فيما مجموعه من تسع تجارب (أكثر من 1200 مشارك، منهم نحو %55 من الإناث، و%45 من الذكور) باستخدام مجموعة متنوعة من المحفزات اللغوية غطت مجموعة من التفاعلات النموذجية لخدمة العملاء. وفي دراستنا، فإن استخدام «أنت» للإشارة إلى العميل بصفته متلقي إجراءات الوكيل – مثل «يمكنني البحث عن ذلك من أجلك» – لم يفعل شيئاً لتحسين الرضا، أو نية الشراء، أو مشاعر العملاء التي يتصرف بها الوكيل مع أيّ من التعاطف أو الوكالة.

وفي بعض الأحيان، يمكن أن يعود استخدام كلمة «أنت» بأثر سلبي على الشركة والعملاء. مثلاً، وجدنا أن القول لأحد العملاء، «آسف لأن منتجك كان معيباً»، بدلاً من «آسف؛ لأن المنتج كان معيباً» أدى إلى انخفاض الرضا ونوايا الشراء. وكانت هذه النتيجة مدفوعة في جزء منها بنظرات إلى أن الموظف لم يخضع للمساءلة (أي افتقر إلى الوكالة)؛ مما يمكن أن يحوِّل المسؤولية أو اللوم إلى العميل.

باختصار، تفضل الوصفات والممارسات المعتادة للإشارة إلى الشركة باسم «نحن» والتأكيد على «أنت»، أي العميل، في جني المنافع التي يتوقعها المديرون. لكن تزداد الفاعلية عندما يتحدث الوكلاء من منظور شخصي ومفرد – فيعاملون تفاعلات العملاء كحوارات بين فرد وآخر، بدلاً من حوارات بين عدد كبير وفرد. لذلك، يجب تدريب موظفي الخدمة الذين هم على تماس مع العملاء للقيام بذلك. وهناك تغييرات لغوية بسيطة يمكن لأي شركة تنفيذها. ومن خلال إجراء هذه التغييرات على لغة خدمة العملاء، يمكن للمؤسسات إنشاء تفاعلات ذات معنى مع عملائها – وتحسين صافي الدخل.

حول البحث ينظر بحثنا في اللغة المستخدمة في تفاعلات الخدمة الرقمية للعملاء. ولاختبار الحكمة والممارسات التقليدية فيما يتعلق باستخدام الضمائر الشخصية في التبادلات النصية، استطلعنا رأي أكثر من 500 من المديرين أو الوكلاء العاملين في خدمة العملاء وحللنا أكثر من ألف رسالة إلكترونية تتعلق بخدمة العملاء لدى 41 من أفضل 100 جهة عالمية للبيع بالتجزئة بالاتصال عبر الإنترنت. وأجرينا أيضاً تجارب مضبوطة مع 2819 مشاركاً من البالغين في أمريكا الشمالية في مناقشة عبر الإنترنت، بمن في ذلك مديرون ووكلاء ومستهلكون من الجمهور، وتجارب مختبرية مع طلاب من المرحلة الجامعية.

برنت ماكفران Brent McFerran

برنت ماكفران Brent McFerran

الأستاذ المشارك لكرسي دبليو جاي فان دوسين للتسويق من كلية بيدي للأعمال بجامعة سيمون فرايزر Simon Fraser University في فانكوفر بكولومبيا البريطانية في كندا.

سارة جي. مور Sarah G. Moore

سارة جي. مور Sarah G. Moore

أستاذة مشاركة في التسويق من كلية الأعمال بجامعة ألبرتا University of Alberta في أدمنتون بألبرتا في كندا.

غرانت باكارد Grant Packard (@grantpackard)

غرانت باكارد Grant Packard (@grantpackard)

أستاذ مشارك في التسويق في كلية لازاريديس للأعمال والاقتصاد بجامعة ويلفريد لوريير Wilfrid Laurier University في واترلو بأونتاريو في كندا.

المراجع

المراجع
1 S. Moore, “Gartner Says 25% of Customer Service Operations Will Use Virtual Customer Assistants by 2020,” Gartner press release, Feb. 19, 2018.
2 Microsoft, “2017 State of Global Customer Service Report,” accessed August 2018.
3 S. Biddle, “How to Be a Genius: This Is Apple’s Secret Employee Training Manual,” Gizmodo.com, Aug. 28, 2012.
4 C. Borowski, “What Customers Think About Call Center Scripts, 2014 Versus 2018,” Software Advice, accessed August 2018.
5 G. Packard, S.G. Moore, and B. McFerran, “(I’m) Happy to Help (You): The Impact of Personal Pronoun Use in Customer-Firm Interactions,” Journal of Marketing Research 55, no. 4 (August 2018): 541-555.
6 J. Pennebaker, “The Secret Life of Pronouns: What Our Words Say About Us” (New York: Bloomsbury Press, 2013).
7 W. Ickes, S. Reidhead, and M. Patterson, “Machiavellianism and Self-Monitoring: As Different as ‘Me’ and ‘You,’” Social Cognition 4, no. 1 (March 1986): 58-74.
8 J. Fahnestock, “Rhetorical Style: The Uses of Language in Persuasion,” (New York: Oxford University Press, 2011).
9 J. Singh and D. Sirdeshmukh, “Agency and Trust Mechanisms in Consumer Satisfaction and Loyalty Judgments,” Journal of the Academy of Marketing Science 28, no. 1 (2000): 150-167; A. Smith, R. Bolton, and J. Wagner, “A Model of Customer Satisfaction With Service Encounters Involving Failure and Recovery,” Journal of Marketing Research 36, no. 3 (1999): 356-372; and A. Parasuraman, “Understanding Customer Expectations of Service,” MIT Sloan Management Review 32, no. 3 (1991): 12-40.
10 Packard, Moore, and McFerran, “(I’m) Happy to Help (You): The Impact of Personal Pronoun Use in Customer Firm Interactions.”
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى