أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
إبداعإدارةابتكاراخترنا لكبحثشركات

حققّوا نمواً أسرع بتغيير روايتكم في الابتكار

الشركات التي تنمو مبيعاتها بشكل أسرع من المنافسين في القطاع تصوغ رواية ابتكار متماسكة وجاذبة وتعتمد على أربع عوامل قوية لتحقيق الرواية.

لاينقص المديرين المشورةُ حول كيفية تحقيق نمو عضوي للمبيعات Organic sales من خلال الابتكار. وتتراوح الوصفات بين محاكاة أفضل الممارسات للشركات المبتكرة مثل أمازون Amazon وستاربكس Starbucks وثري إم 3M، وبين تبني المفاهيم الشائعة مثل التفكير التصميمي Design thinking، ومبادئ الشركات الناشئة الرشيقة Lean startup principles، ومعسكرات التدريب على الابتكار Innovation boot camps، والإبداع المشترك مع العملاء Cocreation with customers. وبينما تكون لهذه النصيحة الحسنة النية قيمتها، فإن اتباعها من دون أن تفهم أولاً رواية الابتكار Innovation narrative الخاصة بشركتك يعد بمثابة الذهاب من الأعراض إلى الجراحة من دون تشخيص.

ورواية الابتكار جانب من جوانب الثقافة التنظيمية التي يجري تجاهلها بشكل كبير، والتي تجسد معتقدات الموظفين حول قدرة الشركة على الابتكار.1 وهي بمثابة دافع قوي للعمل أو التقاعس عن العمل. ونجد روايات الابتكار في صيغتين أساسيتين: تأكيد النمو ونكران النمو، أو مزيج ما من الأمرين.

تحتاج الشركات التي تقود – أو تطمح إلى أن تقود – قطاعاتها على صعيد النمو العضوي إلى أن تكون لها رواية ابتكار متماسكة ومؤكِّدة على النمو، وسنناقش سبب أهمية ذلك والكيفية التي يمكن أن تبدو الرواية وفقها. لكن ما الإجراءات التي تدعم تطوير رواية كهذه والحفاظ عليها؟ للإجابة عن هذا السؤال، اختبرنا 18 عاملَ ابتكارٍ محتملاً وحددنا العوامل الأربعة التي تعتمد عليها بشكل كبير الشركات الرائدة في النمو العضوي للبقاء متقدمة على منافسيها: (1) الاستثمار في مواهب الابتكار، (2) تشجيع المخاطرة الحكيمة، (3) تبنّي عملية ابتكار تتمحور حول العملاء، و(4) مواءمة المقاييس والحوافز مع نشاط الابتكار. وسننظر في كل واحد بدوره.

وستكون هذه العوامل الأربعة مألوفة لدى ممارسي الابتكار، لكن آثارها تتزايد مع التركيز الإداري. وهي تعمل بمثابة ما يُسمَّى قواعد بسيطة Simple rules.2 أي إنها تتجنب إرباك المجهود وتخفيفه بفعل محاولة إطلاق عدد كبير من العوامل دفعة واحدة أو
بطريقة غير منسقة، وهي توجه جهود القادة وترتبها وفق الأولويات لتضمين رواية ابتكار تؤكد على النمو في شركاتهم.

تحديد رواية الابتكار لشركتكم

توفر الروايات المؤسساتية، ولاسيما روايات الابتكار، وسيلة مفيدة لتشخيص الواقع التشغيلي الحالي في الشركة وتوجيه التدخلات للحفاظ على هذا الواقع أو تغييره.3 فما رواية الابتكار السائدة في شركتكم؟ لتحديد ذلك، استمعوا إلى كيفية تحدث الأشخاص المسؤولين عن الابتكار عنه وقصص النجاحات والإخفاقات التي يروونها. ثم اسألوا أنفسكم ما القيم والمعتقدات التي تنقلها.4

وعندما نمضي وقتاً مع الشركات التي تقود قطاعاتها في مجال النمو العضوي، نجد عادة روايات ابتكار مفعمة بالتفاؤل وبنّاءة وطموحة. وهذا بعض ما نسمع: «إذا كنتم ترغبون في المضي قدماً، أنشئوا أعمالا جديدة… يعرف الجميع استراتيجيتنا للنمو… الإخفاقات المشوبة بالنوايا الحسنة هي فرص للتعلم… إذا حققتم ابتكاراً ولم يكن شيئاً يفيد العميل، فلا يكون هذا عندئذ ابتكاراً».

وداخل الشركات التي تنمو بشكل أبطأ من منافسيها، غالباً ما تكون الرواية السائدة حول الابتكار غير مشجعة. ونسمع أشياء مثل: «تمتص الاحتياجات الفورية موارد الابتكار لدينا … لا توجد جزرة عندما يتعلق الأمر بالابتكار، بل عصا فقط… عادة ما تجري فقط إضافة أنشطة الابتكار إلى مسؤوليات التشغيل الأساسية لدينا».

ويمكنكم الحصول على عنصر إضافي في رواية الابتكار السائدة في الشركة عن طريق طرح أسئلة على الفريق التنفيذي مثل: «هل أنتم واثقون من إمكانية تحقيق أهداف النمو العضوي لدى الشركة؟ لماذا؟» و«هل تتحقق هذه الأهداف عادة أو تُفوَّت؟ لماذا؟» ومن الأهمية بمكان فهم ما يقوله المسؤولون التنفيذيون عندما يجيبون. مثلاً، هل هم يحاولون تبرير الأداء الابتكاري السابق للشركة؟ هل ينسبون ذلك الأداء إلى عوامل وقوى خارجة عن سيطرتهم؟ وتشير هذه الأنواع من الاستجابات إلى وضعية دفاعية، قد تُضعِف النمو بسهولة. ولكن إذا كان القادة بدلاً من ذلك يتحملون المسؤولية عن الأهداف الضائعة ويقولون ما الذي سيغيرونه لتحسين النتائج المستقبلية، يكونون مستعدين لتأكيد النمو. وعندئذٍ، أيًّا كانت الرواية الذي تقترحها إجاباتهم، يجب اختبارها من خلال تحليل متعمق لعينات من مبادرات الابتكار الخاصة بالشركة. فلا ينبغي أن تُؤخَذ أي رواية على ظاهرها.

وعندما كانت نائبة الرئيس للتطوير في شركة مشروبات كبيرة تواجه صعوبةً في الحصول على دعم كبار القادة لمقترحات متعلقة بمنتجات جديدة، عملنا معها وفريقها وأجرينا مقابلات معهم لاستطلاع معتقداتهم وافتراضاتهم المتعلقة

بالابتكار وعوائده. وما ظهر كان صورة شركة تتخذ موقفاً دفاعياً وتتجنب المخاطرة وتعتقد أن السوق سئم من المنتجات الجديدة وأن المنافسين سيقلدون تحركات بعضهم

بعضاً. وكشفت المقابلات أيضاً عن كره واضح لعدم اليقين في الابتكار وافتراض أنه بمجرد إطلاق منتج، يكون الأوان قد فات لإصلاح الأخطاء. وكانت رواية الشركة تُنكِر النمو،

وأكدتها أنشطة الابتكار الضعيفة ونقص المنتجات الجديدة ذات الصلة.

وإذا اكتشفتم أن رواية الابتكار السائدة في شركتكم هي إنكار النمو وإعاقة الابتكار، فإن كل شيء لم يضع بعد. يمكنكم البدء في تغييرها من خلال تصور حالة مستقبلية مرغوب فيها تصبح فيها الشركة رائدة في القطاع في مجال النمو العضوي من خلال الابتكار.5 وقد تقدم الإجابة عن هذه الأسئلة بعض المساعدة: إذا نفَّذت شركتنا رواية تؤكد على النمو، فما هي السلوكيات التي سنراها؟ كيف ستبدو لوحة رسم القصة التي تظهر «طريقة عمل الابتكار هنا»؟ بمجرد أن تضعوا في اعتباركم رواية مُؤكِّدة على النمو، يمكنكم تحويل انتباهكم إلى تطبيقها داخل الشركة.

أربعة عوامل ابتكار تهيمن على العوامل كلها

إن تحقيق رواية ابتكار تُؤكِّد على النمو هو أمر معقد بسبب العدد الضخم من التدخلات Interventions المتاحة للشركات. وعندما تفحصنا الأدبيات Literature الموجودة حول الابتكار وحللنا الإجراءات الموصى بها، وجدنا ما مجموعه 18 عاملاً رائجاً على نطاق واسع، مثل الاستثمار في البحث المنهجي عن الأفكار، وفتح عملية الابتكار أمام الشركاء، وإجراء تقييم بعد انتهاء المشاريع، وتغيير هيكل الحوكمة.6 وتُعتبَر محاولة تطبيق هذا العدد الكبير من العوامل مرة واحدة وصفة للفشل في أي مبادرة للتغيير – فهي تشتت الجهود والموارد الإدارية، وتعقد التنسيق والتنفيذ. لكن من دون فهم واضح لما ينجح بالفعل، قد تُغرَى المؤسسات لتجربة القليل من كل شيء. وتكون بحاجة إلى المساعدة على تضييق مجال الاحتمالات.

في دراستنا، وجدنا أن أربعة عوامل فقط من 18 عامل ابتكار ميَّزت بشكل ثابت وذي دلالة الشركات الرائدة في النمو العضوي عن الشركات المتأخرة فيه والشركات صاحبة الأداء المتوسط.

ويمكن للعوامل الأربعة التالية – والسلوكيات المرتبطة بها – دعم رواية ابتكار تؤكد على النمو:

الاستثمار في مواهب الابتكار: يشير فريق القيادة إلى التزام قوي بالابتكار من خلال استثمارات بارزة ومستمرة للموارد والوقت.
تشجيع المخاطرة الحكيمة: تشجع الشركات المبتكرة تحملاً للمخاطر في كل أنحاء الشركة من خلال قبول التزاحم الداخلي، وتأييد نهج الفشل السريع، والتعلم من خيبات الأمل في الابتكار.

تبني عملية ابتكار تتمحور حول العملاء: تبدأ العملية التي تستخدمها الشركات الرائدة في النمو بمعطيات عميقة عن العملاء وتتوقع الاحتياجات الطارئة.

مواءمة المقاييس والحوافز مع نشاط الابتكار: تؤكد لوحة المعلومات الابتكار Innovation dashboard على التعلم أكثر من تسجيل النتائج وتنشئ رابطاً موثوقاً به مع المكافآت والتقدير على صعيد إنجازات الابتكار.

العامل 1: الاستثمار في مواهب الابتكار. الابتكار هو سعي يتطلب جهوداً مبدعة ومتشبثة بشكل مكثف لدى الفريق في مواجهة الانتكاسات المتكررة. لذلك، فمن غير المدهش أن الاستثمار في مواهب الابتكار، من بين كل العوامل الممثلة في استطلاعاتنا للرأي، يفسر بشكل أفضل قيادة النمو. وعُزِّزت هذه النتيجة خلال مقابلاتنا المتعمقة، بعبارات مثل: «لا يمكننا الترويج لأفضل الأشخاص التقنيين إذا كانوا لا يعرفون كيفية إدارة الأشخاص والمشاريع»، و«يستفيد الابتكار من التنوع في عضوية فرق المشاريع، لذلك لا يمكنكم أن تسلكوا الطريق السهل من خلال تخصيص من هو متاح». بل إن بعض المستجيبين لاحظوا منافع أطول أجلاً لقيادة الشركة، فقال أحدهم: «أنتم لا توظفون فقط مواهب الابتكار وتطورونها – هذه ساحة تدريب رائعة للوظائف العليا».

ولسوء الحظ، كشف استطلاع الرأي أيضاً عن انعدام الاهتمام بمواهب الابتكار والاستثمار فيها: فقد قال %41 من المستجيبين إن شركاتهم لا تجعلها أولوية. وكما أخبرنا المسؤول التجاري الأول في شركة كبيرة للمنتجات الغذائية غابت عن السوق الناشئة للأغذية العضوية الخالية من الغلوتين، «كلفنا أفضل الأشخاص لدينا بمسؤولية أكبر العلامات التجارية لدينا لحماية الأرباح، فأدرك كل شخص الرسالة».
ويبدأ التقدم بمجال التحدي الذي تمثله مواهب الابتكار مع الرئيس التنفيذي الذي يجعل من كبير مسؤولي الموارد البشرية شريكاً استراتيجياً. فمع تولي كبير مسؤولي الموارد البشرية المناسب دوراً قيادياً، يمكن لفريق القيادة أن يبدأ بمعالجة أسئلة مثل ما يلي:

هل يعتبرنا الأشخاص الذين نرغب في توظيفهم صاحب العمل الذي يرغبون في العمل لديه؟

ما هو معدل استبقاء مواهب الابتكار الرفيعة لدينا، وكيف يمكننا رفعه؟

هل تحاول شركات توظيف المواهب Headhunter استقطاب المواهب الابتكارية العاملة لدينا؟ إذا لم يكن الأمر كذلك، فما الذي نتعلمه من ذلك؟

ويحتاج كبار المسؤولين التنفيذيين أيضاً إلى إيلاء اهتمام خاص لرعاية قادة الفرق، ومديري المشاريع، ومديري البرامج الذين يكونون رواداً وقادة لمبادرات الابتكار. ومن هذا المنطلق، درست إحدى شركات التصنيع أفضل قادة الابتكار لديها – إذ أجرت مقابلات طويلة مسترشدة بأسئلة تتعلق بـ«الأحداث المهمة»، مثل «ما كان نجاحكم الأكبر وفشلكم الأكبر، وكيف حصلا؟» – لتحديد الكفاءات التي تتميز بالأداء المرتفع. فالسمات التي كانت تُعتبَر صعبة التطوير، مثل التفكير المفاهيمي والتركيز المستمر على احتياجات المستخدم النهائي، صارت الأساس في توظيف المواهب الجديدة واختيارها؛ أما الصفات التي يُعتبَر تطويرها أسهل، مثل المعرفة الفنية بالمنتج ومهارات العروض: فأُدرِجت في التدريب.

حول البحث
لتحديد أكثر العوامل فاعلية للنمو العضوي، أجرينا دراسة من أربع مراحل، بما في ذلك مقابلات مع 25 من قادة الابتكار واستطلاع لرأي 192 من كبار المسؤولين التنفيذيين والمديرين والمبتكرين من شركات عالمية متنوعة.كانت غايتنا Goal تحديد آثار 18 عاملاً شعبياً في متغير تابع (متغير غير مستقلّ) متصل بها Dependent variable (وهو عبارة عن توليفة موزونة على نحو أمثل تشمل الأداء السابق للنمو، مقاساً بمعدل النمو العضوي مقارنة بالمنافسين في السنوات الخمس الماضية؛ والالتزامات الحالية، مقاسة بالإنفاق الحالي على أنشطة الابتكار مقارنة بالمنافسين الرئيسيين؛ وآفاق النمو المستقبلية، مقاسة بثقة فريق القيادة بأن أهداف النمو العضوي للسنوات الثلاث المقبلة يمكن تحقيقها). بعد ذلك أكدنا نتائجنا باستخدام مجموعة متنوعة من الأساليب الإحصائية، بما في ذلك تحليل الانحدار Regression analysis وتحليل العوامل Factor analysis ونمذجة المسار السببي Causal path modeling.i

العامل 2: تشجيع المخاطرة الحكيمة. تقلق كل الفرق القيادية مما تخبئه آفاق مبادراتها الابتكارية– فعلى أي حال، تُعتبَر الرهانات المؤكدة على الابتكار رهانات نادرة. لكن كيفية تعامل الشركات مع حالة عدم اليقين هي عامل مهم يفصل بين الشركات الرائدة في النمو وتلك المتأخرة فيه. وقد يسبب العجز عن الاستثمار في مبادرات الابتكار شللاً للمتأخرين في النمو، الذين كانوا من بين %64 من المشاركين في الاستطلاع الذين حددوا أن شركاتهم تخشى المخاطرة إلى حد كبير؛ لكن الاستثمار في مبادرات الابتكار يحفز قادة النمو الذين يتبنونه كفرصة.

ووجدنا ثلاثة اختلافات رئيسية في نهجهم تجاه المخاطرة. أولاً، تكون الشركات الرائدة في النمو مقتنعة بأنها تستطيع أن تتعلم من التشريح الدقيق لحالات الفشل أكثر من النجاحات. فهي تفحص بشكل روتيني الابتكار بعد الانتهاء من المشاريع، في حين لا تفعل ذلك الشركات المتأخرة في النمو وتلك المتوسطة الأداء، ما يؤدي إلى إهمال فرصة كبيرة للتحسين. ثانياً، تبدي الشركات الرائدة في النمو استعداداً أكثر من الشركات الأخرى لمشاركة مخاطر الابتكار ومكاسبه مع شركائها في التطوير. ويمتد شعار «المشاركة من أجل الربح» أيضاً إلى الطريقة التي يوزع بها القادة مخاطر المشروع داخلياً، من خلال مشاركة تجعل المسؤولية Accountability صعوداً ونزولاً في الشركة. ثالثاً، يُحتمَل أن تقوم الشركات الرائدة في النمو أكثر من الشركات الأخرى باحتواء مخاطر الابتكار وإدارتها من المراهنة رهاناتٍ صغيرة على مراحل. فهي تأخذ إشارات من الشركات الناشئة وتستخدم مفاهيم مثل التطوير السريع للنماذج الأولية Rapid prototyping والتجريب المقتصد Frugal experimentation والمنهجيات الرشيقة Lean methodologies.7

العامل 3: تبني عملية ابتكار تتمحور حول العملاء. يقول جيف بيزوس Jeff Bezos عن عملية الابتكار في أمازون: «بدلاً من أن تسألوا عما نجيده والشيء الإضافي الذي يمكن أن نفعله بهذه المهارة، عليكم أن تسألوا، من هم عملاؤنا؟ وإلى ماذا يحتاجون؟ ثم تقولون إننا سنقدم ذلك إليهم بغض النظر عما إذا كانت لدينا حالياً المهارات اللازمة لذلك، وسنتعلم هذه المهارات…».8 وتؤكد النتائج التي توصلنا إليها فاعلية عملية الابتكار المتمحور حول العملاء، كما تفعل أمازون: الشركات الرائدة في النمو مالت أكثر بكثير من الشركات الأخرى إلى القول إن جميع مديريها الكبار تناغموا مع صوت العميل.

يبدأ روّادُ النمو عمليةَ الابتكار بالخروج خارج حدود الشركة. فيبحثون عن إجابات لأسئلة مثل كيف ولماذا يتغير عملاؤنا؟ وما هي الاحتياجات الجديدة لديهم؟ وكيف يمكن أن نساعدهم على حل مشكلاتهم وأن يصبحوا أكثر نجاحاً؟ وأيُّ منافسين ناشئين سيجتذبون هؤلاء العملاء؟

ولا يعني هذا أن روّاد النمو يجرون مفاضلة بين نهج موجه من الخارج إلى الداخل (ما هو مطلوب) ونهج موجه من الداخل إلى الخارج (ما هو ممكن) من نُهُج الابتكار.9 إنهم، بدلاً من ذلك، يسعون إلى التركيز على أفضل فرص النمو من كلا الاتجاهين. ويفتح منظور العملاء نافذة ابتكارية للشركة ويساعدها على تجنب قصر النظر الذي غالباً ما يصاحب نُهُج الابتكار المدفوعة بالتكنولوجيا. وعلى الرغم من أن العملاء، في إعادة صياغة لمقولة من مقولات ستيف جوبز Steve Jobs، لا يستطيعون دائماً أن يقولوا لكم ما يريدونه، فقد يكونون طليقي اللسان جدا عند وصف المشكلات التي يواجهونها، والإحباطات التي يتعين عليهم التغلب عليها، وأسباب تفضيلهم لمورّد على آخر.10

ويربط روّاد النمو ما هو مطلوب بما هو ممكن. انظر إلى جيمس دايسون James Dyson ومكانسه الكهربائية المبتكرة. فقد كشفت دراسات المستهلكين عن كثير من الإحباط من الطريقة التي فقدت بها الوحدات العمودية بسرعة شفطها عندما سدت جزيئاتُ الأوساخ الأكياسَ الوحيدة الاستعمال. ومع ذلك، جرى تصنيع المكانس الكهربائية على هذا النحو لقرن، حتى وجد دايسون حلاًّ بتصميم جديد -صار ممكنا بفعل المواد العالية القوة- استخدم قوة الطرد المركزي لفصل الأوساخ عن الهواء.

العامل 4: مواءمة المقاييس والحوافز مع نشاط الابتكار. تفتقر معظم فرق القيادة إلى الثقة في التدابير المتبعة في لوحات معلومات الابتكار Innovation dashboards الخاصة بها؛ ومن ثم، فهي لا تربط الحوافز الفردية والجماعية بنشاط الابتكار. والسبب الرئيسي لعدم الثقة هذا هو قلة المقاييس Metrics. إن المخرجات Outputs الطويلة الأجل، أو مقاييس خط الإنتاج (العادم) Tailpipe measures، مثل النسبة المئوية لمبيعات المنتجات التي جرى إطلاقها في السنوات الثلاث الماضية، تبعد عن أنشطة الابتكار اليومية مسافة تحول دون أن تكون معها دوافع مفيدة. ولا ترصد معظم الشركات مقاييس الابتكار Innovation metrics ذات الصلة بنتائج أقرب أجلاً، أو مقاييس «المدخلات» Input measures، مثل فاعلية العملية Process effectiveness، أو التزام القيادة Leadership commitment، أو تطوير الكفاءات Competency development.

تحديد خصائص الشركات الرائدة في النمو توضح المقاييس الأربعة الثنائية القطبية، المُبيَّنة أدناه، والتي تقيس مدى تطبيق كل شركة في عينة البحث لدينا عامل الابتكار ذي الصلة، الاختلافات الرئيسية بين الشركات الرائدة في النمو العضوي، وتلك المتأخرة فيه، وتلك المتوسطة الأداء. وحُدِّدت هذه المجموعات الثلاث من المتغيرات التابعة )المتغيرات غير المستقلة( Dependent-variable باستخدام تحليل عنقودي .Cluster analysis

ولكننا نجد أن مقاييس المدخلات هي ما تؤكده الشركات الرائدة في النمو في لوحات معلومات الابتكار الخاصة بها. وتكشف هذه المقاييس عن مجموعة متنوعة من الرؤي الثاقبة، مثل عمليات الفرز الفضفاضة التي لا تتخلص من الأفكار الابتكارية السيئة بسرعة كافية، وعمليات التطوير الضبابية التي تسبب تأخراً في بدء مرحلة التنفيذ، وسوء جودة المنتجات الذي يتطلب تجديدات في إعادة التدوير بدءاً من مرحلة التطوير.

ومثلاً، طوّرت ويرلبول Whirlpool لوحة معلومات ابتكارية في الزمن الفعلي Real-time innovation dashboard، ويمكن لأي مدير استخدامها لمتابعة تطور المفاهيم الجديدة، ومصدرها الجغرافي، وكم منها في طريقه إلى التصنيع على نطاق تجاري. ويولي قادة ويرلبول اهتماماً كبيراً لهذه المقاييس، لأن نحو %30 من مكافآت المسؤولين التنفيذيين مرتبطة بالأداء الابتكاري – في مثال نادر على مواءمة الابتكار والحوافز.11

المسؤولون التنفيذيون غارقون في النصح حول الحاجة إلى النمو والابتكار – لكن كثيراً من النصح قد يكون تماماً بسوء عدم وجود إلا القليل منه. ويمكن لرواية الابتكار المُؤكِّدة على النمو والعوامل الأربعة التي تجعلها واضحة داخل الشركة أن تساعد القادة على التركيز وترتيب جهودهم الابتكارية وفق الأولويات. وتُعتبَر عملية تحديد الرواية وصياغتها أمراً ضرورياً لفهم ثقافة الابتكار داخل الشركة وتوقع ما يمكن أن تحققه. وتمكّن العوامل من تطبيق تلك الرواية. ومن دونها، فإن قيادة النمو العضوي في أي قطاع تظل مجرد مسعىً قد ينجح أو يفشل.

جورج إس داي George S. Day

جورج إس داي George S. Day

الأستاذ الفخري لكرسي جيفري تي بويسي وزميل كبير في معهد ماك لإدارة الابتكار بكلية وارتون في جامعة بنسلفانيا وهو مؤلف 19 كتاباً عن التسويق والابتكار والإدارة الاستراتيجية. University of Pennsylvania.

 غريغوري بي. شيا Gregory P. Shea

غريغوري بي. شيا Gregory P. Shea

أستاذ مساعد بكلية وارتون بجامعة بنسلفانيا، وهو زميل كبير في مركز وارتن للقيادة وإدارة التغيير، ورئيس «شركة شيا وشركاه».

شكر وتقدير المؤلفان ممتنان لمعهد ماك Mack Institute لدعم هذا المشروع البحثي وتوفير إمكانية الوصول إلى شركائه من الشركات بهدف جمع البيانات.

المراجع (12)

  1. C.A. Bartel and R. Garud, “The Role of Narratives in Sustaining Organizational Innovation,” Organization Science 20 (January 2009): 107-117.
  2. D. Sull and K.M. Eisenhardt, “Simple Rules: How to Thrive in a Complex World,” (Boston: Houghton Mifflin Harcourt, 2015).
  3. G.P. Shea and C. Solomon, “Leading Successful Change: 8 Keys to Making Change Work” (Philadelphia: Wharton Digital Press, 2013).
  4. جرى الكشف عن الدور المحوري لرواية الابتكار في دراسة أُجرِيت على 12 شركة مبتكرة جدا: S.A. Buckler and K.A. Zien, “The Spirituality of Innovation: Learning From Stories,” Journal of Product Innovation Management 13 (September 1996): 391-405.
  5. Shea and Solomon, “Leading Successful Change.”
  6. A small sampling of the sources we examined includes E.D. Hess, “Smart Growth: Building an Enduring Business by Managing the Risks of Growth” (New York: Columbia Business School Publishing, 2010); V. Govindarajan and C. Trimble, “Ten Rules for Strategic Innovators: From Idea to Execution” (Boston: Harvard Business Press, 2005); M.L. Tushman and C.A. O’Reilly, “Winning Through Innovation: A Practical Guide to Leading Organizational Change and Renewal” (Boston: Harvard Business School Press, 1997); C.M. Christensen and M. Raynor, “The Innovator’s Solution: Creating and Sustaining Successful Growth” (Boston: Harvard Business School Press, 2003); and M. de Jong, N. Marston, and E. Roth, “The Eight Essentials of Innovation,” McKinsey Quarterly (April 2015).
  7. M. Schrage, “The Innovator’s Hypothesis: How Cheap Experiments Are Worth More Than Good Ideas” (Cambridge, Massachusetts: MIT Press, 2014); and E. Ries, “The Lean Startup: How Today’s Entrepreneurs Use Continuous Innovation to Create Radically Successful Businesses” (New York: Crown Business, 2011).
  8. D. Lyons, “The Customer Is Always Right,” Newsweek, Jan. 4, 2010, 85-86.
  9. G.S. Day, “Innovation Prowess: Leadership Strategies for Accelerating Growth” (Philadelphia: Wharton Digital Press, 2013).
  10. W. Isaacson, “Steve Jobs” (New York: Simon & Schuster, 2011).
  11. G. Hamel, “The Why, What, and How of Innovation Management,” Harvard Business Review 84 (February 2006): 72-84.

i. يمكن العثور على تفاصيل المنهجية والتحليلات في G.S. Day, “Explaining Organic Growth Performance: Why Dynamic Capabilities Need Strategy Guidance,” in “The Oxford Handbook of Dynamic Capabilities,” ed. D.J. Teece and S. Heaton (Oxford, United Kingdom: Oxford University Press, 2015).

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى